دراسةامريكية:السلام في الخليج صعب جدا بدون علاقات اميركية ايرانية
الباحث الستراتيجي جون الترمان يؤكد : السلام في الخليج صعب جدا بدون علاقات اميركية ايرانية
واشنطن – الملف برس
رأت مجموعة الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ان عدو الولايات المتحدة الاميركية في العراق ليس جيشا ، او فكرة ، او سببا، وانما تحالف هش من انصار النظام السابق ورافضي الاحتلال والجهاديين الاسلاميين والميليشيات الطائفية والعملاء الايرانيين.
وشخص تقرير لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية حصلت عليه وكالة ( الملف برس) عدم تماسك جبهه العدو الاميركي ، " وليس لديهم مبدأ مشترك ، باستثناء رغبتهم في انهاء الوجود العسكري الاميركي في العراق"، لافتاً الى ان " معركتهم لن تنتهي بخروجنا – وسيتم خروجنا في يوم ما في الاربع السنوات المقبلة – ولكن بدلا من ذلك ستتحول المعركة الى الداخل اكثر من قبل" .
واذا كان التقرير ينظر الى العنف الطائفي في العراق على انه حربا بالنيابة بين الدول السنية العربية التي تسعى الى احتواء النفوذ الايراني في الشرق الاوسط ، والدولة الايرانية التي تسعى بعناد لاستمرار سيطرتها " الطبيعية " في الخليج والشرق الاوسط معا، فان جون الترمان الباحث في المركز نقل عن قادة الخليج قولهم :" ايران اصبحت شيعية منذ اربعة قرون فقط ، ولكنها فارسية منذ الاف السنين "، وهو ما يعكس خوف هذه الدول، التي دعمت نظام صدام حسين ابان الحرب العراقية الايرانية – الايرانية، من تمدد النفوذ الفارسي اليها عبر(نظرية تصدير الثورة).
وبالرغم من اعتراف واضعي التقرير ان طبيعة الحكومة العراقية هي مشكلة استراتيجية بالنسبة لايران التي تفيض مقابرها بجثث مئات الالاف من الرجال والاطفال الذين ماتوا خلال الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنوات، يرون ان الولايات المتحدة " غيرت التناسب " بعد غزو العراق بدلا من ان تقنع القيادة الايرانية بان النتائج في العراق يمكن ان تطرح تهديدا جديا لحكمها.
ويلفتون الى ان ايران سوف تسعى لتقويض الاهداف الاميركية في العراق، طالما ان الحكومة الايرانية مقتنعة بان الولايات المتحدة تسعى لاستخدام العراق لتقويضها ، ويقولون ان هذا الوضع منفصل تماما عن أي موضوع يتعلق بالبرنامج النووي الايراني ،او انكار المحرقة او النزعات الالفية للرئيس الايراني.
غير ان النزاع في العراق ، مثل معظم الحروب بالوكالة من المحتمل ان تستمر لبعض الوقت ، فان المصادر الخارجية تبقي المعركة عنيفة وتبقي هذا الطرف او ذاك مستنزفا او مدحورا ، ذلك ان كل طرف يسعى الى تحقيق اقصى المكاسب من بدلا من تحقيق نصر واضح .
في الستينات والسبعينات استخدمت واشنطن ايران والسعودية اللتين كانتا حليفتاها في المنطقة كأساس للاستقرار في الخليج ، لكن اعادة ذلك العهد من السلام الاميركي هو اليوم صعب جدا بدون علاقات اميركية ايرانية محكمة لتسهيل ذلك ، فالسلوك الايراني ابعد من ان يساعد استمرار المصالح القومية الايرانية بالمقارنة مع اللغة المتشنجة للرئيس الايراني، على حد وصف التقرير.
ويقدم الباحث الستراتيجي جون الترمان حلولا للوضع الشائك والمعقد الذي وجدت فيه القوات الاميركية نفسها في العراق بالقول: ان العراق مشكلة يجب تدبرها الان بدلا من الانتظار لعدة سنوات مقبلة ، وجزء من هذا التدبر سوف يضمن بان العراق لن يظهر كحاضنة امنة للمجموعات الارهابية، وايضاً لن يصبح دمية بايدي حكام ايران، بالاضافة الى السعي الجاد لاحتواء العنف الطائفي الذي يعصف بالبلاد، من خلال قيادة وتوجيه الحكومة العراقية الى المزيد من الاستقرار الداخلي والذي يمكن ان يكون زيادة انتاج النفط لتمكين الحكومة من الاستجابة لحاجات الناس.
ويعترف واضعو التقرير بتنامي الكراهية لاميركا في المنطقة ، ويقولون " من النادر ان تم حب الولايات المتحدة في هذة المنطقة ، ولكنها كانت تحترم ويخاف منها الاخرون .. والكبوة في العراق كالتأخر في اقامة السلام واعادة الاعمار ، فضيحة ابو غريب وعدم الامكانية في دحر المتمردين الوهميين" كل هذه عوامل ادت الى تقليص مساحة الاحترام والخوف من اميركا في المنطقة.
وبالرغم من انه ليست هناك دولة لوحدها او تحالف من دول تستطيع ان تحل محل الولايات المتحدة في خططها الامنية في الخليج العربي، إلا ان المراقب يمكنه ملاحظة ان دول الخليج التي تعد من حلفاء واشنطن التقليديين لا تفضّل اثارة ايران ، وهم يتخوفون من ان قابلية الردع الاميركية لوحدها غير كافية لحمايتهم، وهو ما يفسر تكثيف الزيارات الرسمية للمسؤوليين في دول الخليج الى طهران خلال الفترة القليلة الماضية.
ومع اعتبار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ان الوجود الأجنبي ، في اشارة الى الاحتلال الاميركي للعراق ، يشكل عائقاً رئيسياً أمام إحلال الأمن في المنطقة، فان دول الخليج ترى ان حمايتها تتطلب المزيد من التوافق الدولي الواسع قبل ان اتخاذ اي تصرف عسكري او حتى مالي ضد ايران ، من خلال زيادة انتاج النفط لمنع طهران من الاستفادة من عائداتها النفطية.
واذا كانت مسألة امن الخليج قضية مطروحة منذ السبعينات كونها تتميز بعاملي النفط والموقع الاستراتيجي، وهي المنطقة الملتهبة والتي شهدت ثلاث حروب مدمرة طوال العقدين، فانها تبدو اليوم اكثر حساسية في اطار ستراتيجية الرئيس بوش الجديدة في العراق التي يريد من خلالها ( انجاز المهمة)، بانجاح النموذج الاميركي في العراق.
وبحسب ستراتيجية الرئيس بوش تركز الولايات المتحدة جهودها في التصدي للنفوذ الإيراني في العراق، ووقف وصول الأسلحة والذخيرة الإيرانية للميليشيات الشيعية التى تمولها وتدعمها.. وأيضا التصدي لطموحات إيران الخاصة وأن تكون مهمة القوات الأميركية في العراق هي ملاحقة ميليشيات جيش المهدي وملاحقة قوات القدس الإيرانية، بالتزامن مع برنامج سياسي واقتصادي تقوم بتنفيذه حكومة المالكي الى جانب الايفاء بالتعهدات التي قطعها للرئيس بوش رئيس الوزراء نوري المالكي بحل الميليشيات وانجاح مشروع المصالحة الوطنية .