الأرهاب :انتاج سعودي ليبي وبأشراف سوريا للتصدرير
مقاتلو القاعدة الأجانب في العراق :نظرة أولى في سجلات سنجار
سعى معدو الدراسة الى إبراز الأهمية التي تتمتع بها تلك السجلات، التي وصفوها بأنها تمثل «شهادة مذهلة»، إذ إنها مكّنت المحللين والمهتمين من التعرف على طبيعة التنظيمات الإرهابية التابعة لـ «القاعدة»، وآلياتها وسبل تجنيدها وجلبها للمقاتلين الجدد إلى داخل العراق، في ما سلطت الضوء على التحالفات والصراعات التي انتابت تلك التنظيمات في بداية تسللها إلى الأراضي العراقية. وشرعت الحلقة الأولى تتطرق إلى توصيف نوعية البيانات التي كشفتها «سجلات سنجار»، وهو ما تسعى الحلقة الثانية من الدراسة إلى استكمال جانب منها، ملقية الضوء على جنسيات المقاتلين الأجانب والدول التي قدموا منها إلى العراق، لاسيما السعودية وليبيا، مبينة أن مَن تضمنتهم الدراسة، بوجه عام، وفدوا إلى الأراضي العراقية عبر سورية التي مثلت ممرا حيوياً لأغلبيتهم.
النتائج الأولية... البلد الأم
كانت السعودية إلى حد بعيد هي الجنسية الأكثر شيوعاً بين المقاتلين في هذه العينة؛ فقد أشار 41% (244) من السجلات التي تضمنت جنسيات المقاتلين، البالغ عددهم 595، إلى أنهم كانوا من أصول سعودية.
(بعد تسجيل ومقارنة المعلومات المتضمنة في السجلات المترجمة، قرر مركز مكافحة الإرهاب أن 34 سجلا يرجح أن تكون نسخا مطابقة لبيانات نفس الشخص، وبالتالي تمت إزالة هذه السجلات من العينة التي تمت دراستها).
كانت ليبيا هي ثاني أكبر جنسية، حيث أن 18.8% (112) من المقاتلين الذين أدرجوا جنسياتهم ذكروا أنهم جاؤوا من ليبيا. وكانت سورية واليمن والجزائر تمثل أهم البلدان الأصلية التالية، مع نسبة 8.2% (49)، و 8.1% (48)، و7.2% (43)، على التوالي؛ فيما مثّل المغاربة 6.1% (36) من السجلات، والأردنيون 1.9% (11). (تتضمن فئة «بلدان» أخرى مقاتلين اثنين من فرنسا، ومقاتلا واحد من كل من البوسنة وبلجيكا وإنكلترا والعراق والكويت ولبنان وموريتانيا وعُمان والسودان والسويد.)
يتمثل التناقض الواضح بين الدراسات السابقة بشأن المقاتلين الأجانب في العراق، وبين سجلات سنجار في النسبة المئوية للمقاتلين الليبيين. (انظر الملحق رقم 1 لملخص موجز بشأن الدراسات السابقة عن المقاتلين الأجانب).
لم تُشر أي دراسة سابقة إلى أن أكثر من 4 في المئة من المقاتلين كانوا ليبيين، وفي الحقيقة، أشار تقرير صدر في يونيو 2005 عن شبكة (nbc)، مستشهداً بمصدر حكومي أميركي، إلى أن ليبيا غير موجودة أصلاً على قائمة أهم عشرة جنسيات لمنشأ المقاتلين الأجانب في العراق، وحتى الخامس عشر من يوليو 2007، استشهدت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» بمصدر عسكري أميركي ذكر أن 10 في المئة فقط من المقاتلين الأجانب جميعهم في العراق جاؤوا من شمال أفريقيا، بيد أن «سجلات سنجار» تشير إلى أن الرقم الفعلي أعلى من ذلك بكثير، فنحو 19 في المئة من المقاتلين المدرجين في سجلات سنجار جاؤوا من ليبيا وحدها. وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت ليبيا بعدد من المقاتلين نسبة إلى عدد السكان، يزيد بكثير عن أي جنسية أخرى ممثلة في سجلات سنجار، بما فيها المملكة العربية السعودية.
ربما قللت التقارير السابقة إجمالا من حجم المساهمة الليبية في المعارك الدائرة في العراق، لكن التزامن النسبي للتحليلات السابقة يشير إلى أن نمط الهجرة إلى العراق تغيّر ببساطة مع مرور الوقت. وفي عينة صغيرة على نحو لا يمكن إنكاره، ظهر أن 76.9% (30) من الليبيين البالغ عددهم 39، الذين سجلوا تاريخ وصولهم إلى العراق، دخلوا البلاد ما بين مايو ويوليو 2007، مما قد يشير إلى «موجة» ربيعية من المجندين الليبيين إلى العراق، وإذا كانت الأعداد التي استشهدت بها صحيفة «لوس أنجلس تايمز» في يوليو 2007 تمثل أي دلالة، سنجد أن حتى الجيش الأميركي ربما قلل من تقدير حجم الفريق الليبي في العراق.
يمكن الربط بين الزيادة الظاهرة في عدد المجندين الليبيين المسافرين إلى العراق، وتنامي علاقة التعاون بين الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وبين «القاعدة»، والتي توجت بانضمام الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى «القاعدة» رسميا في الثالث من نوفمبر 2007.موجة ربيعية ليبية
وفي مارس 2007، ساهم أحد كبار منظّري الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهو أبو يحيى الليبي، بقوة في صياغة إعلان «القاعدة» المثير للجدل بشأن إقامة دولة إسلامية في العراق. ورغم أن الجهاديين على مستوى العالم كانوا منقسمين بشأن الحكمة الاستراتيجية ودرجة القبول الديني لإعلان قيام تلك الدولة، فقد دعا أبو يحيى إلى الوحدة في العراق، وشجّع «المجاهدين» في كل مكان على دعم دولة العراق الإسلامية، فقال:
«… إخواننا بحاجة إلى تأييد ودعم الشعوب المسلمة، بأجسادهم وثرواتهم، بتوفير الملجأ والدعاء لهم، وبالتحريض …. ليس هناك سبيل لتأسيس الدول والمحافظة عليها سوى بالجهاد في سبيل الله والجهاد وحده... هذا هو الطريق، وأي شيء سواه هو من وساوس الشيطان».
وسواء كانت هناك موجة ربيعية ليبية في عام 2007 أم لا، يبدو أن سبيل الليبيين إلى العراق كان راسخاً بقوة، حيث وصلت الأغلبية الساحقة (84.2%) من الليبيين الذين سجلوا تفاصيل طريقهم إلى العراق، من خلال الطريق نفسه الذي يمر عبر مصر، وبعد ذلك بالطائرة إلى سورية.
ومن المرجح أن شبكة التجنيد والإمداد والتموين هذه مرتبطة بالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، التي تمتلك روابط طويلة المدى (ليست جميعها إيجابية) مع الجماعات الإسلامية المصرية والجزائرية.
كان إعلان الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة أنها أقسمت رسمياً يمين الولاء لـ «القاعدة»، أمراً متوقعاً منذ مدة طويلة من قبل مراقبي تلك الجماعة. يمتلك كل من المنظر أبو يحيى الليبي، والقائد العسكري أبو ليث الليبي، تاريخاً طويلاً مع الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهما شخصيتان يتزايد نفوذهما على طول الحدود الأفغانية - الباكستانية وفي منظومة الدعاية لـ «القاعدة».
يعمل أبو ليث الآن قائداً للعمليات في أفغانستان؛ وفي 2007، كان أبو يحيى ثانياً بعد أيمن الظواهري فقط باعتباره الشخصية الأكثر ظهوراً في الأنشطة الدعائية لـ «القاعدة». قد يكون البروز المتزايد للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في القيادة العليا لـ «القاعدة» دليلاً على قدرات تلك المجموعة في ما يتعلق بالإمداد والتموين، بما في ذلك قدرتها التي اتضحت الآن على نقل الناس عملياً عبر أرجاء الشرق الأوسط جميعها، بما في ذلك إلى العراق.
(أعلن عن مقتل أبو ليث في عملية نفذت ضد القاعدة في أفغانستان في 31 يناير الماضي).المدينة / البلدة الأصلية
من بين 591 سجلاً تضمنت بيانات الدولة الأصلية للمقاتلين، احتوى 440 منها أيضا على معلومات بشأن المدينة / البلدة الأصلية التي جاء المقاتلون منها، وكانت المدن الأكثر شيوعاً التي ذكر المقاتلون أنها أوطانهم هي درنة في ليبيا، والرياض في المملكة العربية السعودية، بواقع 52 و51 مقاتلاً على التوالي. وبالنسبة لعدد السكان، نجد أن درنة، التي لا يزيد عدد سكانها عن 80000 إلا قليلاً، مقارنة بالرياض التي يصل عدد سكانها إلى 4.3 ملايين نسمة، تمثل البلدة الأكبر بمراحل في ما يتعلق بعدد المقاتلين المدرجين في سجلات سنجار من حيث النسبة إلى عدد السكان، أما المدن الأصلية الأكثر شيوعا التالية في سجلات سنجار فهي: مكة المكرمة (43)، وبنغازي (21)، والدار البيضاء (17). تم تقسيم المدن / البلدان الأصلية بالنسبة لكل من المملكة العربية السعودية، وليبيا، والمغرب، والجزائر، وسورية بتفصيل أكبر فيما يلي.المدن الأصلية السعودية
أفصح مئتان وخمسة من السعوديين المدرجين في سجلات سنجار عن مدينتهم الأصلية. كانت الرياض هي المدينة الأكثر شيوعاً بنسبة 25.6% (51)؛ كما ساهمت مكة المكرمة بنسبة 22.1% (44)، وجدة 7.5% (15)، والجوف 9.0% (18)، والمدينة المنورة 6.5% (13)، والطائف 5.5% (11)، وبريده 4.5% (9). أما المقاتلون الباقون، وعددهم 72، فجاؤوا من بلدات متفرقة في أرجاء المملكة العربية السعودية