قتل العراقين الى اين وصل؟؟؟؟
واشنطن تايمز
تشير التقارير الاخيرة الصادرة عن العاصمة العراقية الى قيام المتطرفين الاسلاميين خلال الاسابيع القليلة الماضية بحملة كبيرة لمنع بيع «الفلافل»، نعم «الفلافل».
بالطبع، للقارىء الحق اذا اعتقد ان هذا الخبر مجرد دعابة، ولا يمكن سماعه الا خلال مسرحية كوميدية يشاهدها في ساعة متأخرة من الليل، الا ان هذا الامر لا ينطوي في الواقع على أية دعابة بل هو حقيقة واقعة لان بعض باعة الفلافل الذين لم يستجيبوا للتحذيرات دفعوا حياتهم ثمنا لذلك.
فبعد ان تلقى عدد منهم تحذيرا بان عليهم تغيير مهنتهم هذه خلال اسبوعين او مواجهة الموت، لقي بعضهم مصرعهم فعلا بالرصاص، فقط لاستمرارهم ببيع هذه السندويشات الرخيصة الثمن.
لكن ما مبرر مثل هذا الامر المخيف؟
المنطق الذي قدمه هؤلاء المتطرفون لفرض ذلك الطلب اللامعقول على الناس هو ان الفلافل لم تكن معروفة ايام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويتعين بالتالي عدم تناولها او بيعها.
لكن اذا سلمنا جدلا بهذا المنطق الا يتعين علينا ان نسأل هؤلاء المتطرفين اذن كيف سمحوا لانفسهم استخدام رشاش الكلاشينكوف، الذي لم يكن موجودا في الجزيرة العربية تلك الايام، لقتل اولئك الذين لم يستجيبوا للاوامر؟
من الواضح ان هؤلاء المتطرفين الذين يتماثلون مع اولئك الاصوليين المتخلفين الذين فرضوا قوانين اشد صرامة من قوانين العصور الوسطى في افغانستان عندما سيطروا عليها، يحاولون القيام بنفس هذا الامر الآن وجبر العراق وشعبه الرجوع الى العصر الحجري.
ومن المفيد ان يلاحظ هؤلاء الاصوليون ان الانترنت لم تكن موجودة ايضا ايام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني، لو طبقنا المنطق الاصولي في الفلافل، ان على المجموعات الاصولية اقفال كل مواقعها الموجودة على شبكة المعلومات الدولية هذه.
كما يتعين عليها عدم استخدام اجهزة الفيديو في عملياتها القتالية والاقتناع ايضا عن استعمال المضادات الحيوية وأدوية تخفيف الألم وكل ادوات الطب الحديث التي انقذت عبر القرون عددا لا يحصى من ارواح البشر.
لقد كانت بغداد مرة مفخرة العالم العربي بما لديها من شعراء، ادباء، اطباء، علماء ومفكرين كبار لكن هؤلاء الاصوليين المتعصبين يجرونها الآن نحو الفوضى والانحدار.
في عهد صدام حسين وحزب البعث كان العراق يعرف باسم «جمهورية الخوف»، لكن لو اخذنا بعين الاعتبار حالة الفوضى السائدة، والتسيب القانوني، ومقتل العشرات كل يوم، لجاز لنا القول ان جمهورية الخوف هذه تحولت الى مجرد حقول للقتل.
ولا شك ان العراقيين دفعوا ثمنا باهظا نتيجة لقيام الجنود الامريكيين وجنود التحالف الدولي بتحريره.
صحيح ان التحرير خلّص البلاد من قبضة نظام صدام الذي حكم الشعب من خلال الخوف والقمع، الا ان حل قوات الأمن والجيش العراقي السابق ادخل البلاد في حالة فوضى عارمة وشاملة، فبينما كان يتم قتل الناس لاسباب سياسية في عراق صدام، يتم قتلهم اليوم فقط لانتماءاتهم الدينية.
والحقيقة ان الفتاوى التي يصدرها المتعصبون على اختلاف انتماءاتهم المذهبية لن تؤدي الا الى المزيد من عمليات سفك الدماء وتقويض اقتصاء العراق الذي يعاني شعبه من قبل من حروب مفروضة عليه.
ليس هناك حاجة للقول ان صدام كان شرا، وان تخليص العراق من قبضته كان عملا طيبا. لكن التسرع في الاحاطة به، وتفكيك كل اجهزة الدولة التي بناها بما فيها قوات الامن والشرطة والجيش، ادى لحدوث فراغ كبير يكاد المتطرفون ملؤه تماما، لذا، اذا احكم هؤلاء سيطرتهم سيصبح التخلص منهم اكثر صعوبة على الارجح من حرب الاطاحة بصدام.
مصدر الخبر
http://ahali-iraq.net/payv/index.php...ew&id=1955&Ite mid=28