قناة الجزيرة" حمّالة الحطب في جيدها حبل من مَسَد-د. احسان طرابلسي
قناة الجزيرة" حمّالة الحطب في جيدها حبل من مَسَد
السبت 19 يوليو 2003 18:10
د. احسان طرابلسي
هل أدرك الشعب العراقي خطورة سلاح إعلامي حاد وسّام في أيدي اليمين العربي، وفي أيدي الجماعات الأصولية الدينية الاسلاموية، وهو سلاح الإعلام المتمثل بـ”قناة الجزيرة” على وجه الخصوص؟
وهل من حق دولة قطر أن تغطي اعلامياً على وجود أكبر القواعد العسكرية الأمريكية خارج امريكا في قطر، بأن تقوم “قناة الجزيرة” عن طريق تزوير الحقائق التي تجري في العراق أثناء حكم صدام حسين، وبعد زوال حكمه، لكي تُرضي غرور الرعاع العرب، وتخدّرهم، وتعمي بصر الشارع العربي عن كون قطر أصبحت بلداً محتلاً أكثر من العراق، ومؤجَّراً بالكامل لوزارة الدفاع الأمريكية؟
ومن يُعطي هذا الحق لدولة قطر بأن تغطي على عورتها بكشف عورات الآخرين زوراً وبهتاناً؟ وكيف يسكت الشعب العراقي، وتسكت ادارة الحكم المحلي في العراق، ويسكت "مجلس الحكم" العراقي الجديد، ويسكت الشارع العراقي، وتسكت الخارجية الأمريكية على هذا الوباء الإعلامي الفظيع والمدمر الذي ينتشر كل يوم، وعلى مدار الساعة، وفي كل جهات الأرض التي توجد فيها أذنٌ عربية تسمع، وعينٌ عربية تقشع؟
لا حق لدولة قطر أن تترك لـ”قناة الجزيرة” والعاملين فيها، ومعظمهم من فلول حزب البعث، وجماعة الاخوان المسلمين، وينشرون أكبر طاقم اعلامي في العراق في تشويه صورة الوضع في العراق على هذا النحو مما أثار حفيظة أول مجلس للحكم في العراق، واتهمهم الشيخ الجليل محمد بحر العلوم عضو المجلس بأن “قناة الجزيرة” هي (امرأة أبي لهب حمّالة الحطب في جيدها حبل من مَسَد) وقال نصير الجادرجي العضو الآخر في "مجلس الحكم" في العراق إن على “قناة الجزيرة” الكفَّ عن تحريض فلول صدام حسين على اثارة الشغب، وتهديد الاستقرار في العراق.
حاولوا أن تتأملوا معي جيداً وتفكروا جيداً باللغة التي تُصاغ فيها أخبار العراق في “قناة الجزيرة”. وسترون أنها لغة عدائية مسمومة تحريضية لفلول صدام حسين لمزيد من نشر الفوضى، واثارة القلاقل، وتهديد الاستقرار في العراق.
حاولوا أن تستمعوا إلى تقارير مراسيلي "الجزيرة" في العراق، فسترون أنهم لا يغطون غير أعمال العنف وما تُسمّى بـ "المقاومة". وأن لا خبر واحداً ايجابياً عمَّ يجري في العراق. وكأن العراق أصبح فقط قوات أمريكية و"مقاومة" عراقية، وجماعات اسلامية، تنتهز فرصة صلاة الجمعة لكي تهاجم "مجلس الحكم" الذي لم يُتح لها الفرصة لكي تتمثل فيه.
استمعوا إلى لغة الشقاق والنفاق التي تتحدث فيها “قناة الجزيرة” عن العراق وستدركون بأنها قناة جُهزت من أجل خدمة النظام المخلوع، والتي لا تتوانى بتغطية نشاطاته تغطية كاملة من خلال اذاعة خطبه البالية المزورة، ومن خلال بثِّ أخبار فلوله، وما يعيثون في العراق من فساد، ودمار، واشاعة للفوضى.
شاهدوا يا أهل العراق ضيوف الجزيرة من المعلقين السياسيين العراقيين وغير العراقيين الذين تختارهم “قناة الجزيرة” بعناية لكي يطعنوا في مصداقية "مجلس الحكم" هذه الأيام، وعدم استقرار الاوضاع، وضرورة رحيل القوات الأمريكية غداً.
وماذا لو قررت غداً أمريكا - بقرار جنوني - الاستجابة لنداء "الجزيرة" وسحبت قواتها من العراق، وعاد صدام حسين، ماذا سيفعل بالشعب العراق وبـ”قناة الجزيرة” وبقطر وحاكمها الذي أجَّرَ قطر بكاملها للقوات الأمريكية من أجل تحقيق النجاح والنصر في الحرب على العراق، وخلع نظام صدام حسين؟
على الشعب العراقي والإعلام العراقي أن لا يسمح لمكتب الجزيرة بالعمل في العراق إلا إذا اعتدل وتوخى الحقيقة، وهي أن يذكر الايجابيات والسلبيات معاً القائمة على أرض الواقع العراقي، ولا يكتفي بالسلبيات فقط، ممثلةً في عدم وصول الخدمات كاملة إلى معظم الشعب العراقي، والفلتان الأمني، وضيق الشارع العراقي بهذه الأوضاع القائمة، دون أن يقول لنا من هو المتسبب في هذا كله، بل هو يلقي اللوم كل اللوم على قوات التحالف، وليس على فلول صدام حسين.
فهل تريد “قناة الجزيرة” أن تغطي على وجود القوات الأمريكية في قطر بمهاجمة القوات الأمريكية في العراق، ومسح سمعة أمريكا في العالم العربي بالأرض، كما تفعل صباحاً ومساءً، وفي كل حين من خلال الصراع العربي الاسرائيلي، ومن خلال المشكلة العراقية.
وسؤالي الآن لكم يا أهل العراق ما هو مصير قطر والحكم في قطر لو أن هذه التسهيلات العسكرية التي اعطيت لامريكا في قطر كانت بدون وجود “قناة الجزيرة” (المصَدّ) والجدار الاعلامي العالي؟
وما هو موقف الشارع العربي والرأي العام العربي من هذه القواعد التي سهّلت سقوط نظام صدام وزرعت القوات الأمريكية في قلب العالم العربي، كما لم تُزرع من قبل على الاطلاق؟
في ظني لولا “قناة الجزيرة” التي كانت بمثابة المانع والمصَدّ الاعلامي المؤثر للشارع العربي وللرأي العام العربي لزحف الشارع العربي على قصر حاكم قطر وأكل لحمه نيئاً، نتيجة لتأجيره أكبر القواعد العسكرية في تاريخ العالم العربي لأمريكا التي تهاجمها قناة جزيرته كل ساعة. ولكن أمير قطر كان من الذكاء والدهاء بمكان، حيث هيّأ للقواعد الامريكية في قطر قبل سنوات، الحماية والمصدّات الاعلامية التي تقيه من نقمة العالم العربي والإسلامي على هذه القواعد، وكان تكلفة ذلك مائة مليون دولار سنوياً فقط وهي تكلفة “قناة الجزيرة”، في حين أنه أجَّرَ هذه القواعد العسكرية لمدة خمسين سنة، وبمئات الملايين من الدولارات سنوياً.
إنه الذكي الرابح الفالح الناصح!
وهذا هو الجواب على السؤال الحائر لكثيرين من المشاهدين العرب عن:
- ما هي مصلحة قطر في اطلاق قناة فضائية مسمومة على هذا النحو، تعمل على مساندة الديكتاتوريات في مصر واليمن وليبيا والعراق وسوريا، وتتجنب نشر اخطائها ومساوئها أو التعرض لها، بينما لا تتوانى صباحاً ومساءاً عن نقد أنظمة معينة في السعودية والأردن والكويت نقداً سلبياً؟
وما هو سرِّ هذا التناقض العجيب بين وجود أكبر القواعد العسكرية الأمريكية خارج امريكا في قطر، وعن وجود كذلك أكبر قناة فضائية عربية تهاجم امريكا ليلاً نهاراً حقيقة أحياناً، وزوراً وبهتاناً أحياناً كثيرة، وتكون المظلة الاعلامية الواقية والحامية لهذه القواعد العسكرية في الوقت نفسه ضد سخط واحتجاج الشارع العربي على وجودها؟
لقد أصبحت قناة الجزيرة على هذا النحو أخطر عدو للشعب العراقي، كما أنها أصبحت أخطر عدو للديمقراطية في العالم العربي.. تلك الديمقراطية التي تتشدق بها ليل نهار، وتقدمها للرعاع العرب على طريقتها، كالعسل المسموم.
كاتب لبناني
تعليق
لماذا لا يتم تحرك لمنع الجزيرة وغيرها من قنوات عربية بث سمومها من العراق والى العراق. نعم لأيقاف هذه الفضائيات من العمل في الراضي العراقية.