.....هل تم التخطيط لاحداث البصرة...دروس للمستقبل
احداث البصرة رؤية توصيفة
كتابات - باقر محمد
يذكر التأريخ ان الخليفة عمر استشار الامام عليا في الخروج بنفسه لحرب الجيش الفارسي فاشار عليه بعدم الخروج معللا ذلك بقوله(إنَّك إن شخصت من هذه الأرض انتفضت عليك العرب من
أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمُّ إليك ممَّا بين يديك. إنَّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشدُّ لَكَلِبهم عليك ، وطمعهم فيك » .
ومن الواضح ان الامام عليا يشير الى الدور المحوري للخليفة كونه واجهة الدولة وهيبتها التي ينبغي ألا تعرض للسقوط مهما كان الامر,هذا الدرس لم يستوعبه سياسيو اليوم رغم كونهم اسلاميين وهو مايحتم عليهم وبحسب الفرض ان يكونوا اعرف الناس بمعطيات تأريخهم الاسلامي لكنهم ليسوا كذلك ولعل احداث البصرة المشتعلة شاهد على ماندعيه.
لم نكن نرتضى للسيد المالكي وهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ان يزج نفسه في لهوات احداث خطرة بصورة غير مدروسة ولامخطط لها سابقا كما اكد في تصريحاته المتكرره ذات الطابع الانفعالي فيجعل هيبة الدولة بمؤسساتها السياسية والامنية والعسكرية على المحك الامر الذي يجعله لايرضى باي حل دون فتح قدس العراق والرجوع منها سالما مظفرا ولو على حساب برك الدماء وتلال الاشلاء من ابرياء وغير ايرياء كل ذلك لان هيبة الدولة زجت في غير اوانها ولامكانها.
وعلي ألااكتم القارى سرا فااقول اني متردد كثيرا في الجزم حول العملية الاخيرة من جهة الاعداد لها والتخطيط والتهيئ او عدمه ومازلت اسأل نفسي هذا السؤال هل كانت العملية العسكرية فلتة من الفلتات وقى الله شرها المسلمين ام انها طبخت على نار هادى وخطط لها في الخفاء منذ وقت ليس بالقصير؟؟
ان اخترت الاحتمال الاول وهو عدم الاعداد المسبق كما يروج له حواريو رئيس الوزاء والمقربون منه وربما تبناه هو شخصيا فيما بعد فساصطدم بجملة امور تجعلني غير متفاعل مع هذا التوجه:
منها بماذا نفسراستصحابه اي المالكي وزرائه ومدرائه الامنيين ومستشاريه العسكريين وتعطيل مؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية الى الحد الذي صارت معه البلد وكأنها على كف عفريت؟؟؟
هل يقتنع القارئ الكريم ان كل هذا الجيش العرمرم والمسؤوليين ذووي العقلية الفذة كانت نتيجة احداث وتداعيات توصف على انها بنت لحظتها؟؟؟
والادهى والامر ان يفسر ذلك كله بانه سعي لااعتقال مأتين من المطلوبيين وكأننا نتحدث عن مطلوبيين من نوع سوبر مان!!
ومنها :لو كان الامر حادثا عرضيا تطور بصورة دراماتيكية متسارعة فلم هذا السكوت المطبق من المؤسسات السياسية والامنية الفاعلة؟؟اين المجلس الوطني للامن القومي؟؟ان لم يعقد في هكذا ظروف عطلت معها الحياة وبدأت اجنحة الموت تخفق على رؤوس العراقيين فمتى يعقد ياترى؟؟ اين هيئة الرئاسة؟؟ اهلكت ام باي واد سلكت؟؟ لقد شهدنا رؤساء دول ومسؤولين يقطعون زياراتهم لمشاكل تحدث في بلدانهم اقل بكثير مما يجري في العراق بينما رئيس جمهوريتنا قد طاب له المقام في منتجع دوكان وربما بقي فيه الى يوم يبعثون!!!ويبقى الاجماع السياسي من الكتل الفاعلة وتقاعسها في السعي لحل الازمة وحيلولتها دون انعقاد جلسات مجلس النواب باعث شك يشير بااصابع الاتهام نحو وجود تخطيط اعد سلفا خلف الكوالييس وبااتفاق سياسي لهذه العملية.
ومنها:ان الاعداد لحملة الموصل العسكرية اخذ من الوقت مايقارب الشهر ومع كل هذا الوقت الطويل نسبيا جمدت الحكومة الحملة المذكورة بحجة عدم اكتمال الاستعدادات الامنية والعسكرية ومن هنا يطفو على السطح تساؤل مهم وهو اذا كانت مطاردة فلول القاعدة في الموصل احتاجت كل هذا الوقت والتحضير ولم تنفذ بالاخير لضيق الوقت مع ان عديدهم بالعشرات على اكثر التقادير فعلينا ان نتسائل كيف استطاع السيد رئيس الوزراء انهاء الاستعدادت الامنية والعسكرية العرمرمية لصولة الفرسان في غضون يومين فقط ؟؟؟ وقد تسأل كيف في يومين؟؟ فاقول لك ان السيد المالكي قال اول الحملة انه لم يات لمواجهة تيار او حزب او اي جهة سياسية وانه فوجئ بما حصل ثم بعد يومين فقط قال اننا باقون لمعالجة الامر في البصرة وكل العراق رغم ان عناصر جيش المهدي بالالاف المؤلفة فكم تحتاج الحكومة في التحضير لمواجهتهم من عدة وعدد ووقت وجهد يااهل العسكر؟؟؟
ومنها:ان عدم وجود تخطيط سابق للعملية يعني ضمنا اتهام القائد العام للقوات المسلحة ووزرائه ومستشاريه الامنيين بسوء الادارة وعدم الخبرة العسكرية والامنية لانهم اقدموا على خطوة ارتجالية بدون المام بديمغرافية الواقع العسكري والامني في البصرة .
ومنها:ان عدم لقاء السيد المالكي بالاطراف الفاعلة من مكونات المجتمع البصري من مجلس محافظة ومحافظ وشيوخ عشائر وغيرها من مؤسسات مؤثرة يكشف عن وجود نية مبيتة للقيام بهذه العملية اذ كان المفروض لقاء هذه المكونات كما هو حال الزيارات العادية غير مسبوقة بهدف مبييت.
ويبقى تصريح الرئيس بوش الذي اعتبر مايجري في البصرة لحظة حاسمة في تاريخ الدولة العراقية امر يثير الاستغراب ويضعف احتمال عدم الاعداد والتخطيط اكثر من استغرابنا من عدم التعاطي مع دعوات السيد مقتدى الصدر الداعية لوقف القتال والحل السلمي للقضية!
على انني لو اخترت الاحتمال الاخر وهو كون الحملة قد اعددت سلفا فهنا ايضا اصطدم بامور كثيرة: منها ماهذا التخبط العسكري والاعلامي الذي طبع به اداء القائميين على هذه الحملة؟؟ فعلى المستوى العسكري ماذا نسمي اعلان الحرب من المالكي ثم بعد يومين يمهل المسلحيين مدة ثلاثة ايام لالقاء سلاحهم مددت بعدها عشرا؟؟؟ الامر الذي يوحي للمراقبين بان القوات الحكومية فشلت في كسر شوكة الخارجيين على القانون (كما تسميهم) وهذا هو الذي دفع انصار التيار الصدري لااطلاق اهزوجة لافتة للنظر في مظاهراتهم الاخيرة (غيّر تصريحه من شاف الطك غيّر تصريحه0000)!!
وعلى المستوى الاعلامي كيف نفسر التهافت بين تصريحات المعنيين بشؤون الحملة الامنية الاخيرة رغم ان طبائع الاشياء تقتضي كونهم قرناء غرفة عملية واحدة؟؟ مثلا يقول اللواء عبد الكريم خلف قائد العمليات(انه لايسمي مايحدث معركة اذ المعركة لاتكون الا بين قوتيين متكافئيين وهولاء شراذم)ولكن يبدو ان هذه الشراذم التي يتحدث عنها اللواء خلف هي التي دفعت وزير الدفاع العبيدي الى القول(اننا فوجئنا بحجم المقاومة والتسليح مما دفعنا الى تغيير اساليبنا العسكرية)!!!
ويكفي ان تقارن ايها القارئ الكريم بين اسلوب الحكومة الاعلامي رغم الامكانات الهائلة الى الحد الذي صارت فيه فضائية (الحرة عراق) مثلا وبقدرة قادر فضائية(الحرة دعوه) وبين الاسلوب الاعلامي للجماعات المسلحة رغم بدائية امكانياتهم لتحكم ان الاداء الاعلامي الحكومي كان اداء سيئا بكل المقاييس فمثلا ماقيمة التصريحات التي يطلقها القادة العسكريون وهي مبالغ فيها في احايين كثيرة وبين صور تبث يظهر فيها ضباط ومراتب يلقون سلاحهم متمردين على اوامر قادتهم؟؟
لماذا فشل الاعلام الحكومي في ان يعرض علينا تصويرا فديويا ولو لدقائق معدودة يظهر التقدم المزعوم والسيطرة المدعاة لقواتنا الحكومية؟؟
ثم ماهذه الانفعالية الزائدة والتشنج الواضح في تصريحات اغلب المسؤوليين الحكوميين ؟؟ امر يلحظة المتتبع بااقل تأمل وهو شيئ لم يخلو منه حتى السيد المالكي الذي يبدو انه لم يعد خطابات المواجهة سلفا فتراه يقول مثلا في وصف اعدائه (هم اسوء من القاعدة )وبعدها بجملتين او ثلاثة يقول(هم صنو القاعدة)!,وان نسيت فلا انسى الاصرار على تكرار اظهار قادة بعض المكونات البصرية المتهمة من كثيريين با(المملشة) جنبا الى جنب السيد رئيس الوزراء!!
ثم ماهي الفائدة المترتبة على اعلان القادة الامنيين دعوة فوج طوارئ كربلاء الى البصرة رغم المرارة التي تحتفظ بها ذاكرة التيار الصدري عن هذا الفوج ودوره في تصفيتهم في كربلاء على حد قولهم اللهم الا اظهار الحكومة بمظهر من يريد استئصال اشياع التيار وانصاره؟؟ ولاتنسى ان قائد شرطة كربلاء قال اخيرا انهم القوا القبض على خمسمائة من المسلحيين وبحوزتهم اسلحة متطورة جدا من هاونات حديثة الصنع الى ثلاث عشر قاذفة الى غير ذلك كل هذا قد تم في سويعات من الزمن ضمن معركة لم تقدم فيها الشرطة الكربلائية سوى ثلاثة شهداء!! ولاتستبعد ذلك ايها القارئ الكريم فربما كان عناصر الشرطة الكربلائية(محصنين بسور سليمان بن داوود) على تعبير عجائز الجنوب المحترق!!!!
نعم احتمل ان اللواء رائد جودت(ولاعرف كيف تنسجم رتبته العسكرية مع عمره الزمني) يتحدث عن المتعاطفيين مع جيش المهدي وتيار مقتدى الصدر من معدان الجنوب كما يسميهم متعصبو كربلاء,ولعل هذا من شواهد كون احد اهداف الحملة استئصال انصار التيار كما يدعيه ابناء هذا الخط.
كل هذه الشواهد وغيرها تجعلنا نحكم بعدم وجود رؤية اعلامية محددة لدى الاعلام الحكومي لذا جاء الاداء الاعلامي مهلهلا متخبطا منفعلا متشنجا.
ايران وامريكا
قد يصدّق البعض وبطيبة تصل حد السذاجة ان هدف العملية امنيا بحتا دفاعا عن حريم النفط المنتهب ولااريد الوقوف امام هذه السمفونية كثيرا بعد اظهار الصور التلفزيونية مقاتلي جيش المهدي وهم يرتدون(البجامات+الشحاطات)!!,لكنني اجزم انها حرب كان هدفها الاساسي كسر شوكة جيش المهدي الذراع العسكري للتيار الصدري وهذا امر لن تقبله ايران باي حال من الاحوال لسبب بسيط هو ان ورقة جيش المهدي المدعوم في مجمله من ايران بشكل واخر هي الورقة الرئيسية التي دفعت امريكا للاعتراف بالدور الايراني وهذا هو الذي انزل امريكا من برجها العاجي بعد ان صدمت بالدور الايراني فاجلسها مرغمة على طاولة التفاوض لحلحلة الملفات العالقة بين الطرفين ومن هنا فهل يصح ان تتخلى ايران عن هذه الورقة بسهولة؟؟وهل تبقى امريكا متفرجة على الاستعمال الايراني لهذة الورقة الضاغطة دون ان تحرك ساكنا؟؟
لهذا قلنا انها حرب ايرانية امريكية لااقل من حيث مآلاتها وخواتيمها وربما تعد التغطية الاعلامية الايرانية والتصريحات الامريكية دلائل على مانقول وندعي.
واخيرا تبقى الرؤية الائتلافية غير واضحة في هذا الصدد ان لم نقل غير مدروسة فمن المعلوم ان الائتلافيين يشعرون في قرارة انفسهم ان وصولهم الى الحكم كان استثناء بكل المقاييس وهم في قرارة هذه الانفس الزكية لايراهنون على بقائهم فيه كثيرا اولا كما انهم يعولون على الدور الايراني في تطبيق اجندتهم السياسية وانتزاع حقوقهم الطبيعية ثانيا ومن المعلوم ان ايران دخلت على الخط كرقم يصعب تجاوزه في المعادلة العراقية من باب امني وعن طريق جيش المهدي في اغلب الاحايين ومن هنا ماذا يعني كسر شوكة جيش المهدي؟؟
انه يعني تقليص النفوذ الايراني وبقوة لانه وبدون تفلسف زائد حرق لااقوى ورقة يمكن ان تكون ايران من خلالها لاعبا اساسيا في الواقع العراقي وعليه فمالضمان في ألا تتغير بوصلة السياسة الامريكية وتنحرف عن الائتلافيين تحت ضغط اللوب العربي بعد ان تحترق هذه الورقة ياترى؟؟؟ هل يفهم المؤتلفون المختلفون ان استئصال جيش المهدي قد يكون استئصالا لطموحاتهم السياسية؟؟
هل يعي الائتلافيون ذلك ام مازالوا مشغوليين بالزنجيل والتطبير والثرثرة في التنظير؟؟؟