إخفاقات كثيرة في إعادة الإعمار.. وفساد مستشر في الحكومة العراقية
إخفاقات كثيرة في إعادة الإعمار.. وفساد مستشر في الحكومة العراقية
المصدر: الشرق الاوسط
03 / 08 / 06
يجري نقل جهود اعادة اعمار العراق، التي هيمنت عليها الشركات الأميركية لفترة زادت على ثلاث سنوات، الى العراقيين، مما يتركهم أمام تحدي استكمال قائمة طويلة من المشاريع التي ظلت بدون انجاز من جانب الأميركيين.
وبينما يظهر التسليم تدريجيا فانه يأتي في وقت تشح فيه الأموال الأميركية ويواجه المسؤولون الأميركيون موعدا نهائيا يوم الثلاثين من سبتمبر المقبل لاختيار المشاريع التي سيمولونها بالمبلغ المتبقي
والبالغ ملياري دولار من اصل 21 مليار دولار هي قيمة برنامج اعادة الاعمار. ولم يجر البدء بما يزيد على 500 مشروع وتفتقر الولايات المتحدة الى خطة فعالة لتحويل السلطة الى السيطرة العراقية، وفقا لما توصل اليه تقرير اول من أمس. وفي بعض الأحيان يتعين على العراقيين اخذ مشروعات من شركات البناء الأميركية التي أبعدت من الأعمال بسبب ادائها البائس. وفي الناصرية، على سبيل المثال، منحت شركة البشير العراقية أخيرا عقدا لبناء سجن فقدته شركة بارسونز غلوبال سيرفيسيز الأميركية الكبرى. وتأخرت الشركة ستة أشهر بعد موعد انجاز المشروع ومع ذلك فانها لم تنجز سوى ثلث المهمة.
وبينما تتقدم عملية التسليم فان هناك أسئلة حول ما الذي سيرثه العراقيون وكيف يمكن لحكومة مبتلاة بالفساد ان تستعيد الثقة ببرنامج اعادة الاعمار الذي رافقته مزاعم الفساد منذ البداية.
ويوضح التقرير، الذي أعده مكتب ستيوارت بوين، المفتش العام لاعادة الاعمار في العراق، انه بينما حققت حملة اعادة الاعمار بعض النجاحات، فان مئات المشاريع تبقى غير مكتملة. وانجزت الولايات المتحدة 82 في المائة من مشاريعها المخطط لها، والتي أنفقت عليها 15 مليار دولار. وأدت تلك الأموال الى اعادة انتاج النفط والكهرباء الى ما يفوق المستويات التي كانت قبل الحرب. وقد وفروا لخمسة ملايين شخص آخرين المياه الصالحة للشرب. كما دفعوا أموالا لما يزيد على 1200 من التسهيلات الأمنية مثل مراكز الاطفاء والشرطة.
غير ان برنامج اعادة الاعمار يواجه أيضا اخفاقات كبيرة. فالبرنامج الذي كان مقررا ان يقيم ما يزيد على 140 من مراكز الرعاية الصحية الأساسية لم يقم سوى 20 مركزا حتى الآن. وما يزال سكان بغداد يحصلون على الكهرباء لمدة 8 ساعات يوميا وهو اقل من المستوى الذي كان قبل الحرب، على الرغم من تحسن امدادات الطاقة في أجزاء اخرى من البلاد. ويبقى انبوب نفط حاسم كان له ان يحقق الايرادات الضرورية للحكومة العراقية التي تقترب من 15 مليار دولار أبعد عن الموعد المحدد لاقامته بما يزيد على عامين. وحذر بوين من ان أعمال العنف المذهبية تعيق عملية اعادة الاعمار في البلاد. كما حذر في تقرير من الفساد «المستشري» في الحكومة العراقية، داعيا الى معالجته. وقال «مع ان البرنامج حقق تقدما خلال هذا الربع من السنة، حصل هذا التقدم وسط اجواء امنية تزداد تدهورا». وجاء في التقرير، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، ان مقاولين متعاقدين مع وزارة العمل الاميركية تحدثوا عن سقوط 56 قتيلا في صفوفهم مما يرفع العدد الاجمالي الى 575 منذ مارس (اذار) 2003. واشار ايضا الى تقارير للامم المتحدة عن حصيلة ضحايا بشرية مرتفعة جدا في مايو (ايار) ويونيو (حزيران).
واوضح التقرير ان «هجمات وعمليات خطف وتهديدات تستهدف مقاولين ومسؤولين عراقيين لا تزال تعيق جهود اعادة الاعمار». واضاف ان «الظروف الخطيرة جدا في العراق تحد من تنقل موظفين في الحكومة الاميركية مما يحد تاليا من عدد الاميركيين العاملين في اطار الوزارات العراقية». واعتبر ان ذلك يؤثر على الجهود الاميركية لبناء الكفاءات في الادارات العراقية.
وقال التقرير ان الوضع الامني المتدهور حد من خطط تشكيل فرق اعادة اعمار محلية في جميع انحاء البلاد للمساعدة في تعزيز الكفاءة الادارية للسلطات المحلية. واعتبر المفتش العام ان تطبيق برنامج فرق اعادة اعمار المحلية تأخر و«يواجه حاليا تحديات خطرة بينها تهديدات امنية ونقص في العاملين وموارد محدودة».
وستترك بعض المشاريع لتمويلها من جانب المجتمع الدولي او للحكومة العراقية لتمويلها عبر ايرادات النفط. وستستمر الولايات المتحدة على انفاق الأموال على اعادة الاعمار في العراق عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ولكن من المتوقع ان يكون تدفق الأموال في السنوات المقبلة جزءا مما كان عليه.
واصبحت بعض من اكبر الشركات الأميركية تحت مراقبة مكثفة بسبب ادائها في العراق. فقد تلقت كل من هاليبيرتون، وشركتها التابعة كيلوغ براون اند روت، وبكتل وبارسونز زيادة بمبلغ مليار دولار لكل منها، ولكنها لم تنجز المشاريع المكلفة بها. وقد تخلت كل هذه الشركات عن عملها وعادت الى البلاد.
ومن أجل ملء الفجوة عندما يفشل المتعاقدون الأميركيون في انجاز مهماتهم فان المسؤولين في مجال اعادة الاعمار غالبا ما يتوجهون الى الشركات العراقية التي تعمل في اطار المقاولات الثانوية او ما يسمى المقاولات من الباطن. وقال الجنرال ويليام ماكوي، الذي يقود فيلق المهندسين في العراق، ان العراقيين يؤدون مهماتهم بصورة جيدة حتى الآن، وفي بعض الحالات بصورة افضل، كمقاولين ثانويين، مما كانوا يفعلون عند عملهم تحت اشراف شركات أميركية.