هل تدعم اميركا قوة أقليمية شيعية ضد القيادات السنية؟
هل تدعم اميركا قوة أقليمية شيعية ضد القيادات السنية؟
GMT 14:45:00 2006 الأحد 29 أكتوبر
عدنان أبو زيد
--------------------------------------------------------------------------------
يبدو ان الحالة العراقية اعطت الاشارة الى ان اشعال حريق طائفي ليس صعبا أذا ما تخلي الزعماء عن الشفافية والتوفيقية التي التزموا بها لحد الان . وبين زعيم كان يتوقع الحصول على الاغلبية واخر كان يتمنى ولو أسما في اسفل القائمة , فان اكتشاف الحقيقة لايتطلب الكثير من العناء وهي ان المرحلة الان هي مرحلة دراسة الاحتمالات وخلق التوازنات ااني ستكون دقيقة الى حد ان اشتعالا ذاتيا للحطب العراقي قابلا في اي لحظة , طالما يمتلك كل من الفرقاء عود ثقاب يمكن ان يشعل به في اية لحظه اتون النار , وليس بالامكان تصور عراقا مستقبليا بدون خيار واشنطن, واذا تصورنا الامر بعيدا عن ذلك فان الامر لن يكون سوى سفينة تغرق في النزاعات الداخلية، وهي نزاعات ستكون بعيدا عن حقول النفط وامداداتها التي ستكون الخزان الذي لا ينضب لتنظيم حروب الاستنزاف وضمان استمرارها
أسباب التناحر
وليس ثمة شك في أن الاسباب التي ستدعو العراقيين الى التناحر كثيرة ومتشعبة , فثمة عرب وهناك اكراد ولكل مهم اهدافه المبيتة التي لايظهرها على الملأ , وعقدة هذا التناقض ستشتد في الموصل وكركوك وكل نقاط التماس بين العرب والاكراد والسنة والشيعة , ولاننسى التركمان يلوذون بعصا تركية يلوح بها من وراء الحدود.
.
وفي الوسط ثمة معالم لتناقضات وصراعات ، وتتلخص في تنافس سني شيعي , وتعدد ولاءات بين العشائر والقبائل ، ورغبة جامحة في تصفية حسابات عقود من الظلم الذي لحق بالشيعة , وقواعد سنية كانت تمثل ذراع النظام السابق في القمع . وحتى الطرف الشيعي الذي غطت عباءة السيستاني تناقضاته ولكن الى حين , فمعالم الانقسامات والصراعات والولاءات المتناقضة ستطفوا على السطح عاجلا او اجلا بين انصار السيستاني ومقتدى الصدر والحكيم وجماعات اخرى , دعك عن الصراعات العشائرية التي ستاخذ اقصى مدى لها بعد اليوم في ظل غياب سلطة مركزية قوية .
ولا احد يشك في ان انسحاب القوات الامريكية من العراق , يعني تدخلا تركيا في العراق ونفوذا ايرانيا يمتلك وسائل مادية سيجتاح مدن الشيعة , وتدفق اصوليين من كل حدب وصوب يقاتلون الشيعة ويكفرون الغير , وبدء مرحلة تكوين دولة كردية حقيقية في شمال العراق
الشيعة حلفاء جدد للولايات المتحدة
وبالنسبة للولايات المتحدة فان الامر اذا ما تمخض عن صدام مسلح , فانها لن تعبأ للامر طالما ان ذلك لن يخرج عن عباءتها , وبين حلفاء ( تكتيكيين ) كزعماء الشيعة وحلفاء ستراتيجيين كالاكراد , فان الامر سيتمخص عن حياكة عباءة مهلهلة تلعب فيها الريح من كل جانب , وتحتوي كل تناقضات المنطقة , من نفوذ ايراني في المناطق الشيعية الجنوبية ، الى ذراع سنية تدعمها تركيا والاردن , لدعم اسلام حليق الذقن في مناطق السنة , يسهل امتدادا للعراق عبر الاردن الى اسرائيل امام موجة ضاغطة تقودها ايران وسوريا، وتجد اصداءا لها في المناطق الشيعية .وليس ثمة شك في ان اعادة تشكيل خريطة الشرق الاوسط قد بدا من العراق وربما صار من الضروري القول ان العراقيين, حكماً ومعارضة ، يتوجب عليهم اليوم التوصل الى اتفاق طائف عراقي، يساهم في ايجاد وسيلة تفاهم لتوزيع مناطق النفوذ السياسي على الخارطة السياسية العراقية , كبديل لتقسيم سيكون امرا لامفر منه اذا ماسارت الامور باتجاه نفخ الجمر تحت الرماد .
التقسيم بديلا للحرب
والحقيقة ان لبننة العراق لن يكون امرا سلبيا اذا مافهمنا ان ذلك يعني في ما يعنيه السماح بقيام كيانات عرقية وعنصرية وطائفية ومذهبية، بديلا للاقتتال الذي سيحصد الالاف بل الملايين في دوامة عنف لن تنتهي ابدا . ومن المعروف ان العراق تحاشى الاقتتال المذهبي و الطائفي نتيجة لقوة السلطة السابقة وبطشها امام كل من تسول له الحديث عن الحرية والديمقراطية ولولا ذلك لاتجه العراق الى الطائفية من زمن بعيد وهو الذي يمتلك اسبابها , لاسيما وان ذلك يتوافق مع نظرية تصادم الاديان والاثنيات , في منطقة يراد لها ان تتفتت وان تقسم الى دويلات كثيرة وصغيرة في مقابل اسرائيل الكبرى والموحدة .
ولهذا فان الحديث عن تسوية سلمية للوضع في للعراق يجب ان يقوم على اساس التوصل الى اتفاق طائف عراقي يلزم الاطراف واجباتها ويعرفها بمناطق نفوذها , وحدود مشاركتها في صنع القرار في العراق وعدا ذلك فان الدولة العراقية ستغرق في بحر من الدماء تماما كالذي حدث في لبنان الذي دخل في حرب اهلية بدات في عام 1975 ولم تتوقف الا عام 1990 .
ويبدو ان الامريكيين قد نجحوا في اقامة علاقات تسودها الثقة مع قياديي الشيعة والاكراد الذين يتلهفون لتبوء مراكز حساسة في السلطة بهدف رسم خارطة توازنات جديدة للمنطقة فتعقد اتفاقا سريا مع زعامات شيعية عراقية لفسح المجال امام الطائفة الشيعية بان تمارس دورا رياديا في بلد تمثل فيه الاكثرية بغية تحفيز الطوئف المضطهدة في السعودية ومصر وسوريا البحرين ودول اخرى للمطالبة بحقوقها بغية خلق حالة من التعددية واضعاف مركزية السلطة في هذا الدول سعيا لتحقيق استراتيجية بوش في نشر الديمقراطيات في العالم العربي . اضافة الى خلق حالة شيعية عراقية مخالفة في الفكر والممارسة لقيادات شيعية في ايران ولبنان , واول الغيث كان في نجاح قائمة شيعية تحظى بدعم المرجع الشيعى الاعلى في العراق , تسيطر على مركز القرار في العراق ليعطي ذلك مصداقية اكثر للولايات المتحدة في الوسط الشيعي العراقي وما لذلك من تاثيرات على أيران ولبنان , وليس غريبا ان امريكا ربما تعمل عن وعي واصرار لاقامة قوة اقليمية شيعية تقف ندا امام بقية القوى السنية في العالم العربي بغية خلق حالة من الصراع المتوازن يجعل اسرائيل بمناى عن النار, لاسيما وان القيادات السنية العربية تعيش ازمة ثقة في علاقاتها مع الولايات المتحدة والتي فقدت الثقة ايضا في اوساط مجتمعاتها , وهي التي ظلت تحكم في ظل شرعية مؤجلة البحث بحجة الدفاع عن الوطن امام اسرائيل , مما خلق ازمة داخل مجتمعاتها هيات الاجواء لتشكيّل مجتمعات تفرخ مجاميع من الراديكاليين والمتطرفين كانوا عبئا على هذه المجتمعات نفسها.
عدنان أبو زيد
كاتب ومهندس عراقي
adnanabuzeed@hotmail.com