السعوديون يهدفون لدحر النفوذ الايراني في المنطقة
السعوديون يهدفون لدحر النفوذ الايراني في المنطقة
مقابلة مع غريغوري غوس الثالث، الاستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة فيرموت والخبير في الشرق الاوسط اجراها برنارد كورتسمان المحرر الاستشاري في مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة .
16 مارس/آذار 2007
س: تبدو السعودية دبلوماسياً نشطة جداً في هذه الأيام. لقد التقى الملك عبد الله مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. ولدى السعودية تحالفات غير رسمية مع الدول ذات الأغلبية السنية في المنطقة، حتى أنهم (السعوديين) كانوا قد التقوا وكما ورد مع بعض الإسرائيليين. ما الذي يحدث هنا؟
ج ـ السعوديون يلعبون لعبة حساسة ومتوازنة، فأنهم من جانب يريدون احتواء النفوذ الإيراني. فهم لحد الآن لم يأدوا الشيء الكثير في العراق ، ولكنهم بالتأكيد في محيط النفوذ الإيراني فأنهم يحاولون صد هذا النفوذ.
ومن الجانب الآخر فأنهم لا يريدون مواجهة مفتوحة مع إيران. وهم يتذكرون عقد الثمانينات عندما وبخهم آية الله الخميني واستمرت الحرب العراقية ـ الإيرانية، وفي حينها لم تكن فترة مريحة بالنسبة لهم، السعوديون يلعبون لعبة دقيقة ومتوازنة القوى.
فهم يدعون الإيرانيين الى السعودية ويجرون محادثات معهم ويحاولون أن يعقدوا معهم صفقات من المحتمل أن تكون في لبنان ولكنهم في نفس الوقت وبطريقة قائمة على الغش يحاولون الحد من النفوذ الإيراني في الأماكن التي يبدو فيها الإيرانيين قد أصبحوا أقوى.
س: هل هذا منفصل عن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في مجلس الأمن لتعليق البرنامج النووي الإيراني ؟
ج ـ إنه موازي له. ولا يتمكن السعوديون من عمل شيء حيال البرنامج النووي الإيراني ما عدا الإشارة الى أنهم في حالة أصبحت إيران دولة نووية، فإنهم أيضاً سوف يكونون كذلك. وقد أشاروا الى ذلك , بيد أنهم ومن الممكن أن يحاولوا تحييد وصد النفوذ الإيراني وبالخصوص في بعض السياقات العربية مثلاً في لبنان أو بين الفلسطينيين وقليلاً في العراق هذه الأيام.
أن تقدمهم نحو إيران هو موازي لجهود الولايات المتحدة ولكنه ليس هو نفسه بالضبط.
ان السعوديون أكثر تردداً من العديد من المسؤلين في واشنطن لمواجهة إيران بصورة مباشرة .
س: في لبنان، تبدو السعودية أكثر هدوءاً في الفترة الأخيرة. فحزب الله يهدد بأسقاط الحكومة، فهل تعتقد بأن محادثات السعوديين مع الإيرانيين ساعدت في تهدئتها؟
ج: إنه من الواضح بأن شيء ما يجري في لبنان، وهناك محادثات الآن ما بين قوات المعارضة والحكومة يقوم بها حزب الله وفي الواقع يبدو أنه يؤدي الى نوع من الحل وكما يبدو في الأفق , لأن سوريا قد اشتركت به وواحدة من هذه القضايا الرئيسية بالطبع هو المحكمة الدولية على مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري إضافة الى بعض الشخصيات اللبنانية الأخرى، والسوريون هم ضد ذلك لأنه من المحتمل بان يؤدي ذلك الى الإشارة الى بعض المسؤولين في الحكومة السورية، ولكن السعوديون يعملون بجد من أجل ذلك لأنهم إذا استطاعوا أن يكونوا من المحيطين لمركز القوة في لبنان فأنا ذلك سوف يؤدي الى تقليل النفوذ الإيراني في لبنان، وفي هذه الحالة سوف يعمل حزب الله ومن خلال السعودية للتعامل مع الحكومة وهذا من شأنه أن يقلل من فرص بعض أنواع الانفجارات في لبنان التي من الممكن أن تنتشر وربما تسحب الإسرائيليين كما حدث في الصيف الماضي.
س: وبمناسبة الحديث عن الإسرائيليين، هل أن خطة السلام السعودية التي قدمت بعد أحداث 11 سبتمبر من قبل الملك عبد الله الذي كان في حينها ولياً للعهد والتي كانت تدعو الى العودة الى حدود ما قبل حرب 1967. كما ان والإسرائيليين وبدفع من الولايات المتحدة قد اظهروا بعض الاهتمام بذلك وسوف يتم المصادقة عليها مرة أخرى في اجتماع الجامعة العربية.
ج: نعم سوف يتم طرحها في قمة الجامعة العربية التي سوف تعقد في الرياض الأسبوع القادم، ولكن لا أعتقد بأنها سوف تكون شيء ذا أهمية بالغة ، وأعتقد بأنهم سوف يعيدون تأكيد دعمهم لخطة السلام .
وكما تعرف فإن تفاصيل تلك الخطة لم تتوضح بعد. أنهم تراجعوا خطوة من النقطة التي كانت فيها حكومة باراك وعرفات عام 2000 وبداية عام 2001 ولا أعتقد بأنها سوف تكون أساس لأي حركة في عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية.
س: لقد توسط السعوديون لعقد اجتماع ما بين حركة حماس وفتح الأمر الذي أدى وعلى ما يبدو الى تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، هل هذا في رأيك صفقة كبيرة للسعوديين؟
ج: بالتأكيد أنها صفقة كبيرة للسعوديين ولكن فيما يتعلق بإيران يكون أكثر ما يتعلق بعملية السلام.
إنّ حماس تعتمد بصورة كبيرة على إيران سياسياً ومالياً، ويحاول السعوديون أن يعيدوا حماس الى حظيرتهم كما كانت سابقاً، لذا فإن الهدف الأكبر بالنسبة للسعوديين هو إبعاد إيران حتى ولو كان الثمن لذلك هو صفقة حماس ـ فتح والتي لا يرغب بها الإسرائيليون والأمريكان ولا تدفع حقاً عملية السلام.ولقد قص الإيرانيون اجنحتهم.
ويمكن للمرأ أن يرى الحكومة الفلسطينية الجديدة ويقول بأن الفلسطينيين لا يقبلون صراحة بحق إسرائيل بالوجود، وبالتالي فإن الغرب وإسرائيل سوف لن يتعاملوا معهم ويجب ان لا يفعلوا ذلك وهذا على ما يبدو موقف الأمريكان والإسرائيليين.
ويمكن للمرء أن ينظر الى أعضاء الحكومة الفلسطينية: وزير الخارجية الجديد زياد أو عمر، وزير المالية الجديد سلام فياض وكلاهما معتدلين وعملوا في مؤسسات غربية وبلدان غربية من قبل.
س: هل لديكم معلومات عن عقد اجتماعات ما بين السعوديين والإسرائيليين؟
ج: ليس عندي أي معلومات عن هذه الاجتماعات ولا يساورني أدنى شك بحدوثها.
س: وماذا بخصوص الأمير بندر السفير السابق لدى الولايات المتحدة؟
ج: نعم، وسوف لن تكون المرة الأولى التي يجتمع بها مع مسؤولين إسرائيليين.
ولقد كان صريح بصورة رائعة عندما كان في واشنطن حول محاولته لتسهيل اتصالات ما بين الجالية اليهودية الأمريكية والمسؤولين السعوديين.وبسبب خوف السعودية من نفوذ الإيرانيين فإن الأمريكان يحاولون أن يجدوا جبهة أقليمية وما يناسب ذلك هو النشاط السعودي الجديد في لبنان لأن الإسرائيليين وكما هو واضح مهتمين جداً بما يدور في لبنان، والفلسطينيين أيضاً.
س: كيف تصف السعوديون على مجمل العلاقات الأمريكية ـ السعودية؟
ج: أنهم جيدون، وبالتأكيد فأن أزمة 11 سبتمبر قد تم تجاوزها، وهناك تعاون على الجبهة الأمنية وعلى الحرب على الإرهاب، ولكن من المحتمل ان لا يكون ذلك مرغوباً بالنسبة للعديد من الشعب الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بقضايا التمويل لأن الأموال الخاصة التي كان تخرج من السعودية كانت تمول بعض المجاميع الإرهابية سواء في العراق أو أعضاء في القاعدة.
إنّ الولايات المتحدة ترغب بدور أكثر فعالية للسعوديين هناك ويوجد تعاون في هذا المجال وهناك اتفاق عام فيما بينهم في محاولتهم لتحجيم النفوذ الإيراني. ولكن هناك اختلافات في وجهات النظر وهذا واضح في القضية الفلسطينية، فبالنسبة للسعوديين فأنهم بالأساس يعتبرون أنفسهم العرابين للحكومة الفلسطينية الجديدة.وهناك اختلافات في الرأي حول كيفية التعامل مع الإيرانيين في نهاية الطريق.
ويخشى السعوديين من المواجهة المباشرة لأنهم يخافون بأنهم سوف يكونون وحيدين في خط الجبهة عندما ينتقم الإيرانيين، في حين أن الأمريكان من المحتمل جداً أن يفكروا بالمواجهة مع إيران.
ولكن العلاقة ما بين الولايات المتحدة والعربية السعودية ليست سيئة جداً في هذا الوقت.
إنّ منظمة أوبك لم تقطع الأنتاج، لذا يقول السعوديون: (سوف نبقي على الأنتاج كما هو). وهم يستطيعون أن يبقوا أسعار النفط على معدل خمسون دولار للبرميل بدل من سبعين.
س: بالنسبة للدور السعودي في العراق، هل أن السعوديون لهم تأثير على السنّة في العراق؟
ج: أنا مصدوم تماماً حول الدور السلبي للسعودية في الجبهة العراقية منذ اندلاع الحرب هناك. لقد وقعوا فعلاً في مأزق. فهم لا يرغبون من جانب بالطريقة التي تسير فيها الأمور، لانهم لا يرغبون بزيادة النفوذ الشيعي في العراق ولا يرغبون بالنفوذ الإيراني في العراق.
ومن جانب آخر فإنهم لا يرغبون بدعم الناس الذين يقاتلون الأمريكان، لأن ذلك سيلحق اضراراً جسيمة مع شريكهم الرئيسي في الأمن وهو الولايات المتحدة، بالإضافة الى أنه لديهم مشاكل مع تنظيم القاعدة في السعودية. إنهم حذرين بصورة أكبر من ذي قبل عندما كان الأمريكان والسعوديون يمولون المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفيتي.
إنّ الحكومة السعودية مرتابة كثيراً من المعارضة السلفية الجهادية السنّية في العراق. وبدون شك فهناك مصادر خاصة في العربية السعودية تمول التمرد العراقي وبطبيعة الحال فإن بعض السعوديين متورطين في التجنيد لهذا التمرد والقتال ضد الولايات المتحدة.
ولكن الحكومة كانت سلبية كثيراً. والآن فإن ذلك لا يعني بأنه ليس لديهم تأثير على بعض الشخصيات العراقية. فهم بدون شك لديهم اتصالات مع شخصيات عشائرية من المحتمل أن تكون سنّية وشيعية ولكنها على الأرجح سنّية، ولكن ذلك يبدو بأن ذلك مشابه لما يقومون به من تأثير في لبنان أو على الفلسطينيين.
س: أنا أخمن بأن التطورات الأخيرة والتي تضمنت في مقالتك عن الشؤون الخارجية قبل عدة سنوات والتي قلت فيها بأن السياسة الأمريكية بخصوص الترويج للديمقراطية في المنطقة ليست بالضرورة شيء جيد .
ج: في الحقيقة لقد تراجعت الإدارة الأمريكية كثيراً عن الترويج للديمقراطية ، ولازلت تسمع هذا الكلام ولكني لا أرى أي تطبيق عملي على مصر أو الأردن أو العربية السعودية. ففي مصر نرى بعض الأرتدادات من البيئة السياسية الأكثر انفتاحاً للانتخابات المصرية في عام 2005، وفي الأردن نرى ابتعاد مطرد وثابت عن الحريات السياسية، وفي السعودية لا نرى أي حركة منذ الانتخابات البلدية، ولا نسمع أي أحد في الإدارة الأمريكية يتحدث عن هذا الموضوع.
طبع باذن من مجلس العلاقات الخارجية
http://alhramain. com/text/ tarjama/176. htm