عن خصوصيات السيد فضل الله التي يساويها بما «فقده المستضعفون»
http://www.assafir.com/Photos/Photos...[047]1.JPG
ما تبقى من منزل ومكتبة السيد فضل الله
لم يبق من مكتبته سوى نسخة قديمة من القرآن الكريم..وخسائر المبرات قاربت 13 مليون دولار
عن خصوصيات السيد فضل الله التي يساويها بما «فقده المستضعفون»
ما تبقى من منزل ومكتبة السيد فضل الله
لم يبق من مكتبة تعتبر من أغنى المكتبات في المنطقة سوى نسخة قديمة من القرآن الكريم، هي واحدة من ثلاث نسخ نادرة في العالم، تراها إلى جانب المرجع الشيعي العلامة السيد محمد حسين فضل الله في مكتبه المؤقت. هناك يستقبل السيد زواره بعدما أغارت إسرائيل في عدوان تموز الماضي على منزله ودمرته ومكتبته «كما كل الذين خسروا منازلهم».
كان «يثقل» السيد أن يبقى بيته وتهدم بيوت الآخرين، كما يقول، ولذلك شعر «بالاعتزاز والشرف أمام هذا الواقع العدواني» الذي جعله «يتألم مع الناس ومع المستضعفين» الذين طالما كان «معهم منذ بداية» حياته يشاركهم «آلامهم ومشاكلهم» ويتحرك «من خلال كل قضاياهم».
أما مسألة المشاعر التي عاشها في بيته فيعيدها فضل الله «إلى أن الحياة تنفتح على مشاعر الإنسان وأحاسيسه من خلال ما يألفه في حياته الخاصة والعامة على طريقة قول الشاعر «خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا/لفارقت شيبي موجع القلب باكيا».
عاش السيد حقبة من الزمن في ذلك البيت وهو لم «يفتح فيه» فقط على نشاطه الفكري والثقافي وعلى لقاءاته اليومية مع الناس، وإنما يضيف إلى كل هذه الذكريات «الواقع العائلي الذي يمثل حالة روحية لدى كل إنسان».
فقد السيد وفق ما قاله «الكثير من الذكريات الموجودة في كل غرفة وكل زاوية»، ويفتقد معها «المراحل» التي واجهته في «مؤامرات الاغتيال وما إلى ذلك»، كنتيجة لمواقفه «السياسية في خدمة قضايا الأمة»، وكان آخرها «العدوان الإسرائيلي الذي هدم البيت كما هدم بيوت المستضعفين والمجاهدين من الناس».
بالنسبة إلى المكتبة يشعر السيد أنه فقد موقعاً من المواقع التي كان يعيش فيها «الثقافة العالمية والعربية والإسلامية» ليستزيد من «تجارب المفكرين والمثقفين والعلماء». ولكن بالنسبة له يبقى «أن يبقى الوطن وتبقى ألأمة وتبقى القضية لنستبدل بعد ذلك مكتبة بمكتبة وموقعاً بموقع وحركة من اجل قضايا الأمة بحركة أكثر فعالية». لم تفعل «التحديات» سوى أنها زادت السيد «قوة وعزماً وتصميماً» على أن يبقى «في خط المواجهة» مهما كلفه ذلك «من جهد وتضحيات».
والحرب على أوجها وبعدما وصلت «طلائع» الصواريخ الإسرائيلية إلى جسر المطار ألح «الشباب» على السيد مغادرة منزله ولكنه رفض مستنداً إلى تجربته في الصمود في قلب الضاحية الجنوبية في اجتياح عام 1982: «كنت ولا أزال أعيش مع المستضعفين ولا أزال»، برر فضل الله لـ«الإخوان».
يعود السيد إلى الأيام التي أمضاها «مع المستضعفين» منذ أن كان «طالباً في العراق وكنت أعيش مع الفلاحين والمزارعين وأدعم حاجاتهم وما إلى ذلك». يمر على «النبعة» حيث عاش «مع الناس» ولم يترك المنطقة «إلا في آخر حالات الخطر»، وصولاً إلى صموده في الضاحية الجنوبية إبان اجتياح 1982»، ومن تلك السيرة كان يريد أن يبقى مع الناس «وبقيت في البيت حتى عندما اقترب الخطر»، ولم يخرج إلا «تحت ضغط الإخوان الذين رفضوا بقائي حرصاً على الحياة».
ليست المرة الأولى التي يدفع فيها السيد ثمن مواقفه وموقعه. هذا لا يشعره بالمأساة، كما كل الناس الذين دفعوا أثمان مواقفهم، بالنسبة له «على الإنسان الذي يحمل قضايا ألأمة أن لا يشعر بالمأساة عندما يدفع ثمن الموقف القوي من هذه القضايا». وعلى الرغم من كل ما دفعه في حياته سواء من «خلال عمليات الاغتيال والتهجير والاضطهاد»، يرى السيد أنه لا يزال «في الساحة» وسيبقى «في الساحة ومع الناس».
هو يرى «بأن المواطنين الذين واجهوا العدوان الإسرائيلي بكل قسوته ووحشيته كانوا أعلى وأقوى وأكثر وطنية من كثير من السياسيين لأنهم وفوا للمقاومة وللوطن ولقضية تحرير الوطن، في الوقت الذي كان الآخرون يتآمرون عليها بطريقة وبأخرى.
المبرات
برز جلياً في الحرب الإسرائيلية الأخيرة (تموز 2006) على لبنان أن إسرائيل عمدت إلى إحداث انهيارات اجتماعية وإنسانية عن طريق ضرب البنى التحتية التربوية والاجتماعية والإنمائية في البلد، وجاء العدوان الإسرائيلي على مؤسسات جمعية المبرات الخيرية في هذا السياق.
ومن مساواته نفسه بالآخرين، تركز همّ السيد ألأساسي بعد العدوان على كيفية ترتيب وضع مؤسسات جمعية المبرات الخيرية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بما اسماه القيمون عليها بـ«العدوان على البِر» متسبباً بخسائر تقارب الثلاثة عشر مليون دولار أميركي.
لم تكن الخسائر هي الهم بقدر مصير ألف وخمسمئة تلميذ من بينهم 650 يتيماً شردتهم إسرائيل بتدمير المؤسسات التي كانت تحتضنهم في كنفها، بالإضافة إلى كل العائلات المستفيدة من رعاية جمعية المبرات، وعليه جرى إعلان مؤسسات المبرات وخصوصاً في الخيام، وبنت جبيل، ومعروب، مؤسسات منكوبة.
وبانتظار تنفيذ الوعود التي أطلقتها بعض الدول والجهات للمساعدة في إعادة بناء المؤسسات المتضررة كان لا بد للمبرات من تأمين مقاعد دراسية لأبنائها، وهكذا كان.
جهزت جمعية المبرات مبنيين تابعين لوزارة التربية في حانين (قضاء بنت جبيل) وفي بلاط (مرجعيون) واستوعبت فيهما تلامذة المنطقتين بالإضافة إلى تجهيز فندق قديم في منطقة كفرجوز في النبطية وتحويل معهد مهني في جويا كان مخصصاً للفتيات إلى مدرسة عادية.
هذا في الجنوب حيث جاء الضرر أكبر من بيروت والبقاع إذ تضررت مؤسسات المبرات بشكل جزئي فكان القرار، بعد وقف إطلاق النار في 14 آب الماضي، بإعادة البناء والترميم على وجه السرعة. وبالفعل جرى الانتهاء من ثمانين في المئة من المؤسسات قبل بدء العام الدراسي، فيما استمرت ألأعمال الخفيفة والطلاب في المدارس، وفق المسؤول الإعلامي في جمعية المبرات الخيرية فاروق رزق.
تعهدت دولة ألإمارات العربية المتحدة ببناء المبرة في معروب، وفق رزق، فيما تبنت قطر مبرتي الخيام وبنت جبيل، وتلقت الجمعية بيوتاً جاهزة من السعودية (بيتان بسعة أربع غرف)، بالإضافة إلى مساعدات مادية وعينية من مواطنين عاديين في لبنان والخارج.
ولكن هذه المساعدات والوعود «لم تغط أكثر من عشرين في المئة من إجمالي إعادة كلفة الإعمار والتشغيل بالنسبة لخسائر الجمعية»، وفق رزق نفسه.
هنا بعض وقائع «العدوان على البِر» والمؤسسات المستهدفة التي أسّسها المرجع الشيعي العلامة السيد محمد حسين فضل الله عام 1978 كمؤسسة ذات منفعة عامة تعمل على احتضان الأيتام الذين كانوا ضحية الحرب الأهلية، وقد توسعت اهتماماتها لتشمل رعاية المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة إضافة إلى الفقراء والمحتاجين وتأمين التعليم الأكاديمي والمهني، وتأمين الطبابة والاستشفاء لأبناء الوطن.
وقد «تخرج من مدارس الجمعية ومعاهدها ومبراتها الآلاف من الطلاب، وتجاوز عدد المستفيدين من خدماتها الإنسانية، والاجتماعية، والتربوية، على مدى سبعة وعشرين عاماً عشرات الآلاف»، وفق القيمين عليها.
ويعتبر مدير عام مؤسسات جمعية المبرات د.محمد باقر فضل الله «أن نكبة مؤسسات الجمعية تجاوزت الحجر والتجهيزات، إلى الأرواح حيث فقدت عدداً من تلامذتها، وأطفالها، وموظفيها، الذين استشهدوا خلال العدوان.
واستشهد ثمانية تلامذة من أبناء المبرات وثلاثة موظفين، فيما جرح تسعة تلامذة وثلاثة موظفين في الوقت الذي دمرت فيه إسرائيل تدميراً كلياً تسعين منزلاً لموظفين في الجمعية، فيما تضرر 186 منزلاً يشكل جزئي بالإضافة إلى حوالى ستمئة منزل لذوي الطلاب اضطرت المؤسسة إلى مراعاتهم في موضوع الأقساط.
ودمرت إسرائيل معظم مؤسسات المبرات في الجنوب بشكل كلي وعلى رأسها مدرسة عيسى بن مريم (الخيام) مبرة النبي إبراهيم (الخيام )، مدرسة الإشراق (بنت جبيل)، مبرة الإمام علي (معروب)، مسجد الإمام علي بن أبي طالب (بنت جبيل)، محطة الأيتام (بنت جبيل)، مستوصف العباس الصحي الثقافي (ياطر)، مركز كشافة جمعية المبرات) بئر العبد ـ بيروت).
ولم تسلم مؤسسات البقاع وبيروت من العدوان الذي طال اثنتي عشرة مؤسسة بشكل جزئي في المحافظتين.