دوافع دعوة السناتور الأمريكي بايدن لتقسيم العراق وعلاقتها بازاحة الحعفري
دوافع دعوة السناتور الأمريكي بايدن لتقسيم العراق وعلاقتها بازاحة الحعفري
أرض السواد : زهير الزبيدي
بدأت بوادر التقسيم تتوضح جليا بعد زيارة السيد الحكيم الى شمال العراق، وبدأت تتوضح أكثر خيوط المؤامرة والمشاركين بها هذه الأيام ، ولنذكر القارئ الكريم بما كتبناه في مقال سابق وفي تأريخ 30 \12 \ 2005 وتحت عنوان ( هل تعود حليمة الى عادتها القديمة يا مجلسنا الأعلى) ذكرت فيه مسار التحرك المشبوه للمجلس مع الكورد لنسج مؤامرة ازاحة الجعفري عن حقه الذي أراده له الشعب، ومن خلال نوابه في الأئتلاف عندما صوتوا له بالأغلبية البسيطة، والمسيرات الشعبية المطالبة ببقاء الجعفري على رأس الحكومة. التي عدّها عادل عبد المهدي بانها طرح خطير مشيرا الى شعبية الجعفري، التي رد بها على سؤال لمراسل الصباح عندما أشارالى شعبية الجعفري، حيث أكد عادل رادا على محاوره بأنها طرح خطير، فلاعب كرة القدم والفنان أيضا لهما شعبية، ناسيا بل متناسيا بأن الشعبية هي ليست صفة يتساوى بها الرجال ان اختلفت اختصاصاتهم، انما هي تختلف باختلاف نوع الأداء ووجته لهم ، بل هي ترجيح الرجال على غيرهم شعبيا وكلٌ في مجال اختصاصه. وبهذا كشف السيد عادل عن تأريخه البعثي الماوي، وكوامن الحقد لديه، المتأتية من حقيقة تلك الأفكار التي بنيت عليها شخصية عادل، ضد الرجال الأكفاء الذين ينتمون الى أفكار أخرى لاسيما منها الأسلامية، ومن ينافسوه اليوم بشرف على مراكز الدولة، تكليفا لاتشريفا، والتي تقتضي بالمتصدي لها أن يكون ذا تأريخ مشرف، ونزاهة يشهد لها الجميع، وأمانة على حقوق الشعب والدولة، بمراقبة رادعا الضمير والخوف من الله تعالى. وشاهدنا غياب الرادعين لدى محفل المجلس وهم يمارسون الغش ضد حليفهم الجعفري، الذي ينبغي أن يفتخر كل وطني عراقي بادائه لاسيما بوجه المحتل.
وقد سبقنا مقالنا هذا بمقال آخر حذرنا من شق الصف الأئتلافي وتحت عنوان (حذاري من شق صف الأئتلاف يا أخوتنا في المجلس الأعلى) بينا من خلاله التحالف الحقيقي للسيد عبد العزيزمع الأكراد وليس مع الأئتلاف والكورد حيث جاء فيه (الأسئلة التي وجهة الى السيد الحكيم، ورد: ببقاء التحالف الذي بناه الآباء ويستمر عليه الأبناء، الذين لايمثل أحدا منهم في الأئتلاف إلا السيد الحكيم نفسه وذلك خلال اليومين اللذين حل فيها السيد ضيفا على الأخوة الأكراد مثل المجلس الأعلى وليس الأئتلاف الذي لم يذكر فيها اسمه)
وذكرنا وقتها كيف أن تصريحات قيادات المجلس الأعلى جاءت متناقضة في الحوار الواحد أحيانا، واصرارهم بأن زيارة الحكيم الى الشمال كانت تمثل الأئتلاف، بينما أعضاء في الآئتلاف كانوا يصرون على أن الزيارة كانت تمثل المجاس الأعلى.
لقد تحقق ما حذرنا منه بكل بشاعة ودنائة وأزيح الجعفري . اليوم تؤكد لنا تداعيات تلك المخاضات التي ذكرناها، والتي جرت في الشمال بين الحلفاء من المجلس الأعلى والكورد، تؤكد لنا مؤامرة أكبر من ازاحة الجعفري ألا وهي تقسيم العراق. وان المخطط معد أمريكيا ومنذ فترة سبقت احتلال العراق، وقد يكون بالتشاور مع الايرانيين، بل وتؤكد مشاركة ايران بالأعداد للحرب ضد العراق.
فبعد اتمام مؤامرة ازاحة الجعفري، راح الحكيم ينفرد بشعار فدرالية الوسط والجنوب حال فرز نتائج الأنتخابات وفوز الأئتلاف بالكتلة الأكبر، واستمر يكررها رغم ردع حاد من داخل كتلة الأئتلاف بعدم الأصرار عليها. واعلام قناة الفرات التي ينبغي لاعلامها أن يكون زلالا كالفرات، الا أنه جاء عكس الطبيعة ملحا اجاجا، فقد تحولت الفرات الى قناة طائفية بامتياز، أكدت على شعب أهل البيت ومظلوميتهم من قبل التكفيريين بمناسبة وبدون مناسبة، وكيف انهم يذبحون، ونسوا كيف ذبحوهم في مخيمات اللجوء الأسلامي والجبهات التي ضيع فيها المجاهد العراقي عندما كانت القيادة بأيديهم بدعم ايراني ضخم.
نعم لقد تزامن تهجيرعوائل الشيعة بدءً بتلعفر، مع دعوات الحكيم لفدرالية الوسط والجنوب، التي كان يثيرها بمناسبة وبدون مناسبة لاستفزاز الطرف الآخرواعطائه الذريعة لذلك، بل هناك من يتهم المجلس الأعلى بالتهجير هذا. ويبدو أن هناك اتفاق خفي بين الأطراف المخططة مع المحتل، وممن أحسوا الخسارة الكبرى فيما لو تحققت الديمقراطية، التي ستعيدهم الى حجمهم الطبيعي عراقيا، بعد أن كانوا اسياداعلىالعراق بلا منازع،وبين تقسيمه الى أقاليم طائفية وعنصرية، ففضلوا الأقاليم على العراق الموحد مع الأحتفاظ على حقهم في الثروة العراقية ليكونوا أسيادا على أقاليمهم كما يريدون.
لكن هناك مؤامرة اقليمية تلتحق من الأبواب الخلفية للأحتلال ان لم تكن معه قبل تنفيذ احتلاله، باطراف يحدوها الأمل وهي تشدد على النفس الطائفي، وتدفع كل الأطراف الى ترديد النشيد الوطني الطائفي، الذي معالمه تقول القضاء على العراق كدولة اقليمية لها وزنها الدولي والأقليمي، الى مقاطعات توزع طائفيا على دول الجوار، يتسيد هذه المقاطعات باستبداد ، رجال آثروا الحكم وان لم يكونوا بمستواه، ولو على جزء من العراق ، وهم ذيول لآخرين سادة طائفيون قوميون، والمهم لديهم هو سيادة العراقيين في العلن وخدمة الرؤوس الطائفية بالخفاء، حد تقبيل الأيدي والطاعة العمياء، ما داموا هم أسياد على قومهم الذين نافسوهم بالحق لاعادته لاصحابه، كما يفعل القادة العرب مع الغرب فهم أمام شعوبهم أسود، وفي أحضان الغرب نمور يرسموها قادة اوربا بأيديهم، ويمزقوها أنّا شاؤوا .
فتناقض تصريحات القادة الأكراد مع الواقع الذي يمارسوه ، وتعاملهم مع الكتل وفق نظرية من يتنازل لهم أكثر من الجسد العراقي، ينبئ عن وجود مخطط أكبر يجري تنفيذه لهذا العراق. فاحتلال نصف الموصل من البشمركة، وقضم ثلاثة أرباع ديالى للكورد اداريا، وأعطاء الوعود من عادل عبد المهدي للكورد بالمساومة على الأرض بعيدا عن رأي الشعب ، وتصريحات الحكيم المتوالية والأصرارعلى فدرالية الجنوب والوسط، وتحالف السنة الغريب مع الكورد بازاحة علاوي الذي يبدو أنه تحول الى ملقط نار بيد الأمريكان، والحياد التركي المريب من كركوك، يوحي بأن هناك مخطط يقول:
تفعيل مشروع اقامة كوردستان الكبرى بدمج أقاليمها الايرانية والتركية والعراقية، تمهيدا لدمجها باتحاد كنفدرالي مع تركيا، وبالتالي دمجها بالأتحاد الأوربي،ــ وهذا مشروع يعمل عليه منذ مدة أمريكيون من أصل كوردي ــ لتكون أوربا قريبا من مياه الخليج الدافئة، والتي أسس لها الأوربيون بثقافة أوربية بدأت تغزو الخليج من الأمارات.
ومن أجل موافقة ايران على قضم كوردستانها لضمها لكوردستان الكبرى، تُعوض بالوسط والجنوب الشيعي، تمهيدا لدمجها باقليم عربستان، وقد يكون بكونفدرالية جديدة مشابهة لكوردستان مع تركيا، ومعروف تأريخيا صراع الترك والفرس على العراق عبر قرون فلِمَ لا يستغلون هذه الفرصة للتقسيم، عندها يكون دمج تركيا مع أوربا مقبولا حيث تستأثر بحصة الأسد من ثروة العراق المجزء، واحتواء ايران بتحويلها الى دولة تسيطر على شيعة العالم بتشيعها الصفوي .
واقليم الغرب تتشكل من الأنبار والنصف الغربي من الموصل و بغداد بعد تدويلها، بغداد التي تطفوا على بحر من النفط حيث توزع خيراتها مع اقليم غرب العراق. ومن هنا يتوضح السبب بتهجير الشيعة من بغداد ومن الشمال لخلق الوضع الطائفي وتحويله بالتدريج أمرا واقعا. وهكذا يقسم العراق بديموغرافية طائفية، وعلى أساسه توزع ثرواته بالتساوي بين الأكثرية الطاغية على الأقلية، لتتساوى الأغلبية مع الأقلية طائفيا بعد أن تساوت جغرافيا. والقضاء على الأقليات الأخرى تمهيدا لصهرها بالمجتع الجديد، وهكذا يسهل السيطرة على الثروة في كل أجزاء العراق التي هي عبارة عن بحر من النفط يطفو عليه هذا العراق العظيم، مع ثروة بالفكر والتراث، تضيع وتسحق بين أقدام الأسياد الجدد، ليصبح صدام ما هو الا مرحلة أسست لهذا التقسيم بتوجيه أسياده، ومن صنعوه بعبعا يهددون به شعب العراق وشعوب المنطقة.
ومن هنا يتحقق للسعودية الخلاص من الفكر الشيعي العراقي، والذي يؤكد ظهور المهدي عليه السلام في عاصمته الكوفة، وهذا ما كان ولايزال يؤرق نومها. وتحويل ايران دولة صفوية تحكم العالم الشيعي حكما يتسواق مع المصالح ألأمريكية، مقابل الدولة الوهابية التي تتحكم بالعالم السني المتساوق أصلا مع المصالح الأمريكية، والقضاء على الفكر الأسلامي الأصيل الذي حمله الصدر الأول العظيم.
أما دعوة السناتور الأمريكي بايدن، لم تأتي من فراغ وانما هي ظمن المخطط الأمريكي للسيطرة على المنطقة، بل لايتحقق الا بتقسيم العراق، وقد سبقه بها الجنرال اللبناني الأصل، جون أبي زيد، فقد طرح مشروع الولايات الأربعة ( كوردستان ، والموصل ، وبغداد والغرب، والوسط، والجنوب ) الا أنها لم تظهر على كل صفحات الأعلام ولم يروجوا لها.
فالسيطرة على المنطقة لاتأتي الا من خلال اضعاف العراق ــ الرقم الأصعب فيها ومنبع الفكر الأصيل، شيعيه و سنيه و مسيحيه حتى ــ العراق الذي ظل عصيا على كل أنواع الأستعمار الغربي طيلة القرن الماضي، والقرون التي سبقت في ظل الأستعمار الأسلامي الشكلي . أما رد الرئيس الأمريكي فهو نوع من الخداع، وذر للرماد في العيون الذابلة للعراقيين، الذين لا يعرفون لليوم أين الحق.لاستكمال ما بدؤوا به بعد أن أعلن على صفحات الاعلام، وهو بانتظار فبركته بطرق أخرى ليدخل الغرف المظلمة في شمال العراق التي بدت العاصمة الحقيقية للعراق.
لذا فان ازاحة الجعفري عن رئاسة الحكومة ــ حيث كان هو الصوت الأقوى ( بلا) لكل هذه المخططات، لم تأتي لترأس عبد المهدي للوزارة كلا، بل انها كانت كتحكيم أبي موسى الأشعري في صفين، عندما خلع علي عليه السلام من حقه، ليثبّت معاوية مكانه، وهذا ما فعلته ذيول ايران في المجلس ، فقد عاد عبد المهدي الى الرئاسة ليلتحق به الثالوث المشؤوم طارق الهاشمي، سليل الدوحة الهاشمية التي منعت عزاء الحسين عليه السلام، لأول مرة وآخر مرة، في العهد الملكي، عندما ترأس ياسين الهاشمي خال والد طارق، الوزارة العراقية أيام فيصل الأول.
نعم بهؤلاء الثلاثة وما يطبخوه للعراق من مصائب، ستمرر كل المؤامرات، والمحتل يبقى كل يوم يخلق مشكلة لحكومة السيد نوري كامل المالكي، برفع وتيرة المشاكل الطائفية باعطاء الضوء الأخضر لقائمة توافق الشؤم على العراق( مع كل احترامنا للطيبين فيها) ما يعجل بالتقسيم في يوم تحدده القيادة السياسية الأمريكية في العراق تراه مناسبا ً.
اننا لسنا في معرض التشهير بأحد، لكننا نقولها مطمئنين كعراقيين عاشوا كل المؤمرات، ورصدوا كل التحركات، وقرؤوا كل النفسيات للقادة الحقيقيين وأشباه القادة ، وكيف تربوا وكيف نموا، ومن أين يأتي دعمهم المادي والسياسي. ونعرف الأصلاء والوطنيين الأحرار، وكذلك نعرف عنهم كيف نمو وأين تربوا، وكيف اعتلوا صهوة المجد ولم ينكسروا رغم الأرهاب السياسي المحدق بهم.
لذا اننا وفق هذه الرؤى نذكر الأصلاء، ونسلط الأضواء على ما نرصد، ونجمع من القرائن، لنخرج بتصور يحمي العراق وشعبه ، فان كنا مخطئين ــ ونرجو ذلك ــ نشكر الله ونحمده عليه، واننا سوف لانخسر شئ حيث الأحتياط واجب ، وان كنا قريبين من الواقع فلابد للوطنيين الأصلاء، التخطيط بهدوء لأفشال مخططات الدخلاء والعملاء، والمتسللين الى منطقتنا، فاعدائنا التأريخيين التقليديين كثر، وأعدائنا الجدد أكثر.
من هنا نطالب القوى الخيرة من الشيعة بعزل المجلس الأعلى من الأئتلاف ولو في الدورة الأنتخابية الآتية، بعد كشف كل المؤامرات التي حيكت والتي هي قيد التنفيذ، والتي ستحاك للقضاء على العراق كدولة لها وزنها في المنطقة والعالم ، كما وأدعو كل قوى الخير في أهلنا من السنة العرب وهم كثر، ومنهم من هم بعيدين عن اللعبة السياسية تحت ضغط تهديد البعث المتسنن الجديد، بأن يشمروا عن سواعدهم ويلتحموا مع الأصلاء من الشيعة، لرسم مستقبل العراق الجديد الموحد ،لا الجديد المقسم المبضع. وندعو الشرفاء من الأخوة الكورد وعلى رأسهم الحركة الأسلامية الكوردستانية، والعلمانيين الشرفاء، أن ينضّجوا لسياسة الحوار الوطني، للقضاء على المهاترات الطائفية، كما وندعو كل الوطنيين من الأقليات والأديان الأخرى للتقارب مع بعضها ولو بالخطاب الوطني الجريئ، والدعم السياسي الشجاع، بعد تشخيص العلة واستئصال الورم ، والا فان الله لايغفر لمن يرى بلده يقطع وهو ساكت، اذا عرفنا أن الذود عن الأوطان والشهادة من أجله، نصر ما بعده نصر، ولنحول التعدد المذهبي والديني والقومي، منطلقا للحوار والعمل من أجل الجميع ، بلا محاصصة، ولاومساومة على الوطن، ولو بشبر من أرضه، ولا بيع له بالتقسيط.
ولابد لنا من أن نكرر هذا الدعاء لله عز وجل يوميا والذي يقول : ربي أكفني شر أصدقائي وأنا كفيل باعدائي. والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
