الاكراد يبعثون برسالة لشيعة العراق (كركوك مقابل حياة الشيعة فيها)
معهد المشروع الأميركي بواشنطن:جرائم استبداد وإرهاب ترتكبها قيادة كردستان وأكراد عراقيون كثيرون يتهمون واشنطن بالتواطؤ معها
ممرات (سرية) للبيشمركه تؤمّن دخول (أنصار السنة) عبر إيران بشرط عدم تنفيذ هجمات في كردستان
شؤون سياسية - 19/01/2008
واشنطن-الملف برس:
أزال الخبير السياسي الأميركي (مايكل روبن) بعض الأغطية عن أسرار عدم "تجاسر" بعض التنظيمات الإرهابية على تنفيذ جرائم انتحارية في كردستان. وقال إن القوات الأميركية اكتشفت منذ وقت ليس قصيراً، ممرات سرية لميليشيات البيشمركه تؤمّن دخول عناصر منظمة "أنصار السنة" عبر إيران بشرط عدم تنفيذ أعمال إرهابية في محافظات كردستان الثلاث. ولم يشمل الاتفاق "كركوك" ولذلك تشهد – حالها حال المدن العراقية العربية الأخرى- عمليات قتل واغتيال وتفجيرات انتحارية.
وبسبب صمت الأميركان حيال مظاهر القسوة والاضطهاد والإفقار والإهمال والتمييز تتصاعد بين الأكراد نغمة اتهامهم بالتواطؤ مع القيادات الكردية، وهي حالة "خيبة أمل" أصيب بها الشعب الكردي خاصة بعد عملية غزو العراق سقوط نظام الرئيس السابق (صدام حسين) طبقاً لما يقوله (روبن).
(11)
تزايد "نزعة كره الأميركي" في كردستان
ليست كردستان العراق – برأي معهد المشروع الأميركي - "منارة للديمقراطية" كما يدّعي ممثلوها السياسيون، لكن أصحاب التيار الواقعي في مؤسسة رسم السياسات الخارجية في واشنطن لا يجدون أنّ ذلك يؤثر على مصالح الولايات المتحدة، إضافة الى أن الإقليم الكردي مستمر بولائه للأميركان.
ويصف (مايكل روبن) الخبير الأميركي في شؤون الشرق الأوسط هذه الحسابات بأنها قصيرة النظر، لأن الحكومة الأميركية تقدم الأموال للقيادات الكردية، بينما "ينظر الشعب الكردي الى سلوك قيادته السيء وهي تحت المظلة الأميركية. وهذا يصعّد خيبة الأمل ذلك لأن الأكراد يعزون تعسف قادتهم الى أنه مظهر من مظاهر المصالح الأميركية.
وفي سنة 2006 على سبيل المثال –طبقاً لرواية الخبير- طلبت الحكومة الأميركية مكاناً شاغراً لمكاتبها في السليمانية، لكنها رأت (جلال الطالباني) يطرد كلية التكنولوجيا من دون أن يشعر إدارتها مما تسبّب في إغضاب ناس كثيرين. ويتهم المواطنون الأكراد المسؤولين الأميركيين أيضا بالتواطؤ في إهمال عمليات تعذيب.
وأكد الخبير الأميركي التزايد السريع للنزعة المضادة للأميركان في أوساط الأكراد، داعياً الى تداركها ومحاولة اتخاذ اجراءات لتصحيح الأخطاء. وقال: ما لم نفعل ذلك فإن النتائج ستكون سلبية جداً، وستخفض فرص نجاح الإستراتيجية الأميركية.
وأوضح قائلاً: ربما "سيغفر" الاستراتيجيون ذلك، إذا ما ظهرت قيادة أكراد العراق بمظهر من يحسن مراعاة مصالح أميركا الإقليمية!. ولسوء الحظ –حسب تعبير الخبير- فإنهم لا يحسنون ذلك في الوقت الحاضر.
وفي حساب الخبير أنّ دور كردستان كان مهما سنة 2003، عندما كانت موقعاً لتجمع القوات الأميركية وأجهزتها المخابراتية والاستخبارية في جنوب أربيل لملء الفراغ المتسبب عن انهيار الجيش العراقي، لكن سلوكيات القيادة الكردية فيما بعد تركت أسئلة كثيرة وكبيرة بشأن مسألة الاعتماد على كردستان كحليف للولايات المتحدة.
(12)
فضيحة تهريب إرهابيين الى الموصل
وخلال الأسبوع الأول من شهر تموز سنة 2003 كانت إحدى الوحدات العسكرية الأميركية تقوم بواجبات الدورية فوق جبل يقع في الشمال الشرقي من العراق وعلى بعد 30 ميلا قرب الحدود الإيرانية، فتقاطعت مع نقطة تفتيش غير مرخص بها تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، كانت تحتفظ في مخبأ لها بأموال وجوازات سفر إيرانية.
وتأكد للقوات الأميركية فيما بعد أن المسؤولين في الحزب الديمقراطي استخدموا نقطة التفتيش تلك لتسهيل عبور الإيرانيين، سامحين للناشطين الإيرانيين بمقايضة الجوازات الإيرانية والحصول على أوراق الهوية الكردية مقابل صفقات مالية نقدية. وقد اعترف مسؤولون أكراد –في أحاديث خاصة مع الخبير مايكل روبن- أن هذه الحالة لم تكن الوحيدة.
وفي بداية تفجّر عمليات التمرّد في العراق خلال شهر نيسان 2004، أصبحت كردستان نقطة مرور لأفراد المجموعة التي تسمى "أنصار السنة". كان أعضاؤها يدخلون كردستان العراقية عن طريق ممرات حدودية عبر إيران، ويحصلون على مسارات آمنة الى الموصل مقابل اتفاق بعدم القيام بعمليات انتحارية أو عمليات تفجير أو اغتيال أو قتل في المحافظات الكردية الشمالية الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك، وربما "كانوا يدفعون لهم بشكل جيد" كما يقول (روبن).
ويؤكد تقرير معهد المشروع الأميركي أن التعامل المزدوج مع إيران مستمر حتى الآن. وفي الحادي عشر من شهر كانون الثاني 2007، وكذلك في العشرين من شهر أيلول من السنة نفسها، أغارت القوات الأميركية على منشآت في أربيل والسليمانية، واحتجزت ستة إيرانيين من العاملين في المخابرات الإيرانية.
ومرّت مواقف المسؤولين الأكراد من الغارات الأميركية بثلاث مراحل، فهم قد احتجوا على الاعتقال. ثم أصدر مكتب (مسعود البارزاني) بياناً قال فيه: "إنه من الأفضل إعلام الحكومة الكردية قبل القيام بعمل ضد أي شخص". وبعد العملية الثانية انتقل موقفهم الى ما يشبه التهديد، حيث وصفت الحكومة الإقليمية في كردستان اعتقال العاملين في المخابرات الإيرانية بأنه "غير قانوني" وقالت: "إن أعمالاً مثل هذه لا تخدم أحداً".
يقول (مايكل روبن): إن القرار بعد تحذير السلطات الكردية لم يكن حماقة دبلوماسية، لكنه نتيجة لمستوى الخبرة، فصناع القرار السياسي الأميركي، لم يعد يثقون أن سلطات كردستان لا تفشي المعلومات الحساسة والعملياتية التي تزوّد بها.
ويضيف خبير المعهد الأميركي قوله: سواء أكان الزعماء الأكراد الكبار أم قادة ميليشيات البيشمركه أو الأجهزة الأمنية هم الذي يقومون بذلك للفوز بالحظوة لدى القوى الإقليمية أو لأسباب الإثراء المادي، فإنّ ذلك لا يعني شيئاً لأن الحقيقة الماثلة هي أن عملاً من هذا النوع موجود على الأرض.
وينظر (روبن) الى أن الرفض الكردي من قبل حكومة الإقليم التي يقودها (مسعود البارزاني) أو من قبل وزير الخارجية العراقي (وخال مسعود) لتزويد الجهات الأميركية بمعلومات تتعلق بأعداد المتسللين الإيرانيين من حراس الثورة الى الجانب العراقي، قد خفّض مستوى "الثقة" بين واشنطن وبين القيادات الكردية.
وفي جزء لاحق من هذا التقرير، يتحدث الخبير السياسي الأميركي عن كيفية لعب "كارت الإرهاب" في كردستان وتداعيات هذه المسألة خلال تجربة الغزو الأميركي للعراق.
المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس