-
في ذكرى وفاة الزهراء
قال الله في محكم كتابه العزير (إنما يريد اللهُ ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ومن أهل هذا البيت فاطمة الزهراء (ع) اُم الآل وصاحبة الكساء الذي التحف به الرسول عند نزول الاية المباركة اعلاه والتحق به بعد ذلك علي والحسن والحسين _عليهم السلام _ كما شاركتهم بعد ذلك وتوسل جبرائيل ليكون تحت هذا الكساء الذي لايُعلم مدى الفضل والكرامة لاصحابه التي خصها الله لهم إلا الراسخون في العلم
فاطمة الزهراء التي قال عنها أبوها:( فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبي ) تصادف هذه الايام ذكرى وفاتها على إحدى الروايات التي تؤرخ لوفاة الصديقة الطاهرة وكما اُختلف في تاريخ وفاتها فقد إختلف المؤرخون كذلك بتاريخ مولدها ومايهمنا من الأمر أن ننهل من عطائها الذي كان زاخرا بالمواقف بالرغم من قصر عمرها إلا ان بصماتها واضحة في مسيرة الاسلام ، تدفعنا لأن نقتدي بهذه المفخرة المحمدية العظيمة
وقد توج الرسول موقفها منذ أن بدا تبليغ رسالته حتى قال عنها :( اُم أبيها ) ام الرسالة التي نقلت هذا الحنان الى سيد الوصيين والى ريحانتي الرسول الحسن والحسين (ع)...
إننا عندما نتحدث عن اهل البيت لنقتدي بهم ونقتفي أثارهم في الحياة وفي تعاملنا مع الاخرين لان (المحب لمن يحب مطيع )...
مشكلتنا اننا حولنا أهل البيت الى أُناس نتذكرهم عند الحاجة وعند الطلب وعندما تحل بنا المصائب_لاسامح الله_نتذكرهم لحظة التوسل ليس إلا ونسينا أنهم منهاج الحياة وطريق النجاة وننسى التمسك بهم إلا في لحظات الحاجة والاستكانة....!!!
ولانريد لهذه المفاهيم أن تكون ديدنا في تعاملنا مع الآل الطاهرين ، وإن كنا نريد أن نحيا حياة طيبة مطمئنة ان نتبع اخلاقهم وروحيتهم الصافية ومن روحانية الصديقة الطاهرة التي كانت تذكر الاخرين في صلاتها ودعائها حتى تساءل الحسن (ع) عن ذلك فأجابت :(الجار قبل الدار) والمتتبع لحياتها يرى الاستقامة في كل مفاصل الحياة فعندما كان بيتها سيد البيوت قبل أن ينقلب المنقلبون كان سلوكها التواضع والايثار نفسه بعد أن أصبح دارها مقرا للمعارضة....
وحينما نتذكر البتول لابد أن نتحدث عن الكرامات التي نالتها هذه المخلوقة التي كانت إنسية في جسدها حورية في روحها ، فهي الملك الذي مشى على الارض مع التأكيد على بشريتها.
كانت لاتتوانى في تلبية مطالب الرسول الذي كان حريصا على أن تكون آخر المودعين عند مغادرته المدينة وأول المستقبلين عند عودته ودخوله اليها.
كان حريصا على إبراز مكانتها وتعظيمها في نفوس المسلمين وحذر من اذيتها والتعرض لها فلذلك ردد :(فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني ) وهو الذي (لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) كان حريصا على تذكيرهم بانها سيدة نساء العالمين وإن الكرامات التي حصلت لمريم (ع) تحصل لفاطمة (ع)خصوصا في قضية الاية الكريمة (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال أنى لك هذا قالت هو من عند الله )....
ومع كل هذه التأكيدات والمواقف والاحاديث تناسى القوم وردوا شهادتها بعد ان إغتصبوا ملكها لإن (يد المسلم أمارة على الملكية)ففدك كانت تحت يديها وتتصرف بها في حياة الرسول (ص) إلا أن القوم أرادوا محاصرة هذا البيت إقتصاديا لكي ينجحوا في مهمتهم التي خططوا لها ،لقد كانت اُولى القتلات المعنوية لفاطمة هو رد شهادتها والتي تعني تكذيبها وبذلك اغضبوها وآذوها وتناسوا قوله (ص)(إن الله ليغضب لغضب
فاطمة ويرضى لرضاها)
ومع كل الدلائل التي تملكها إلا أنها حاججتهم بالقران بما احتجوا به من حديث مختلق لم يسمع المسلمون به إلا من قاله (نحن معاشر الانبياء لانورث....) وخرجت لتلقي الحجة ولتأسس لثورة إسلامية لذلك كان احتجاجها علنيا في أول مظاهرة نسوية عرفها المسلمون أنذاك خرجت من بيتها و (لم تخرم مشيتها مشية رسول الله )كما عبر الرواة وأنت أنة تباكى القوم عند سماعهم لها ،ومع ذلك أكملت ما جاءت من أجله بعدما سكت القوم لان هذه الدموع لافائدة منها دون موقف مع الحق وهنا لابد من القول :أ ن الدموع التي نُسيلها من أجل أهل البيت إذا لم تكن مع موقف مع الحق فقد تذهب هذه الدموع ولاتغسل الذنوب ولاتطهرنا ولانكسب منها سوى إحمرار العيون.....!!!!
ولقد حذرت الزهراء في مقطع من خطبتها العظيمة التي داب الائمة _ع_ على تناقلها لذلك نرى الكثير من الرواة ومن طرق متعددة تروي هذه الخطبة ،وقد قالت في تحذيرها:(ويحهم أمن يهدي للحق أحق أن يتبع أمن لا يهدّي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون أما لعمري لقد لفحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا ملأ العقب دما عبيطا وذعافا مبيدا هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسس الاولون ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا....واطمئنوا للفتنة جأشا وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم وهرج شامل واستبداد من الظالمين يدع فيئكم وجمعكم حصيدا
فياحسرتا لكم وانى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وانتم لها كارهون )...هكذا حذرت الامة الاسلاميةمن مغبة اتباع طريق من لايستطيع
هداية نفسه فيضل و يُضل _وتلك المصيبة الكبرى_!!!!!!
وقد رحلت الزهراء وهي غاضبة على من غصبها حقها وحاولا مصالحتها ولكن دون ارجاع حقها فما كان منها إلا ان أشاحت بوجهها عنهما
لتؤكد أنهما مازالا على موقفهما من الاذية وهم بذلك قد آذوا الرسول الكريم وهو الخصم يوم القيامة...
لقد رحلت الزهراء وبقيت ذكراها وأثارها منهلاللعطاء ومنارا للسير في الطريق القويم
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين