[align=justify]
الشيعة والدولة
(2)
بقلم :رائد محمد
الشيعه وإنشاء الدولة العراقية الحديثة 1921
بيرسي زخريا كوكس المندوب السامي والحاكم الفعلي للعراق في فترة الاحتلال البريطاني الذي بداء على يد الجنرال مود عام 1917 وهي صفة لها مدلولاتها وأهميتها في الزمن الذي نشط فيه في منطقة الخليج وإيران والعراق،تخرج من الكلية الملكية البريطانية العسكرية في "ساند هرست"، وعين مباشرة بعد تخرجه في الهند منذ عام 1884وحتى عام 1890 مع الحامية البريطانية هناك، ثم حول في نهاية خدمته العسكرية إلى الخدمة السياسية في الهند أيضا، ثم انتقل للعمل في الخليج وإيران خلال الأعوام (1893 - 1914م)، وشغل عدة مناصب. .منح لقب سير عام 1911م كأفضل سياسي في المنطقة، وكان ذلك بسبب خدماته أثناء الحرب العالمية الأولى.ومنذ عام 1918إلى عام 1920 عمل وزيرا مفوضا في إيران, وكان مسئولاً عن الاحتلال البريطاني للعراق، وكان هذا سببا في نقله من منصبه الأخير ليعمل مندوبا سامياً في العراق منذ عام 1920 – 1923 بصفة العراق وقتئذ دولة حديثة تقع تحت الانتداب البريطاني استنادا لقرار المجلس الأعلى للحلفاء.
يمكن اعتبار هذا الرجل هو المؤسس الحقيقي لدولة العراق الحديثة وهو من السياسيين البارزين والمحنكين خلال سيرته القصيرة التي أوردناها في خدمة التاج البريطاني لذا كان لزاما عليه أن يحفظ المصالح البريطانية في المنطقة والعراق وهذا الأمر انسحب على أن هذه الدولة الجديدة يجب أن تكون تابعة لهذا التاج في تكوينها السياسي والاقتصادي والمجتمعي كواقع مفروض خاصة في عصر الاستعمار العسكري الذي كان سائداً في ذلك الحين وان التجاءه إلى عبد الرحمن النقيب ليكون أول رئيس لوزراء العراق والالتجاء إلى الأقلية السنية في العراق التي تكون19% من سكان العراق (حسن العلوي في كتابه "الشيعة والدولة القومية في العراق" أنه وطبقاً للإحصاء الذي نظمته بريطانيا عام 1919 كان العرب الشيعة يشكلون 55% من مجموع سكان العراق، بالمقابل كان السنة يقدرون بـ 19% فقط) ، هذا في حين يرى (عبد الكريم ألأزري في كتابه "مشكلة الحكم في العراق" أن الشيعة كانوا عام 1947 يقدرون بـ 59,5% من السكان بمقابل 19,7% من العرب السنة )وهذا كان نتيجة طبيعية لما سبق من أحداث ثورة العشرين التي قادها زعماء قبائل وعلماء الدين الشيعة واتسع نطاقها لتشمل المدن والحواضر العراقية مثل النجف وكربلاء والسماوة وقطعت طرق المواصلات التي تعتمد عليها القوات البريطانية، البرية منها والنهرية وكذلك سكة الحديد حتى استشرت مجاعة بين البريطانيين وهذا الأمر قد أدى بشكل كبير إلى انسحاب القوات البريطانية المحتلة وهذا هو جزء من عملية اخذ الثار من المسبب الأكبر في فقدان بريطانيا توازنها في العراق وكذلك جعلهم خارج اللعبة السياسية وجعلها بيد الأقلية لضمان المصالح البريطانية اللاحقة.
هذا اللا توازن بين الاغلبيه الشيعية ومصالح بريطانيا جعل المحتلين يفكرون في محاولة أبعاد الشيعة ورجالاتهم من استلام مقاليد الحكم أو التواجد في المناصب الحساسة التي تؤثر على مصادر القرار ألا ماندر وفي فترات متباعدة وعند الحاجة أليهم وكان من أهم نتائج هذا التضييق إلى أن يهاجر معظم رجالات الدين والمراجع الذين كانو يقودون الشارع الشيعي إلى إيران وحتى السماح لعودتهم في العام 1924 إلى العراق والتشديد من قبل الحكومة البريطانية الموكلة من قبل الحكومة العراقية المرتبطة كليا بها على إجبارهم تقديمهم تعهد خطي بعدم التدخل بالأمور السياسية بالعراق كشرط أساسي لهذه العودة هذا الأمر يمكن اعتباره سلاح ذو حدين فيه جانب ايجابي وجانب أخر سلبي ..
- الجانب الايجابي الأول : هو أبقاء الحوزة العلمية داخل العراق واستعادة فاعليتها الدينية باعتبار النجف الاشرف هي حاضرة التشيع العالمي وهذا أمر ايجابي
- والأمر الثاني السلبي :هو الإقرار بابتعاد القيادات الدينية المعنوية الفاعلة عن الجماهير من قيادتها وعزل الشارع السياسي الشيعي عن قياداته وهذا الأمر السلبي الذي اضعف كثيرا قوة الموقف الشيعي داخل الدولة مما حدا بالبريطانيين أن يهيئوا لهذا الأمر بشكل كبير من خلال ممارسة سياسة الاستيطان للعنصر البشري الغير مسلم لأحداث خلل في التركيبة السكانية في الجنوب العراقي الذي يتميز بشيعيته ، ويتوضح ذلك من خلال قراءة لما كتبة المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي عن تاريخ العراق الحديث وقد صدر الكتاب بطبعته الأولى (2000) عن مؤسسة الوعي الإسلامي بيروت ((فالغزو البريطاني للعراق عام 1918 كان يهدف إلى تغيير بنية المجتمع العراقي عبر توطين الملايين من الهنود السيخ في المناطق الجنوبية من العراق، إضافة إلى مسخ الهوية الإسلامية للشعب العراقي وربطه بعجلة الثقافة الغربية إلا أن تلك الوسيلة قد فشلت نتيجة للتصدي الذي قامت به الحوزة العلمية بقيادتها الدينية المتمثلة بالإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي والذي يعد رائد التحرير في العراق. واستطاعت أن تفشل تلك المخططات)).
هذا أن دل فإنما يدل على أن السياسة البريطانية كانت تحاول بإصرار وتتعمد أن طمس ثقافة أهل الجنوب والفرات الأوسط الذين يمثلون الثقل النوعي لهم ولثقافة الانتماء إلى فكر التشيع من خلال تمرير عدة مشاريع من هذا النوع لأحداث هذا الأمر ولجعل حالة من حالات التوازن السكاني وخاصة أن وجود هذا الفارق السكاني الشاسع في عدد السنة إلى الشيعة ,هذا الأمر الخطير لم يكن سهلا وممكنا بل يتطلب من القوة البريطانية العسكرية أن تفرض سياسة الأمر الواقع في المركز بغداد وجعل العملية تدور وفق سياسة التهميش والإقصاء لضمان تنفيذ سياستها في الإخلال بالتركيبة السكانية التي اشرنا أليها باعتبار المركز هو الذي يصدر القرار وعلى الآخرين التنفيذ وهو المنهج التي تتخذه الدولة المركزية في العراق وكذلك تعيين قيادات سنيه في رأس الهرم السلطوي وتعيين ضباط قادة الجيش من ألسنه لأخذ زمام المبادرة العسكرية التي كانت تغلب على الحياة السياسية آنذاك وهذا المنطلق لم يكن ولم يتحرك ألا بعد أن وجدو أن في الطائفة الشيعية الميل الحقيقي إلى الذود عن أراضيهم وديارهم وتأثير الخط الجهادي المتمثل بالمرجعية الشريفة وعم القبول بأنصاف الحلول أو القفز إلى الأمام لتخطي مشاكل تبقى مشاكل مزمنة يتفجر تشظيها في أي لحظة فكانت هذه المرجعية في مدينه النجف هي المحرك الأساسي لجميع الثورات التي حدثت في العراق وبطبيعة الحال كان الشيعة امتداد وتواصل مع مرجعيتهم باعتبار الاعتبار الروحاني والتقدير العالي الذي يكنه الشيعي لمرجعيته وقد كان التحرك التاريخي من قبل رجالات الدين الشيعة قد بداء في عام 1917 بتشكيل جمعية النهضة الإسلامية كان في طليعتهم الشيخ محمد جواد الجزائري والسيد محمد علي بحر العلوم ، واتخذت الجمعية من تحرير العراق هدفا مرحليا له, وتأسست في كربلاء الجمعية الإسلامية بزعامة الشيخ محمد رضا محمد تقي الشيرازي ابن المرجعية الشيرازية وضمت في عضويتها العديد من علماء الدين مثل السيد هبة الدين الشهرستاني.
وكان هدف الجمعية رفض الاحتلال البريطاني والمطالبة بالاستقلال واختيار ملك مسلم. وتأسس الحزب النجفي السري في عام 1918 الذي ضم عددا كبيرا من علماء الدين والشخصيات الاجتماعية المعروفة و زعماء العشائر العراقية، منهم الشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ محمد جواد الجزائري والشيخ جواد الجواهري , الشيخ محمد باقر الشبيبي والشيخ محمد رضا الشبيبي وغيرهم. وقد حظي هذا الحزب بتأييد مراجع الدين. وانصب نشاط الحزب على توفير مستلزمات الثورة المسلحة ضد القوات البريطانية.
http://www.s7rup.com/up/get-10-2007-...m_qv2et8z6.jpg
صورة ( نادرة) لكبار علماء النجف الاشرف وهم في طريقهم الى سوح الجهاد ضد الانجليز ، ويبدو فيهم السيد محمد علي بحر العلوم ، والشيخ محمد جواد الجزائري ، و الشيخ عبد الكريم الجزائري ، والسيد هبة الدين الشهرستاني، وغيرهم من كبار العلماء والمجاهدين.
هذه الأمور بمجملها كانت المحفز الأساس للانكليز لكي يجدو في الكثير من رجالات الشيعة البارزين غير متوائمين مع الفكر الاستعماري البريطاني مما حدا بهم إلى اتخاذ نهج تطبيق سياسة الإقصاء التي أضرت بالشيعة كثيرا وجعلتهم خارج دائرة القرار والحكم من خلال دولة محكومه بالأقلية ومهمشة للأكثرية.
[/align]