سرق من متحف بغداد في 2003 ملك الحضر سنطروق الأول في لبنان!
سرق من متحف بغداد في 2003 ملك الحضر سنطروق الأول في لبنان!
رأس الملك سنطروق (علي لمع)
جهينة خالدية
فوق كرسي خشبي، في احد مكاتب السلطات الرسمية اللبنانية المعنية، يقبع تمثال رأس الملك سنطروق الأول (165ـ190م)، وحيداً. (ملك الحُضر الذي انتصر على حصار الروم والساسانيين وقاد شعبه للدفاع عن مدينتهم ومدن العرب في عمق البادية).
يجلس تمثال الملك بشعر أشعث مجعد، وتاج يتوسطه نسر مشرع الجناحين. وبعينين حادتين، رُسمتا بدقة، وذقن ملتحية، وأنف طويل كُسر جزء منه. لا إضاءة صفراء حول التمثال، ولا واجهة عرض زجاجية لامعة تحميه، ولا منصة تحته... فقط كرسي عادي في مكتب.
أربعة أيام مرت على تسلم السلطات المعنية للتمثال الأثري المنحوت الذي يعود الى القرن الثاني بعد الميلاد، المصنف من محتويات متحف بغداد. وفي معلومات خاصة بـ«السفير» مرت عشرة أشهر على التعرف على التمثال خلال مقابلة تلفزيونية مع شخصية لبنانية، ظهرت خلالها مشاهد داخلية للمنزل، ومنها التمثال. عندها تمكن علماء آثار من بعثة ايطالية عملت في منطقة الحُضر، من التعرف على التمثال، وأكدوا أنه عائد الى موقع الآثار في الحضر (العراق)، ومسجل في المتحف العراقي في بغداد، تحت رقم محدد. وبناءً على طلب السلطات المعنية قام مالك التمثال بتسليمه مؤكدا أنه اشتراه عام 1981 بأربعة آلاف ليرة لبنانية.
أما مدير الآثار فريدريك حسيني فآثَرَ لدى اتصال «السفير» به التحفظ على المعلومات، في انتظار استكمال التحقيق والتأكد من عدم وجود تماثيل أخرى مسروقة، ولكن عُلم أن المديرية كشفت على التمثال مصنفة إياه «لرجل ملتح من الحجر الكلسي، يبلغ طوله 46 سم، وعمقه 5.27 سم وعرضه 5.33 سم، وهو يعود للملك سنطروق الأول، وكان معروضاً في المتحف العراقي». وأشارت المعلومات إلى أنه سُرق في نيسان 2003على أثر سقوط بغداد.
وتعمل المديرية الآن على اتخاذ الإجراءات اللازمة بموجب اتفاقية الاونيسكو لحظر ومنع التصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بالطرق غير المشروعة، وقد صادق لبنان على هذه الاتفاقية عام ,1992 وتعمل أيضا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1483 الخاص بالعراق تاريخ 22/5/,2003 تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يفرض على الدول الأعضاء المحافظة على الآثار العراقية واتخاذ الإجراءات كافة الممكنة لإعادة الإرث الثقافي العراقي المفقود منذ تاريخ 6/8/1990 سالماً الى العراق، معتبرة أن تصدير هذه القطعة غير مرخص به. ويتم العمل على الاتصال بالجهات العراقية المختصة والعمل على إعادة التمثال إليها بعد إنهاء التحقيقات، ويرجح أن تحفظ هذه القطعة في مستودعات المتحف الوطني اللبناني حتى إعادتها الى بلد المنشأ.
وكانت «وردت معلومات الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي من الأمانة العامة للأنتربول الدولي عن وجود التمثال الأثري ـ رأس الملك سنطروق الأول (165ـ190 م) في لبنان والمستخرج من موقع الحضر الأثري العراقي، والذي كان معروضاً في المتحف الوطني العراقي، وهو ذو قيمة استثنائية ثقافية وتاريخية، وأحيل الملف الى قسم المباحث الجنائية الخاصة في وحدة الشرطة القضائية، بإمرة العقيد منذر الأيوبي، وتم التأكد بعد سلسلة تحريات من صحة المعطيات التي قام بها أحد ضباط مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية التابع لقسم المباحث الجنائية الخاصة، حيث تم إحضار صاحب التمثال الأثري المدعو هـ ـ ب مواليد ,1958 لبنان، كما تم ضبط التمثال بناءً إلى إشارة المحامي العام التمييزي القاضي ميسر شكر. وتم الاستماع الى الأشخاص الذين لهم علاقة بحيازة التمثال، كما جرى الكشف من قبل خبراء الآثار للتأكد من أنه التمثال الأصلي، وسيتم تسليمه الى المديرية العامة للآثار بناء لإشارة القضاء المختص. والتحريات جارية للتأكد من عدم وجود آثار أخرى وكشف باقي المتورطين».
ومعروف أن الحضر مدينة عربية شيدت بحدود القرنين الثاني والثالث ق.م في البادية بين نهري دجلة والفرات وتبعد اليوم 110 كلم جنوب غربي مدينة الموصل . كانت في البداية مستوطنة لعرب البادية شيدت فيها مواضع لبعض الآلهة حول مجموعة من الآبار وعرفت مملكة الحضر باسم «عربايا»، أي بلاد العرب. وأشهر ملوكها الملك سنطروق الذي لقب بملك الحضر. ازدهرت المدينة لوقوعها على طرق البادية بين العراق والجهات الشرقية والغربية في العالم القديم، وكانت مدينة مدورة اشتهرت بمتانة أسوارها الدفاعية وكذلك معابدها الضخمة المبنية من الحجر والمزينة بالتماثيل الضخمة.