من نصر المراة ومن اساء لها ؟ - رحلة في شوارع الالم
من نصر المراة ومن اساء لها ؟ - رحلة في شوارع الالم ، اوراق من كتاب لم ينشر بعد / ح 1
كتابات - عباس راضي العامري *
شئ كالمقدمة:
التعقيدات المزعجة والتحولات التي سايرت المجتمعات العربية والإسلامية على مدى قرون الزمت جميع الباحثين في هذا الشأن رصد تلك التحولات الفكرية والتعدد البحثي وتحديد قدرتها على التاثير في العقل العربي والاسلامي وكذلك امكانية تشكيلها لراي عام ينهش ثوابت صحيحة بات من المستحيل البرهنة على ضدها او اقناع معتنقيها بخطئها وذلك لمطابقتها ما يذهب العقل اليه والتعبد بـ (الخطاب الشرعي الصادر لتنظيم حياة الانسان)[1] وكون الخطاب شرعيا ً يعني بالتساوق كونه غير قابل للخطأ - إذا استدل على صحة صدوره من الشارع - وهذه ميزة ينفرد فيها القانون السماوي عن كل القوانين الوضعية وهي اكتساب صفة القداسة[2] وعدم قابليته للخطأ.
على الرغم من أن المنطقة العربية وصلت إلى حد كبير من الوعي والثقافة والتي كان لتطور وسائل الاتصال، وتطور الأدوات الحياتية والاقتصادية دور فيها، إلا أن العقلية العربية لم تزل رهينة لنوع من العقيدة الشعبية، هذه العقيدة الشعبية لها تأثير أكبر حتى من تأثير الدين السماوي ، بدليل أنها وإن تعارضت بأحد قواعدها العرفية مع الدين السماوي، نادراً ما يتم تغليب الدين عليها، ويتم تبرير هذا بأن مخالفة ما سار عليه السلف!!!اذا فهذا تصريح خطير باننا ندين بدين (العرف الخاطئ) لكننا نتشدق باسلاميتنا المشوهة والتي اصبحت سبة على كل من يتنتمي اليها بسب حثالة لا زالت قابعة في كهوف القرون الاولى تفكيرا وتعاطيا مع الحياة التي يرغبنا بها القران ايما ترغيب بينما يستلذ امثال اولئك المنتمون الى اللا تاريخ باجترار مفردات الزهد وتجافي الجنوب والاعراض عن زخرف الدنيا مبرهنين بذلك انهم لا ينتمون الى وادي القرآن المقدس.
فالمنطقة العربية التي نعيش فيها والتي يدين الغالبية العظمى منها بالإسلام، لم تزل تمارس عادات وتقاليد تتعارض في كثير منها مع النصوص الدينية الإسلامية
لماذا يعتبر البعض أن من التجني كشف حقيقة ما تعانيه المرأة في مجتمعات التقدم الصناعي ؟ فليس للخلاف الإيديولوجي بيننا وبينهم نطرح ما تعانيه المرأة في تلك المجتمعات , ولكن الصرخة تعالت – هذه المرة – من حناجر متخمة بحرية التعبير والحرية الفردية بشكل عام . وبمعنى ً آخر فهي من حناجر المعذبين تحت سياط الاغترار بالمادة واللذة التي فشلت – بتفوق – في صنع إنسان سعيد , في حين سجلت أرقى دول العالم أعلى معدلات للجنون وأعلى نسبة في الإنتحار. لماذا يرغب الكثير من النساء اللواتي وُلدْنَ ونشأن في مجتمعات أوروبا وأمريكا[3] في رفض "حريتهن " و"استقلاليتهن " بغية اعتناق دين يُزعم على نطاق واسع أنه مجحف بحقهن ؟ (اعترافات امرأة غربية)
دعونا نقلب صفحات الحقيقة المرة التي لخصها (ترتوليان )المفكر الأبرز في القرون الأوربية الوسطى في ( أنها – المرأة- مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان , وأنها ناقضة لقانون الله , مشوهة لصورة الله ) [4] اما فيدور ديستويفسكي (1821-1881)فالمرأة عنده"ليست الا عملا ً رجعيا ًوموقفها من الله والانسانية لا فائدة منه .انها لتوقظ الالم في الرجل ولتعذبه ولتغريه وتنتشله وتجره الى خارج القوانين الاخلاقية"!![5] ومرد هذا الاعوجاج في التعامل مع المرأة هو النظر الى المراة كسلعة لا حسب المنهج الفرويدي باعتبارها ظاهرة ساكولوجية فردية بل كان مرضا ً اجتماعيا ً عاما ً مستشريا ً في الحياة الاوربية المتدينة واللا دينية على حد سواء فيما يحاول المغترون بالمادة والغارقون في رذيلتها إسدال الستار على مسرحها الماجن , لتخفي خلفها شخصيات المسرح المعذبة , شخصيات لا زالت أعينها تحدق في لا شيء سوى الندم المصطبغ بأغلال الخطأ التي لا تغادر معصمي الضحية , في حين يلعب الأدوار البديلة طفيليو الحياة الاجتماعية وخاصة طفيليو عالم المرأة المتفرد بمفردات كثيرة لا يمكن لمن لا يترك البراغماتية الهزيلة والغايات السيئة – التي تبرر اللعب بنار تكتوي بها المرأة نفسها صباح مساء – لا يمكن لذلك أن يقوم بالدور على وجهه الاتم ّ أو حتى المشوه.
الدافع للدراسة
تأتي هذه الدراسة على سبيل إماطة اللثام عن حقائق استثمار الإعلام الغربي ومصممي الثقافة الشائعة هناك لهذه الأدبيات المتراكمة بهدف إساءة تمثيل الإسلام وتشويه الأقوام التي تدين به . ولا ادعي هنا الإحاطة الشاملة بالأحداث الساخنة التي غلّفت قضية المرأة على مر العصور , لنخرج من الطوبائية والخرافة إلى أنساق المعرفة العملية للنصوص والقوانين والاطروحات التي شملت أو أحاطت بوضع المرأة والنقد الايجابي لما داهم هذا المخلوق الوديع ولست – كذلك – هنا في خندق المروجين لمنحى خاص أدعو لاتباعه بقدر ما هو انتصار للمرأة على نفسها أولا ً لتتمكن من الخروج من الدائرة المفرغة التي وضعت اكثرهن أنفسهن فيها كما لا أتجاوز أولئك اللذين زيّنوا للمرأة البقاء في هذه الدائرة أو أغروها للخروج إلى فضاءات متسخة بالمجون , والطمع فيها بدون الفات نظرها إلى الدور الرائد الذي يجب ان تلعبه في شتى الميادين المعرفية والاجتماعية .., الخ , لتتمكن – بعد ذلك – من العروج نحو السمو الذي طار اليه اكثر ابناء مثيلها الاخر بالخلق (الرجل )
ان تقويم منهج خاطيء ومحاولة معافاته مما الم به من تراكمات حملّها له الماضي واكدها مستهلكو الثقافة في الحاضر يوجب على القائمين على التقويم ان يقفوا على جوانب الضعف والقوة في الماضي ليتجاوزوا الضعف ودواعيه وليأخذوا بأسباب القوة وسبل التقدم .
من المهم جدا ان يكون انتصارنا على الواقع هو انتصار للمراة لا ان نرميها في الجانب الاخر من المعادلة البذيئة التي تريد ان تجعل من المراة مادة اعلامية فقط يتجاذب طرفي الصراع فيها انصار وهميون لها واعداء رعويون لا يفقهون من الحق شيئا ً من هنا جاءت دعوة بعض الكتاب العراقيين الذي توهموا انهم بكلامهم هذا قد نصروا المراة ولم يعلموا انهم سيرمونها لقمة سائغة بفم الذئاب التي تنتظر لحظة العري والتهتك والثورة على الحجاب فقد طالعنا احدهم مغتالا ً اسم المرأة متحدثا ً باسمها يقول [6] "يمكن اهم ما تسعى إلى تكريسه المرأة في الدستور العراقي الدائم وفي القوانين والنظم اللاحقة :
- منح المرأة حريتها التامة في التخلص من قيود الحجاب التي جعلتها في سجن إضافي للسجون النفسية والعقلية التي تعيش فيها حالياً.
- تطبيق مبدأ تحريم الزواج بأكثر من امرأة واحدة."
لا ريب أن هناك فارقاً كبيراً بين المطالبة بحقوق المرأة ورفع الحيف والظلم الذي لحق بها نتيجة سياسات خاطئة بخلفيات متعددة ، وبين جرِّ المرأة إلى عالم الرذيلة والفساد تحت شعار المساواة مع الرجل والمطالبة بحقوق وهمية هدفها تحطيم الكيان العائلي والترويج للإنحراف والذي يصب جميعه في هدف تحطيم المجتمع الإسلامي وتحطيم النموذج الإسلامي المشرق للأسرة والمجتمع والذي يمكن أن يكون نبراسا للآخرين لكي يقتدوا به ، لا سيما وهم في مجتمعاتهم يفتقدون للمزايا التي وفرها الإسلام للمرأة.
والمرأة لها جانبان للنضال ، جانب النضال من أجل الحقوق العامة التي تشترك بها مع الرجل من حيث إنسانيتها ، وجانب الحقوق الخاصة بها كإمرأة من حيث خصوصيتها الأنثوية.
وفي المقابل فإنَّ جانب الحقوق الخاصة المذكور آنفاً هو حق مرتبط بالرجل أيضاً ، فالمرأة في حياة الرجل هي الأم والأخت والبنت والزوجة ، وصيانة حقوق هذه الصلات العائلية هي من أبرز أولويات الرجال ، فنجد الرجل مدافعاً عن حقوق المرأة التي تمثل له منزلة إنسانية عائلية بحكم الصلات العائلية التي تربطهم ، فعامة الرجال يدافعون عن حقوق أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم وزوجاتهم ، وبالتالي فإن ميدان الدفاع عن حقوق المرأة لا يمكن أن يقتصر على النساء فقط بل يشترك به الرجال معهن في معظم الأحوال.
ومن المؤسف فإن الكثير من العلمانيين - كما يقول الأستاذ نبيل الكرخي [7] - يحاولون الإساءة إلى قضية المرأة من ثلاث جهات:
الأولى : دعوتهم الصريحة إلى الإباحية وجعل المرأة سلعة لترويج المتعة والجنس ، وهو الأمر الذي يثلم كرامتها الإنسانية.
الثانية : خلطهم حقوق المرأة المشروعة مع دعواتهم الإباحية مما أدى إلى تشويه صورة المطالب المشروعة التي تنادي بها المرأة ، وجَعَلَ هناك تخوفاً عند شرائح واسعة من المجتمع من الرجال والنساء على السواء بخصوص المناداة بحقوق المرأة ، بسبب ارتباطها ذهنياً بالدعوات الإباحية لأولئك العلمانيين غير المنضبطين.
الثالثة : إغفالها النظر عن الحقوق الإنسانية العامة للمرأة والتي تشترك بها مع الرجل ، فلا يتم المناداة بها مطلقاً أو غالباً من قبل المنظمات النسوية ، وفي هذا تمييز ضد المرأة من حيث إبرازها وكأن تلك الأمور العامة لا تعنيها !
*كاتب واعلامي عراقي مقيم في ايران