كيف ينظر الاعراب لأي تقارب امريكي ايراني
للعرب نظرتهم الشريرة لأي تقارب امريكي ايراني وكأنه أخشى مايخشون ، فدعوة السيد الحكيم للحوار بين واشنطن وطهران وان كانت محدودة جدا, لها عند الأعراب تفسيرات لاتعد ولا تحصى ....
محيط ـ علي عبدالعال
editor@moheet.com
( جاء الإعلان الإيراني عن استعداد طهران للتفاوض مع واشنطن حول الأوضاع في العراق، ليثير أكثر من تساؤل حول العلاقة التي تربط الدولة الشيعية بالشيطان الأكبر سابقاً، وأيضاً حول الدور الحقيقي الذي تلعبه إيران في الدولة العربية المحتلة من قبل قوات أجنبية غربية، ومدى الخيوط التي تحتفظ بها طهران فيما يخص ملف الصراع والطائفية في العراق، وفي ظل ما تتلقاه قوات الاحتلال الأمريكية من ضربات على أيدي المقاومة في البلاد).
فقد صرح الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الخميس 16ــ3ــ2006م، أن بلاده مستعدة "للتفاوض مع الأمريكيين" لتسوية المشاكل في العراق. وأوضح أن إيران "تقبل طلب عبد العزيز الحكيم لتسوية المشاكل والقضايا العراقية بهدف إقامة حكومة مستقلة". وأكد أن المفاوضات : "ستتناول العراق حصراً".
وأشار لاريجاني إلى أن الأمريكيين طرحوا مثل هذا الطلب منذ فترة، مضيفاً أنه عندما يعجز الأمريكيون عن حل مشاكل العراق يكونون في حاجه للحوار مع إيران .. "لقد دعمنا الدستور وقرارات آية الله السيستاني في الاستفتاء على الدستور، كما دعمناهم في تشكيل البرلمان وكذلك في مسيره تحقيق استقلال العراق وإرساء الديمقراطية فيه".
جاء ذلك حيث كان الزعيم الشيعي ــ الموالي بقوة لإيران ــ عبد العزيز الحكيم دعا طهران الأربعاء 15ــ3ــ2006م، إلى فتح حوار مع الولايات المتحدة من أجل "صالح" الشعب العراقي، على حد تعيره. وأضاف : "أطالب القيادة الحكيمة في إيران بفتح حوار واضح مع أمريكا، وأن تتفاهم (معها) على النقاط المختلف عليها حول العراق". وتوقع في حينه أن "حكومة إيران سوف تبدأ هذا الحوار". وفي نوفمبر من العام الماضي فوض جورج بوش سفيره في العراق لإجراء محادثات مع إيران.
وأعلن زلماي خليلزاد، استعداده للتباحث مع إيران في الخلافات بينهما حول العراق، وقال في مقابلة أجرتها معه محطة تلفزيون "الشرقية" الخاصة : "أبلغت الإيرانيين بأننا على استعداد لنبحث معهم خلافاتنا حول العراق". وأكد أن واشنطن "لا تحاول تصدير خلافاتها مع إيران إلى العراق.. وترفض قيام إيران بتصدير خلافاتها معنا إلى العراق". وإذا جرت المحادثات بالفعل، فإنها ستكون أول محادثات مباشرة بين الطرفين منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وإن تم هذا التفاوض المنتظر بين واشنطن وطهران حول الأوضاع في العراق، فلم تكن هي المرة الأولى للتنسيق بين الجانبين على أرض المعارك ولن تكون الأخيرة، فقد سبق للإيرانيين تقديم دعم غير مسبوق من جانبهم لقوات الاحتلال الأمريكية في أفغانستان، وهو ما اعترف به الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، موضحاً أنه لولا الدعم الإيراني ما أستطاع الأمريكيون دخول أفغانستان وإسقاط حكم حركة طالبان هناك، وهو ما أكده أيضاً هاشمي رفسنجاني. وكانت آخر مرة التقى فيها مسؤولون إيرانيون وأمريكيون عام 2001، إذ كانا ضمن ممثلي سبع دول أخرى من بينها روسيا لمناقشة الوضع في أفغانستان.
أوضاع العراق مازالت متفجرة
إلا أن الإعلان الإيراني الجديد يأتي هذه المرة متزامناً مع وثيقة نشرها البيت الأبيض، أوضحت أن الولايات المتحدة ما زالت على استعداد ــ رغم وضعها في العراق ــ لشن هجمات "وقائية" ضد كل من يهددها، معتبرة إيران الدولة التي تطرح أكبر تحد.
وقالت الوثيقة الاستراتيجية للأمن القومي للبيت الأبيض : "إذا دعت الحاجة لا نستبعد اللجوء إلى القوة قبل وقوع هجوم، حتى وإن كنا لا نعلم جيداً المكان والزمان الذي سيشن فيه العدو الهجوم". وأضافت : "على النظام الإيراني أن يتخذ القرار الاستراتيجي بتغيير سياساته.. هذا هو الهدف الأخير للسياسة الأمريكية. وجاء في الوثيقة التي تقع في 49 صفحة أن "مكانة الوقاية في استراتيجيتنا للأمن القومي لم تتغير". وكانت الوثيقة السابقة نشرت في سبتمبر 2002 قبل أشهر من الغزو الأمريكي للعراق. كما تأتي الإستجاة الإيرانية كذلك متزامناً مع ما صرح به رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، بشأن البرنامج النووي قائلاً : سيكون على المجتمع الدولي اتخاذ "قرارات صعبة جداً" في موضوع الملف النووي الإيراني "خلال الأسابيع المقبلة" لأنه لا معنى للجوء الى مجلس الأمن أن لم يؤد ذلك الى شىء. وأشار بلير في مؤتمره الصحافي الشهري الى أن "بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقول بوضوح إن الإيرانيين لا يحترمون تعهداتهم".
وجاءت استجابة إيران أيضاً في ظل موافقة الكونجرس الأمريكي على مشروع "دعم حرية إيران" الذي يعد استراتيجية التعايش الأمريكي مع الملف النووي الإيراني والداعي إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران والشركات المتعاملة معها. ويدعو القرار إلى مضاعفة العقوبات الاقتصادية، وتعيين مراقبين ماليين من وزارة الخزانة الأمريكية لمعاقبة الشركات أو الأشخاص المتعاملين مع إيران، لسعيها الى تطوير سلاح نووي.
ومنذ الغزو الذي قادته أمريكا في العراق أصبح الشيعة الموالون لإيران يسيطرون على الحكومة والقوات الأمنية في البلاد. ويقول المحللون : إن طهران استغلت نفوذها الكبير على الحكومة الجديدة ــ بعد إسقاط حكم صدام ــ والمدعومة من الولايات المتحدة كورقة ضغط في نزاعها مع الغرب بشأن برنامجها النووي والقضايا الأخرى.
ولعله من حسن طالع إيران أن تهور أمريكا في غزوها العراق بحجة حيازته أسلحة الدمار الشامل ــ والتي تبين كذبها لاحقاً ــ قد لاقت من الانتقاد العالمي ما يكفي لثني صانعي السياسة الخارجية الأمريكية عن التفكير في مخاطرة مماثلة. كما أن من صالح طهران أن التجربة الأمريكية في العراق لا تعين أصحابها على تكرارها، إذ إن سمعة الولايات المتحدة القانونية الدولية اليوم قد تلوثت بما يغني عن جلب تهمة جديدة لها. من هذا المنطلق، فالحكومة الإيرانية قد ترى أن الخيار العسكري للولايات المتحدة حالياً غير مطروح من الناحية العملية وإن زعمت الإدارة الأمريكية غير ذلك علناً. ومن ثم فإن طهران قد تجد طريقاً جيداً للتفاوض مع الأمريكيين بشأن العراق للخروج من أزمة الملف النووي.
ولعل من خطورة المأزق الأمريكي في العراق، وعمق المستنقع الذي يترنح له أكثر من 130 ألف جندي أمريكي في البلاد، ما جعل الرد الأمريكي يأتي سريعاً على العرض الإيراني. فقد قال البيت الأبيض : إن الولايات المتحدة منفتحة على إجراء محادثات مع إيران بشأن تحقيق الاستقرار في العراق. وأشار سكوت مكليلان إلى أن مثل هذه المحادثات ستكون قاصرة على القضية العراقية، وستجري على مسار منفصل عن الجهود الخاصة بحل النزاع النووي مع طهران.
وقال مكليلان : إن السفير الأمريكي زلماي خليل زاد، مخول بالحديث مع إيران بشأن قضايا تتعلق بالعراق على وجه التحديد. وتابع مكليلان "أجرينا في السابق مناقشات مع إيران بشأن قضية تتعلق بأفغانستان. ولكن هذا تفويض محدود للغاية يتصل بقضايا تتعلق بالعراق على وجه التحديد".
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية لوكالة "رويترز" : "نحن منفتحون على عقد اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين لبحث القضايا المتصلة بالعراق. ترتيبات عقد مثل هذا الاجتماع سيتعين أن تتم مع بعثتنا الدبلوماسية في العراق".
****