الى التيار الصدري.. مع التحية
افتتاحية جريدة البينة: الى التيار الصدري.. مع التحية
الافتتاحية /
لعل أكثر التيارات السياسية ارتباطاً بالواقع العراقي برغم كل المتغيرات هو التيار الصدري.. ولعل أكثر التيارات كانت مثار جدل بناء حيناً وعقيم احياناً كثيرة هو التيار الصدري.ولا يستطيع مراقب مهما حاول التخلي عن اتزان حكمه ان يهمل هذا الرقم الصعب في المعادلة العراقية.
وتأتي مصداقية هذا التيار من امور لا يتسع المجال الا لاجمالها بانه تيار شعبي عارم ينبع من وسط الفقراء والاقرب في طروحاته منذ عهد الطاغية الى التعايش والوئام مع الاخر وهو من التيارات التي نبعت وجاهدت وبقيت في الداخل.. فلا يعرف لهم قائد اشترك في معارضة الخارج. ولا يفهم من كلامنا انتقاص من مكانة المعارضة التي جمعها حب الوطن في الشتات لان شتاتها لم يكن ترفاً بل نزفاً وعرقاً ودموعاً ومتطلبات فرضتها قسوة النظام وتكتيكات القوى السياسية المناهضة له.لقد قيل الكثير في مديح هذا التيار وفي ذمه ولو صح عشر هذا المديح لاستحق الصدارة بلا منازع ولو صح عشر الذم لاستبان حجم الظلم والغبن الذي عاشه هذا التيار قبل سقوط النظام وبعد السقوط.
ولعل افضل حسنات هذا التيار هي في الوقت نفسه اكبر مشاكله الا وهي اتساعه وتشعبه على الارض وفي القلوب وفي امواج العملية السياسية وهذا الاتساع يشبه البيت الكبير.. فكلما زادت مساحته كلما احتاج الى ادامة اكثر وصيانة اكثر وتحصين اكثر وعمل دؤوب وتشذيب وحراسة ومسؤوليات.. ومن هنا كانت تظهر خروقات هنا وهناك.. ولو ان هذه الخروقات حصلت في حزب صغير او تيار محدود لكانت طامة كبرى له ونهاية ماساوية ولكن في التيارات الكبيرة تكون امكانية الخروقات كبيرة وممكنة ويمكن احتواؤها والخوف يأتي من (الاختراق) لا (الخرق).
ان متطلبات المرحلة تفرض في الانعطافات السياسية قرارات صعبة يجوز فيها السياسي وكيانه احياناً على نفسه من اجل جمع اكبر كم ممكن من القواسم المشتركة التي توصلنا جميعاً الى بر الامان وفي ظل تكالب قوى الظلام تكون الخيارات اقل عدداً ولكنها أكثر أهمية وتنم دوماً عن نضج القائمين على القرار.. ومن هنا فانها دعوة ملؤها الحب والحرص لهذا التيار المكافح في ان يعيد بعضا من حساباته ونحن واثقون ان لهذا التيار ميزة تدل على نقائه ونراهن عليها في الملمات دوماً وهي انه حتى حين يختلف او يخالف فان مقصده هو طيب النية وصدق النوايا ولكن ما نتمناه هو ان نتآسى جميعاً بالحكمة التي هي ضالة المؤمن وصدق من قال: ليس الحكيم من يعرف الخير من الشر ولكن الحكيم من يعرف خير الشرين.
