المحنة بين السياسي والجماهير
لاشك أن الوضع الذي يعيشه السياسي العراقي وكذلك الجماهير يعبر عنه بالمحنة بكل ما لهذه المفردة من معاني
والعراقيون لم يتعرفوا على النخب السياسية بالطريقة المتعارفة في هذه الايام الا بنخب السلطة وهؤلاء عاشوا الازدواجية والقمع من قبل الطاغية العراقي لذلك لم نر نخبا حقيقية وجها لوجه طيلة خمس وثلاثين سنة منذ الانقلاب الاسود
ولم يسمح الطاغية بمنظر لحزبه غيره وقد كانت التصفية لكل من يراه الطاغية يملك مؤهلات القيادة الفكرية،هذا مع الحزب الذي ينتمي اليه فكيف ذلك مع من يعارضه!!!!؟
وبعد التغيير الكبير وسقوط الصنم إحتك العراقيون بالسياسين من كافة الاطياف والشرائح في عملية انقلاب مفاهيمي لمعنى السياسي وشكله وظهوره بين الجماهير
وبما أننا في الشرق حيث الخطب الحماسية والثورية لم نألف خطابا يتوافق مع الظرف العراقي المعقد،وهو ماتطلب جهدا من نوع خاص لردم الفجوة بين الخطاب الحاضر وماألفته الجماهير
والمحنة الحقيقة للسياسي العراقي ان الفرصة التي سنحت له للالتقاء بالجماهير هي في ظل الاحتلال أو لنقل في ظل وجود قوات أجنبية تتحكم بكل صغيرة وكبيرة في البلد بعد تعنت الطاغية وخسارته في المواجهة ليسلم العراق الى هذه القوات
فكيف يستطيع السياسي ان يتحدث بمشروع وطني وفي الوقت ذاته يدافع عن الوجود الاجنبي في العراق،وكيف له أن يعيد الروح الوطنية بعد أن عاث الطاغية بها فسادا وتخريبا؟
محنة السياسي العراقي انه لايجد الارضية للانطلاق بخطاب وطني دون معرقلات من الاخرين
المحنة التي يعيشها السياسي العراقي أنه يتحدث عن وحدة العراق وفي ذات الوقت يتحدث عن مشاريع الفدرالية والكونفدرالية التي ترى فيها الجماهير بدايات للانقسام
المحنة التي يعيشها السياسي ان الجماهير لاترى في المترفين قادة لهم وهي تبحث دائما عن نمط آخر من القيادات
المحنة التي يعيشها السياسي العراقي ان الجماهير تميل الى القوة بشكل وباخر وهي ترى غير ذلك
محنة السياسي العراقي ان الجماهير العراقية قد تلمظت على يد( أبي تراب)1وهي لاترضى بغيره نموذجا
فهي تبحث عن الزهد والاخلاص والتفاني والتضحية ووووو
وهذه مفاهيم يراها بعض السياسين أنها لاتسمن ولاتغني من جوع
محنة السياسي العراقي انه يعيش مرحلة الدفاع عن النفس من التهم الجاهزة ومازال غير قادر على تجاوز هذه المرحلة
ومحنة الجماهير انها ابتليت بسياسيين قد اُعدوا بوجبات سريعة لم تستطع أن تمد جسور المحبة والتآخي مع الجماهير
ومحنة الجماهير أنها تفاجئت بسياسيين لهم خطاب لايناغم الأحاسيس والمشاعر العراقية الاصيلة
ومحنة الجماهير انها تشعر بزحفها نحو السياسيين وليس العكس ومحنة الجماهير ان السياسين مازالوا يستغفلونها ويحاولون تمرير مايستطيعون تمريره كلما امكن ذلك
أما متى تزول هذه المحنة ؟
فهذا بحاجة الى إعادة في البنية الفكرية للسياسي لكي يستطيع قيادة الامة إننا بحاجة الى مشاركة في القرار والمصير بين السياسي والجماهير وبحاجة الى مصالحة حقيقة بين السياسي وبين الجماهير وإلا سنبقى نراوح ذات المكان ويستمر الزمن ولن تعود العجلة الى الوراء .
____________________________________________
1 أبي تراب لقب للامام علي