كلمة اليك قبل ان تنتحر

كلمة اليك قبل ان تنتحر

بسم الله الرحمن الرحيم

أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ * فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ

الانتحاريون الفجرة.. وعلى عكس ما يُتصَور.. وقد يتوهم.. من شجاعتهم واقدامهم.. فانهم من اجبن خلق الله واضعفهم... بل ان هذا الضعف والجبن.. هو الذي ورطهم في هذا الفجور الذي يمارسونه.. وانما يغطون ضعفهم ذاك.. بتظاهرهم بالشجاعة..

ان الآية الكريمة التي تلوناها تشير الى حقيقة امثال هؤلاء الضعفاء في انفسهم.. الذين فقدوا ثقتهم في ذاتهم.. ومن قبل في ربهم.. فهم ( لا يعلمون الكتاب الا أماني.. ).. لا يعلمون من كتاب الله الا اماني دخول الجنة.. ونعيمها.. الا انهم لا يجدون في انفسهم القدرة على دفع استحقاقات تلك الجنة التي يريدونها.. يعلمون انهم ضعفاء امام الدنيا وشهواتها وتحدياتها.. ويعلمون انهم في عقيدة مضطربة.. لذلك اختاروا ( او هكذا اختار لهم ائمتهم ائمة الضلالة ).. ما اعتبروه اقصر الطرق واسهلها الى الجنة.. واكثرها ضماناً.. وهو ما زعموه طريق القتل في سبيل الله !!

هم ضعاف مرتين : مرة بجهلهم باحكام الاسلام.. فهم لا يعرفون من الدين الا اماني الجنة.. والسعادة الاخروية.. دون ان يعرفوا الطريق الذي يوصلهم الى ذلك. ومرة.. بضعف نفوسهم التي لا تتحمل التكاليف الاسلامية التي يرونها صعبة.. وسيما انهم في مقتبل اعمارهم في معظمهم.. ويعلمون ضغوط الشهوات.. ويعلمون ما فعلوه معظمهم من موبقات وآثام.. يعلمون انهم ليسوا اهل الصبر عن المعصية.. وبالتالي اهل الفوز بالجنة.. لذلك هربوا من الحياة.. التي هي قاعة الامتحان الالهي.. حيث عليهم ان يعلموا ويجاهدوا انفسهم كل يوم.. ويستجمعوا شجاعتهم لمواجهة الشيطان ووساوسه في كل حين.. هربوا من كل ذلك.. الى ضغطة زر تصوروا او صور لهم اسيادهم من ائمة الضلالة انها ستأخذهم الى الجنة.. وفي احضان الحور..

لقد هربوا من الجنة.. التي طريقها فهم الاسلام.. واحكامه والوعي بقيمه.. وبذل الجهد في اختيار العقيدة الصحيحة سيما وانهم وجدوا ضعف عقيدتهم واضطرابها الواضح.. وهرولوا الى جنة من مخيلاتهم.. ورسموا الطريق اليها باهوائهم.. هربوا بذلك من امتحان الله سبحانه لهم.. والذي قرره لهم في قاعة هذه الدنيا.. وفروا من قاعة الامتحان الالهي.. الى طريق مختصر تصوروه سيؤدي بهم الى نفس ( النجاح ) ولكن عبر لحظة موت مجنونة.

ولا نعلم ما هذه الجنة في اذهانهم.. التي جعل الله – في زعمهم – طريقها عبر الذبح والبشاعات.. وقتل الابرياء والنساء والاطفال.. وترويع الامنين.. والاعتداء على المقدسات.. انهم بذلك يسيئون الى الجنة.. والى خالقها سبحانه.. عندما يكون ثمن جنته هذا الارهاب وهذه البشاعة..

ان الجنة هدية الله سبحانه ورحمته وكرامته لعباده المؤمنين.. وثمنها كريم وواعي وحضاري وسليم.. و ( أمن و سلام ).. قال سبحانه : ادخلوها بسلامٍ آمنين.

اما تلكم الجنة التي تصوروها في اذهانهم وصنعوا لها طريقاً من خرافاتهم.. فانها بشعة.. وطريقها ابشع.. بل هي سقر وجحيمها الذي لا يُبقي ولا يذر.

فيا قاتلنا.. قبل ان تنتحر.. وتأتي لقتلنا... فان لنا حجة عليك بالغة يوم القيامة.. ونوضحها اليك ان لم تكن من مصاديق قوله تعالى : ( ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الاّ كالانعام بل هم اضل سبيلا ).. اذا لم تكن كذلك.. فاعلم انك اداة استخدمك قادتك الساسة وان لبسوا عمائم الدين وتظاهروا بها.. وخدعوك باماني الجنة.. وهم يعلمون ان مصيرك الى النار.. كما هم.. ولكن اعمت اعينهم الدنيا وشهواتها.. فصاروا لا يبالون بما يفعلون فيها.. وقد باعوا الآخرة بالاولى..

نتفهم رغبتك في الجنة.. – على عكس قادتك الذين يئسوا منها كما يئس الكفار من اصحاب القبور -.. ولكن الجنة لا يمكن الوصول اليها عبر الاماني الباطلة.. او الاساليب المخترعة.. بل ان طريق الجنة.. هو الوعي بالاسلام.. والسعي لتصحيح العقيدة واتباع مذهب الحق.. على نهج محمد وآل بيته الطاهرين... والعمل الدائم والمتواصل في الحياة.. واداء الامتحان الالهي الذي كتبه الله عليك بشكل يومي ومتواصل.

قال سبحانه وتعالى : ( واذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم.. ).

ان القرآن الكريم يشير الى ان امر الآخرين بقتل انفسهم لم يصدر الا من نبي مرسل

.. كما امر موسى قومه بذلك..في امتحان خاص بهم.. وتوبة لهم من ذنب الكفر بالله واتباع العجل.. ولا يمكن تعميم مثل هذا الحكم بالاهواء.. وان يُتخذ من قبل كل من هب ودب.. وليس من المعقول ان يصدر مثل هذا الامر من اشخاص عاديين..مهما بدت منزلتهم عندك.. هم في الحقيقة عبيد الدنيا.. وادوات السياسة التي توجههم لمصالح خاصة.. ويستخدمونكِ وامثالك في محرقتهم الشريرة.. لتخسر بذلك الدنيا والآخرة.

( منقول عن موقع اذاعة الهدى الاسلامية ) http://www.al-hodaonline.com/newsart...=tqrir&id=6205.