الاميركيون يحتقرون العملاء
الاميركيون يحتقرون العملاء
كتابات - سلام مسافر
قبل ان يتقيء كلمته امام زلماي خليليزاد ، كان قد اطلع على تفاصيل اغتصاب الصبية الملاك ، عبير، وحرقها وقتل والديها وشقيقتها في مدينة المحمودية ، وعلى طاولة مكتبه ، الذي يضيق بكرشه المندلق ، تتكوم قصاصات الصحف الاميركية المثقلة بتفاصيل جرائم جنود الديمقراطية الاشاوس ، والاف صور التعذيب ، ومئات الصفحات عن انتهاكات قوات التحرير " التي أنجزت مشكورة مهمة الشعب العراقي و قواه المناضلة في تخليص البلاد من أبشع و أفظع دكتاتورية " .
وحين راجع ، نص الخطاب متلويا امام مستشاريه ، كان رؤساء عشائر الفرات الاوسط والجنوب ، يوقعون في الرميثة ، باصابع رجال ورثوا عن اجداهم ، قيم الرجولة والشهامة والشرف ، وثيقة تطالب حكومة المستوطنين في المنطقة الخضراء ، بطرد الاحتلال ، ويعلنون بصفتهم الورثة الابرار لثورة العشرين ان " ساعة الثروة قد ازفت " .
وفي الطريق الى مبنى السفارة الاميركية ، نزل مئات المرتزقة لحماية موكبه ، فيما كانت صفيه السهيل ، تصرخ في البرلمان متسائلة ، كيف يضمن العراقي الاعزل حياته ، اذا كانت زميلة لها في البرلمان اختطفت مع سبعة من حراسها . ولم تكمل ( النائبة ) السهيل عبارتها لان شجاعتها ، وان فاقت شجاعة اشباه الرجال في المنطقة الخضراء ، لاتسمح اكثر بالكشف ، والا ستلقى مصير زميلتها المختطفة ، ربما برصاصة في الراس حالما تغادر المكان .
ومع ان امهات الجنود ، يعتصمن منذ عام واكثر امام منتجع جورج بوش ، متشحات بالسواد على الاموات ، وبرايات العار من جرائم الاحياء الذين مايزالون يخدمون في العراق ، فان بطل مذبحة بيشت اشان ، يطبل للولايات النتحدة التي " قدمت عشرات الألوف من أبناء قواتها المسلحة قرابين على مذبح الحرية و التحرر للشعوب " .
وبوقاحة السمسار، يحرف وثائق التاريخ فيزعم " في عراقنا وجهت المرجعية العلمية الفاضلة من النجف الاشرف نداءاً إلى الشعب الأمريكي في بداية العشرينات ناشدته إلى مساعدة الشعب العراقي على التحرر من الاستعمار و الاحتلال " . وبغض النظر عن الصياغات المفككة لجمل الخطاب القيء فلايوجد مؤرخ من الاحياء او الاموات ، عثر ولو على قصاصة ورق واحدة ، تشير الى ان احدا في العراق ناشد الولايات المتحدة تخليص شعبنا من الاحتلال البريطاني . وكل المؤرخين ، بشيرون الى رسائل مراجع النجف لزعيم الثورة البلشفية في روسيا ، فلاديمر لينين . لكن الماركسي الذي شفط الاف الدولارات من اجهزة الاستخبارات السوفياتية على مدى ربع قرن واكثر ، وكان يزايد على الشيوعيين في يساريته ، حتى حين اباد مئات الانصار في جبال كردستان عام 1983 ، خبير بتزوير التاريخ ، وتزييف الحقائق والتملق الوضيع .
وليس غريبا على من ذبح الاكراد ، بمعونة صدام وباموال اجهزته ، وقبّل كتف " الرئيس القائد " وانحنى مثل الخادم في افلام الغرب الاميركي ، امام " القائد الضرورة " بعد حرب عام 1991 ، وفاوض على مكاسب دنيئة ، لحزبه ، وعصابته ، ان يشعر اليوم " بالشكر و العرفان بالجميل " للقوات الاميركية ، التي نصبته ، وامثاله ، على كراسي الحكم فوق جثث مئات الالوف من العراقيين والعراقيات .
حتى الاميركي الذي يرى كيف يتصرف جنود دولته مع اهلنا في العراق ، لن يتردد عن البصق بوجه صاحب الخطاب في يوم استقلال الولايات المتحدة الاميركية . فالاميركي كمثل بقية شعوب الارض ، يتمتع بضمير حي . وخلافا لمن يتقيء في حفل السفارة الاميركية ، مثل سكير نهم ، دوخته الصحون المعفرة بدماء العراقيين ،فان شرفاء اميركا يميزون بين الحقيقة والكذب ، بين الرياء والشجاعة ، بين التملق والبلاغة . وبفضل صحافة المجتمع الاميركي ، الحي ، تتكشف لاهلنا في العراق ، جرائم قواتهم ، وفضائح عملائهم ، ونعرف كل يوم ، حجم الخراب الذي يحل ببلادنا على يد جند بوش ورامسفيلد وعلى مدار الساعة .
بعد ان انهى قيئه ، التفت منتشيا ، لانه ادى الواجب . وعلى وجه زلماي ارتسم تعبير نادل في بار رخيص ، يسارع لتنظيف المائدة من بقايا قشور وكؤوس متعفنة !
ملاحظة : هذه الصورة القلمية لاعلاقة لها بخطاب جلال طالباني في حفل السفارة الاميركية في بغداد بمناسبة عيد الاستقلال الاميركي يوم 4 تموز 2006 .