دعوا العراقيين وشأنهم
أحمد الربعي : كاتب كويتي
نرجو ألا تكون الدعوة الى عقد اجتماع عربي لبحث الوضع في العراق دعوة جدية. فأفضل سيناريو للعراق وللعرب هو ترك العراقيين وشأنهم يقررون ما يشاءون وخاصة ان التجربة العراقية مع العمل العربي المشترك تجربة محزنة.
ليس لدى الدول العربية منفردة او مجتمعة اي اوراق حقيقية للضغط في المسألة العراقية، وأية دعوة عربية لبحث الوضع العراقي ستعني مزيدا من الخلافات العربية ـ العربية، فهناك عرب يزايدون على العراق وعلى غير العراق بالوطنية والقومية، هناك عرب اراضيهم محتلة ويطالبون غيرهم بالمقاومة، وهناك عرب يمارسون ابشع وسائل القمع ضد شعوبهم ويتحدثون عن انعدام الحرية في العراق، وهناك عرب قاموا مع سبق الاصرار والترصد بمنع اية حلول انسانية وسلمية للمسألة العراقية طيلة السنوات الماضية وكانوا يدعمون النظام البائد والآن يتحدثون عن حرية العراق.
هناك دول عربية تمتلك قنوات فضائية تتحدث عن مقتل عدي وقصي باعتبارهما خسارة كبرى، وتصفهما بالشهيدين وأنهما قائدا المقاومة وتريد ان تقنعنا ان شخصين شاذين ارتكبا الجرائم البشعة بحق ابناء وبنات العراق هما بطلان يقودان المقاومة العراقية.
الجامعة العربية التي «اكتشفت» في وقت متأخر جدا حجم المأساة العراقية لن تكون قادرة على ان تفعل شيئا للعراق، ولو كنت مكان الأمين العام لدعوت الى اجتماع لبحث الوحدة الاقتصادية العربية بهدف ربط مصالح هذه الشعوب المغلوبة على امرها، او اجتماع لوضع ميثاق جديد للجامعة وتحويلها الى أداة عربية فاعلة، واذا كان هناك اصرار على بحث مآسي الشعوب العربية فعلى الاقل الاهتمام بالحرب المنسية في السودان وبالمجاعة الحقيقية التي تضرب ذلك البلد العربي.
هناك حفلة مزايدات لفظية تعبر عنها الكثير من الاحزاب العربية التي لم تفعل لشعوبها شيئا والتي تحولت الى مساندة الشعب العراقي بالكلام طبعا ونسيت مآسي شعوبها في اقطارها، وهؤلاء ينسون او يتناسون ان العراقيين لهم عقول ولديهم ذاكرة، وان الذين وقفوا مع قتلة الشعب العراقي ودعموا النظام المقبور بأموال ذلك النظام لا يمكن ان يكون في قلوبهم ذرة رحمة للعراق والعراقيين.
دعوا العراقيين وشأنهم، فأهل بغداد والبصرة والموصل أدرى بشعابها
الشرق الأوسط