خطاب النفاق للهاشمي :تطابق مع المشروع الشيعي ومفردات تعكس نية الترشيح لرئاسةالجمهورية
تطابق مع المشروع الشيعي ومفردات تعكس نية الترشيح لرئاسة الجمهورية
خطاب الهاشمي في ذكرى المولد النبوي يتجنب ذكر الأميركان والأكراد
بغداد-واشنطن-لندن- الملف برس
تجنب خطاب جديد ألقاه الدكتور طارق الهاشمي الإشارة الى الاحتلال الأميركي بالإسم، وتجنـّب ذكر كردستان ومشكلة كركوك، وقانون النفط. وركـّز في مفرداته التي شبّهها مراقبون سياسيون بـ "وعود في لائحة ترشيح انتخابي" على انعدام الخيارات سوى خيار التعايش بين السنة والشيعة، واستبدال ثقافة الثأر والانتقام بثقافة التسامح، وثقافة المذهب بثقافة الإسلام..
وقال لا ينبغي السكوت بعد اليوم على الإرهاب الأعمى بأحزمته الناسفة وسياراته المفخخة وبميليشياته الإرهابية. ووصف المراقبون الأفكار التي طرحها الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي بأنها تحوّل استثنائي لا تفرضه إلا حالتان إما الخوف الشديد على الناس مما قد يحصل مستقبلاً على صعيد الفتنة الطائفية، أو هي خطة باتجاه استباق "الأطراف السنية الأخرى" للمشاركة بعناوين أكبر في الحكومة العراقية المقبلة.
وأكد الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية قوله يجب أن لا نسمح لخلافاتنا المذهبية أن تجعلنا نأكل بعضنا بعضاً وبدون رحمة، وشدّد في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى المولد النبوي لسيد الكائنات(ص) على تحذير العراقيين جميعاً من الفتنة بين السنة والشيعة. وقال إنـّها إذا استمرت، ستنقلب لتصبح فتنة (سنية- سنية) و(شيعية- شيعية) موضحاً أنّ نذورهذا التمزّق تبدو الآن واضحة في المجتمع العراقي.
ووصف محللون ستراتيجون في لندن وواشنطن قول الهاشمي إن "الشعب العراقي يخطو خطواته الأولى في بناء الدولة الحلم حيث الحرية والعدل والمساواة" بأنها تعكس اهتماماً سياسياُ عالياً بالإشادة بتجربة الحكم الجديدة التي أرسى دعائهما الأميركان. وقالوا إنه تحدث في خطابه بمفردات توحي كثيرا بترشيح نفسه مستقبلاً لمنصب رئاسة الجمهورية، فهو وإن تحدث في مناسبة دينية يقدسها جميع العراقيين، وشاب خطابه الكثير من "اللفظ الإنشائي الذي تستدعيه مثل هذه المناسبة العظيمة" فإنّ البعض من فقرات خطابه حملت همّ العراقيين جميعاً، وبدت كما لو أنـها "خطة اقناع" شعبي.
وأظهر الهاشمي مستوى شجاعاً من التنديد بالهجمات الإرهابية، الأمر الذي يعكس طبيعة حديثه عن التفتت الداخلي في بوادر صراع "سني سني" أو "شيعي شيعي" مؤكداً في خطابه أن الوسيلة الناجعة ليس في توازن الرعب بين الشيعة والسنة وانما في توازن السلام والتنافس على الخير. وقال: إن مهر المصالحة بين العراقيين هو في حماية بعضهم البعض من هجمات السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، اذ لا ينبغي السكوت أو التستر بعد اليوم عن هذا الإرهاب الأعمى إياً كانت الجهة أو الجهات التي تقف وراءه، كما يترتب على الطرف الاخر مهر مقابل يحمي اخوانه من عبث الميليشيات وارهابها وقتلها على الهوية.
ولاحظ المحللون المراقبون أنّ الدكتور الهاشمي لم يذكر الأميركان بالإسم واكتفى بإشارة واحدة الى أنّ ما يعيشه العراقيون الان هو " نتاج موروثات سابقة مؤلمة فضلاً عن تدخلات أجنبية وإقليمية فاضحة ادت بالمحصلة ان يحيا العراقيون مشهداً دموياً اليماً لم ينجُ منه او من آثاره احد. وقال إنها محنة قل نظيرها في تاريخ العراق القديم والحديث. فلق سقط منا مئات الالوف من الشهداء والجرحى وهاجرت العراق الملايين من المواطنين الصالحين فضلاً عن قائمة طويلة من المخطوفين والمعتقلين".
وأكد في إطار "مشروعه الإصلاحي" الجديد الذي بدا منافساً لطروحات مشروع رئيس الوزراء نوري المالكي، بالتقائهما في مجمل الطروحات: ألم يأن الأوان لمراجعة موضوعية واعية لما مضى كي ندرك بأننا جميعاً مستهدفون شعبا ووطنا وانتماءاً وبأنه لا خيار أمامنا سوى استعادة التعايش التاريخي الأخوي الذي ميز العراقيين من بين شعوب الأرض، نعم لا خيار أمامنا سوى ان نستبدل ثقافة الثأر والانتقام بثقافة التسامح، وثقافة...وثقافة الطائفة والمذهب بثقافة الإسلام. ان معيار المواطنة العراقية ينبغي ان يكون هو الاساس الذي يجب ان يسود على الجميع.ولم ينس الهاشمي ذكر الأقليات الأخرى، مؤكدا ان العراق لن ينهض من كبوته حتى تتساوى نظرتنا الى جميع مكوّناته الاجتماعية فالمسلم والمسيحي والصابئي واليزيدي... والعربي والكردي والتركماني والكلدوآشوريّ وبقية الأقليات هم عندنا على اساس المواطنة سواء.
وتابع الهاشمي شرح تفاصيل مشروعه الوطني بقوله: إن أمامنا تحديات جسيمة تتمثل في إصلاح سياسي حقيقي يتيح مشاركة صادقة في إدارة الدولة، في اعادة كتابة الدستور، وفي تطوير وتفعيل مشروع المصالحة والحوار الوطني، في تأهيل قواتنا المسلحة الوطنية، في تحديث مؤسسات الدولة وتطبيق مبدأ المواطن المناسب في المكان المناسب، في إيقاف الهدر في المال العام، في ضمان استقلال القضاء، بل في وضع العراق على أعتاب القرن الحادي والعشرين دولة مؤسسات تأخذ بتلابيب الحضارة المادية في تزاوج فريد مع قيمها الروحية الاصيلة.
وقال:ينبغي ان تنصرف الجهود وتتعاون في اطار تحقيق الأمن والاستقرار في العديد من المحافظات المضطربة حيث تتلاشى عندئذ الحاجة الى استمرار وجود القوات الأجنبية على ارض العراق، اذ من الفروض ان تضطلع القوات العراقية المسلحة بدورها في حفظ الامن والنظام . واعترف الهاشمي قائلا: ان العلاقة بين القوات المسلحة والناس ليس كما نتمنى ونشتهي والأسباب معروفة وهذه المسألة تحديدا ينبغي ان تعالج بافضل طريقة ممكنة لاستعادة الثقة المفقودة بين الطرفين. ودعا ابناء الشعب المترددين منهم والمتشككين والذين تعرضوا لظلم لا مبرر له لهذا السبب او ذاك ان يعيدوا النظر بموقفهم من قواتهم المسلحة فلا زال في هذه القوات الكثير من الخير وعلى يديها ومن خلالها لابد ان يتحقق الامل والرجاء.
واستوقف الهاشمي نفسه للتعاطف مع العوائل العراقية التي اضطرت للهجرة في دول الجوار بسبب حالة الانفلات الأمني، ودعاها الى الصبر، ووعدها بتلبية احتياجاتها والسعي لمنع تدول قضية اللاجئين العراقيين. وقال محدداً: لا مجال للحديث عن عراقيين لاجئين بل عراقيين مهجرين، وهذا النداء أوجهه للعالم اجمع الا ينتهز الفرصة ويستثمر مصيبتنا في حرمان العراق من ذوي الكفاءات والمهارات وذوي الشهادات العليا. وقال: إن مسؤوليتنا الاخلاقية تحتم علينا كمسؤولين امام الله وامام شعبنا ان نسعى جميعاً الى ايقاف نزيف الدم والى تفعيل المصالحة الوطنية والى بذل اقصى الجهد لتامين المناطق كي يعود المبعدون والمهجرون والى ايجاد فرص عمل لجميع العاطلين لأن البطالة أصل كل داء وينبغي أن يحظى هذا الملف بالأسبقية الأولى، وتقديمَ الرعاية الكاملة للأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين كلها مشاريع مهمة يجب ان تسرع الحكومة في تهيئة التخصيصات المالية لها وبأسرع ما يمكن. وطالب الهاشمي بحسم ملفات المعتقلين كي يتسنى إطلاق سراح الأبرياء منهم وإعادتهم الى ذويهم وأولادهم. ودعا الى تفعيل فقرة العفو العام التي وردت صريحة واضحة في مشروع المصالح. وقال إنها تضع على الحكومة مسؤولية سياسية وأخلاقية يتطلب الإيفاء بها دون مزيد من التأخير، مؤكداً ان هذا المطلب يسري بالطبع على المعتقلات التي تديرها القوات الاجنبية التي يتوجب عليها الإيفاء بوعودها التي قطعتها علينا قبل تشكيل الحكومة الحالية وكانت واحدة من الوعود التي على أساسها شاركنا في الحكومة.
وحث الدكتور الهاشمي جميع العراقيين الى تفويت الفرصة على الأعداء من دون أنْ يسميهم –ويعتقد المراقبون أنّه يعني الإيرانيين-وقال: احذروا مكرهم ودهاءهم وخبثهم. ان المطلوب تحقيقه من وراء استمرار دوامة العنف هوان يصل الشيعي او السني الى قناعة مفادها ان لا مجال للتعايش مع الآخر،وبالتالي لابد من الافتراق، فهل هذا يرضيكم، واذا افترق الشيعي عن السني، فمن سيكون البديل في أخوة الإسلام. وشدد الهاشمي على كل الجهود ينبغي أن تنصرف الى التعاون في اطار تحقيق الأمن والاستقرار في العديد من المحافظات المضطربة حيث تتلاشى عندئذ الحاجة الى استمرار وجود القوات الأجنبية على ارض العراق. ودعا القوات العراقية المسلحة الى الإضطلاع بدورها في حفظ الامن والنظام .