هل خسر اكراد الحزبين قضية الأنفال؟
هل خسر اكراد الحزبين قضية الأنفال؟
أرض السواد : طالب العسل
كان حرياً بالكرد ان يكونوا اكثر دقه في اختيار الشهود في قضية الأنفال, حيث ان كل الشهود الذين ادلوا بإفاداتهم لم يقدموا دليلاً مقنعاً على صحة اقوالهم, فقد كان تخبطهم واضحاً في اقوالهم وخصوصاً حين يُستدرجون من قبل المحامين او المتهمين لمقارنة شهاداتهم مع ماشهدوا به اول مره, وقد كان الإختلاف واضحاً بين الشهادتين, وخصوصاً من حيث معرفتهم في الشهاده الأولى بكل التواريخ وبدقه عجيبه بينما في المحكمه لم يتذكروا من ذلك شيئاً, وكذلك شهدوا جميعاً ان افواج الدفاع الوطني كانوا في مقدمة المهاجمين في عملية الأنفال وفي شهادتهم امام المحكمه أنكر جميعهم ذلك وقال بعضهم انهم لم يشاهدوا افواج الدفاع الوطني, كما قال آخرون ان افواج الدفاع الوطني كانت في الخلف ولم تشترك في الأنفال بشكل فعلي وقال آخر انهم كانوا يساعدون الكرد دون علم الحكومه...
وكذلك لاننسى ان بعض الشهود قد اعترفوا في الشهاده الاولى الى انهم كانوا من البيشمركه وفي المحكمه افادوا انهم لم يكونوا منهم ابداً او انهم قد تركوا العمل معهم منذ زمن, وقد ظهرت الحيره الواضحه على وجه القاضي من كثرة تضارب اقوال الشهود وعدم مصداقيتها, كما ان موضوع اغتصاب الفتيات الكرديات تم نفيه بعدما ذُكر في الشهاده الأولى وغيرها من الأمور التي شككت كثيراً بمصداقية القضيه.
ان تغيير الشهود لإفاداتهم يدلنا على ان اكراد الحزبين قد انتبهوا الى ان قضية الانفال انما قضيه خاسره قياساً بما عملوه من دعايه رهيبه لها في كل انحاء العالم, وقد اعترف مسعود برزاني بنفسه حين قال بعد اول جلسه او جلستين من محاكمة قضية الانفال ان شهود القضيه لم يكونوا مقنِعين وان ذلك يضر بالقضيه بكاملها, فتم تلقين الشهود مره اخرى بكلام آخر, ولكن فاتهم ان الشهاده الاولى قد وصلت للمحكمه وليس هناك من وسيله لتغييرها, فغامروا بأن يغيروا كلام الشهود لعل وعسى ان لاينتبه احد لذلك ولكنهم ظهروا بمظهر السُذج, وكانوا كالذي سمع ولم يسمع وشاهد ولم يشاهد خصوصاً بعد استدراج الشهود الى مواضيع كانوا في غاية الحيره في اجاباتهم عليها, حيث حدث التضارب حتى في الشهادة الواحده التي ادليت امام المحكمه.
لقد حاول اكراد الحزبين من خلال الشهود ان يثبتوا ان افواج الدفاع الوطني لم تشترك في الانفال وان اشتركت فإنهم لم يفعلوا مايسيئ للكرد في محاوله لتلميع صورتهم حيث ان حكومة الإقليم الحاليه تضم الكثير من افواج الدفاع الوطني وانهم مؤثرون جداً في عمل الحكومه, لذا فليس من المصلحه ان تُفتح الدفاتر القديمه ويتم تصفية الحسابات مع بعضهم البعض خصوصاً ان الامر قد اختلط على الجميع, فمن كان مايسمى بيشمركه كان ايضاً في وقت من الأوقات من افواج الدفاع الوطني او كان مع الحكومه العراقيه او تعاون معها ولم يسلم من الامر إلا القليل, والكرد يعرفون ذلك جيداً, فقد قام المتهم صابر الدوري بذكر حقيقة ان الكرد المنتسبين لأفواج الدفاع الوطني اكثر من 350 الف كردي في مقابل خمسة عشر الف كردي فقط بيشمركه, وايضاً ماذكره المتهم صدام حين قال ان انه قام بتشكيل لوائين من الكرد فقط لحماية الجيش العراقي في حرب الخليج الثانيه, اي ان الكرد كانوا اكثر تعاوناً مع صدام من غيرهم..
ويريد اكراد الحزبين ان يُجرم القاضي صدام مباشرة دون الإستماع الى الشهود وهذا مالايمكن, فإن كل متهم كما نعرف بريئ إلا ان تثبت ادانته ولكن الشهود لم يقدموا مايثبت دعواهم, فلماذا يُطلب من القاضي الإسراع في نطق الحكم دون اي دليل او اثبات على تنفيذ الجريمه, ولايعني ذلك بالطبع عدم وجود جريمه او ان المتهمين ابرياء من فعل جرائم اخرى ولكن قضية الأنفال بينت انها قضيه تم تهويلها والمبالغه فيها لدرجه كبيره جداً مما أفقدها حقيقة مصداقيتها حتى وان كان للبعض حق في ذلك, حيث ان هذا التهويل والمبالغه كان في صالح موضوع الأنفال لسنين مضت, فقد استطاع اكراد الحزبين اقناع الرأي العام العالمي بتلك القضيه بقدرٍ ما, ولكن اي اختراق للقضيه او تقديم اي دليل على عدم صحة بعض اجزائها فإن القضيه ستنسف من الأساس وتضر بصالح حتى من له الحق فعلاً في ذلك, وهكذا يُضيع اكراد الحزبين قضيه قاموا بتأليف معظم السيناريو الخاص بها, وقد أضرت بهم هذه القضيه وبكل ماقالوه وبكل من كان له حق, فالكاذب لايُجزء كلامه الى صدق وكذب فحتى صدقه يكون كذباً.
17 ايلول 2006
