هذا ما قاله القاضي للطاغية المخلوع صدام: لستَ و لم تكنْ دكتاتورا
المشتكي الأول : قابلت صدام حول فقدان عائلتي فأمرني بالسكوت وطردني
المشتكي الثاني : لااطلب تعويضا ويكفيني رؤية هؤلاء و هم داخل قفص الاتهام حاليا[/B]
بدأت اليوم الخميس 14/9 الجلسة السابعة لمحاكمة الطاغية صدام و 6 من معاونيه في قضية الأنفال وبحضور جميع المتهمين وموكلي الدفاع عنهم وموكلي الدفاع عن الحق الشخصي.
ولدى بدء الجلسة طالب احد محامي الدفاع ايقاف ما قال انها تجاوزات تصدر من قبل المشتكين ضد موكليهم. وقال ودود فوزي محامي صدام حسين "لقد لاحظنا في جلسات المحكمة خلال اليومين الماضيين حدوث تصرفات غير قانونية من قبل المشتكين على موكلينا سواء عن طريق الاشارات او الكلام". وأضاف فوزي الذي كان يقدم اعتراضه للقاضي عبد الله علي العامري رئيس المحكمة "لذا نطلب ايقاف تجاوزات المشتكين وبخلافه سنتخذ اجراءت معينة" دون أن يوضح ماهية هذه الاجراءات. فورد القاضي قائلا "انا لا اسمح باية تجاوزات على احد في المحكمة وحتى وان حصلت فان مردودها سيكون على القاضي وهيئة المحكمة".
واستمعت المحكمة الى المشتكي الاول وهو عبد الله محمد حسين (مواليد 1949) ويعمل فلاحا قال لدى استئناف المحكمة جلساتها انه من سكنة سيدا الشمالية عندما بدات الطائرات العراقية تقصف قريته التي هرب اهلها الى الكهوف ثم حاصرتها قوات الجيش من ثلاث جهات وقامت بالهجوم عليها وجمعت النساء والاطفال في مسجدها وقامت الاليات العسكرية بهدمها ثم اخذوا السكان بشاحنات عسكرية الى محتجز في مدينة اربيل .
واشار الى من بين الهاربين كانت عائلته وبينهم زوجته و7 من اطفاله موضحا انه كان يراقب الاوضاع في قريته من على بعد كيلومتر بواسطة ناظور وكان معه طفله علي وعمره تسع سنوات انذاك .
واضاف انه هرب مع ابنه مشيا على الاقدام لمدة اربعة أيام الى الحدود العراقية الايرانية فدخل بلدة (بانة) الايرانية والتجأ الى احد مساجدها .. موضحا انه كان عنصرا في قوات البيشمركة لكنه تركها قبل ستة اشهر من عمليات الأنفال وسلم سلاحه لظروف شخصية .
واشار الى انه بعد ستة اشهر من هذه الاحداث سمع ان عفوا رسميا اصدره صدام حسين عن الاكراد طالبا منهم العودة الى قراهم فعاد هو وسلم نفسه الى منظمة حزب البعث في منطقة دوكان التي ارسلته الى معسكر للجيش العراقي للتدريب لانه كان متخلفا عن اداء الخدمة العسكرية وبعد 40 يوما نسب للخدمة في معسكر بمحافظة العمارة الجنوبية.
واشار الى انه علم من والدته المسنة التي اطلق سراحها انهم اخذوا الى نقرة السلمان الصحراوية وكانت اوضاعهم سيئة جدا ويموت يوميا عشرة منهم يدفنون في الرمال لكن الكلاب كانت تستخرج جثثهم وتلتهمها .
واكد انه لايعرف شيئا عن افراد عائلته منذ ذلك الوقت عندما رحلوا الى الصحراء عام 1988 وهم مسجلون حاليا في عداد مفقودي الأنفال.
لكنه اشار الى انه عندما كان في معسكر العمارة ذهب الى ديوان رئاسة الجمهورية في بغداد وقدم طلبا لمقابلة صدام ولم يذكر في الطلب مسالة مصير عائلته بل اكتفي بالقول انه يعاني من مظلومية ويريد التحدث الى صدام و ابلغوه بعد ثلاثة ايام ان موعدا حدد له مع صدام حسين وفعلا قابله وساله ماهي مشكلته فاجابه بان عائلته معتقلة ملتمسا اطلاق سراحهم ..
فساله صدام اين تم القاء القبض عليهم فاخبره في قريتهم لكنه طلب منه السكوت وقال له "اسكت ، لاتتحدث عن ذلك لان عائلتك فقدت في حملة الأنفال" . واضاف انه لم يشعر بالخجل او الحرج لحظتها فقال لصدام "عندما انزل الله اية الأنفال على النبي محمد .. هل كانت عن الكفار ام الاكراد "واضاف " قلت سيدي الرئيس رفاقي عندما يعودون الى منازلهم في الاجازة يستمتعون بعطلاتهم مع اهلهم ولكن لااجد عائلتي ولا اعرف مصيرهم وليس لي بيت اسكن فيه ". فصرخ به "اسكت ولاتتكلم .. اخرج الى الخارج" فاديت التحية العسكرية له وغادرت بدون امل " .
وقال انه ظل في الخدمة العسكرية حتى حرب الكويت عام 1991 عندما ترك الجيش وعاد الى قريته في منطقة السليمانية حيث اعاد السكان بناءها.
وقال انه ابلغ محكمة الاحوال الشخصية في السليمانية عام 1999 ان عائلته مفقودة لكنه أبلغ بعد سنوات ان هويات افراد عائلته وجدت في مقبرة جماعية بالقرب من مدينة الموصل الشمالية .
وقدم شكوى ضد جميع المتهمين في القضية طالبا التعويض عما اصابه من اضرار واعادة رفات افراد عائلته الى قريته . وهنا قام الادعاء العام بعرض هويات زوجة المشتكي وابنه ناصر وابنته شيرين والتي عثر عليها في مقبرة جماعية .
ثم لوح بيده امام المحكمة بقائمة تضم اسماء من سماهم المؤنفلين قائلا "هذه قائمة باسماء المؤنفلين من قريتنا".. ولم يذكر عددهم.
وقد اعترض الدفاع على ما سماه بتلقين المترجم للشاهد قائلا "المترجم يحاول تلقين المشتكي حيث كان يقول له هل تم قصفكم بالاسلحة الكمياوية ام التقليدية".
ورد المترجم الذي كان يجلس بجوار الشاهد "انا احاول ان افهمه كونه لا يفهم".
وتدخل المدعي العام قائلا "المشتكي قال امام قاضي التحقيق انهم تعرضوا لقصف كيماوي وتقليدي والان يقول انهم تعرضوا لقصف مدفعي وطائرات هل تعيد عليه السؤال عن نوع الاسلحة التي قصفوا بها".
وبعد اعادة السؤال على الشاهد قال "لقد تعرضنا لقصف بمدفع ثقيل وطائرات".
ولم يذكر الشاهد السلاح الكيماوي في البداية، الا انه وبعد طرح اسم السلاح الكيماوي عليه من قبل المترجم قال الشاهد "نحن تعرضنا الى السلاح الكيمياوي".
وقد سأل صدام المشتكي وقال "كيف قابلت صدام حسين وهو دكتاتور ومعاد للشعب الكردي كما تقولون؟
" .. لكن القاضي العامري تدخل و رد عليه قائلا :
*القاضي لصدام : انت لست دكتاتورا
واستفسر صدام من القاضي وبابتسامة عريضة : نعم !!!
واجاب القاضي : انت لست دكتاتورا ، لم تكن دكتاتورا .
صدام : على اية حال اشكرك
القاضي : الشعب او الشخص او المسؤول ، الذين يحيطون به هي التي تصنع الدكتاتور .
واستطرد صدام حسين سائلا المشتكي قائلا " كيف يمكن ان تقتل القوات العراقية طفلا عمره 40 يوما كما تقول بينما هي حافظت على حياتك وقد كنت عنصرا في قوات البيشمركة المتمردة ثم ذهبت الى ايران التي كانت عدوة للعراق وفي حرب معه انذاك ؟" .
واضاف ان الحرب في شمال العراق استمرت 44 عاما سقط فيها كثيرون من العرب والاكراد مسيحيين ومسلمين .. فاذا اردنا تحقيق العدل يجب فسح المجال للعرب بان يشتكوا وكذلك للمسيحيين وليس الاكراد وحدهم وان كانوا هم جزءا من الشعب العراقي .. كما يحق للجيش وللشيعة والسنة كما يقسموهم الان ان يشتكوا" .. وهنا طلب منه القاضي عدم التحدث عن هذه المسائل .
وعاد صدام فسال المشتكي كيف عاد الى العراق ولم تقم السلطات باعتقاله فاجاب انه عاد لان عفوا رسميا قد صدر.
اما المشتكي الثاني علي محمود عمر (مواليد 1955) وعمله عضو في قوات البيشمركة الكردية ويسكن مدينة السليمانية الشمالية فقال انه كان في منطقة بةركةلو عندما بدات عمليات الأنفال في شباط (فبراير) عام 1988 حين باشرت المدفعية بقصف المنطقة التي كانت فيها مقرات قيادة للاتحاد الوطني الكردستاني بالاسلحة الكيمياوية فطلبنا من السكان الاختباء في الملاجئ والكهوف في الجبال ومغادرة قراهم. بعده بدا الجيش العراقي بشن هجوم من اربع جهات لكن البيشمركة قاومت ببسالة لانها كانت على حق وتدافع عن مبادئها وصدت اربعة هجومات (للعدو) لكنه اصيب في الهجوم الرابع مع اخرين .
ثم نقلوا على البغال الى الحدود الايرانية وعولجوا في مستوصف ميداني للبيشمركة داخل الاراضي العراقية الحدودية .. ثم نقلوهم الى داخل ايران . وبقي في مدينة تبريز الايرانية 8 اشهر بعد ان قررت القيادة العسكرية للبيشمركة الانسحاب من المعركة واشار الى انه وكثيرون لجاوا الى تبريز قد عادوا الى مناطقهم في السليمانية بعد انتفاضة عام 1991 .
واشار الى ان المعتقلين من قريته وبينهم افراد من عائلته قد القي عليهم القبض بعد هجوم القوات العراقية ونقلوا الى اربيل ثم اختفت آثارهم الى ان عثر على اعداد منهم في مقبرة جماعية بالقرب من الموصل بعد سقوط النظام عام 2003 وبينهم اثنين من عائلته.
وقدم شكوى ضد صدام حسين وعلي حسن المجيد وبقية المتهمين وقال انه لايطلب تعويضا ويكفيه ان المتهمين هم في قفص الاتهام حاليا ولكنه يطالب بتعويض شهداء الكرد الذين راحوا ضحية سياسات النظام السابق .
هذا وقرر القاضي تاجيل جلسات المحاكمة الى ال 18 من الشهر الحالي