نادي المطلقات أون لاين».. وسيلة للتعويض وليس بديلا عن دعم الأسرة والمجتمع
نادي المطلقات أون لاين».. وسيلة للتعويض وليس بديلا عن دعم الأسرة والمجتمع
هل يصلح في كسر الحاجز النفسي بينهن وبين المجتمع؟
القاهرة: مروه مجدي
«صديقتي..ألا زلت وحيدة؟ هل أنت خائفة أم مترددة؟ أما آن الأوان لأن تنفضي عنك ماضيك الحزين، من أجل بداية جديدة؟ هيا.. مدي يديك إلينا لنتعارف ونتشارك.. وثقي أن بياناتك سرية.. ولا نهدف سوى لدعمك ومساندتك.. ونشر تجربتك حتى تستفيد منها الأخريات»، بهذه الكلمات المقتضبة يعلن نادي المطلقات على شبكة إسلام اون لاين الإلكترونية عن هدفه بإنشاء منتدى لتقديم دعم اجتماعي ونفسي ـ ومالي أحيانا ـ للمطلقات من العالم العربي. حيث ما زالت المطلقة في مجتمعاتنا العربية «وصمة» عار في وجه أسرتها، حتى وان لم تكن السبب الرئيسي في فشل العلاقة الزوجية.
وبارتفاع نسب الطلاق في العالم العربي كما تشير الإحصائيات، حيث احتلت دولة الإمارات أعلى نسبة طلاق وقدرت بـ 48% من عدد المتزوجين كل عام، تليها مصر بنسبة 40%، ثم الكويت بنسبة 33%، لجأت إسلام اون لاين لإنشاء هذا النادي ليس لمناقشة أسباب الطلاق، ولكن لخلق مساحة للمطلقة كي «تفضفض» عن نفسها، وبما يعتمل بداخل صدرها في غياب الدعم الأسري وتضييق الخناق عليها، وهروب الصديقات منها خوفا منها، ونظرة بعض الرجال إليها كأنها منحرفة وصيد سهل، بالإضافة لنظرات الازدراء المجتمعي كونها مطلقة. يهدف النادي أيضا لمزيد من التفاعل ونقل الخبرات بين المطلقات من ناحية، والمتزوجات من ناحية أخرى لخلق مزيد من الثقة بينهن، لتستطيع المطلقة بدء حياة جديدة دون التوقف عند آلام الماضي. الناشطة الاجتماعية السعودية غادة احمد اقترحت على شبكة (إسلام اون لاين نت) الإلكترونية إنشاء صفحة باسم «نادى المطلقات»، فعلى الرغم من أنها متزوجة ومستقرة اسريا، إلا أنها من خلال احتكاكها اليومي، بحكم عملها، لاحظت أن المطلقات ينظر إليهن بطمع أو بريبة، ولهذا رأت ضرورة أن تحظى المطلقة بدعم نسائي وبخاصة من المتزوجات اللاتي يمكن لهن الاستفادة من أخطائهن.
ومن ناحية أخرى يقدم النادي مساعدته من خلال خمس صفحات «شاطئ البوح، في غياب الأب، دليل المساندة، يمين طلاق، ابغض الحلال».
حيث تقدم كل صفحة خدمة للمطلقة بإعطائها مساحات مفتوحة للحكي والبوح الذي تحرم منه، مع ردود متفاعلة من المطلقات والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين. فبجانب الدعم النفسي والاجتماعي كما تقول مدير النادى بشبكة إسلام اون لاين، كوثر الخولى لـ«الشرق الأوسط» هناك أيضا الدعم المادي من خلال صفحة دليل المساندة التي تعرض فيها أسماء وعناوين الجمعيات التي تعنى بالفقيرات من المطلقات وأبنائهن. واستطردت الخولي «إن ذلك يأتي تأكيدا منا لدور المجتمع في تقديم يد المساندة، وللتأكيد على أن مشكلة الطلاق ليست مسؤولية طرفي العلاقة فحسب.. ولكنها تقع على عاتق المجتمع بأكمله».
كما نفت الخولي أن يكون النادي أشبه بالعيادات النفسية لأنه سيؤدى لمزيد من الإحباط والشعور بالذنب وتحمل المسؤولية، ولكنه أداة للتأهيل النفسي عن طريق خبراء مختصين. ولكن لماذا المطلقات فقط وليس المطلقين من الرجال أيضا؟ ترى الخولى أن السبب يعود إلى أن السيدات يقع عليهن اللوم اكثر. بينما ينجح الرجل في تخطي أزمة الطلاق بسرعة نفسيا واجتماعيا، خصوصا أن المجتمع يبرر له أخطاءه ولا يحمله مسؤولية الفشل إلا في النادر. لكن وعلى الرغم من أجندة النادي المتعاطفة مع المطلقات، إلا أن نسبة كبيرة من السيدات ترفض هذه الفكرة، وهو ما أثبته استطلاع رأي استمر لمدة ثلاثة أيام على شبكة إسلام اون لاين قبل تدشين النادي. فقد وصلت نسبة الرافضات 73.62% من التصويت الكلي. وكان مبررهن مثلما قالت إيمان، 35 سنة، «إن مثل هذه الأفكار التي تصنف النساء وتضعهن في قوالب مثل «مطلقة» تكرس لنظرة المجتمع الدونية لها.
أما كوثر الخولى فبررت تلك الأرقام «بأن الأفكار الجديدة تقابل بالرفض أحيانا، وخاصة إذا كانت تمس موروثات المجتمع من العادات والتقاليد، لكنها بمرور الوقت ومع الوعي والمعرفة تأخذ إطارها الطبيعي في المجتمع».
وأكدت الخولى على أن فكرة النادي ليست تشجيعا للطلاق، أو لتكريس فكرة استغناء المرأة عن الرجل، أو تأليبها عليه، بل العكس. ويقول المسؤول عن موقع مطلقات دوت كوم، انه من خلال ارتباطه بالإنترنت وجد أن المطلقات يلجأن إليها هربا من تلصص ومحاصرة عيون المجتمع، خاصة من تتراوح أعمارهم بين 30 – 35 سنة وهن غالبا يبحثن عن الحب أو عمل صداقات جديدة. وركز على أن دور الموقع ليس البحث عن عريس جديد للمطلقة ولكنه محاولة مبدئية لكسر الحاجز النفسي مع المجتمع.
ليلى، 27 سنة، نموذج لإحدى المطلقات المترددات على نادي المطلقات عبرت عن رأيها في الموقع قائلة «إن النادي الإلكتروني يجعلنا نعبر عما نعانيه في حياتنا دون حرج، مما لا نستطيع البوح به لأحد خاصة في غياب الأهل والأصدقاء». وتحكي قصة طلاقها انه بعد ارتباطها برجل متدين، سافرت معه إلى أميركا، وبعد حملها منه طلب منها الرجوع لأهلها لتكون بجوارهم أثناء الوضع، لكن سرعان ما قام بإرسال ورقة طلاقها بعد ستة اشهر نزولا عند رغبة أسرته، كما رفض الاعتراف بطفله منها، مما جعلها تدخل في دوامة كبيرة من الدعاوى القضائية لإثبات حقوقها وحقوق ابنها واثبات نسبه لأبيه.
ويقول استشاري الطب النفسي د. احمد عبد الله لـ«الشرق الأوسط» انه في الوقت الذي غاب فيه الدعم والتكافل الأسري والاجتماعي ظهر الإنترنت تعويضا وليس بديلا. فرغم ميزتها في التفريغ والتنفيس عن هذه الفئة، إلا أن دور الأسرة والمجتمع يظل الأقوى وإذا أردنا دمج المطلقات في المجتمع فعلينا تغيير نظرتنا إليهن، ومنحهن الفرصة لتعويض خسارتهن حتى ولو كن هن المسؤولات عن فشل الزواج. ولهذا ارفض إنشاء صفحات مخصصة للمطلقات على الإنترنت إلا كنوع من الإسعافات الأولية فقط لبعض الحالات «لان تقسيم المجتمع إلى مجموعات مطلقات، أيتام، معيلات.... وكل مجموعة بها ألف ناشط أو اكثر وباقي المجتمع «متفرج» خطر كبير، فلكي يتم إدماج أي شريحة بشكل فعال في المجتمع لا بد من مشاركة مجتمعية لها».
من جهته، يعلق استشاري الصحة النفسية الدكتور خليل فاضل على الموضوع قائلا: «إن السرية هي سبب اللجوء إلى الإنترنت للفضفضة، لأننا في مجتمع فاقد الثقة في أشياء كثيرة، وخاصة مع المطلقات اللواتي يشعرن بأنهن «أعداء» يجب البعد عنهن خاصة من المتزوجات سواء كن صديقات أو جارات، وفي غياب الدعم الأسري. نحن في حاجة ماسة لإنشاء مثل هذه النوادي، ولو إلكترونيا، نظرا لما يتميز به من خصوصية وسرية والتعبير عن النفس دون خجل، ولا يمكننا التقليل من أهميته حتى وان كانت لا تخدم إلا شريحة مجتمعية معينة».
