المالكـــــــــي .. مرحلة إنقاذ العراق
[align=justify]
[align=center]http://www.sotaliraq.com/images/jewa...4567654567.jpg[/align]
[align=center]المالكي .. مرحلة إنقاذ العراق [/align]
د. سليم الحسني
Wednesday, 07 May 2008
قيل الكثير عنه خصوصاً في الأسابيع الأخيرة بعد عملية صولة الفرسان، إتهمه البعض بالتسرع وأنه دخل في مجازفة كبيرة، وقيل أنه خضع لإبتزاز جبهة التوافق وقيل أنه خاض معركة مع التيار الصدري نيابة عن المجلس الأعلى، وقيلت أمور اخرى ربما لم تظهر للعلن لكنها كانت متداولة.
وستقال أمور أخرى، فهذا حال رجل الدولة عندما يريد ان يصنع واقعاً، أو عندما يريد أن يفرض إرادة الدولة في ساحة يرغب حملة السلاح بالتحكم فيها، وتعطيل سلطة القانون.
المالكي خاض معركة كان فيها الكثير من الخطورة، لكنه أقدم عليها بقوة، واستطاع ان يفرض القانون في البصرة وهو يحاول أن يحقق الأمر ذاته في مدينة الصدر والموصل.
وقبل ذلك أقدم على خطوة كانت في وقتها مجازفة موت بالنسبة لحكومته، حين رفض ضغوط جبهة التوافق والقائمة العراقية والكتلة الصدرية، وحتى القيادة الأميركية، فتصدعت تشكيلته الوزارية، ووصل الأمر الى مستوى التداول بطرح الثقة بحكومته في البرلمان، ومع ذلك بقي مصراً على مواقفه وصولاً الى صولة الفرسان.
شعر بالضعف في بعض الفترات، لكنه الضعف الذي تفرضه التشكيلة الوزراية الناقصة، وشدة التحديات وتنوعها، وحاول أن يستفيد من أية نقطة قوة تدعم مشروعه في فرض القانون، فعزز تحالفه مع التحالف الكردستاني، ودعم سلطة القرار والرأي للزعماء السياسيين عبر التحالف الرباعي والمجلس السياسي للأمن الوطني
مهمة المالكي كرجل دولة طويلة، وهي رغم طولها إلا انها واضحة المعالم يطالب بها المواطن العراقي وينتظرها بشوق وهو في أشد حالات الجزع والتشاؤم والخوف والحزن.
خطوات محددة ينتظرها المواطن من المالكي، قد يفعلها او لا يفعلها، لكنها ضرورية، وهي أن ينفتح على كل العراق، صحيح أنه يعمل بحجم العراق، لكن العراق بحاجة الى الدخول اليه بكله، والفارق هنا ليس بالالفاظ المتشابهة، إنما هو نقلة استراتيجية بحجم الحدث التاريخي. لقد أقنع المالكي العرب السنة بأنه لا يريد ان يهمشهم، وقد اقتنعوا بذلك، فانتهت شكوى التهميش التي كانت تطلقها جبهة التوافق، بقي عليه أن يعمل على إنهاء التهميش الحقيقي للكفاءة العراقية.
ليست شكوى الكفاءات العراقية، مجرد همسات متضجرين، أو إشكالات أشخاص يتحسسون من هذا وذاك، إنها حالة كبيرة، لها صوتها المسموع، ولها شكاواها النابعة من القلب والحرص والتحرق لخدمة العراق. وقد يحاول البعض التعتيم عليها أو الالتفاف حولها أو التهوين من حجمها، لكن حقيقتها شاخصة مسموعة داخل العراق وخارجه حيثما وجد العراقيين.
وقد يسعى البعض الى الخوض فيها خوض الجدل العقيم، وسوق مبررات إسقاط الواجب، إلا أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، إنها قضية ابن بلد يريد خدمة بلده، إنها قضية حكومة يجب أن تبحث عن كفاءات مواطنيها، بعيداً عن تقسيمات الطائفة والمذهب والاتجاه، وبمنأى عن مزاج شخصي تجاه هذا وذاك.
في الإجتماعات الأولى لمؤتمر دول عدم الانحياز، تحدث الزعيم الهندي نهرو لرؤساء الدول المشاركة عن تجربة الاستقلال والحكم في الهند، في خطاب يعد أحد وثائق السياسة الدولية حتى اليوم، في ذلك الخطاب قال نهرو: قبل الاستقلال كنا نتصور أن مشكلتنا هي الهند المستقلة، لكننا اكتشفنا بعد ذلك ان مشكلتنا هي كل مواطن هندي.
لقد تحدث نهرو بلغة من يؤمن أن الهند بيته وعائلته، ووضع أمام عينيه مشاكل كل فرد فيها، لكي يملك همة حل كل مشكلة.
العراق يحتاج الى زعيم ينظر الى كل عراقي على انه مسؤوليته الأولى، وعندما يخسر عراقياً واحداً فانما خسر بعض روحه، فيشعر عليه بالألم والحزن ويعمل على أن لا تزداد الفجيعة فيخسر عراقياً آخر.
المحاصصة لعنة لا تنسى ستبقى ترافق الإحتلال الأميركي وأيامه الأولى في تصميمها وفرضها على الواقع السياسي العراقي، والمنتظر من المالكي لكي يكمل صورة الرجل المطلوب لهذا العراق، أن ينهي المحاصصة، أن ينسف قواعدها وأركانها، أن يحرق جذورها ويحولها هشيما تذوره الرياح، وأعتقد أنه قادر على ذلك.
من الممكن لرجل الدولة أن يقضي على عصابات مسلحة، وان ينهي سلطة المليشيات، وأن يوفر الخدمات للشعب، وأن يعالج مشكلة البطالة، وأن يفرض القانون ، وغير ذلك.. لكن الأهم من ذلك أن يصنع الموقف التاريخي، بمعنى أن يضع العملية السياسية على المسار الصحيح.
إن الأطراف كلها تشكو من المحاصصة، لكنها شكوى ظاهرية، مصممة لأجهزة الإعلام، وهنا يأتي دور رجل الفعل التأريخي، وهو أن يحول الكلام الظاهري الى واقع ضارب في عمق الساحة.
وبنفس الأهمية المنتظرة من المالكي في قضية المحاصصة الطائفية، تبرز قضية الفساد المالي والاداري التي تعتبر رافد الإرهاب والجريمة والمعوق الحقيقي لبناء العراق الجديد، ومن يقضي على الفساد هو القادر على حكم الدولة.
المالكي يستطيع ان يحارب الفساد ويقضي عليه، ولقد اثبت بالتجربة أنه يقتحم الأزمات بروح المجازف، فهو قدير على أن يقف بوجه الفساد ولا يجلس حتى يقطع دابره من العراق، والبداية طبعا من الدائرة الخاصة.
لا أريد أن أدخل مدخلاً يتحسس منه الكثير من الأصدقاء في مكتب المالكي، لكنها حقيقة يجب أن يطلع المالكي عليها، ولا بد أن يبادروا الى نصيحة المفسدين في الدائرة الخاصة، بالإبتعاد عن المالكي فهو يبني خيمة للقانون تظلل القانون لا الخارجين عليه.
إن قضية فساد واحدة تثار على مكتب المالكي، كفيلة بأن تنسف كل جهوده وتخرجه من صالة الوطنية.
والمالكي مطالب أيضاً بأن يرتقي منصة القضاء في مكتبه، فيحاسب المسيئين، حتى يمكن أن يبدأ حملة مكافحة الفساد في كل الوزارات ومؤسسات الدولة.
وعند ذاك سيكون المالكي رجل إنقاذ العراق.
[/align]