الاخوة الاعزاء
اكتب هنا ليس دفاعا عن الأسد ولكن اسطٌر رأيي هنا بموضوعية قد ادعي اني مقتنعا بها ...
حتى نعطي لكل ذي حقا حقه فيجب ان نرى الاسد من اكثر من زاوية:
1/ في الحالة العراقية: لا اعتقد بان احد من الاخوة هنا يخالفني في القول بان الاسد وسوريا كانوا من افضل الدول والحكومات تعاملا مع العراقيين الهاربين من بطش النظام لاسباب عديدة اذكر منها:
*اولا: المعاملة الحسنة من قبل الحكومة والتي انعكست على معاملة الشعب السوري للعراقيين المتواجدين هناك، ولا يغفل البعض باننا لم نكن نطالب بمستوى من المعاملة تصل الى حد التعامل الشفاف والراقي لكن على اقل التقادير قد فاق التعامل الحكومي والشعبي بمراتب معاملة ايران الاسلام والدولة الشيعية التي ذاق فيها العراقيين الأمرٌين، او معاملة الاردن حكومة وشعبا، والكل يعرف بان اكثر خيرات الاردن هي متأتية من العراق حتى وصل الامل بصدام ان يقتطع جزءا من الارض العراقية الغنية بالفوسفات ويعطيها للاردن، ولا يقول قائل بان الادرن انما بذلك تتعامل مع عراقيين خارجين عن الحكومة العراقية وتضغط هي عليهم حسب الضغوط التي تتلقاها من صدام والحكومة العراقية، واكثركم بلا شك قد لاحظ حالة الاذلال التي يمتهنها الشعب الاردني قبل الحكومة بحق العراقيين وخصوصا من الذين انتهت مدة اقامتهم واستغلالهم بابشع الصور.
والحال ينطبق على العربية السعودية والكويت والاخيرة فقد وصل بها الامر الى تسليم العراقيين الفارين من بطش النظام الى صدام مباشرة تشفيا وحنقا.
وتركيا فلا عتاب لنا عليها لانها لا تمت للاسلام بصلة ولا للعروبة والقومية العربية.
*ثانيا: كانت هي الدولة الوحيدة من بين الاخريات التي كانت تستقبل العراقيين على الجواز العراقي وحتى المزور منها، نعم قد يتطلب ذلك الحصول على ما يسمى بـ (البرقية)، وهي من السهل الحصول عليها بمكان بحيث لا تسبب عائقا يذكر والكل يعرف ... وقد تعقد الامر قليلا في زمن بشار الاسد مؤخرا.
*ثالثا: كان للحكومة السورية موقفا يجب ان يذكر وخصوصا من قبل العراقيين المتواجدين في الكويت والذي تعرضوا الى حملات مداهمة واسعة في الثمانينات وملاحقة وتسليم للنظام العراقي آنذاك فما كان من السفارة السورية الا ان اصدرت الكثير من جوازات السفر السورية لاولئك العراقيين وسهلت سفرهم من الكويت الى سوريا...
2/ الحالة الدولية: بلا شك ان الكثير يعلم بان الاسد جعل من سوريا دولة قوية في المنطقة ويعتد بها ولها وزنها وثقلها من خلال سياسات دولية راقية وتحالفات صلبة ومواقف مبدئية، وهذه ليست مجالمة بقدر ما هو واقع، والذي اعتمد فيه الاسد على قاعدة هشة واقتصاد منهار ولا يزال وموقع غير استراتيجي، فسوريا واقعه بين اكثر من فكين والكل متربص بها من الاعداء اولهم اسرائيل وثانيهم صدام وتركيا من الشمال والاردن الذي كان تربطه علاقة مد وجزر مع سوريا الى اليوم ويتسم دورها الداعم للفكرة الاسرائيلية في المصالحة والتطبيع اقول كان يتسم بقليل من الحذر والكثير من الغدر والتآمر كان منها امداد الاخوان المسلمين في حماة وحلب بالاسلحة والعتاد، اما الاموال فكانت تاتي من النظام الصدامي.
3/ الموقف من اسرائيل: على قاعدة اننا لا يجب ان نرى النصف الفارغ من القدح ونترك نصفه المملوء، فكذلك اقول علينا ان لا نحسب الاخفاقات التي حصلت لسوريا في تاريخها الاحترابي مع اسرائيل وما ترتب عليه فقدها للجولان او جبل الشيخ، ونترك الانتصارات او النجاح الذي تحقق، ناهيك عن اننا يجب ان نُخضع هذا النقاش بما قدمه الاخرون في اشبه بما يكون من المقارنة ولو السريعة لمجريات الاحداث وجيوش الدول الاخرى، علينا ان نقول ما قدمه الاخرون والذي عجز عنه السوريون فالتاريخ شاهد على ذلك، وانا هنا لا اريد ان ابرر الفشل السوري في عدم قدرته على استرجاع الجولان، لكن اريد ان انبه على اننا يجب ان نرى ميزان القوى ومقدار التسلح الاسرائيلي مقارنة مع التسلح السورى على سبيل الحصر والعربي على العموم، الم يكن لنا حرب عربية اسرائيلة في 1948؟ فما الذي حصل بربكم؟ قيام دولة اسرائيل وفشل عربي ساحق ...
نحن لسنا غيورين على الجولان اكثر من السورين في استرجاعها، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، الترسانة الاسرائلية الهائلة وموقع دمشق تحت مرمى نيران المدفعية الاسرائيلية والاختلافات الحاصلة في ميازين القوى العالمية واتجاه القطب الواحد الذي اتجهه العالم هذا اليوم كل ذلك يصب في مصلحة اسرائيل على حساب سوريا، ناهيك عن التحالفات العربية الاسرائلية الموهنة للعزائم والمثبطة للهمم، وغيرها من الخيانات العربية التي يندى لها الجبين، وكفاكم بذلك ان تطلعوا على (العلاقات السرية بين العرب واسرائيل) ثلاث اجزاء لمحمد حسنين هيكل.
4/ الحياة الخاصة بالاسد: ولا اشك بان هناك من يدعي بان الاسد على مستوى الحياة الخاصة كان يتمتع بحالات البذخ والفجور التي يمتاز بها الرؤساء والحكام الاخرين في المنطقة، لا اعرف حياته الخاصة على وجه التحديد وما يُعرف عنه من خلال الاخرين انه على قدر من الاتزان والمبدئيه ناهيك عن عدم اعطاء اولاده واسرته امتيازات خاصة مثلما نرى ونشاهد في باقي الدول العربية ... اقول اذا لم يكن هو واسرته جيدين في سيرهم الشخصية، فانا اجزم انه افضل بكثير من الاخرين في الدول العربية.
قد نتوقف في حالة او اثنين هنا، اولها رفعت الاسد وثانيها استلام بشار الاسد الرئاسة بعد ابيه ... هنا اقول ان رفعت الاسد هناك الكثير مما يقال عنه ونعتبره من ضمن السلبيات والتي لا تعطينا الحق بالتجاوز عن الايجابيات الكثيرة ... اما بالنسبة لبشار الاسد ... فاترك الامر لكم ... اما رأيي فلدي اطلاع بسيط من ان الرئيس حافظ الاسد لم يكن قد اوصى للرئاسة من بعده (ولا استطيع ان اجزم او انفي ذلك) على كل حال قد ارتضاه رفاقه وتقييمه يبقى للسياسيين والمطلعين على الشأن السوري ... فإن كان سيئا فهذه من السلبيات التي يجب ان ترصد ولكن اكرر ليس على حساب الايجابيات الاخرى ... وان كان جيدا فذاك شأنه.
5/ الجبهة الداخلية: اكثر الطعانون هم ينصبون على الجبهة الداخلية ولا سيما الحالة الاسلامية المتمثلة في حركة الاخوان المسلمين وقمعهم في حماة وحلب في عام 1982. هنا لا يسعني ان اقول انا لست مع القمع او الارهاب لكن قبل ان نحكم على ذلك يجب علينا ان ندرس الوضع السوري وما آل اليه الامر في استخدام القوة والعنف ضد الاخوان المسلين ...
المطلع على الوضع السوري بشكل عام والداخلي بشكل خاص، هو الذي يحكم بموضوعية على تلك الفترة من التاريخ السوري، ولا ادعي باني مطلع تماما لكني على صلاة وثيقة بالتاريخ السوري من خلال قراءات عديدة ودراسات كثيرة واستبيان واستقراء للتاريخ السوري الحديث، ولي علاقات معتد بها بكل اطراف وتركيبات المجتمع السوري، اقول من خلال كل ذلك وهذا ما يؤكده الباحث غير المنحاز علينا ان لا نضع اللوم كاملا على القيادة السورية في توجيه آليات الردع الى العنف والتصفية، وقد رضخت القيادة السورية وتحت تهديدات عديدة داخلية وخارجية (قادمه من لبنان والاردن وقليل من العراق) لهكذا تصرفات والتي يعتبرها البعض على قاعدة (آخر الدواء الكي)، ولا اريد ان ادخل بدراسة تحليلة عن الوضع آنذاك فليس محالها هنا لكن الذي يود في ذلك احيله على ما كتب بموضوعية عن تلك المرحلة ولا سيما كتاب (الاسد، الصراع على الشرق الاوسط) لمؤلفه البريطاني (باتريك سيل).
لا ابرر تلك الاحداث بقدر ما احاول ان اضع الوم على كلا الطرفين، حيث اُجبرت تصرفات الاخوان المسلمين وبوجود تهديدات خارجية اخرى دفعت القيادة السورية لذلك التصرف.
الخلاصة:
اقول هنا لنكن بعض الشي برغماتيين في عالم يكون برغماتيا تماما، ونرى ما قدمه لنا الاسد وما حرمنا منه والذي قدمه لنا زعيم عربي او ايراني آخر او حكومة اخرى ...؟
الم يكن الاسد وسوريا خير من وقف مع العراقيين في محنته، قد لا يكون على افضل وجهه ... لكن الم يكن افضل من الجميع قاطبة وبمراتب ...؟
الم تكن سوريا حتى النهاية مع الشعب العراقي، ولم تغلق حدودها مطلقا امام العراقيين (على فرض ان هناك عراقيون سوف يتوجهون خارج العراق اثناء الحرب) بينما اعلن خاتمي شخصيا والملك عبد الله شخصيا والكويت والسعودية تركيا، بانهم لن يستقبلوا اي عراقي اطلاقا، وسيقيمون مخيمات داخل الحدود العراقية لذلك الغرض، مشكلين بذلك مؤامرة خبثية للقضاء على الشخص العراقي والذات العراقية.
اعتذر عن الاطالة، لكن كان ذلك مما اختلط في ذهني تلك الساعة وربما قد اكون اغفلت الكثير...
تحياتي