يروى عن سيد الشهداء عليه السلام ما مضمونه (من اشترى رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمر الناس ومن اشترى رضا الناس بسخط الله أوكله الله الى الناس)
يحدثنا التاريخ عن بداية تكوين دولة بني العباس ،وكيف أنهم تمكنوا من رقاب الناس بعد رفعهم لشعارات (يا لثارات آل محمد) مستغلين النقمة الشعبية العارمة على حكومة الأمويين من جهة والضعف المستفحل لدى الدولة الاموية المتهالكة ،فكانت فرصتهم التاريخية للأنقضاض على الحكم والاستيلاء على مقاليد السلطة.
فماذا فعلوا بعد أن تمكنوا من الأمر ؟؟؟
لقد أعادوا الكرة على المؤمنين وأتباع المنهج الحق بصورة أفظع مما فعله الأمويين الطغاة فسفكوا الدماء وأهانوا الكرامة ،وبنوا قصورهم على جثث العلويين حتى قيل فيهم بيت الشعر المشهور :
ولأننا نؤمن بحكمة سيد البلغاء أمير المؤمنين (ع) من أن الأمور إذا تشابهت أعتبر آخرها بأولها ،فإننا نسجل بداية التحول الخطير في مسار حكومة الاحتلال الامريكي وبداية عصر مجموعة جديدة من الجلادين وليس جلاد واحد.
المالكي ،نوري أو جواد ،فشل على كل الأصعدة ،فهو لم يتقن دور العميل بشكل جيد وذلك لكثرة توبيخ سيده (بوش) له في اكثر من مناسبة ،وفشل في تمثيل دور السياسي الوطني الذي همه على شعبه ووطنه وهو يوغل في دماء العراقيين في حين يجدد الأمريكان عقد (بلاك ووتر) سيئة الصيت فلم ينبس ببنت شفة بل صرح بأن التجديد تم دون علم حكومته !!
ورد في الإعلام أن السيد الأمريكي اجتمع مع اعضاء الحكومة قبل عشرين دقيقة من بينا المجلس السياسي الوطني وخيرهم بين أن يكونوا (معنا أو علينا) ضد أبناء الشعب المقاوم !
وكلنا يعلم انضواء الأعم الأغلب من حكومات المنطقة تحت المظلة الامريكية ولكن لكل رئيس حكومة أو ملك أو أمير مساحة لتزيين الصورة وتلميع شخصية الحاكم ليحظى ببقية احترام من شعبه ،لكن عمالة حكومة الاحتلال في العراق بلغت حد أنهم يتلقون وضباط البنتاغون !! CIA أوامرهم من صغار موظفي الـ
نوري فشل أيضاً في تقديم نفسه كنتاج تضحيات (الدعوة) وممثلاً لدماء شهدائها وهو يتكأ على خلفية (حزب الضحايا) متمسحاً بصورة مفكر الاسلام الشهيد محمد باقر الصدر ، كيف لا وهو يحارب اتباع منهج الشهيدين الخالدين ؟ فمثله كمثل يزيد اللعين حينما خاطبة سجاد الائمة بقوله (محمد هذا جدي أم جدك ،فإن قلت جدك فقد كذبت وإن قلت جدي فلماذا قتلت ذريته...)...
ألا لعنة الله على كل من يرخص دماء العراقيين من أجل رضا اسياده الكفرة الفجرة...
إلا لعنة الله على كل من يوغل فينا قتلاً وتشريداً طمعاً في (بقية الكعكة)...
فهل ينتظر (دولة رئيس الوزراء) حظاً أوفر من سابقه الهدام ...وهو يحاكمه بتهمة قتل 182 عراقياً من الدجيل ؟؟
كأني به يساق الى قاعة المحكمة محني الظهر من تقدم العمر وتخلي أصدقاء الأمس يعتليه الشيب بعد أن فقد منه (الخضاب) ...
ولكن هل هذه كل الحكاية ؟
وهل سيبقى العراق نهباً لكل سفاح أثيم ولكل قاذورة ارتدت الكوفية العراقية الأصيلة لتهتف للقائد الأوحد ؟؟!!
لماذا يبرز مدعي التدين ومرتدي العقال العربي زوراً وبهتاناً ليطبلوا ويرقصوا لسفاح جديد بينما يصمت الشرفاء ؟
وهل يبقى الشريف شريفاً بصمته ؟؟؟
يا أهل العراق أما آن لكم أن تطبقوا مقولة الحسين الشهيد (ع) على كل من ترضونه لزمام أموركم.... شر خصال الملوك: الجبن عن الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عن الإعطاء...
سلام الله عليك يا أبا الأحرار....
....ولم يبق من الدين إلا صبابة كصبابة الإناء وخسة عيش كالمرعى الوبيل ،ألا ترون الى الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه .....
يرفعون صور وشعارات الاسلام ورموز الإسلام للقضاء على الاسلام !!!
أجل من حاربوه بالأمس يرفعون صوره اليوم للقضاء على بقيته....ذلك هو محمد باقر الصدر....وذلك هو رمز المقاومة (مكشوفة الوجه) مقتدى محمد محمد صادق الصدر..
عندما سكت المجتمع على ظلم البعثيين واعدام الشهيد محمد باقر الصدر إيثاراً لحفظ النفس والمال ،كان عقابهم ثمان سنين من حرب ضروس خلفت مئات الآلاف من الضحايا والمعاقين والاسرى والمفقودين والأرامل والمشردين ...تبعتها حرب أهلكت الحرث والنسل ،وحصار داخلي وخارجي لثلاثة عشر عاماً ،ثم احتلال همجي وحكومات متهرئة....فأي حياة وأي كرامة احتفظتم بها يا من فضلتم السكوت على الظلم وحفظ النفس؟؟؟!!
لو تصدى عشرة آلاف للهدام وبعثه يقودهم الاخلاص الى الله لما حصل كل ما حصل...
بل لو تصدى ألف !
بل مئة مخلصين !!
فماذا سيكون عقابنا لو عاودنا الكرة هذه المرة ؟؟
أكل تلك السنين من العقاب لم تثمر وعياً بسيطاً بحرمة التصفيق للزعماء وأن عدلوا؟
فكيف الحال بهم وقد ظلموا وسفكوا الدماء...؟
يقتلون اولادنا فيتراقص (شيوخ البغي) طرباً ونشوة، يقطعون ارحامنا فنصفق لهم...فأي عار وأي ذلة وخسة !
لكن اللوحة ليس بمنتهى السوداوية ....هناك نقاط مضيئة....
منها ، ضمير ثائر يرفض مقاتلة أبناء بلده وشعبه ،يرفض أن يكرر مأساة 1991 ..
هؤلاء فتية أتخذوا من درب الحر بن يزيد الرياحي مسلكاً وشعاعاً منيرا ...
خير الرياحي نفسه بين الجنة والنار ،وهم قد خيروا أنفسهم بين طاعة عمياء تسلك بهم نيران الله والتاريخ وبين عقل عُبد الله به....
أنتفخت الأوداج حقداً وحنقاً عليهم أن سلموا السلاح مقابل قرآن وغصن زيتون ...في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ضد أتباع القرآن الناطق !
هؤلاء لا يجب أن يُنسوا ،أتهموهم بالعمالة للميليشيات ولكنهم صانوا أنفسهم عن سفك دماء المؤمنين....
إذن درس الـ1991 ربما حُفظ جيداً ولن يتكرر....لا تنسوهم...أقيموا لهم شواهد للذكرى ،فهؤلاء أشرف من كل السياسيين المتزلفين لرأس الشر الأمريكي...وهؤلاء هم خير من يعبر عن (عراقية) الموقف.
نقطة مضيئة أخرى.....البيوت التي فتحت لمساندة المقاومين الابطال....هكذا رأيتهم،يتسابقون لضيافة المدافعين عن الأرض والعرض،وبات (الواشون) أقل عدداً وأكثر تشخيصا.
ربما ساعد في ذلك أن الحكومة تصرح ليل نهار انها لا تقصد (تياراً) بعينه ،أما الأهالي فيرون بأم أعينهم كيف جابوا شوارع المدن الفقيرة أول غزوهم يهددون ويسبون جيش الإمام ويطلقون النار والسباب على كل مدني يطل برأسه....
في محلة صغيرة في أحدى مناطق البصرة الشعبية...قاموا بإطلاق النار على البيوت وقاموا بسب المواطنين !
فهل هو حقد أعمى على مواطن مدني بريء؟
وأي (مهنية) يدعيها القذرون عندما روعوا النساء والأطفال على بيت آمن بحثاً عن (عبد الله) ذو الأربعة عشر عاماً ....هل تعرفون ما جريمته ؟لم يكن ينتمي لجيش الإمام ولم يقاوم ولم يرفع السلاح ...فقط كان ينظر من بعيد لممارسات (جند المرجعية) فأهانوا أهله وضربوهم بأخماص البنادق حتى أخرجوا (عبد الله) من غرفته....أوسعوه ضرباً حتى شارف على الموت أمام أعين أمه وأخواته والمحلة.....ليخرج علينا (كذاب الخضراء) وسفاح بغداد بأنه قد تم فرض القانون في البصرة وتخليصها من الخارجين على القانون !
تباً لكم ولقوانينكم !
تباً لكم إن كان (عبد الله) عدوكم اللدود الذي جيشتم الجيوش له....
نسيت أن أخبركم بأن من ضربوا المسكين (عبد الله) فروا بعد أول إطلاقة أطلقها الأحرار في سماء المحلة ولم يُشاهدوا بعدها يدخلون شارعاً لأن الأهالي قرروا ذلك فإنهم ضربوا وأطلقوا النيران وأهانوا الكبار والصغار وسرقوا المحلات وأجهزة النقال ولما يتمكنوا من الأمر فكيف الحال لو أستولوا على المدينة !
حصل كل ذلك ويحصل بينما (الأربعة الكبار) يغطون في نوم عميق..................
مشتاق طالب
Mushtaq_t_e@yahoo.com
البصرة ،قلعة الصمود والمقاومة