لعراق: هل حان وقت خطة بيكر ـ هاميلتون؟
نشرت جريدة الشرق الاوسط مقالا :
قال الرئيس بوش علنا يوم الخميس الماضي، كلاما ظل مساعدوه يناقشونه في جلساتهم الخاصة لأسابيع. حيث تحدث عن الانتقال إلى «تشكيل مختلف» في العراق بعد اكمال الولايات المتحدة رفع عدد قواتها السريع هناك خلال هذا الصيف. وحينما سئل بإلحاح فيما إذا كان يقصد التحول إلى «الخطة B» البديلة أجاب: «في الحقيقة، أنا أدعوها خطة أوصى بها بيكر ـ هاميلتون، لذلك فأنا أسميها خطة B ـ H».
هل ذلك يعني التزام الخطة التي طرحتها لجنة بيكر ـ هاميلتون وكانت موضع سخرية صحيفة «نيويورك بوست» في ديسمبر الماضي، باعتبارها «خطة قردة مستسلمين»؟ هل هو التقرير نفسه الذي صدر عن لجنة بيكر ـ هاميلتون ثم تم دفنه على يد بوش في يناير الماضي، لكي يتبنى بديلا عنها خطة زيادة القوات بشكل سريع بمقدار 30 ألف جندي في العراق؟
نعم، ويبدو أن الخطة نفسها التي طرحتها لجنة بيكر ـ هاميلتون ستكون سياسة البيت الأبيض المقبلة. ويصر المسؤولون في إدارة بوش على أن الرئيس ظل يدعمها دائما، لكن ذلك التأكيد لا يمكن أن يخدعني. والآن وبعد ستة أشهر على نشرها.. ستة أشهر من السم السياسي الهادف إلى قتل روح التعاون بين الحزبين. مع ذلك فإنه من الأفضل أن يكون الأمر متأخرا على ألا يكون أبدا.
السؤال المهم هو إلى أين يتوجه بوش بخطته B ـ H؟
يبدو أن ما دفع مناقشات البيت الأبيض بما يخص مرحلة ما بعد زيادة القوات الأميركية في العراق، هو الشعور بأن المسار السياسي في واشنطن لا يتماشى مع المسار العسكري في بغداد. فساعة الولايات المتحدة بحاجة إلى الابطاء، بينما ساعة المسار العسكري بحاجة إلى التسريع. وأفضل طريقة لضبط إيقاع الساعتين حسب استنتاج المسؤولين هو تبني سياسة أقل طموحا، ولكنها أكثر جوهرية ـ الساعة الأولى يكون التركيز فيها على تدريب الجيش العراقي والقيام بمهام عسكرية للقوات الخاصة ضد القاعدة، والانفتاح الدبلوماسي على إيران وتخفيض القوات الأميركية. والتسمية المختصرة لهذه الخطة هي خطة بيكر ـ هاميلتون.
وعلى الجبهة السياسية المحلية أدرك مسؤولو البيت الأبيض أن انتصار الأسبوع الماضي في الحصول على موافقة الكونغرس على ميزانية تمويل الحرب، يمكن أن يكون قصير المدى. فالتمويل سينفد في سبتمبر المقبل، وهناك علامات متزايدة على أن الجمهوريين سيشاركون الديمقراطيين في المطالبة بسحب القوات. وقبل تصويت سبتمبر سيقدم الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق، تقريرا عن التقدم المتحقق. ومن غير المتوقع أن يكون بترايوس قادرا على الزعم بتحقق نجاح باهر يؤدي إلى اختفاء انتقادات الكونغرس، وفي أي حالة فإن المسؤولين يتخوفون من وضع كل بيضهم في تلك السلة. الواقع السياسي يتطلب تخفيضا للقوات الأميركية خلال عام 2008، بدلا من جعل الزيادة في عدد القوات مفتوحا باستمرار.
ويبدو البيت الأبيض مع الحوار الدائر، وكأنه يعمل داخل فقاعة. وقال مسؤولون إن العنصر المساعد هو وجود فريق جديد يعمل مع الرئيس حول الملف العراقي.
والسؤال الآن هو ما إذا كانت خطة B ـ H ستعيد كسب الأرضية المشتركة للحزبين. ويرى مسؤولون في إدارة بوش علامات قليلة على تراجع نانسي بيلوسي عن مواقفها لكنهم يتوقعون أن تقوم بذلك. وقال مسؤول: «هل ناسي بيلوسي وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، سيقفان بجانب الرئيس ليقولا: «نحن سعدين جدا لقدرتنا أخيرا على مشاهدة الضوء؟» الجواب هو بالنفي.
وفيما ستتجنب القيادة الديمقراطية، في الأغلب، المشاركة مع الرئيس بوش، فإن مسؤولي البيت يأملون في أن يحقق تبني خطة بيكر ـ هاميلتون بناء تحالف يضم أطراف الوسط. والهدف هو الوصول إلى سياسة تضمن دعما كافيا لجعلها تستمر مع الإدارة الأميركية المقبلة. وأكبر أمل للوصول إلى ذلك، هو من خلال المحادثات الدبلوماسية التي بدأت مع إيران يوم الاثنين الماضي في بغداد. وقالت المصادر إنه خلال الاجتماع الذي استغرق أربع ساعات وصف السفير الأميركي في العراق رايان كروكر ونظيره الإيراني بصياغات متماثلة رغبتهما في نجاح الحكومة العراقية التي تقودها الأحزاب الدينية الشيعية. وأصر كروكر على أن يدعم الإيرانيين هذه الأقوال بالأفعال، عن طريق منع شحن القنابل الفتاكة إلى العراق وتدريب الإسلاميين الشيعة على استخدامها. وإذا اتخذت إيران تلك الخطوة، فإن خطة B ـ H سيكون لها حظوظ في النجاح.
والوقت هو المطلوب: ويبدو أن عباس أراغشي نائب وزير الخارجية الايراني، قد اعترف بذلك حينما قال لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه على الرغم من تفضيله خطة تهدف إلى سحب القوات الأميركية من العراق، لكن «انسحابا فوريا قد يتسبب في ان تسود الفوضى، والحرب الأهلية ويمكن أن يحول العراق إلى دولة فاشلة. لا أحد يطالب بانسحاب فوري للقوات الأجنبية من العراق».
لقد قال لي وليد المعلم وزير الخارجية السوري في ديسمبر الماضي، ان انسحابا سريعا للقوات الأميركية من العراق سيكون «غير أخلاقي». لكن هل يوافق السياسيون الأميركيون؟ سنعرف ذلك خلال هذا الصيف.
* خدمة واشنطن بوست ـ
(خاص بـ«الشرق الأوسط»)