مبادرة صدام بين الرفض والقبول .. وعلى المعارضة أن تبادر
مبادرة صدام بين الرفض والقبول .. وعلى المعارضة أن تبادر
حتى في أحرج اللحظات التي يمر بها الشعب العراقي الممتحن بمحنة ندر نظيرها على مر العصور , والإعصار المرعب القادم الذي سيلف العراق ليحرق الاخضر واليابس فيه ويجعله قاعاً صفصفاً ! حتى هنا والنظام العراقي كعادته يلعب على جراح الشعب باسم الشعب في أسلوبه بالتعاطي مع القرار 1441 من
قبول أو رفض ليبدأ مسرحية سمجة حفظها العالم عن ظهر قلب لتكرارها فها هو المهيب المُهان يطلب من المجلس اللاوطني ليدرس القرار الأخير تحت وصية مسؤول العلاقات الدولية في المجلس برفض القرار انسجاماً وتطلعات الشعب برفض
الهنجهية الأمريكية ثم يبادر رئيس المجلس سعدون حمادي ليرفض القرار ويصفه بسوء النية - وهو كذلك - ويجتمع المجلس ليومين متتاليين لينتج المخاض عن وقوف المجلس خلف القائد ! فلقد اتخذ المجلس اللاوطني قراره برفض القرار
وأعطى القرار النهائي في القبول والرفض للمهيب المُهان ! . ثم ينبري الكسيح عدي ليقدم ورقة عمل للمجلس مطالباً بقبول القرار ! . وهكذا يحبك النظام العراقي مسرحية سخيفة يُراد لها أن تحول الذل والمهانة التي يعيشها النظام الى مكرمة للقائد الضرورة ! .. سوف لا يفاجئنا القائد الذليل في اليوم الأخير من المهلة التي أعطاها مجلس الأمن باعلانه قبول القرار 1441 ضمن بيان رنان أو
ربما اعلان عسكري ليعلل موافقته انسجاماً مع السلام والأمن الدوليين وللتأكيد للعالم بأن القائد رجل سلام يحب الخير ويعمل على درء الحرب ليجنب العالم العواقب الوخيمة من الحروب !! ولا شك سيمجد المجلس اللاوطني حكمة
القائد في التعاطي مع الأزمات ! فيجبروا الناس على مسيرات تأييداً للقائد ووقوفاً خلفه ! لتبدأ حقبة التفتيش عن أسلحة التدمير الشامل التي ستطال حتى غُرف نوم القائد المهيب ! .
العجيب أن نمطاً من المثقفين العرب وحتى من العراقيين ما زال يتصور أن صدام يمكنه أن يسمع نصيحة بالاستقالة والرحيل من العراق ونسى هؤلاء سياسة صدام الشهيرة المتمثلة بالأرض المحروقة فهو يرى أن العراق ملك أبيه الذي لا يعرفه , وهذا الملك ليس سوى الكرسي الذي يجلس عليه وحوله ثلة من المجرمين المرتعدين . ومن هنا سيقبل صدام القرار الأخير لأنه يُدرك أن ذلك يطيل من عمر كرسيه ولو لعدة أشهر . وسيعمل صدام على فتح حوار مع أمريكا من خلال لجان التفتيش ليعطيها ما تشاء للغرض ذاته .. سيؤمن لها النفط العراقي وفق عقود دائمة وسيوقع على مراقبة دائمة لأسلحته وبالتالي سيوافق حتى على قواعد عسكرية أمريكية في العراق , ولا غرابة في ذلك بل أكثر من هذا اذ
من المتوقع جداً أن صدام سيعرض مسرحية الديمقراطية في غضون الاشهر القادمة وسيكون أبطالها دعاة هذا الطرح مثل عبد الأمير الركابي وعبد السلام ابراهيم ناجي وغيرهم . سيعمل صدام على هذه الثغرة واحتمالية النجاح واردة , فهل أعدت المعارضة العراقية برنامجاً يمكنها من العمل المضاد لخطط صدام كهذه ؟ المعارضة العراقية مدعوة اليوم وخاصة فصائلها المؤثرة والضاربة بجذورها بالعمق العراقي مدعوة لأن تسبق الزمن وتجتمع بكل أطيافها وألوانها لتنتخب حكومة منفى وتضاعف عملها داخل العراق لتفوت الفرصة على صدام وأمريكا , وفصائل المعارضة المشاركة في المشروع الأمريكي مدعوة
اليوم وقبل فوات الأوان للانسحاب من ذلك المشروع التخديري ! لقد حان وقت العمل وترميم البيت من الداخل وتثوير الشارع العراقي فالفرصة مواتية فلا تجعلوها تمر مر السحاب دون أن تستمطروها "ليعشب العراق بالمطر ". ليس
هذا من باب التنظير بقدر ماهو أحساس بالقادم من الخطر , الخطر المزدوج المركب من بوش وصدام وكلاهما أقذر من أخيه ! على المعارضة العراقية أخذ زمام المبادرة , المبادرة التي يمسكها بوش بقبضته ويسعى صدام لتحويلها الى بورصة أسهم . والمعارضة كالشعب هو المساهم الخاسر الوحيد في مثل هذه المضاربات ! فعليها أن تأخذ مبادرتها الخاصة بها وتكون بذلك قد عملت بواجبها تجاه شعبها ووطنها وأرضت ضميرها واقتربت ولو خطوة من النصر وما النصر الا من عند الله .