نصر الله: انتهى زمن «الطائفة القائدة» ... ومطلبنا الشراكة
نصر الله: انتهى زمن «الطائفة القائدة» ... ومطلبنا الشراكة
المعتصمون في ساحة رياض الصلح يتابعون عبر شاشة عملاقة كلام نصر الله (عباس سلمان)
«حرب لافتات» بين الحكومة والمعارضة حول مضمون الورقة الاصلاحية الى باريس ـ 3 (عباس سلمان)
أعلن الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ان المعارضة الوطنية اللبنانية ستنتقل في غضون الايام القليلة المقبلة نحو المرحلة الثانية من تحركها الكبير والمتسارع والمتصاعد باتجاه تحقيق نتائج حاسمة للاهداف التي وضعتها منذ اليوم الاول للتحرك، قبل خمسين يوما، ولكن مع ترتيب جديد يضع مطلب الانتخابات النيابية المبكرة في طليعة مطالبها، بعدما أهمل مطلب حكومة الوحدة الوطنية.
وفي موازاة ذلك، قدّم نصر الله مقاربة وطنية وقومية وإسلامية في مواجهة استراتيجية الفتنة التي تسعى من خلالها الادارة الاميركية الى اسقاط مشروع المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، مناشدا الفلسطينيين التسلح بالوحدة الوطنية والعراقيين اعطاء الصراع طابعه الوطني في وجه المحتل الاميركي، داعيا شعوب المنطقة الى اتخاذ مواقف من قضاياهم على اساس الخيارات السياسية وليس الاعتبارات المذهبية، مبديا ثقته بأن الاستراتيجية الأميركية الجديدة القائمة على العضلات سوف تفشل في العراق ولبنان وفلسطين.
وأعلن نصر الله سلسلة رسائل بمضمون إيجابي تجاه الشريك الآخر ابرزها ضمانة عدم وقوع البلاد في الفراغ الدستوري من خلال التعهد بعدم استقالة وزراء المعارضة. كما اطلق اشارات إيجابية باتجاه الوساطة السعودية ومسألة الاستراتيجية الدفاعية والتوازنات الداخلية وصيغة الشراكة الوطنية التي ارسيت في اتفاق الطائف، ولو انه في الجزء الاول من حديثه أخذ على بعض فريق السلطة السياسية انه كان متواطئا في أصل قرار الحرب الاسرائيلية ضد لبنان واستمراره وحتى في مرحلة ما بعد الحرب عندما طلب عدم عودة النازحين بانتظار صدور قرار بوقف النار، متحدثا، وللمرة الاولى، عن مشروع كان يراد فرضه ويقضي بإحداث تغييرات ديموغرافية حاسمة في البنية اللبنانية.
وقدّم نصر الله، في حوار مع الزميل عماد مرمل عبر قناة «المنار»، تقييما لمعاني استقالة رئيس الاركان الاسرائيلي دان حلوتس وكيف سينسحب انتصار المقاومة في «حرب تموز» على مجمل البنية السياسية والعسكرية الاسرائيلية في المرحلة المقبلة.
وأعلن نصر الله ان الوساطات السياسية داخليا لم تنجح حتى الآن في إحداث اي خرق في الحائط المسدود، مؤكدا ان المعارضة لن تكتفي بعد انقضاء مهلة الاعياد بمطلب حكومة الوحدة الوطنية والاولوية اليوم هي لانتخابات نيابية مبكرة «ونحن نقبل بحكومة انتقالية او حكومة وحدة وطنية اولى مهامها اقرار المحكمة الدولية ومن ثم وضع قانون انتخابي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة ثم انتخابات رئاسية، وهذا امر يجب ان تأخذه الوساطات بعين الاعتبار»، وقال «لو قالت كل حكومات العالم بحكومة الوحدة الوطنية استبعد ان تقبل به قيادة المعارضة».
ورداً على سؤال حول الوساطات القائمة اجاب نصر الله انه توجد افكار لم تكتسب بعد الصفة الرسمية، معتبرا ان السفير السعودي عبد العزيز خوجة ينشط بشكل خاص لتقريب وجهات النظر لكن المسائل الجوهرية لم يتم حلها، مشددا على ان المملكة تتصرف حاليا كوسيط ونحن نوافق على دورها الوسيط وعلى دور الوساطة من قبل اية دولة صديقة للبنان.
وأشار نصر الله الى ان زيارة وفد «حزب الله» الى السعودية كانت
ناجحة على صعيد اعادة تجسير العلاقة بين الجانبين. وأكد ان لا بديل عن الشراكة الوطنية وأن «حزب الله» لا يريد ان يكون حزبا قائدا في لبنان او العالم العربي، مضيفا ان شيعة لبنان لا يطمحون ان يكونوا الطائفة القائدة لان تجربة الطائفة القائدة لبنانيا فشلت تاريخيا.
وشدد نصر الله على رفض الحزب نظرية الوزير المحايد في صيغة 19+10+1 وقال ان الوزير الحادي عشر هو عنوان الشراكة الجدية وإلا نكون امام حكومة اللون الواحد، وقال ان الوزير الحادي عشر زائدا الوزراء العشرة هو الذي يمنع الوصاية الخارجية ويحفظ الاستقلال.
وأكد نصر الله ان «حزب الله» قدم الضمانات اللازمة في موضوع عدم استقالة وزراء الثلث الضامن، مشيرا الى ان المشاورات ستنتهي الليلة بين قوى المعارضة وسيصدر بيان اليوم او غدا يعلن عن التحرك الجديد الذي سيكون تحركا هاما ومؤثرا وفعالا وكبيرا جدا، وهو ان لم يوصلنا الى اهدافنا سيقربنا منها مع تأكيد الحفاظ على الضوابط الوطنية العامة.
وأعلن نصر الله ان «حزب الله» متمسك بالطائف والصيغة القائمة حاليا في لبنان طالما يرتضيها اللبنانيون ولا أحد يطرح تغيير الموقع الطائفي لرئاسة الحكومة بل نحن ننادي بالشراكة، وأكد ان المعارضة لديها خصوم لا اعداء.
وفي موضوع المحكمة الدولية، قال نصر الله ان الحزب يريد مناقشة المحكمة ولن يوقع على بياض لان الهدف هو محكمة تكشف القتلة وتحاكمهم وليس محكمة لتصفية الحسابات السياسية في لبنان او المنطقة، مبديا خشيته في ان تكون المحكمة رُتبت ورُكبت لاهداف مختلفة، وهذه مخاوف وهواجس مشروعة وبعض التصريحات الاخيرة تعززها، مشددا على تشكيل محكمة بضمانات الحد الادنى من عدم التسييس وعدم الخضوع لارادة البيت الابيض، سائلا «ما هي الضمانة بألا يستخدم جورج بوش المحكمة لتحقيق انجازات عجز عن تحقيقها بالسياسة والعسكر»، وقال «اذا كانت العدالة اميركية سيحاكم البريء ويبرّأ القاتل»، وشدد على معرفة هوية الدول العشر التي لم تتعاون مع التحقيق الدولي.
وأعلن نصر الله انه عندما تشكل لجنة جدية في اطار المعالجات تناقش الملاحظات وتحال الى حكومة الوحدة الوطنية وترسل بعد ذلك الى مجلس النواب ويوقعها رئيس الجمهورية ثم ترسل الى مجلس الامن، مؤكدا ان الحزب يصر على طرح ملاحظاته عبر الآليات الدستورية مخافة ان تستخدم مذهبيا ضده عبر الطرق الاخرى.
وانتقد نصر الله تقلبات النائب وليد جنبلاط، مكتفيا بالقول ردا على سؤال «اذا كان (جنبلاط) متعهدا بالتعرض لي فأنا لست متعهدا بالتعرض له».
واعتبر ان فريق السلطة كان على وشك الانهيار بعد تظاهرتي الاول والعاشر من كانون الاول الماضي ولكنْ تدخل الاميركيون والعديد من قادة وحكومات العالم من اجل تدعيمه، معتبرا ان مؤتمر باريس 3 يأتي في هذا السياق السياسي، مستدركا بالقول ان الحزب لا يعارض اي مؤتمر لدعم لبنان. وأكد ان التجارب تقول بأن كل الحكام الذين استقووا بالخارج سقطوا. ورأى ان المعركة «هي معركة القرار الوطني الحر، لان القرار في التركيبة الحالية هو قرار ولش وفيلتمان ورايس وأنا اصر على ذلك».
وأكد نصر الله ان المعارضة لم تفشل في تحركها على مدى خمسين يوما، بل وضعت ضوابط التزمت بها منذ اليوم الاول لنزولها الى الشارع، ابرزها عدم دفع البلد الى الحرب الاهلية ورفض أية فتنة مذهبية او طائفية والاصرار على اعتماد الوسائل المدنية والسلمية والديموقراطية، منتقدا في المقابل، استخفاف فريق الاكثرية بالحشود التي نزلت الى الشارع. مشددا على حرص الحزب على عدم تخريب البلد منتقدا طريقة ادارة الفريق الحاكم وكذلك خطابه الذي سعّر الموضوع المذهبي في الشارع وهدد بتخريب البلد.
وأبدى نصر الله ثقته بأن المعارضة ستحقق اهدافها، رافضا التورط في تحديد سقوف زمنية لذلك، مستذكرا كلاما للشيخ نعيم قاسم في العاشر من كانون الاول بأن المواجهة تحتاج الى وقت عبارة عن شهر أو شهرين وربما عشرة شهور، نافيا وجود أية خلافات في المعارضة بل وجود وجهات نظر متعددة معتبرا ذلك علامة صحية ودحضا للقائلين بشمولية المعارضة او ان «حزب الله» يختزلها كما تحاول الاكثرية الترويج في كل خطابها السياسي.
وكشف نصر الله انه جرت محاولات قبل الحرب الاخيرة وبعدها من اجل العودة الى «التحالف الرباعي» وأن «حزب الله» رد جازما بأنه لا عودة لـ«الرباعي» بالمطلق مجددا القول «ان كل من وقفوا الى جانب المقاومة في الحرب لهم دين في رقابنا». وشدد على رفض الحزب لاية تسوية ثنائية على حساب باقي اللبنانيين مؤكدا ان لبنان لا يقوم الا بكل طوائفه الكبرى والصغرى لان التفرد مدمر والثنائيات مدمرة والشراكة هي المطلوبة.
وردا على سؤال قال السيد نصر الله ان الرئيس نبيه بري اكبر من ان يخطفه «حزب الله» الذي لا يخطف احدا معتبرا هذه التصريحات بمثابة استفزاز وإهانة لبري الذي لم يكن ولن يكون كذلك.
وأكد نصر الله ان سلاح «حزب الله» في الحسابات الداخلية خط احمر، معتبرا ان فرضية الاعتداء الاسرائيلي ضد لبنان ما زالت قائمة في التحليل والوقائع ولو اننا لا نرغب بذلك ولكننا نبقى مستعدين لأسوأ الاحتمالات، مشددا على ان قبلة سلاح المقاومة واحدة ولن تتغير.
وقال نصر الله اذا اراد البعض اتهامنا بالتفرد في قرار الحرب والسلم فنحن نؤكد ان لا شريك سورياً او إيرانياً لنا لا بل نحن حاضرون للتوصل الى استراتيجية دفاعية مشتركة وواحدة من خلال مؤسسات الدولة سنلتزم بها وهي الكفيلة بمعالجة قضية التفرد، معتبرا انه اذا تحملت الدولة مسؤوليتها في تحرير الارض والاسرى والدفاع عن لبنان يسقط مبرر المقاومة، وأعلن ان حكومة الوحدة الوطنية سوف تتحول الى مؤتمر دائم للحوار تتفق على استراتيجيات البلد الاساسية ومنها الاستراتيجية الدفاعية ونحن حاضرون للالتزام بها.