البلدوزرات السعودية تهدم مساجد شيعة القطيف
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335192.jpg
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335310.jpg
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335220.jpg
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335264.jpg
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335280.jpg
http://www.p-7r.com/vb/uploaded/7535_1178335359.jpg
جرافات وهابية في كربلاء.. العوامية
حسين العلق - 30/04/2007م
وسط احتفالية إعلامية واسعة أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء التركي يوم الجمعة 27/4 خبر إلقاء القبض على العديد من الخلايا الإرهابية "التكفيرية" التابعة لتنظيم القاعدة والتي كانت تنوي تنفيذ مخططات تخريبية واسعة، الأمر الذي جدد الحديث بقوة عن "الأمن الفكري" وضرورة "تجفيف المنابع" واجتثاث الفكر التحريضي المتطرف، وبعبارة مقابلة على حد ما نفهم، دعوة للعمل على إشاعة روح التسامح والوسطية الدينية، وهذا بحد ذاته يعد سمة متقدمة في الحرب على الإرهاب الديني العنفي والفكري.. فيما لو نال اهتمام وتنفيذ المعنيين على أمن المجتمع فكريا وماديا على أرض الواقع.
إلا أن الممارسات على الأرض ما انفكت تأتي مخيبة للآمال، دالة على العكس من ذلك تماما، عبر تمظهرات الفكر الذي ما انفكينا نحتفي بالقبض على أتباعه المتطرفين يشق طريقه بالجرافات هذه المرة، وبغطاء أمني واسع، ليسحق قيم التسامح الديني والتنوع المذهبي في المملكة.
ويمكن القول بالمختصر المفيد، أن ما يجري للأماكن التاريخية ذات الطابع الديني في مكة المكرمة والمدينة المنورة مثلا، وما يحدث في المناطق ذات الكثافة السكانية المذهبية من ممارسات بحق الناس، والتي كان آخرها إزالة حسينية ومصلى العيد في ساحة كربلاء بالعوامية في محافظة القطيف بطريقة همجية باستخدام الجرافات، لا ينبئ عن حالة صحية في التعامل مع الشأن الديني عموما، وفي شقه المذهبي تحديدا، فما حدث جر إلى الأذهان -قسرا- صورا لجرافات تقوم بأعمال الهدم في فلسطين المحتلة، صور لا شك ستكون في غاية الإزعاج لـ "سائقي" هذه الجرافات!
ولعل هناك من يجادل، بأن الأمر برمته لا يستحق هذا التهويل، ففي كل بلاد الدنيا تتخذ السلطات إجراءات بحق الأبنية المخالفة، ولذا لا يجب التعامل مع هذه الحوادث بأكثر من ذلك، انتهى. وليسمح لي أصحاب هذا المنطق بالقول؛ إما أنهم لا يشخصون الواقع كما هو، أو أنهم يعيشون خارج الكوكب! إذ لم يكن في عرف العقلاء على الإطلاق التعامل مع الأماكن الدينية بالطريقة التي رأينا، فهناك قدرا من الاحترام المعنوي لمثل هذه الاماكن، اللهم إلا في أماكن نادرة من العالم لا يقام فيها أي وزن يذكر للبشر فضلا عن الحجر، هذا أولا. ثانيا؛ وردا على ذات المنطق الآنف، هلموا دلونا على قانون بلدي واحد ينظم اقامة هذه الأماكن بطريقة منظمة ومشروعة كما هو الحال في أرض الله الواسعة، قبل أن تلوموا من يشيدها أو تحتجزوا القائمين عليها وتغلقوها.. والأفظع قبل أن تهدموها؟
إن ما شهدته ساحة كربلاء يوم السبت يعد علامة سوداء فارقة في تاريخ الأجهزة الإدارية في المنطقة، والتي لم تكن بعيدة كل البعد عن قيم التسامح الديني فحسب، بل كانت على الطرف البعيد كليا عن أدنى سلوك إداري روتيني -ولن أقول حضاريا- يتطلب البحث عن سبل تسوية الأمور بالتي هي أحسن في كل الأحوال، بدلا من اللجوء لأعمال استعراضية ملؤها الاستفزاز والاستخفاف. إن هذه الخطوة الهمجية والتي جاءت في اليوم التالي مباشرة لإعلان القبض على الخلايا الإرهابية، نالت الشئ الكثير من صورة المملكة على الصعيد الحقوقي بالقدر الذي ربما بدد أي نصر معنوي حققته عمليات القضاء على البؤر الإرهابية، لأن الفكر المحرك للارهاب هو صنو لعقلية الملاحقة والاغلاق والهدم لدى الطرف الآخر من المعادلة.
ويبرز في هذا المقام تساؤل هام حول أهداف عملية الهدم وتوقيتها، خصوصا وهي تأتي في معمعة الاحتفاء بانجاز أمني كبير ضد تنظيم القاعدة، أهو استغلال للظرف فيهدم المصلى حتى "يضيع في العجة"، أم هو محاولة لارسال رسالة للمتشددين بأنهم ليسوا هم الوحيدون المعنيون بالملاحقة، أم أن المعنيين هنا ليسوا بوارد هذه الحسابات مطلقا.. "بس هي جات كده".
نعتقد بقوة بأن تأصيل حالة التسامح وقبول التنوع والاعتراف بالتعددية التي شائتها ارادة الخالق، لا يتأتى باختلاق المعارك الوهمية عبر احتجاز شيخ هنا أو فتى هناك لأسباب "قراقوشية" عجيبة غريبة، بدعوى اقتناء صورة زعيم ديني هنا أو فتح أبواب حسينية هناك، وبالعربي الفصيح؛ إن حالة التسامح أبعد ما تكون عن لغة "الجرافات" والإجراءات التعسفية بحق البشر والحجر.
من هنا وقد كثر الكلام محليا عن ضرورة إعادة النظر في جذور الإرهاب، لابد من القول أن بعض أسباب التطرف الديني في هذا البلد يكمن في شيوع الأحادية الفكرية، وانتشار ثقافة إقصاء الآخر، وازدراء المقدسات الدينية لدى البشر، واعتماد المعالجة العنفية إزاء التنوع الديني والثقافي، وهذه المعاني بأجمعها إذا كان هناك من هو أولى باعادة النظر في طريقة تناولها واحترامها فهم "سائقو" الجرافات وشاحنات رفع الأنقاض.. أنقاض التسامح الديني! عدى عن ذلك سيظل الحديث عن الأمن الفكري وتجفيف منابع الارهاب قبض ريح أو حرثا في البحر.