وجوب مخالفة العامي لفتوى المراجع في بعض المسائل
وجوب مخالفةالعامي لفتوى المراجع في بعض المسائل
المشهور لدى مراجع الدين
- كما هو مدون الرسائل العملية_ على العامي بوجوب التقليد .. وذهب بعض قدماء الامامية الى حرمة التقليد واجبوا على العامي النظر و الاستدلال .يعني ان التقليد كان محرما لدى بعض العلماء في العهود السابقة !! وقد قال العلماء ان مسألة التقليد ليست تقليدية .. بل تحتاج الى اجتهاد من قبل المكلف او احتياطه .. و وجوب التقليد يوجب عقلي يؤخذ بحكم العقل بضرورة رجوع الجاهل الى العالم .
و على هذا لا نجد احدا من مقدسي المراجع المتزمتين منطلقين من الوجوب العقلي في مسألة التقليد و لو سألت المتعصب عن سبب تقليده لقال لك بأن المرجع اوجب ذلك.
لو تيقن العامي و المكلف و المثقف بأن فتوى العالم الفلاني ليست صحيحة .. مثل فتوى بعضهم بعدم حرمة التطبير و رأى انها اسفاف و بعد عن الحق و طعن في الشريعة من قبل اصحابها انفسهم انطلاقا من مبدأ الخوف من العوام و تحاشي الاصطدام مع عاداتهم فما هو موقفه في مثل هذه الحالة .. هل يأخذ العامي بعلمه الوجداني و بأستنباطه الخاص للحكم في مسألة كهذه ام يلغي عقله و يأخذ برأي المرجع
حسب تقريرات بحث الخارج للسيد الخوئي فأن على العامي ان يأخذ برأيه و لا يجوز له ان يعول على رِأي المجتهد .. و سأنقل عبارة الخوئي بكاملها لنرد على هؤلاء الذين كلما حدثتهم عن مشكلة في فتوى قالوا "ذبهه بركبة عالم و اطلع منها سالم " ليتضح انه ليس كل ما نرميه برقبة العالم يمنحنا السلامة بل قد نكون مخالفين بذلك لاوامر العالم نفسه
جاء في التنقيح في شرح العروة الوثقى :
فأن العامي في رجوعه الى فتوى غير الاعلم استند الى ما قطع بحجيته و هو فتوى غير الاعلم و لا يجب على المكلف غير العمل على طبق ما قطع باعتباره , و قد فرضنا ان فتوى غير الاعلم مما قامت على حجيته فتوى الاعلم المعلومة حجيتها ... نعم اذا فرضنا ان العامي يتمكن من الاستنباط في تلك المسألة و ادى نظره الى عدم جواز تقليد غير الاعلم و ان افتى الاعلم بجوازه لم يجز له الرجوع الى غير الاعلم بفتوى الاعلم بالجواز.
يعني ان هناك رأيان : رأي المرجع الاعلم بجواز تقليد غير الاعلم .. و رأي العامي بعدم جواز تقليد غير الاعلم .. على العامي هنا حسب ما يرى الخوئي ان يأخذ برأيه و يضرب برأي المرجع عرض الجدار . وهذا هو عين العقل و فيه تم اعطاء العقل مكانته المحترمة اللائقة .. و على نفس هذا الموقف الايجابي الرصين من العامي سار العديد من العلماء و المراجع .
لذلك وددت التنبيه الى ان يكف المقلدون المتعصبون من الاستنكار على اي واحد اظهر نظرا مخالفا لبعض الفتاوى .. فهو امر مسموح به كما هو واضح في المسألة اعلاه و التي توضح ان للعامي ان يأخذ برأيه اذا كان متمكنا من الاستنباط في اي مسألة و لا يجوز ان يرجع فيها للفقيه .
كما ان الفقهاء اتفقوا على ان لا حاجة للتقليد في القطعيات و الضروريات و اليقينيات و المسائل البينة الواضحة و المسلمات كأكثر المستحبات و المباحات فقد جاء في العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي :( في الضروريات لا حاجة الى التقليد كوجوب
الصلاة و الصوم و نحوهما . و كذا في اليقينيات اذا حصل له اليقين ) و مثالا على هذا مذهب الكثيرين من اهل الفطرة السليمة و رؤيتهم البديهية الفطرية لممارسة بشعة مريعة فضيعة كالتطبير و ما يماثلها من افعال رعناء تتعمد اسالة الدماء بلا اي داع و من التسفيه للعلم ان يقال ان هذا بمثابة جلد للذات !! وماذا يعرف الطفل و المراهق و المولعون بأرتكاب الافعال الغريبة النابية عن الذوق و السوقيون عن جلد الذات من غير ان ننكر انه ربما وجد من يمارس هذه البشاعة انطلاقا من الشعور بالذنب و استحكام عقدة التقصير في نفسه القاصرة , لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود كما يعبر الفقهاء .. اليقين الحاصل بأن هذه الممارسة عادة و ليست عبادة ,و عدم ورودها في كتاب او سنة , و انها لا تذكر الانسان بالحسين و ليس هناك اي ربط بين الحسين العظيم و الجهلاء السفهاء الذين يمارسون هذا الفعل .. و على هذا يجب ان يأخذ الانسان الملتزم بيقينه و ما يمليه عليه ضميره و علمه الوجداني و الحكم القطعي المستمد من خلال معرفته التاريخية بأهل البيت و اهدافهم و لا يصغي لرأي العالم الذي قد يفتي بشيء خلاف الشرع و العقل انطلاقا من خضوعه لانفعال حاد و اضطراب شديد او انه انطلق بدوافع الخوف و الرجاء وهذا هو ما ذكره السيد الشيرازي_و ياللعجب _ في "شورى الفقهاء" و نقل عنه الدكتور يحيى محمد _ احد طلبة السيد الشهيد الصدر الاول_ فنقرا له :( كما جاء عن الشيرازي اعتباره ان من الواضح حكم العقل بعدم جواز اتباع المرجع فيما لو علم المقلد خطأه . و ذلك لأنه لا يقلده الا لأنه يراد منه ادراك الواقع , فلو علم المقلد انه لم يدرك الواقع و قطع بذلك لما جاز له ان يقلده , بل حتى لو كان علمه لا على سبيل القطع و انما على سبيل الظن النوعي فرأى ان المرجع مخطئ و مخالف للحكم الواقعي , كأن يفتي و هو في حالة اضطراب شديد مثلا ففي هذه الحالة يحرم على المقلد ان يأخذ بفتواه ).
و قال يحيى محمد في كتاب " الاجتهاد و التقليد و الاتباع و النظر" بل ان عددا من العلماء يسلمون بأمكانية استقلال عقل العامي و اتباع نظره و من ثم مخالفة غيره من اهل الاجتهاد بمن فيهم الاعلم , كما هو الحال مع الاخوند الخراساني الذي رأى ان العامي يمكن ان يتفق له ان يكون خبيرا في بعض الموارد عالما بالادلة و بصيرا في المدرك غير مقلد , وهو لهذا لا يحكم عليه بالتقليد فيما ادى اليه نظره , ومن ذلك ان له ان يرجع الى المفضول في التقليد و مخالفة الاعلم ان استقل بعقله و رأى جواز ذلك. كذلك فأن الشيخ الاصفهاني اعتبر ان المقلد قد يتفق له ان يقف على مدارك الخلاف بين العلماء فيترجح في نظره فتوى البعض دون البعض الاخر فيكون بذلك غير مقلد كما انه اقر بأن العامي لو علم بطلان ما افتى به المفتي فأنه لا يقلده في ذلك و عليه مراجعة غيره .كما نجد لدى بعض المعاصرين كالشيخ المنتظري تصريحا بعدم جواز تقليد العامي بكل ما يلا يرى اطمئنانا في حكم المجتهد , و قد سبق ان عرفنا انه لا يعد ذلك من التقليد .فهو يقول : ((في الحقيقة العمل انما يكون بالوثوق الذي هو علم عادي تسكن به النفس لا بالتقليد و التعبد . واما اذا لم يحصل الوثوق في مورد خاص لجهة من الجهات فالعمل به تعبدا مشكل)). و قال ايضا : (( و أما ما قد يرى من بعض العوام من التعبد المحض بفتوى المجتهد مطلقا من دون الالتفات الى انه يطابق الواقع ام لا , بل و ان التفتوا الى ذلك و شكوا في مطابقته له, فلعله من جهة ما لقنوا كثيرا بأن تكليف العامي ليس الا العمل بفتوى المجتهد , و ان ما افتى به المفتي فهو حكم الله في حقه مطلقا . و الظاهر ان هذه الجملة تكون من بقايا القاءات المصوبة و ان ترددت على السنتنا ايضا )).
قال الشيخ محمد تقي بهجت في توضيح المسائل ( من المعلوم لكل احد ان دين الاسلام الحنيف يشتمل على عقيدة و شريعة . اما مسائل العقيدة فلا يجوز التقليد فيها , و اما الشريعة فهي تتضمن احكاما و تشريعات مختلفة و في مجالات متنوعة . و بعض هذه الاحكام يعرفه المكلف بالضرورة , لوضوحه و بداهته في دين الاسلام , كوجوب الصلاة و صيام شهر رمضان , او يتيقن به و ان لم يكن ضروريا , فلا يحتاج الى التقليد في مثله ) و على هذا درجت الرسائل العملية للمراجع في اعتبار اليقين كافيا في العمل دون الحاجة الى فتوى من المجتهد .. و امامك الرسائل العملية و راجعها لتعرف صدق ما اقول.
نعم ,ان الفقهاء اتفقوا على ان الضروريات و اليقينيات و القطعيات و المسائل البينة قليلة , لكن الرائع في فتواهم المشتركة هذه انهم جوزوا ان يعتمد المرء على يقينه في هذه المسائل القليلة التي يحصل للعامي فضلا عن المثقف علم قطعي و يقين بالحكم الشرعي .. سواء استند في يقينه الى ما يعرفه عن دينه الحنيف بالبداهة او كان يقينه مستندا الى اصول انسانية عامة يعلم بالضرورة ان الاسلام متوافق معها تماما.وكذلك فأن الفقهاء لم يعطوا المجال اكثر لأولئك الذين ما انفكوا يقرعون اسماعنا بأن عقل العامي قاصر ( كان احد العابثين يجيب : انا عقلي تايد و ليس قاصر ) و ان الرد على المراجع رد على الله سبحانه, الى غيرها من الافكار التي يتداولها الناس بشكل غوغائي على طريقة الببغاء , ملقن الببغاء فيها هم اكثر الخلق استهانة بعقول العوام اذ يرونها غير جديرة بتعلم الحكم الشرعي الصحيح , فألقوا اليهم ان المرجع على يرد عليه مستحدث الدين او من لم يكن على نفس مستواه العلمي و قالوا ان المرجع لا يرد عليه الا مرجع مثله , و ان لحم العلماء مر !! و ان المرجع الديني اتعب نفسه لعقود من الزمن في التحصيل العلمي و ليس من المعقول ان يكون للعامي رأي قبال رأي المرجع , لكن و كما ترى فيما نقلنا عن كبار المذهب الشيعي و اساطينه , فأنهم لم يعترفوا بأعتراضات العوام على عقول انفسهم !! وقد رأينا ان كل الفقهاء قدموا اليقين على التقليد و الاجتهاد و الاحتياط كطريق لأمتثال للتكليف الشرعي .
فلو وجدت فتوى تناقض الاخلاق العامة .. او تهدم بنيان الدين , فلا مناص من وجوب النأي عنها و تبصير الناس بخطأ الفتوى و المفتي ... و تبيان ضرر هذه الفتاوى و امثالها و هي قليلة و لله الحمد.
و ينبغي التذكير ان الطعن فى الفقيه لا يعني الطعن فيه شخصيا كما يتصور الجاهلون الذين اغلقوا عقولهم و تصوروا ان رأي المرجع و شخصه شيء واحد . بل زادوا على ذلك بأن اعتبروا ان الراد على المرجع انما يرد على الله. و قد عرفت من النقولات و الفتاوى المنقولة عن المراجع المختلفين في مشاربهم و توجهاتهم اتفاقهم على اعطاء العقل قيمته المثلى , هي عين القيمة التي قرأناها في القرأن الكريم , و السنة المطهرة , و الروايات الواردة عن اهل البيت عليهم السلام , و قد ورد عن الامام علي ما مضمونه ( ان الله بعث الانبياء لهداية الناس بأن يستثيروا فيهم دفائن العقول. و جاء عنه بأن لله حجة ظاهرة و حجة باطنة .. اما الحجة الظاهرة فالنبي .. و الحجة الباطنة هي العقل , وليت شعري اين نلقي الاحاديث المتواترة حول فضل العقل و ضرورة استعماله اذا كان