اية الله الشيخ البشيري ... سلام على الرحيل الى السماء في اربعينيته
جاسم محمد جعفر
بشير قرية كبيرة في الجنوب الغربي من مدينة كركوك وعلى بعد 8 كم منها والتي يرجع اليها شيخنا الكبير تلك القرية التي تحولت الى قلعة اسلامية شامخة ورفض ابطالها والساكنين فيها كل تصرفات النظام حيث اعتبر النظام البائد هذه القرية شوكة في عينه كما اعترف المنبوذ علي حسن الكيمياوي في اجتماع حزبي إذقال:أعدمنا مئة شخص من قرية بشير كانوا من حزب الدعوة العميل 1 .
وعندما وجد النظام البائد نفسه عاجزا عن زحزحة هذه القلعة الصامدة عبر الاعدامات والاعتقالات امر بتدمير هذه القرية بالكامل وشرّد وهجّر مابقي منها الى اطراف اربيل وحويجة وقسم منها الى اطراف الرمادي وذلك في عام 1983وهذه هي قصة القرية التي ولد فيه سماحة شيخنا الجليل حسين البشيري حيث كان رحمة الله عليه رمزها وشموخها وعزها ...مادمّرت-بضم الدال- قرية بشير إلاانتقاما من سماحته لانها-قرية بشير- امتزج اسمها باسم سماحته00 عندما رأى البعثين انه الجبل الشامخ الذي لا يفل والعالم القائد الذي لا يقهر والمربي الذي ربّي جيلا من الشباب لم يتمكن النظام من القضاء عليهم بالاعدامات فوجهوا سهامهم وطلقات بنادقهم صوب هذا العالم الجليل 000اعتقلوا ابنه محمد-رحمة الله عليه-في مقتبل عمره واعدموه بعد ايام قلائل00 ثم اعتقلوا ابن اخيه الشيخ مهدي واعدموه ايضا بعد ايام ثم ارادوا اعتقاله ولكن وجهاء ومجاهدي المنطقة حثوّه للهجرة فهجر رحمة الله عليه الى سوريا 0
كان الفقيد الراحل من رجالات الحوزة العلمية في النجف الاشرف وقد التحق في صفوفها في مقتبل عمره حيث كان عمره الشريف انذاك 15 سنة00
درس على يد الامام الراحل اية الله العظمى السيد محسن الحكيم (ره)ثم على يد اية الله العظمى السيد ابي القاسم الخوئي (ره) اتم باقي دراسته على يد سماحة اية الله الشهيد محمد باقر الصدر
يرجع التحرك الاسلامي في الوسط التركماني الى ايام تأسيس حزب الدعوة الاسلامية في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات حيث الشهيد الصدر والعلماء ونشاط الحوزةالعلمية 000اول من حمل فكرة التحرك الاسلامي وفكرة حزب الدعوة الاسلامية الى المنطقة سماحة اية الله الشيخ البشيري(ره) لان سماحته كان على ارتباط مباشر مع الشهيد الصدر وبيت اية العظمى السيد الحكيم وعلماء واعيين من المنتمين للعمل الحزبي ولكن المفهوم الحزبي في تلك الايام كان يختلف عما نفهمه اليوم من تنظيم حزب الدعوة الاسلامية000 لان الجو العام لدى الواعين من علماء الحوزة كان جوا دعوتيا وعلى هذا تعامل سماحته مع الحدث بشكل هادئ وطبيعي واثناء تواجده في المنطقة اتصل مع بعض الشخصيات وطرح لهم الفكرة ولكن الاشخاص المنتخبين لمثل هذا العمل لا يتلائمون والحالة الاجتماعية00 لذلك تعثر التحرك انذاك اضافة الى ذلك عدم قناعة سماحة الشيخ المطلقة في تحركه000 كما ان لانسحاب بعض العلماء والايعاز من قبل اية الحكيم بالانسحاب لبعض ابناءه عزز موقف الانسحاب لدى الشيخ02
ولكن بقي سماحته على ارتباط مع الدعاة يشجعهم ويحثهم للعمل 00وحلقة الوصل بينهم وبين السيد الشهيد (ره) الى اخر ايام هجرته الى الخارج0
الوداع أيها الاستاذ العلامة الشيخ البشيري
كتابات - عباس الامامي
العلامة الحاج الشيخ حسين علي البشيري رحمه الله وتغمده الله بواسع رحمته ومغفرته وا سكنه واسع جنّاته مع محمد وآله عليهم ا لسلام . . كان في مقدمة ا لرعيل الاول من شباب ا لتركمان ا لشيعة ا لذين توجهوا للاستفاضة من علوم اهل ا لبيت عليهم ا لسلام في ا لحوزة ا لعلمية في ا لنجف الاشرف وحينما التحق للدراسة ا لدينية في الحوزة ا لعلمية في ا لنجف الاشرف كان عمره لم يتجاوز ال 15 سنة ن وبعد الانتهاء من دراسة ا لمقدمات في ا لمنهج ا لحوزوي للدراسات ا لاسلامية ، تتلمذ على يدي المرجع ا لكبير الامام السيد محسن ا لحكيم (قدس سره الشريف ) ثم على يدي الاستاذ الامام السيد الخوئي (تغمده الله بواسع رحمته ) وعلى يدي المرجع الشهيد الامام محمد باقر الصدر( سلام الله على روحه الشاهدة ) .
و كان ا لعلامة المرحوم الشيخ حسين علي البشيري وكيل الامام السيد ابو القاسم الخوئي والامام الشهيد محمد باقر الصدر اعلى الله مقامهما في منطقة كركوك ، و لا يخفى خدمات هذا العلامة المجاهد الذي كان اسوة حسنة في مقاومة الطغيان البعثي في العراق حيث قدم فلذّة كبده ابنه البار ا لمجاهد ا لبطل الشيخ محمد اسكنه الله فسيح جناته قربانا في سبيل اعلاء كلمة الحق ، ولا أ نسى ليلة اعتقا ل ا لامام ا لشهيد محمد باقر ا لصدر حيث ارتقى ا لفقيد ا لشيخ حسين ا لبشيري ا لمنبرفي ناحية تازه، وكيف كان يبين للمؤمنين خبر اعتقا ل الامام الصدرفي خطبته النارية وفي ابيات شعرية تبين ظلم البعثيين واستهتارهم بابسط حقوق الانسان العراقي وكيف كان دوره الريادي في توجيه المؤمنين بقوافل لبيعة ا لشهيد الامام الصد ر رضوان الله عليه في ايام محنته مع البعثيين ، ولا يخفى دوره المتميز طيلة عشرين عاما ( قبل استحواذ صدام ا لتكريتي لعنه ا لله على كرسي ا لحكم في ا لعراق ) في كركوك والمناطق التركمانية في نشر الثقافة الاسلامية ومحبة اهل بيت العصمة والطهارة في نفوس التركمان وكان السبب المباشر بالتزام كثير من ابناء التركمان طريق الهداية والفلاح ، وكان ا لرابط الحقيقي المباشر بين المجتمع الشيعي التركماني والمرجعية في النجف الاشرف ، وكان دا ئم الحضور في مساجد اخواننا ا لتركمان السنة والقائه المحاضرات في مجالسهم ا لدينية والدعوة للمؤمنين بالوحدة والائتلاف تحت كلمة : لااله الا الله محمد رسول الله ( ص). وبعد سقوط صنم صدام ا لتكريتي لعنه الله في 9 / نيسان /2003 باسبوع دخل ا لعرا ق وزار احبائه وبكى واذرف دموع الحزن لفراق ابنائه واحبته ا للذين قضوا نحبهم على ايدي البعثيين مجرمي التاريخ والبشرية ، ووقف على اطلال مسجد الثقلين (الذي دمره البعثيين اضافة الى اربعة مساجد فيها حقدا منهم لاتباع اهل البيت عليه السلام) في تسعين المجاهدة وا لمضحية بالغالي والنفيس في سبيل رفعة الاسلام وخلاص ا لشعب ا لعراقي من ظلم ا لبعثيين ا لجبابرة لينادي بكل صوته وما اوتي من قوة : يا ايها ا لناس اسمعوا لقد كانت في هذا المكان مدينة تسمى تسعين واليوم لا تسعين ولا اهلها ولا مساجدها ولا شبابها الغيارى حيث غيب المئات منهم في ظلمات سجون القومية العربية البعثية وقتل من قتل منهم بالرصا ص او اعدم شنقا بالموت والمدينة دمرت بالكامل بمكائن البعث وبأسم القومية ، وغادر ليزور موطن ولادته ( قرية بشير ) ولم يتمكن من زيارتها ورؤيتها من جديد بعد فراق 23 سنة من الهجرة لان حكومة حزب البعث ا لعربي الاشتراكي قتل اكثر من 150 شابا من شبابها الملتزم والواعي حتى ا لضرير منهم ا لمعروف ا لحافظ مللا حيدر مع ولده ا لذي كان يوصله للمجالس ليقرأ القرآ ن ومدائح اهل البيت عليهم ا لسلام اسكنهم الله في فسيح جناته ، وهجرت ا هلها وشتتتهم بين ا لرمادي وا لبصرة واربيل ، ولم تكتفي حكومة ا لبعث ا لفاشي بقتل واعدام ابناء قرية بشير وتهجير اهلها من ديارهم وبيوتهم بل قام بتدميرها كاملة عن بكرة ابيها وبنت مجمعا سكنيا بجانبها وجلب اناسا من غرب ا لعرا ق ليسكنوا في ديار ا لمؤمنين ويزرعوا في اراضيهم غصبا وعدوانا ، ليس ذلك كله الا لان هؤلاء الشيعة الابرا ر من مسقط رأس شيخنا البار لدينه حسين البشيري رحمه الله أبوا ان يركنوا للظا لمين وجبابرة ا لتاريخ وا لممسوخين من البشر بل رفعوا جباههم عالية قائلين : اقض ما انت قاض وما تقضي الا الحياة الدنيا ، مرددين شعار امامهم الحسين عليه السلام : هيهات منا الذلّة . فلم يتمكن ا لشيخ ا لعزيز رحمه الله من زيارة موطن ولادته، وبعد زيارة أئمته الابرار علي والحسين وشهداء كربلاء والجوادين عليهم الصلاة والسلام عاد ا لى ديار هجرته ليلملم اهل بيته ليرجع الى احبائه الشيعة التركمان لكن يد ا لقضاء كانت في انتظاره لتخطفه من هذه ا لدنيا حيث ا لنعيم وحور العين لان ا لشيخ البشيري رحمه الله كان له ميزة خاصة في ايمانه وتقواه وسلوكه،وانه كان )((((من تلك الفئة التي وصفها الله سبحانه وتعالى: من المؤمنين رجالا صدقوا ماعاهدوا الله عليه..و كان كأبي ذر الغفاري في مبدئيته وشجاعته.وان رحيله في هذا الوقت اضرمت النار في افئدة ابناءه ومحبيه من التركمان، بل ترك اللوعة في قلب كل من عرفه من قرب، انه غاب جسدا ولكن مناقبياته وروحه الطيبة ستبقى في النفوس الطيبة لانه من فرع تلك الشجرة التي تؤتي اكلها كل حين باذن ربها..ان قيمة الانسان بمقدار ما يترك من اثر طيب، وبمقدار تجاوز الذات والموضوعية في القصد وبمقدار المبدئية والبعد عن منازل الانتهاز..والشجاعة في الدفاع عن الحق.. لقد غاب عنا وغابت معه الكثير من الاسرار***)))) .لقد ابى روح ا لشيخ ا لعزيز الا ان يوقع اجره على خالقه وربه امتثالا للاية ا لمباركة ( ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه ا لموت فقد وقع اجره على الله ) فسلام عليه وعلى ولده الشهيد وهو يأخذ
اجره من الله رب الشهداء والصديقين ...
*** مستقاة من مقال للدكتور م. الموسوي (( سلام على الشيخ البشيري في الخالدين المنشور في كتابات بتاريخ 26/7/2003))
27/7/2003