علاوي لجريدة الشرق الاوسط
معد فياض
قبل عام صدرت عن الحكومة العراقية اول الاخبار، التي تتحدث عن انقلاب يخطط له الدكتور اياد علاوي لتغيير الحكومة، وقبل ايام طالعتنا الانباء والحكومة العراقية تتحدث عن ذات الانقلاب الذي لم يتحقق، بينما كان علاوي يقوم بجولة عربية، ومن ثم اوروبية، التقى خلالها الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي.
وبعد صمت اعلامي دام طويلا خص علاوي، رئيس اول حكومة عراقية بعد تغيير نظام صدام حسين، ورئيس القائمة العراقية الوطنية وزعيم حركة الوفاق الوطني العراقي، «الشرق الاوسط» بحديث اتسم وكعادته بالصراحة وتشخيص الامور برؤية رجل الدولة والسياسي المحنك، دار حول الازمة العراقية وعن الاخطاء الاميركية في العراق، مؤكدا عملهم على تشكيل جبهة سياسية، وعلى الاخبار التي تحدثت عن وجود انذار اميركي لتغيير الحكومة الحالية، اذا لم تنفذ الشروط الاميركية. وفي ما يلي نص الحديث:
* لنبدأ بسؤالنا التقليدي والملح حول رؤيتكم للوضع الامني في العراق اليوم؟
ـ الوضع الامني مرتبط بالوضع السياسي، والوضع الامني في حالة فوضى كاملة والبلد ينزلق الى الهاوية.. ليس نحو الهاوية، بل ينزلق اكثر واكثر في عمق الهاوية.. هذا الوضع الامني يقع في جوهره الخطير الوضع السياسي الداخلي في العراق المعتمد على المحاصصة الطائفية والجهوية، وعلى الكيانات المسلحة غير النظامية، سواء تلك التي اخترقت اجهزة الدولة او التي بقيت خارجها. هذا هو الوضع السياسي العراقي الذي ما يزال يعيش دوامة اجتثاث البعث وقوانين الارهاب سيئة الصيت والاعتداءات على المواطنين العراقيين، وحتى على من هم مشاركون في العملية السياسية، هذا كله وبصراحة يلقي بظلاله على العملية الامنية ويؤدي الى تدهورها اكثر واكثر، وبالتأكيد هذا الانحدار بهذا الاتجاه احد اسبابه الرئيسية، المحاصصة الطائفية، وما يكرس هذا الامر هو ابتعاد العراق عن مناخه الطبيعي العربي والاسلامي، وبالتالي وصل البلد الى وضع غير معقول وغير اخلاقي وغير انساني، واعتقد انا شخصيا ان على المسؤولين العراقيين ان يتحملوا مسؤوليتهم، إما بترك مواقعهم او معالجة الازمة العراقية وعلى الفور، واعتقد انه ليس بمقدورهم تحقيق المسألة الثانية لان النظام قام على اساس المحاصصة الطائفية.
* هل تعتقدون ان سوء الاوضاع الامنية والسياسية سببها المحاصصة الطائفية فقط؟
ـ هناك اسباب ونتائج عن هذه المحاصصة. من اسباب المحاصصة هو تدخل بعض دول الجوار، ومن نتائجها هو تدخل دول الجوار اكثر وهذا ما ادخلنا في حلقة مفرغة، حيث تكرس موضوع تغذية هذا التدخل من الخارج ومن الداخل ايضا، من خلال السماح باستمرار هذا الوضع حتى تحولت المسألة الى املاءات من الخارج وبشكل واضح على الوضع الداخلي وبشكل مفضوح. والادلة على ما اقوله بسيطة ولا تحتاج الى تفسير، مثلا نحن كعراقيين حتى الان لا نعرف اي شيء حول الايرانيين الخمسة الذين اعتقلتهم القوات الاميركية في كردستان ولماذا تم اعتقالهم ومن هم، الحكومة العراقية لم توضح اي شيء ولم تتحدث عن اسباب الاعتقال، هؤلاء الايرانيون تم اعتقالهم على الاراضي العراقية ومن حق العراقيين ان يعرفوا الحقائق. المثال الثاني هو عندما تجتمع الادارة الاميركية مع ايران في العراق وعنوان الاجتماع هو المسألة العراقية فقط لا غير، لا سلاح نووي او ذري ولا لبنان او فلسطين، فماذا يعني هذا سوى التدخل الواضح بالشأن العراقي. دعني اكشف لكم انه في مؤتمر شرم الشيخ الثاني، الذي عقد في بداية شهر مايو(ايار) قدمت الحكومة الايرانية ورقة رسمية فيها اشتراطات على ما يجب ان يحدث في العراق او لا يحدث، ومن جملتها اعتراض رسمي ايراني علي بان لا اكون رئيس حكومة، وهذه ورقة حكومية ايرانية موثقة ولا اتحدث عن شائعات او اوهام، الوثيقة لم تحمل اسمي بشكل صريح، لكنها اشارت الى من له جذور في حزب البعث، طيب اليوم هناك اصدقاء لايران، يتسلمون مقاليد الحكم وكانوا في حزب البعث، هذا دليل على التدخل السلبي في الشأن العراقي ونتيجة المحاصصة الطائفية، التي للاسف اعتمدتها حتى الادارة الاميركية، وللاسف ايضا ان الكثير الان من دول المنطقة، ومنها الدول العربية تعتقد ان المصالحة الوطنية في العراق هي المصالحة ما بين العربي والكردي والشيعي والسني، بينما كلنا نعرف انه على مستوى المواطن الاعتيادي لا توجد مشكلة اسمها كردي وعربي او سني وشيعي، هناك بؤر تلتزم بالمحاصصة والنهج الطائفي والجهوي من كافة الاطراف والجهات وهذا الامر اصبح غير مقبول على الاطلاق.
* العراقيون يتحدثون بوضوح عن اخطاء الادارة الاميركية في العراق، ويبدو انها دخلت في نفق لا تبدو نهايته قريبة، كيف تنظرون الى هذه الاخطاء؟
ـ اميركا فعلا دخلت في نفق ليس له نهاية وارتكبت للاسف اخطاء مهمة قبل الحرب وخلالها وبعدها، وهذه الاخطاء قادت الى اخطاء جديدة قاتلة، وانا شخصيا دعوت القادة الاميركيين قبل ستة اشهر الى مراجعة جادة لاستراتيجية حقيقية في عموم المنطقة، وهي استراتيجية بسيطة تقوم على دعم قوى الاعتدال وحل بؤر التوتر، وعلى رأسها العراق ولبنان وفلسطين، وطرحت حلولا في ما يتعلق بالوضع العراقي، وقلت في الرسالة انه آن الاوان لان يعاد التفكير باستراتيجية حقيقية وواقعية تتلاءم مع خصائص المنطقة. منطقتنا اذا ابتليت بهذه المشاكل والشرور فانها (المشاكل) لن تبقى اسيرة المنطقة وانما ستتعداها الى جميع دول العالم.. كما اصبحت اميركا غير قادرة على ايجاد حلول حقيقية للاوضاع، ومن هنا يتعين علينا ان نفكر ببدائل، هذه البدائل مهمة وجاهزة لمساعدة العراقيين وتهيئة الاجواء لاحتواء بؤر التوتر في المنطقة وهذه البدائل شرعية ودولية واقليمية ومنها الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية ودول الجوار العراقي وهذه الدول اصبحت معنية بالوضع وتريد ان تتحرك وتتدخل وتشارك في وضع لمسات مهمة لان يستقيم الوضع في العراق، وفي رأيي انه يجب تشجيع تدخل هذه الاطراف لمساعدة اميركا.
* لماذا يُستبعد الدور الاوروبي من المسألة العراقية وكذلك الدور الصيني والياباني؟
ـ الاتحاد الاوروبي بالتأكيد يجب ان تكون له حصة في مساعدة العراقيين، عندما كنت رئيسا للحكومة اسست لعلاقة جيدة مع الاتحاد الاوروبي، وتشكيل مكاتب ارتباط مع دول الاتحاد، ومن جملة ما تم انجازه تشكيل دورات تدريبية لتطوير مهارات العراقيين في مجالات مهمة وكثيرة، ومنها قيام الحلف الاطلسي بتدريب الجيش والشرطة العراقية، والان بعد التجديد الذي حصل في الخريطة السياسية الاوروبية اعني مجيء رئيس جديد لفرنسا ومستشارة المانيا وتصاعد قوتها ونفوذها ورحيل توني بلير، مع انه صديق شخصي لي، لكنه انساق اكثر وراء التزامات ادت الى هذه النتائج. اوروبا وغيرها ابدت استعدادها للتعاون، انا شخصيا التقيت بمبعوث خاص من رئيس جنوب افريقيا وطلبوا موعدا للقائنا، والان اليابان ايضا طلبت موعدا للقاء بنا وهذه الدول اعربت عن استعدادها لمساعدة العراق سواء من خلال علاقات ثنائية او من خلال المنظمات الدولية. هناك دول كثيرة تريد ان تقدم مساعدتها من اجل استقرار العراق، ومنها ايضا الصين والهند وعلينا ان نوسع رقعة علاقاتنا وان نقحم الامم المتحدة ايضا، ومن دواعي ارتياحي وجدت ان السفير الاميركي السابق في العراق زلماي خليلزاد صار عنده نوع من الادراك للمشاكل العراقية، وهو اليوم ممثل الولايات المتحدة في الامم المتحدة، وصار يدعو المنظمة الدولية لدور اوسع في الشأن العراقي. هذا كله نتيجة تراجع القدرة الاميركية على ادارة الصراع والاشراف عليه.
* التقيتم الاسبوع الماضي الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي في باريس، ماذا دار في هذا اللقاء؟
ـ هناك اليوم مجموعة اوروبية تتكون من فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا تريد وتسعى للتحرك في المحافل الدولية ومناطق التوتر في العالم، وان يتدخلوا بشكل ايجابي لحل هذه التوترات. واعتقد ان هناك نوعا من التفاهم مع دول اقتصادية كبيرة مثل كندا وروسيا واليابان لمساعدة العراق، لان الوضع السلبي ومساوئ ما يحصل في العراق وفلسطين ولبنان وفلسطين والصومال والسودان في المنطقة، بدأ ينعكس سلبيا عليها، والدليل على ذلك هو ان الولايات المتحدة بدأت تتخذ اجراءات احادية الجانب، ومنها الحصار الاقتصادي على السودان، وهذا قرار اميركي فقط وانها وحدها تطبق هذا الحصار، ولهذا صارت دول العالم الاخرى تتجه للعمل من اجل احتواء الازمات، وحلها في المنطقة ومنها العراق، لهذا نحن في القائمة العراقية في نشاط مكثف للقاء سفراء هذه الدول في بغداد، وهيئنا وفودا لزيارة الدول الاوروبية وكندا واليابان وروسيا والمانيا، وتلقينا دعوات رسمية لزيارة روسيا وفرنسا والمانيا واليابان، ولن نستبعد اي دولة مثل الصين وغيرها فنحن في القائمة العراقية اخذنا عل عاتقنا البحث عن كل المخارج والوسائل الممكنة، التي تصب في مصلحة العراق وتعمل على تجاوز المحنة، التي تؤدي بالنتيجة الى استقرار الاوضاع في العراق وفي المنطقة، ولهذا لن نستثني اي دولة من دول المنطقة والعالم، وهذه هي احدى الطرق او الاساليب التي نلجأ اليها كقائمة عراقية وحركة الوفاق، تزامنا مع جهودنا التي نبذلها مع القوى السياسية العراقية في الداخل ومع اشقائنا العرب والمسلمين لمساعدتنا في تجاوز الازمة.
* كنتم في جولة عربية شملت المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر، ما الذي لمستموه وعلى المستوى العملي من اسهام هذه الدول في مساعدة الشعب العراقي؟ ـ بصراحة وبكل وضوح لمست من الاخوة في السعودية ولدى جميع الدول العربية، التي زرتها وبدون استثناء، حزنا حقيقيا واهتماما غير اعتيادي بالمسألة العراقية واستعدادا عاليا لدعم العراق والعراقيين، وما يحتاجه شعبنا، هو الدعم والجهد الحقيقي الذي يصب باتجاه المصالحة الوطنية وبناء القدرات العراقية ورفع الديون وبناء الاجهزة الحكومية القادرة على تحقيق استقرار وبناء العراق، وصولا الى الدعم المادي، وهذا ما تم تأكيده في مؤتمر شرم الشيخ الاخير، وفي ما يسمى بالعهد الدولي الذي يقوم ويشرف عليه الاخ برهم صالح. وجدنا ايضا حرصا غير اعتيادي على مستقبل وسيادة العراق. ولكن للاسف يبدو لي ان الحكومة في العراق او ادارة ما موجود من دولة في العراق لا تتواصل بشكل كامل لا مع الدول العربية ولا مع الاسلامية، بل ان الحكومة صارت تخلق ازمات مع من يحرص على ادامة العلاقات مع الدول العربية والاسلامية، حتى ان من يزور هذه الدول امثالنا ويعمل من اجل خير العراق وادامة العلاقات العربية والاسلامية يتهم بالخيانة وتتهمه الحكومة العراقية بالتآمر. اقول لهم ان هذا هو مناخنا الطبيعي وعمقنا الحقيقي وانتماؤنا الصحيح، لماذا عندما كنا نعمل في المعارضة ضد صدام وكنا نزور الدول العربية والاسلامية وعندنا مقرات في الاردن وسورية والسعودية والامارات لم يقل عنا احد باننا نتآمر؟ أليس الملك فهد، رحمه الله، هو أول أول قائد عربي دعا المعارضة الى اقامة حكومة عراقية على ارض كردستان العراق؟ أليس الشيخ زايد، رحمه الله، هو اول قائد عربي طالب صدام بالتنحي عن السلطة علنا حتى لا يحدث في العراق ما حدث ويحدث اليوم؟ أليست هذه هي الدول العربية التي تستقبل اللاجئين العراقيين وتمد للعراق والعراقيين يد المساعدة؟ واحب ان اذكر مرة اخرى ان متابعة زعيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي وقتله تم بجهود الاردن ودول عربية اخرى.
واذكر ايضا ان اول دولتين عربيتين دعت الاخ (نوري) المالكي رئيس الحكومة العراقية كانتا المملكة العربية السعودية ودولة الامارات وبلغه الاخوة السعوديون والاماراتيون بانهم على استعداد لدعم العراق والشعب العراقي، وانا لعبت دورا اساسيا ومركزيا في توجيه هذه الدعوات ودعوات اخرى للمالكي، وكان معي وقتذاك السفير الاميركي السابق في بغداد زلماي خليلزاد ورتبت هذه الدعوات بطلب من خليلزاد ومن بعض القوى السياسية العراقية وكان يفترض ان تقوم معاهدات في الجوانب الامنية والاقتصادية وغيرها من المجالات بين العراق وهذه الدول، ولكن على العكس من ذلك لم تقم مثل هذه المعاهدات، بل ازداد التعقيد والارهاب وزادت الشتائم من بعض من هم في الحكومة العراقية على الدول العربية وصولا الى اتهام بعض السفارات العربية في بغداد بانها اوكار للارهاب، ومن هنا بدأت محاربتها من خلال ضربها او اختطاف اعضائها، مثلما حدث مع السفير المصري ايهاب شريف، الذي يعتبر واحدا من افضل الدبلوماسيين في الخارجية المصرية، واتهموه بانه كان في طريقه للاجتماع مع الارهابيين.. تصور! لهذا هناك توقف في توجه العراق نحو الجهد العربي. اقول ان من يخرج عن ثوبه لن يبقى له أي شيء، ويبقى بلا هوية والعراق شئنا ام ابينا له هويته العربية والاسلامية وفيه قوميات مشاركة في الحياة والحكم وعلى رأسها القومية الكردية، اذا تنكرنا لهذه لحقائق فكأننا دخلنا عالم الغيب وعلى الحكومة ان تتعامل مع هذا الواقع، لكنها للاسف لم تفعل وهي تمشي في طريق آخر.
* لكنكم كقائمة عراقية جزء من هذه الحكومة وقد هددتم عدة مرات بالانسحاب منها ولم تفعلوا؟
ـ نحن لم نهدد فقط بل كنا بالفعل في طريقنا للخروج من الحكومة، وكان هذا واضحا خلال البيان الاخير، الذي صدر عن الحركة قبل اسبوع. كان هناك رأي كامل من القائمة العراقية للانسحاب من الحكومة، وفي الساعات الاخيرة واجهنا سيلا من الاتصالات من الادارة الاميركية ومن قادة دول عربية وإسلامية نحترمهم يطلبون منا التريث وعدم الانسحاب، لان في ذلك ضررا كبيرا على الوضع الامني والسياسي وطلبوا منا اعطاء فرصة اضافية للحكومة العراقية. الحكومة العراقية من جانبها اعطت وعودا وانا شخصيا ما عدت اصدق وعود الحكومة، فمنذ اكثر من عام تتحدث الحكومة عن المصالحة الوطنية وليس هناك أي بوادر لهذه المصالحة، لهذه الاسباب قررنا التريث هذه المرة لكن مسألة الانسحاب من السلطة التنفيذية ما تزال قائمة من قبل القائمة العراقية، فهناك تهميش متعمد من قبل الحكومة ضد العراقية وتوجهاتها وعلى صعد مختلفة، منها الاغتيالات والاعتقالات والتهديدات والفصل من الوظائف لاعضاء قائمتنا او لانصارها وحرمانهم من ابسط حقوقهم، وبالاضافة الى قائمة طويلة من الشهداء من اعضاء الوفاق الذين تمت تصفيتهم على ايدي ميليشيات واجهزة حكومية، وبالاضافة الى اعداد المعتقلين من الوفاق منذ ما يقرب من عام فان الاعتداءات مستمرة على اعضاء قائمتنا، ومؤخرا تم الاعتداء على عضو مجلس النواب من العراقية الاستاذ عبد اللطيف البدري، وهو بروفسور في كلية الطب ومربي اجيال من الاطباء العراقيين، دخلت اجهزة امنية حكومية الى بيته بعد ان ضربوا حرسه واهانوه وسرقوا ما في بيته من اموال وخربوا اثاثه وخرجوا، والان هو مريض وطلبنا له شقة بسيطة في المنطقة الخضراء كونه وحيدا وليس لديه أي حرس بعد ان ضربوهم وهددوهم لكن الحكومة ترفض منحه ابسط حقوقه، وهو سكن بسيط في المنطقة الخضراء، بينما هناك اشخاص مجهولو الهوية ولا يعملون في الحكومة وتم منحهم قصورا وبيوتا في المنطقة الخضراء، بل هناك من تم منحهم اكثر من قصر وبيت في المنطقة الخضراء، او في مناطق آمنة اخرى. لهذا اقول ان هذه الحكومة ما عادت تمثل حكومة وحدة وطنية، بل هي سلطة تدور في حلقة مفرغة بينما البلد ينزلق الى الهاوية وترفض هذه السلطة الاستماع لمقترحات مني او من غيري، لكنها مستعدة لان تسمعها من اميركا. على سبيل المثال اقترحنا عليهم تحويل موضوع اجتثاث البعث الى القضاء ومحاكمة من اساء للشعب العراقي قضائيا. قالوا: ان ما تطرحه كفر هناك اكثر من مليوني بعثي يجب ان نتخلص منهم. والان الحكومة مضطرة لان تتعامل مع هذا القانون وفق ما كانت قد اقترحته العراقية ولكن كأحد شروط الادارة الاميركية لبقاء هذه الحكومة، لهذا اصبحت مسألة انسحاب العراقية من الحكومة مطروحة بقوة، لكننا لا نريد ان نتسبب فيما يقولونه عن عرقلة الخطة الامنية، التي هي غائبة وغير موجودة والخسائر البشرية اليوم هي اكثر من السابق.
* حسب تجربتكم السياسية هل تعتقدون بأن هذه الحكومة باقية، والى أي مدى؟
ـ باعتقادي ان بقاء الحكومة او تغييرها هي مسؤولية الائتلاف الحاكم، الذي عليه ان ينظر في مسألة تبديل هذه الحكومة، لانها اصبحت عاجزة عن تقديم أي شيء للشعب العراقي، فالان الخدمات تحت الصفر البلد بلا كهرباء وبلا ماء خاصة بغداد، ليست هناك خدمات صحية ولا مستشفيات وقد اضطررنا الى ان نأخذ معونة صحية من دولة الامارات مشكورة لبناء مستشفى في النجف، وقد كلفنا عضو قائمتنا النائب رضوان الكليدار، بأن يعد دراسة عن هذا المستشفى، والان هناك اهالي الكوت والانبار وكربلاء والموصل وغيرها من المحافظات التي هي بحاجة الى مستشفيات، الامن في تدهور دائم، واصبحت العصابات هي التي تحكم بغداد سواء العصابات السياسية او الاجرامية، واصبح المواطن العراقي ما بين مهجر او ضحية التطهير الطائفي، وعلى الائتلاف ان يغير هذه الحكومة وان يجدوا من بينهم رئيس وزراء يصلح ما خرب في البلد، اللهم الا اذا كان الائتلاف راضيا عن هذه الحكومة. المشكلة هي ليس في تغيير شخص ومجيء آخر، وانما تتعلق بنهج كامل وهو المحاصصة الطائفية والجهوية التي ابتلي فيها العراقيون والا ستحل كارثة كبرى للعراق وسيتفتت البلد.
* مر اكثر من عام على صدور اول خبر عن قيامكم بانقلاب لتغيير الحكومة، ما قصة هذا الانقلاب ومتى سيحدث ان كانت هناك فكرة انقلاب؟
ـ باعتقادي ان هناك احتمالات كثيرة، اما ان الحكام في العراق يفكرون بالقيام بانقلاب او ان الحكومة تعيش وهما، لانه من غير المعقول انه بعد سنة من اطلاق شائعة الانقلاب ولم يحدث، فأي انقلاب هذا؟ الموضوع يتعلق بنوايا الحكومة، نحن عندما نسافر ونطلب من العالم دعم العراق والانفتاح عليه، الحكومة تعتبر ذلك تآمرا والاخبار تقول اننا نتآمر على الديمقراطية، فهل مقابلة المسؤولين العرب من اجل العراق هي انقلاب؟ وفي عقل الحكومة انه لا مانع من مقابلة اجهزة استخبارات دولة اجنبية مجاورة، ولكن مقابلاتنا مع مسؤولين في دول عربية واسلامية من اجل القضية العراقية يعد تآمرا بينما جلوسهم مع المخابرات الايرانية وتبادلهم المعلومات الامنية ليس انقلابا. الاخوة في الحكومة مغيبون تماما ويعيشون في وهم كبير. منذ سنة والحكومة تقول هناك انقلاب وارسلوا طائرات فوق بيوتنا وفجروا صواعق فيها، اذا اين هي الديمقراطية وسيادة القانون؟ هذا النهج يذكرنا بالانظمة السابقة التي انتهت وصارت مرفوضة من قبل الجماهير. ماذا نفعل؟ اذا سافرنا اتهمنا بالتآمر، نلتقي مسؤولا عربيا او اسلاميا او غربيا نتهم بالتآمر، نجلس في بيوتنا نتهم بالتآمر، واذا قلنا لا نريد محاصصة طائفية قالو لنا انتم كفرتم وصرتم ضد الديمقراطية، اذن ماذا فعلنا طوال هذه السنين من النضال ضد صدام حسين؟ هذه النتيجة التي نحصدها اليوم ان نطارد ويقتل مناضلونا ويطردون من اعمالهم. تصور عندما كنت رئيسا للحكومة منحت سيارة لاياد جمال الدين وهو مناضل قديم ضد النظام السابق وانا مطلع على تاريخه ولم يكن وقتذاك في قائمتنا او في حركة الوفاق، لكن قائدا سياسيا مثله ليست لديه وظيفة ولا اموال وليس هو لصا ولم يسرق وما عنده سيارة هل هذا معقول، منحته سيارة لكن الحكومة التي جاءت بعدي صادرتها. هناك حرب ضد القائمة العراقية وضد حركة الوفاق وضد اياد علاوي ويعتبروننا نشكل مصدر خطورة.
* باعتقادكم ما هو سبب شعور الحكومة بانكم تشكلون مصدر خطورة عليهم؟
ـ ببساطة لاننا نمثل التيار الوطني المعتدل ولاننا ضد النهج الذي تسير عليه الحكومة وهو المحاصصة الطائفية والجهوية، غدا اذا قررت تغيير نهجي وتحولت الى المحاصصة الطائفية عند ذاك انا لا اشكل أي مصدر خطورة على الحكومة، لكنني سأكون خطرا على النهج الوطني مثلما هم يعتقدون ان تيار النهج الوطني يشكل خطورة عليهم.
* ما هو البديل لهذا الوضع؟
ـ البديل هو النهج وليس الشخص، ان تأتي حكومة لا تؤمن بالمحاصصة الطائفية وتحافظ على وحدة العراق وسيادته وتعيده الى حاضرتيه العربية والاسلامية ويحافظ على العراقي، مهما كان هذا العراقي، شيعيا سنيا مسيحيا كرديا تركمانيا متدينا او غير متدين، وبناء دولة عصرية قوية، هذا هو النهج الصحيح وليس تغيير الاسماء، سواء ذهب المالكي وجاء عادل عبد المهدي او عاد علاوي، الامر يتعلق بالنهج واذا اتبعنا مثل هذا النهج فلماذا نخاف اذن. السؤال الكبير هو هل تستطيع الحكومة الحالية الخروج من ازمة المحاصصة الطائفية والتزاماتها ومن القوانين التخريبية والتجزيئية المدمرة للبلد. هناك ما يسمى بالمجلس السياسي للامن الوطني، الذي اقترحته انا ليضم ممثلين عن القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية لوضع استراتيجية امنية للعراق وفوجئت بأنهم تعاملوا مع هذا المجلس وفق المحاصصة الطائفية وتم توزيع عدد الاعضاء وفق هذا المفهوم لهذا لم اعمل فيه. في هذا المجلس ووفق محاصصتهم الطائفية عضوان عن العراقية وعضو عن مجلس الحوار الذي يتزعمه الاخ صالح المطلك، وفوجئنا مؤخرا بانه تم تشكيل لجنة في المجلس تستبعد العراقية والحوار مع ان لنا 25 مقعدا في البرلمان و11 للحوار.
* دار الحديث عن جبهة سياسية تقودونها لوضع بديل عن الاوضاع السائدة في العراق، الى اين وصلتم في هذه الجبهة؟
ـ لقد شخصنا امورا مهمة في الواقع السياسي، ومن خلال لقاءاتنا مع القوى السياسية العراقية توصلنا الى عدة امور للخروج من المأزق، الاول تشكيل جبهة تنأى بنفسها عن موضوع المحاصصة الطائفية ليؤسس ويبني دولة عراقية وهذه الجبهة تقترن باجراءات عملية تصب بمسألة الامن اولا والامن ثانيا والامن ثالثا، ومعها بناء وحدة المجتمع العراقي من خلال تبني مصالحة وطنية حقيقية، هذا هو تشخيصنا داخليا، خارجيا ان اميركا في حالة انقسام وعلينا مساعدتها حتى تستطيع مساعدتنا وان نجد لها حلولا ومخارج، منها سعينا مع دول المنطقة ودول العالم الاخرى لان تلعب دورا اكبر في المنطقة، النهج الثالث هو ان تتبنى الامم المتحدة دورا اكبر في العراق وفي المنطقة واعادة تركيبة موضوع القوات المتعددة الجنسيات. واعتقد ان الاسابيع القريبة القادمة ستشهد تطورا كبيرا في موضوع اعلان الجبهة، حيث التقينا اطرافا في التوافق وفي الفضيلة وفي التيار الصدري وفي الحوار واشخاصا في الائتلاف والحوار وحزب الدعوة، باتجاه انضاج وجهات نظرنا والاتصالات مع دول العالم.
* يدور في بغداد حديث عن وجود انذار اميركي للحكومة العراقية بتغييرها خلال ثلاثة اشهر اذا لم تحقق الشروط الاميركية، ما مدى صحة هذا الموضوع؟
ـ هذا صحيح وهناك انذار اميركي والموضوع ليس سرا والادارة الاميركية اعلنت عنه وقالت ان الوقت يمضي بسرعة، وخلال فترة بسيطة ذهبت كوندوليزا رايس وزيرة خارجية اميركا وديك تشيني نائب الرئيس الاميركي وروبرت غيتس وزير الدفاع الاميركي وغيرهم من المسؤولين الاميركيين والبريطانيين لافهام الحكومة العراقية بانه لم يعد هناك وقت كاف امام الحكومة العراقية، وقد وضعت الادارة الاميركية 18 شرطا على الحكومة العراقية تحقيقها وبعكس ذلك سيتم تغيير الحكومة. التصريح الاميركي الرسمي يقول صراحة نحن لن ننتظر كما ذكرها الرئيس بوش في خطاباته.
* وهل ستوافق الحكومة على ذلك؟
ـ ماذا امامها ان تفعل ما دامت اعتمدت تماما على القرار والمقترحات الاميركية، ثم ان القوات الاميركية او المتعددة الجنسيات هي التي تحمي اليوم بغداد وتحمي الحكومة فاذا اتخذت الادارة الاميركية قرارها بعدم حماية الحكومة وارادت تغييرها فماذا تستطيع ان تفعل الحكومة وهي غير قادرة على حماية نفسها.
* هل تتوقعون انتخابات مبكرة في العراق؟
ـ استبعد ذلك لان الاوضاع الامنية لا تسمح بذلك.
* هل تتهيأون للعودة الى رئاسة الحكومة؟
ـ الموضوع ليس التهيوء او المنصب أي عاقل اليوم لا يغريه هذا المنصب في ظل الاوضاع الحالية، والموضوع ليس مسألة تغيير شخص مكان آخر بل اعود لاتحدث عن النهج، اذا جيء بأي شخص واستمر نهج المحاصصة الطائفية فماذا سيتغير، يجب الحديث عن النهج، فعندما يتغير عند ذاك سنجد الشخص المناسب للمكان المناسب.