حزب الله وخطأه الستراتيجي مع العراق
حزب الله اللبناني وخطأه الستراتيجي مع العراق
لم تكن علاقة حزب الله اللبناني ودية مع العراقيين منذ تأسيسه حتى يومنا هذا لظروف تتعلق بنشأته في لبنان كما هو الحال في نشأة أحزاب عراقية في ايران لكنها لم تصل لحد المواجهة ولو اعلاميا
وفي منتصف التسعينيات من القرن المنصرم تبنى السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله اللبناني ستراتيجية تدعو المعارضات العربية للصلح مع الحكام العرب قاطبة باستثناء ((معمر القذافي)) وإن لم يعلن ذلك وهذه الستراتيجية والاعلان عنها أثارت غضب العراقيين لان ذلك يعني التخلي عن دماء شهداء مسيرة عقود في مواجهة معرومة مع النظام الصدامي
وبعد أن أخذ حزب الله مكانه في الساحة اللبنانية والعربية أخذت علاقاته تتوسع مع النظام الصدامي لستراتيجية معاداته مع الولايات المتحدة وبعد انفتاح ايران في علاقاتها مع النظام الصدامي في غزل ((الاعداء)) الذي بلغ حدا فاق حب الاخوة الاقربين في برغماتية السياسية والمصالح تحت شعار عدو عدوي صديقي!!
بدأ حزب الله اللبناني باستقبال الوفود الرسمية العراقية الزائرة الى لبنان مع تعتيم شديد على كل جرائم النظام في العراق مع تسيير قوافل من الزائرين اللبنانيين الى العراق ،وكانت وسيلته الاعلامية قناة ((المنار)) تتجاهل كل أخبار المعارضة العراقية ولم يُسجل لها يوما أنها ذكرت جرائم ((صدام )) الكبرى وصادف أن زار لبنان أنذاك وزير خارجية العراق الاسبق ((محمد سعيد الصحاف)) ابان اغتيال المرجع محمد صادق الصدر ولم نسمع أي احتجاج من الحزب على ذلك وفي مقابل هذا الموقف نُسجل الامتنان للسيد نبيه بري الذي رفض استقباله واعلن احتجاجه على هذه الجريمة النكراء ،مع مواقف اخرى لست بصدد بيانها في هذا المجال ولكي لانتحدث في التاريخ طويلا وإن كان قريبا
بقت العلاقة على هذا المنوال حتى لحظة سقوط نظام ((صدام حسين)) وتحول الرئيس ((صدام)) الى الديكتاتور في إعلام الحزب ،ولكن طورا جديدا من من التعامل مع العراقيين على المستوى الرسمي والاعلامي اخذ مداه ،وتبنت قناة المنار الواجهة الاعلامية لحزب الله اللبناني مصطلحات المقاومة للاعمال التي قام بها ايتام البعث وتنظيم القاعدة الارهابي بغض النظر عن ما تقوم به ومن تستهدف باستثناء العملية التي استهدفت السيد محمد باقر الحكيم التي خصص حزب الله برنامجا اسبوعيا تندب فيه الفقيد الراحل ،واطلقت على قتلى التنظيمات الارهابية لقب (الشهادة) مقابل لقب (قتيل) لضحايا العمليات الارهابية
وكان نشاط حزب الله مقتصرا على العمل الاستخباري في العراق في ملاحقة شبكات الموساد وكشفها في حرب دعائية من خلال عرض قناة المنار لصور رجال الموساد في العراق
ولستراتيجية تبنتها سوريا وايران في منع تحرك القوات الامريكية شرقا وغربا واغراقه في الوحل العراقي عمدتا الى استقطاب المتضررين من التغيير وتسهيل دخول الارهابين الراغبين في مقاتلة الامريكان على الساحة العراقية وكان نصيب تنظيم القاعدة واستقبالهم واحتضانهم من قبل تنظيمات النظام البائد العسكرية والامنية
وجاءت مرحلة ثانية بتشكيل كتائب مسلحة حملت أسماءا لرموز شيعية --ذكرتنا بما أطلقه صدام على أسلحته وصواريخه-- للاحياء بوجود مقاومة شيعية الى جانب المقاومة السنية
وبعد أحداث النجف وما تلاها من ملاحقة لجيش المهدي وهروب الكثير من أفراده الى ايران بدأت بتشكيل مجاميع خاصة هكذا أطلق عليها واشارت الاخبار((الغير مؤكدة )) بتطوعها للقتال في حرب تموز الى جانب حزب الله للدفاع ضد عدوان الدولة العبرية ،وعادت المجاميع الخاصة الى العراق تحت غطاء ((جيش المهدي )) الا أن اوامرها وولاءها لم يكن للسيد مقتدى وحدثت مواجهات مسلحة بين هذه المجاميع وجيش الامام على شكل تصفيات فردية ثم جاءت تسمية عصائب الحق لهذه المجاميع وهي تستقطب الشباب العاطلين عن العمل ضمن اغراءات مادية كبيرة مقابل تصوير عمليات عسكرية هنا وهناك كاجراء اولي ومن ثم ثدريبهم عسكريا وتأهيلهم للانخراط في عصائب الحق وقد اشرف حزب الله على عمليات خاصة لهذه التشكيلات من خلال اشراف ((عماد مغنية وغيره ))
وقد يجد حزب الله اللبناني مبررا لهذه الاعمال العدائية في العراق ولكنه يقع ووقع في خطأ ستراتيجي وسنناقش ذلك من خلال المعطيات التالية
اولا:-لقد كانت ستراتيجية الولايات المتحدة هو جعل العراق ساحة للحرب مع أعدائها المفترضين وقد ذكرت ذلك مرارا وربما فصلت ذلم في مقال سابق حمل عنوان((نجاح الرئيس الامريكي في لبننة العراق)*فخيار الحرب على الساحة العراقية خيار أمريكي وقد استعد لهذا الامر في ستراتيجته التي أعدها للبقاء في العراق
ومهما قيل عن نجاح عصائب الحق او حزب الله العراق بعد أن كشف حزب الله اللبناني عنه في بياناته وعملياته من خلال تلفزيون المنار فهي لاتعدو ضربات متفرقة لاتغير من جاهزية واستعداد الولايات المتحدة العسكرية وحزب الله اللبناني يعلم أن جيش الدولة العبرية غير الجيش الامريكي ومثل هذه العمليات لاتعد استنزافا له كما هو الحال لجيش الدولة العبرية مع الفارق في كم العمليات التي كان حزب الله اللبناني يقوم بها في جنوب لبنان،وفي كل الاحوال فإن الولايات المتحدة تتخذ من هذه الاعمال حجة وذريعة للبقاء لعدم استتاب الامن وازدياد النفوذ الايراني في العراق
ثانيا:-لقد كانت ستراتيجية حزب الله تعتد في عدم توزيع مهماته القتالية خارج لبنان وعلى حدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ولم تستطع الولايات المتحدة إقناع المجتمع الدولي ب((ارهاب)) حزب الله وبقت الكثير من الدول الاوروبية تتعامل مع الحزب على انها منظمة لبنانية تحررية وباعتراف حزب الله رسميا بوجوده في العراق واطلاق حزب الله على هذه المجاميع وتبني عملياته العسكرية فهودليل قاطع ستكون حجة للولايات المتحدة وورقة سوف تستخدمها متى ماشاءت
ثالثا:-استعداء حزب الله اللبناني لفصائل اسلامية عراقية تبنت الخيار السياسي والحزب بهذا العمل العدائي يكون قد فكك عُرى العلاقة بين الشعبين اللبناني والعراقي وبين حركات اسلامية تشترك في كثير من القواسم وتحديا لمشاعر العراقيين الباحثين عن الاستقرار والامان وهو مايزيد من التوتر والامتعاض لدى العراقيين تجاه من يحاول بقاء العراق ساحة للصراع بينه وبين الولايات المتحدة
رابعا :-ربما لاتكون الاعمال التي يقوم بها الحزب استنزافا لمقاتليه باعتبار أن المقاتلين هم شباب عراقي تدفعهم العاطفة الدينية وامتعاضهم من تصرف القوات الامريكيةواستخدامها المفرط للقوة ضد الابرياء من العراقيين العزل ،إلا أن اكتشاف هدف كبير واغتياله ك((عماد مغنية)) في مثل هذه الظروف يُعد خسارة كبيرة واعتقال غيره في العراق تعد ضربات موجعة للحزب
رابعا:-ربما يُعطي تدخل حزب الله اللبناني في العراق وتوسع هذا التدخل بعد أن توكل ايران المهمة كاملة له فُسحة للدولة العبرية لتشابك الملفات عراقيا ويمنيا وسودانيا كما كان لزحف الحزب نحو بيروت واتجاهه الى الداخل اللبناني فسحة لها
وفي الختام مهما قيل عن قوة التدخل لحزب الله في العراق إلا أنه لايُعد خطرا كبيرا وحقيقيا برغم تهويل الولايات المتحدة لذلك لحسابات معروفة وتصديق حزب الله اللبناني لذلك فالقراءة الميدانية تُشير الى انحسار العمليات بعد نجاح عمليات صولة الفرسان وما تلاها من بشائر السلام وانكشاف الغطاء الذي تغطت به أصبحت مكشوفة ولذلك عادت الى العمل الاجتماعي لكسب التأييد الشعبي الذي لاينطلي مرة اخرى على المجتمعات الفقيرة مقابل تحرك الحكومة وملئ الفراغ الحاصل باسرع وقت وتوفير فرص عمل حقيقة للشباب العاطلين عن العمل والحد من استفزازات القوات المسلحة للشباب والاهالي لايجاد نوع جديد من الثقة بين القوات المسلحة والاهالي لقطع الطريق امام المتلقفين لاحداث ثغرة هناك وفجوة هناك مع تشديد الرقابة الحدودية وتفعيل دور القوات الحدودية في الشرق والغرب
عبدالامير علي الهماشي
____________________________________
* www.alnoor.se
/article.asp?id=3585
حزب الله بين حسابات لبنانية وأجندة إيرانية
فليأذن لي أخي العزيز الاستاذ علي لكي أعيد هنا نشر مقال كنت نشرته أول مرة في 19 تموز 2006 عن حزب الله ، ومن ثم أدعو الأخوة والأخوات الى مناقشة مانشره الفاضل أبوحسين عن حزب الله.
شكرا مسبقا .
..............................
نص المقال
19تموز/يوليو2006 - آخر تحديث - 17:28
حزب الله بين حسابات لبنانية وأجندة إيرانية
لا يخفي "حزب الله" ولاءه الأيديولوجي لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالرغم من إعلانه الصريح أنه يتحرك على أساس حسابات لبنانية.
وعلى رغم التبريرات التي قدمها الحزب لعملية أسْـر جنديين إسرائيليين، فإن الكثيرين في لبنان وخارجه يعتبرون أن هذه العملية نُـفذت خدمة لجدول أعمال إيراني قبل أي شيء آخر.
حصل "حزب الله" على دعم مباشر من إيران منذ تشكيله كمقاومة إسلامية لصدّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وذلك باقتراح مباشر من زعماء شيعة لبنانيين، منهم الشيخ صبحي الطفيلي الذي أصبح أول أمين عام للحزب، واتفق حينها أثناء تواجده في طهران مع المسؤولين الإيرانيين على إنشاء المقاومة، وعلى مجيء بعض الإيرانيين من الحرس الثوري إلى لبنان، وقد وصلوا بالآلاف في يونيو 1982، عبر طريق سوريا إلى البقاع، ثم عاد جزء كبير منهم إلى إيران وبقي جزء منهم لمهمات الدعم وتدريب المقاتلين، وهؤلاء أيضا رحلوا وقُـتل عدد منهم بالقصف الإسرائيلي على البقاع.
وخلال الأسبوعين الأولين من الاجتياح، وفي ظل غياب عربي، والصفقات الثنائية العربية الإسرائيلية، السرية والعلنية، وصل نحو 2000 من عناصر الحرس الثوري إلى لبنان، معظمهم استقر في وادي البقاع، وساهموا في تأسيس المدارس والمستشفيات والمساجد والجمعيات الخيرية، إلى جانب أربعة مراكز لتدريب المقاتلين، منها معسكر في الزبداني وآخر في بعلبك.
ولعب كل من وزير الحرس الثوري السابق محسن رفيق دوست، والسفير الإيراني (آنذاك) في سوريا علي أكبر محتشمي، دوراً فاعلاً في تشكيل حزب الله، وظلت السفارتان الإيرانيتان في سوريا ولبنان تعملان إلى وقت قريب، بشكل شبه مستقل عن وزارة الخارجية، في تقديم الدعم لحزب لم يكن يخضع أبدا لسلطة "مكتب حركات التحرر " الذي كان ضمن وزارة الخارجية، ولم يكن ينسِّـق أبدا مع مكتب حركات التحرر، الذي كان نائب الإمام الخميني المخلوع آية الله حسين علي منتظري أسسه في الأيام الأولى من الثورة وأسند قيادته إلى شقيق صهره مهدي الهاشمي (الذي أُعْـدم لاحقا).
لا يخفي الحزب أبدا ولاءه الأيديولوجي لنظام الجمهورية الإسلامية ولولاية الفقيه، وهو أمر يعتَـز به الحزب ولا يعتبر نعته من أحزاب ولاية الفقيه أنه شتيمة، وعلى العكس من ذلك، جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 فبراير 1985، عندما وُلد الجانب السياسي من حزب الله بعنوان "من نحن وما هي هويتنا"؟ "...أننا أبناء أمـّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسّـست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم... نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسَّـد حاضرا بالإمام المسدّد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني، دام ظلّه، مفجّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة"..
ويعتبر الحزب خليفة الإمام الخميني الراحل، آيةُ الله علي خامنئي الذي يُلقّـبُ في أوساط حزب الله بالإمام الخامنئي، المرجعية الدينية العليا وولي أمر المسلمين جميعاً، ويُسمى أمينُ عام حزب الله حسن نصر الله، الوكيل الشرعي لآية الله خامنئي الذي كان عناصر الحزب من أوائل الداعين إلى تقليده بعد وفاة الإمام الخميني، حتى قبل أن يضع خامنئي "الرسالة العملية" التي تُشكّـل واحدة من أهم ما يربط المجتهد المرجع بمقلديه في المذهب الشيعي. كما أن الاحتفالات التي يُـقيمها الحزب وعروضه العسكرية، تُظهران على الدوام صورا كبيرة للإمامين، الراحل والحالي، وهي تجري عادة بحضور مسؤولين إيرانيين، أقلهم بدرجة سفير يحرص على الجلوس إلى جانب السيد نصر الله.
ولاية الفقيه!
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في 11 فبراير 1979، دخلت الأحزاب الإسلامية الشيعية في جدل داخلي حاد ترك آثارا كبيرة عليها في النقاش حول سلطة "الولي الفقيه"، وكان حزب الدعوة الإسلامية أول من خاض هذه التجربة، وهو أول من عاشها في بدايات التأسيس، حين كان المرجع الراحل آية الله محمد باقر الصدر فقيها عاما للحزب.
وقد عاد حزب الدعوة إلى ما كان عليه، عندما عيّـن له بعد الثورة الإسلامية الإيرانية "وليّا فقيها" خاصا به، هو آية الله كاظم الحائري، للرد على مطالبات قادها الشيخ علي الكوراني وبعض أنصاره، الذين رأوا أن أعمال الحزب لن تكون شرعية، ما لم يتقدم بطلب إلى الإمام الخميني ليُعيّـن ممثلا عنه داخل الحزب، على غرار أحزاب إيرانية منها "منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية"، التي عيّن لها الإمام الخميني في مرحلة مهمة من حياتها السياسية، آية الله راستي كاشاني ممثلا عنه.
هذا الرأي روّج له الشيخ الكوراني بقوة بعد انشقاقه عن الحزب، قبل أن يُعلن رفضه الكامل لنظرية العمل الحزبي والنمطية الحزبية، التي اعتبرها لباسا غربيا داعيا إلى التخلي عن التنظيم الحزبي واستبداله بعلاقة مباشرة بين "الولي الفقيه" والجماهير من خلال ما سماها "خلايا حزب الله"، وهو ما أورده بعد ذلك في كتابه "طريقة حزب اللّه في العمل الإسلامي" عام 1983، منطلقا من فكرة أن الحزب يمارس عددا من الأعمال التي تدخل في دائرة سلطة الولي الفقيه "العامة"، وتحتاج إلى إذن شرعي منه لتحديد المصالح والأولويات، ولمنع الوقوع في ارتكاب الحرام، خصوصا ما يتعلق بالأموال والدماء.
"حزب الله"، الذي تربى معظم مؤسسيه في أحضان حزب الدعوة الإسلامية، انسجم مع أفكار الكوارني العاملي (نسبة إلى منطقة جبل عامل في لبنان)، واتخذ من مقولة السيد محمد باقر الصدر "ذوبوا في الإمام الخميني، كما ذاب هو في الإسلام" دثارا له، وانعكس ذلك على علاقته بالسيد محمد حسين فضل الله، الذي كان يوصف دون وجه حق، بالمرشد الروحي لحزب الله، وكان لا يخفي تحفظه على "خط الإمام"، وكتب حينها منتقدا "خط البطل وبطل الخط".
حسابات لبنانية
وبالرغم من كل ذلك، أثبت "حزب الله" مرارا أنه يتحرك على أساس حسابات لبنانية، واضعا مسافة بينه وبين تطبيقات "ولاية الفقيه المطلقة"، التي تُلزم أتباعها إطاعة الولي الفقيه في كل تفاصيل الحياة، لأنه يملك بنظرهم، ولاية النبي نفسه، ويستشهدون دائما بالآية القرآنية "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة، إذا قضى اللهُ ورسولُه أمرا أن يكونَ لهُمُ الخيرةُ من أمرهم، ومن يعص الله َورسولهُ فقد ضلَّ ضلالا مبينا".
فقد مرّ "حزب الله" بمرحلة مهمة من حياته التأسيسية، كان ممثل الولي الفقيه الإمام الخميني جزءا فاعلا وقويا من مجلس "شورى الحزب"، الذي كان يحضر اجتماعاته مسؤولون إيرانيون. إلا أن آية الله علي خامنئي وافق على طلب من "شورى الحزب" بتأثير مباشر من نصر الله، بالتخلي عن ممثله وإلغاء هذا الدور "الإيراني"، ليرتدي حزب الله خصوصيته اللبنانية بعيدا عن وصاية ممثل الولي الفقيه وعباءته، وعن تدخّـل الحرس الثوري، الذي كان أرسِـل في السابق وبُعيد الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عددا من قيادييه ورجالاته لدعم مقاومة "حزب الله" وتنظيم دورات تدريبية لعناصره.
ويبدو أن حزب الله نجح إلى حد كبير في تحييد الحرس الثوري وغيره من المؤسسات الإيرانية في القرارات التي يتّـخذها، حتى في العمليات العسكرية التي تحتاج الدعم المالي والعسكري من إيران.
الملف النووي الإيراني!
مع ذلك ورغم التبريرات التي قدّمها الحزب لعملية أسْـر جنديين إسرائيليين لجهة أنها تهدف إلى تأمين الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، فإن معارضي الحزب في لبنان وخارجه يعتبرون أن هذه العملية نفذت خدمة لجدول أعمال إيراني قبل أي شيء آخر.
فأسْـر الجنديين الإسرائيليين، من وجهة نظر معارضي الحزب وما تبعه من نتائج، خرق تعهّـدا كان حزب الله قد تقدم به في مؤتمر الحوار الوطني اللبناني من أنه لن يقوم بأي عمل يجُـر لبنان إلى الحرب. كما جاء على وقع تعثر مفاوضات كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني مع الدول الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، بشأن عرض الحوافز المقدّم لها على خلفية برنامجها النووي.
كانت إيران حذرت في مناسبات مختلفة أنها ستستخدم نفوذها في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان، إذا أحِـيل ملفها النووي إلى مجلس الأمن، وفرضت عليها عقوبات، وهذا لم يحصل بعد.
كما أن أصحاب نظرية ربط إيران بالعملية الأخيرة، يرون أن خطف الجنديين سيجعل إيران لاعبا أساسيا في المعادلة، على غرار ما حصل في أزمة الرهائن الغربيين في لبنان ودور الوسيط الذي لعبته إيران للإفراج عنهم.
وسواء صحّـت هذه النظرية أم لا، فإن تحوّل إيران إلى قوة نووية، سلمية كانت أم عسكرية، يخدم "حزب الله" ونظريته العقائدية في مواجهة إسرائيل. كما أن إيران هي اليوم في قلب الصورة، إنْ في التصريحات التي يطلقها الأمريكيون والإسرائيليون لتحميلها مسؤولية خطف "حزب الله" الجنديين، أو في تهديد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده سترد بقوة إذا تعرّضت سوريا لاعتداء من قِـبل إسرائيل.
اللافت أن إسرائيل أشارت مرّتين إلى إيران في غضون ساعات قليلة بعد بدء حملتها الواسعة على لبنان: المرة الأولى، حين قالت إن الصاروخ الذي أصاب البارجة الإسرائيلية هو من صنع إيراني. والثانية، عندما قال ضابط في الاستخبارات "إن هناك نحو مائة خبير عسكري إيراني في لبنان لمساعدة حزب الله"، وهو ما نفته إيران رسميا ورفضه "حزب الله".
لبننة حزب الله
الحقيقة التي أفرزتها جميع المعارك التي خاضها "حزب الله" منذ انطلاقته كمشروع لبناني، حدّدت لإيران مكانها كعُـمق استراتيجي يمدّ "حزب الله" بالمال والسلاح وبالدعم المعنوي اللازم لمواصلة الحرب مع إسرائيل، التي لا تعترف بها إيران، وتبشّـر على الدوام بإزالتها من الخارطة.
ويمكن أن نسجل عددا لا يُـستهان به من المفارقات بين حزب الله وإيران، وأن قيادة الحزب انتقدت في مرّات مختلفة السياسة الخارجية لإيران، ما يتعلق الأمر منها بنزع سلاح الحزب.
لقد خطط بعض القيادات في إيران، وعلى رأسهم أكبر هاشمي رفسنجاني لـ "لبننة" حزب الله، وأن يصبح حزبا سياسيا في مرحلة ما بعد إغلاق ملف الرهائن الغربيين في لبنان عام 1992. وسعى إلى دمج الحزب بالدولة اللبنانية، ونجح للوهلة الأولى في إقناع الحزب بالدخول إلى الحياة النيابية في الطريق لنزع سلاحه، وهو ما أدّى إلى انفصال أمينه العام السابق الشيخ صبحي الطفيلي عنه.
إلا أن الأمين العام الحالي حسن نصر الله نجح في تكوين علاقة خاصة مع "الولي الفقيه" آية الله علي خامنئيٍ، الذي ترك للحزب هامشا عريضا جدا يتحرك داخله، دون الالتزام داخليا بالولاية المطلقة للولي الفقيه، بما سمح لحزب الله تنفيذ مشروعه السياسي في إطار الدولة اللبنانية، بعد أن كان يسعى في مراحله الأولى إلى إقامة جمهورية لبنان الإسلامية التابعة للجمهورية الإسلامية في إيران.
وواضح من طريقة إيجاد مؤسسات مدنية للإغاثة والإعمار، أنها كانت في البداية امتدادا لمؤسسات أنشِـئت في إيران الجمهورية الإسلامية مثل: مؤسسة الشهيد، وجهاد البناء وغيرهما، والتي بدأت تتلبنن في عهد نصر الله – خامنئي، دون أن يعني هذا تخليا عن المنازلة الكبرى مع إسرائيل (والتي تتأكد أيديولوجيا بفكرة التمهيد للمهدي المنتظر، التي يؤمن بها بقوة وبزمنية الوقت الحاضر، كل من حسن نصر الله والرئيس الحالي لإيران محمود احمدي نجاد، بل إنها تجلّـت بالزيارة التي قام بها نصر الله إلى طهران خلال مراسيم تنصيب الرئيس الجديد في شهر أغسطس 2005).
المنطقة: كلٌ مترابط والحل شامل!
إذن، إيران "الولي الفقيه"، سمحت لحزب الله بالتحرّك في دائرة الخصوصية اللبنانية مستفيدة منه للإبقاء على جذوة الصراع مع إسرائيل مستمرة، كحرب عقائدية "تعيشها الأجيال، ولن تتوقف إلا بزوال إسرائيل، ولو بعد حين" مثلما تصر على ذلك الأيديولوجيا الحاكمة في طهران، ولهذا، جاء تصريح خامنئي شديدا برفض نزع سلاح حزب الله، والاستمرار في دعمه، بل والاستعداد للتدخّـل المباشر وتوسيع دائرة الحرب لتشمل العراق، إذا أرادتها إسرائيل، ولو بلغ ما بلغ.
لا شك في أن عملية "حزب الله" أكّـدت - أو سعت إلى التأكيد - مجددا أن المنطقة كلٌ مترابط من غزة إلى إيران مرورا بلبنان، الذي لا يمكنه الانفكاك عن عدة ملفات، وتحديدا الملف النووي الإيراني، الذي يمنح الصراع مع إسرائيل نكهته العقائدية المطلوبة.
عموما، فقد أعاد "حزب الله" بعمليته الأخيرة، ربط الملف الفلسطيني بالملف اللبناني بعد أن تم فصله سياسيا في الطائف عام 1989، وأوسلو عام 1993، وعسكريا بعد انتصار المقاومة اللبنانية بدعم مباشر من إيران (وسوريا) عام 2000. كما سعى الحزب إلى إقامة الدليل على أنه لا يزال قويا حتى بعد الانسحاب السوري، وارتفاع أصوات في لبنان وخارجه تُـنادي بنزع سلاحه.
وأكّـد أيضا أنه قادر بدعم من إيران على خلط الأوراق وإعادة المنطقة إلى المربع الأول، وإحراج النظام العربي الرسمي، حتى وحزب الله يتلقى الاتهام تلو الآخر بأنه يتحرك بأجندة إيرانية، وهو يتّـهم بالمقابل، العديد من المنظمات والأحزاب المنافسة له بأنها تعمل وفق جداول أعمال لدول في المنطقة وخارجها، مع ملاحظة أن "حزب الله" لم يستورد مذهبه الشيعي من إيران، وهي التي أخذت دينها وتشيعها في القرن السابع عشر من علماء جبل عامل. فاللبنانيون هم الذين كان لهم التأثير الكبير في إيران على المستويين الحضاري والديني في القرون الأخيرة.
أخيرا، ومع تعدد التسميات السلبية لحزب الله (التي توزّعت على كونه عميلا لإيران، وورقة ضغط بيد سوريا تستخدمه في مفاوضاتها المتعثرة لاستعادة الجولان، والحفاظ على رأس النظام فيها، وأنه يحارب بالنيابة عنها وعن إيران، فهو إذن "خادم الأسياد")، يمكن القول أن حزب الله سعى منذ تاسيسه ليكون مشروع مقاومة إسلامية لتحرير الأراضي العربية المحتلة، ومشروع معارضة للنظام السياسي اللبناني (تحوّل فيما بعد إلى جزء من جسده)، وهو أيضا قنبلة موقُـوتة ستنفجر بحجمها الحقيقي فقط حين يواجه نظام الجمهورية الإسلامية في طهران خطر الانهيار الجدي والسقوط، وعندها، من المحتمل جدا أن يتخلى "حزب الله" عن كل حساباته الوطنية ليعود إلى كربلائية أحزاب ولاية الفقيه التي ترفع شعارات من قبيل: "كل يوم عاشوراء وكل أرض الجمهورية الإسلامية... كربلاء".
نجاح محمد علي - دبي
http://www.swissinfo.ch/ara/front.ht...02546000&ty=st
خارطة طريق عراقية يرسمها حزب الله في لبنان!
السلام عليكم جميعا في هذا المنتدى الجميل...
الأخ العزيز الاستاذ علي الهماشي ..
أحييك مرة أخرى واشكرك على حسن ظنك ، وأؤيدك بكل قوة في أن نختلف ولكننا يجب أن نظل ـخوة متحابين، خصوصا ,ان مابيننا من مشتركات أكثر بكثير من كل مايفرقنا..
رأيك في حزب البعث يشبه الى حد المطابقة ما أراه انا في هذا الحزب العنصري ..وهذه نقطة اشتراك مهمة ..
كما أن اهتماماتك (في الكتابة) تقترب كثيرا من اهتماماتي( ايران ، حزب الله،وطبعا العراق...)
على أي حال ..اسمح لي أن نفتح هذا الملف على مصراعيه ..وأعيد مرة ثانية نشر هذا المقال ولعلك أخي أباحسين، قرأته في موقع سويس انفو في7آب/أغسطس2006 ..عن جزء من العلاقة بين القضية العراقية والحرب في لبنان..
........بانتظار التعليقات من الأخوة والأخوات ، ومنك أخي الفافضل الاستاذ علي الهماشي
........
خارطة طريق عراقية يرسمها حزب الله في لبنان!
7آب/أغسطس2006
أعادت الحرب الإسرائيلية على لبنان التأكيد على ربط العراق بأزمات المنطقة الإقليمية. والأهم، أنها ستضع العراق أمام خارطة طريق جديدة في ترتيب الأولويات.
كما أعادت بشكل نهائي ربط العلاقة بين حزب الله وشيعة العراق، إلى ما قبل الخيط الرفيع أو "شعرة معاوية"، الذي كان بينهما، مع ما يعنيه اسم معاوية.. لدى الطرفين!
حزب الله وزعيمه السيد حسن نصر الله، كانا في رُقعة مختلفة عن تلك التي وضع معظم شيعة العراق أنفسهم فيها عندما تعاونوا مع مشروع إسقاط نظام صدام حسين عبر القوة العسكرية والحرب.
فقد رفض حزب الله الحرب العالمية "غير الثالثة" على العراق لإسقاط الرئيس السابق صدام حسين، لا حُـبّـا بصدام، الذي يسميه شيعة العراق ولبنان تأسيا بالإيرانيين، بـ"يزيد العصر"، بل بُـغضا بالولايات المتحدة، التي يسميها حزب الله بـ"الشيطان الأكبر"، على خطى الإمام الخميني الراحل، مع ملاحظة أن شيعة العراق كانوا يسمّـون أمريكا "الشيطان الأكبر" أيضا قبل أن تنخرط معظم فعالياتهم السياسية في التعاون مع واشنطن في عملية إسقاط النظام العراقي السابق، عن طريق الحرب.
العلاقة المذهبية القوية الشيعية – الشيعية، التي انهارت أو كادت، في التباين الكبير في المواقف من تطورات ما بعد إسقاط صدام، بدأت تحيك مرحلة جديدة من التعاون المُـثمر تجلّـت في البصرة بشكل خاص، واستمرار استهداف القوات البريطانية من قِـبل عناصر التيار الصدري الموالي لحزب الله، وفي المظاهرات اليومية التي يُخرجُها حزب الفضيلة ومحافظُ البصرة محمد مصبح الوائلي، وترفعٍُ صور نصر الله وتُـنادي بالتضامن معه، وتوجّـه رسائل قوية للبريطانيين لها دلالة واضحة عن شكل العلاقة المرشحة بين الحكومة المحلية والقوات البريطانية، في ضوء الواقع اللبناني الجديد.
قـناة المـنار .. بين العداء والمحبة
ووصل الأمر إلى تلك الجهات العراقية التي قادت المناوشات الكلامية ضد قناة "المنار" لسان حال حزب الله، التي أصبحت في عراق ما بعد صدّام، واحدة من أكثر القنوات العربية التي يكرهها العراقيون الشيعة، وطالبوا بإغلاق مكاتبها، خصوصا بعد أن قامت "المنار" ببث حلقات مُـتلفزة عن الإمام الراحل محمد باقر الصدر، الذي أُعْـدِم مع شقيقته بنت الهدى "آمنة الصدر" في أبريل عام 1980، واعتبرها شيعة العراق المنسجمون مع المشروع الأمريكي أو الساكتون عنه، أنها تنطوي على إهانة لمرجعيات عريقة، مثل أبو القاسم الخوئي، والسيد محسن الحكيم، رائد المقاومة الشيعية في العراق خلال ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني.
البرنامج الذي بثّـته قناة "المنار" في أبريل عام 2005، أغضب بعض شيعة العراق ممّـن تستّـر خلف عنوان عريض باسم "الحوزة العلمية بالنجف الأشرف" ليشُـنّ حربا على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حين صدر بيان بهذا الاسم تحدّث فيه باسم "العراقيين"، ليطلب من الحكومة العراقية الجديدة أن تغلق "كل مكاتب قناة المنار الفضائية في العراق وطردهم، وذلك لما عرضته قناة المنار الفضائية التابعة إلى حزب الله في لبنان في أحد برامجها الذي تطرّق بشكل مُـهين إلى حياة المرجع الراحل أبي القاسم الخوئي والمرجع الراحل السيد محسن الحكيم وبقية المراجع الأعلام، رِضوان الله عليهم أجمعين، محذّرين القناة من المساس بوِحدة الصف الشيعي".
لكن قناة "المنار" هي اليوم الأكثر مِـصداقية لدى عموم العراقيين، وتحديدا الشيعة ومرجعياتهم السياسية والدينية، التي تناست دعوة السيد نصر الله "في الأشهر الأخيرة من عمر النظام العراقي السابق" إلى مصالحة وطنية شاملة في العراق، لتَـفادي وقوع العراق في الحلقة الأمريكية.
شيعة العراق .. وشيعة لبنان
سـِجـلُّ نصر الله وحزبه لدى مُـعظم شيعة العراق، لم يكن على ما هو عليه الآن، قبل أن يرسل أمين عام حزب الله إشارات عن تفهّـمه لموقف السيد محمد باقر الحكيم، الذي اغتيل في أغسطس 2003، وإعلانه في مراسم لتأبينه أقامه حزب الله، أن الحكيم كان أوضح له في رسالة خاصة أنه أيّـد "المحاصصة الطائفية" في العراق، ليضمن حقوق الأقليات، ومنها بالطبع السُـنّّة، أمام طُـغيان الأكثرية، إذا شعرت بالقوة.
قادة حزب الله وعموم زعماء شيعة لبنان الذين نشأوا في رحِـم حركة أمل الشيعية، وترعرع معظمهم في أحضان حزب الدعوة الإسلامية، اتخذوا مواقف لصالح شيعة العراق في أزمات كبيرة خلال مرجعية السيد محسن الحكيم الواسعة، وحتى قبل أن ينفّـذ النظام العراقي السابق أحكام الإعدام بحق "قبضة الهدى"، القياديين الخمسة في حزب الدعوة في 11 ديسمبر 1974، وهم الشيخ عارف البصري والسيد عز الدين القبانجي والسيد عماد الدين التبريزي ونوري طعمة وحسين جلوخان.
شيعة العراق قرأوا، كما بيّنت بياناتهم ومقالاتهم وردود أفعالهم، أن ما يجري في لبنان، هو استهداف لحزب الله والطائفة الشيعية لا أكثر ولا أقل. وزاد في هذه القناعة، فتوى الشيخ ابن جبرين، بأنه "لا يجوز نصرة هذا الحزب الرافضي، ولا يجوز الانضواء تحت إمرتهم، ولا يجوز الدّعاء لهم بالنصر والتمكين. ونصيحتنا لأهل السُـنّـة أن يتبرؤوا منهم، وأن يخذلوا من ينضمّـوا إليهم..."، ومواقف إقليمية رأى فيها شيعة العراق أنها جاءت من مُـنطلقات طائفية.
ويمكن القول بأن حزب الدعوة الإسلامية، الذي كان لبنان واحدا من أهم البلدان التي أعاد فيه بناء هيكله التنظيمي، والذي انهار بشكل شبه كامل في تلك الفترة في اعتقالات عام 1973 وكذلك الاعتقالات في بدايات 1974 بعد إعدام القيادي عبد الصاحب دخيل عام 1970، كان سباقا بعد التيار الصدري وحزب الفضيلة إلى تبنّـي موقف أكثرَ وضوحا من باقي الأطراف الشيعية في الدعوة إلى وقف الحرب على لبنان، كغطاء عام لتبرير دعمه لحزب الله.
"لبننة" العراق
قبل الهجوم الإسرائيلي على لبنان، كان الحديث يجري عن "لبننة" العراق وجرّه إلى حرب أهلية على طراز نموذج لبنان ما قبل الطائف. واليوم، فإن المقاومة الإسلامية في لبنان تركت لها أصداءً كبيرة وقوية داخل العراق، بما يُـبشر بظهور واقع جديد و"لببنة" للعراق، لكن بشكل مختلف يترك حزب الله بَـصماته الإيجابية عليه.
في العراق، تستهدف معظم فصائل "المقاومة" المدنيين العراقيين والشرطة والدبلوماسيين الأجانب، وبعضها يركّـز على الشيعة فقط، بينما وضعت المقاومة اللبنانية الشيعية هدفا واحدا في رأسها: إسرائيل.
وفي العراق أيضا، سيدفع انتصار المقاومة، التي يقودها حزب الله إلى تغيير في ميزان القوى، وإلى إعادة ترتيب أوراق المعادلة العراقية، لأن طريقة حزب الله أحرجت على السَـواء "المقاومين" السُـنة، و"الحكوميين" الشيعة.
توجيه البوصلة!
نعم.. سُـنّـة العراق وشيعته اليوم في مأزق كبير، إذا لم يستعيدوا زِمام المبادرة والبوصلة بعد هذا الوهج لنصر الله ولشيعة لبنان. ويرى العديد من قادتهم أن عليهم الاستدراك فعلا، والبدء بتغيير المواقف لتجاوز إرهاصات الفِـتنة المذهبية التي تطوّرت كثيرا بين السُـنّـة والشيعة، وتهدّد على الدوام بانتقالها إلى محيط العراق الإقليمي.. لتَـعُـمّ.
لقد انشغل العديد من منظمات "المقاومة" العراقية، خصوصا القاعدة وزعيمها السابق أبو مصعب الزرقاوي، في صراع عنيف مع الشيعة بدلا من مُـنازلة الاحتلال، بما وضع العراق على أعتاب حرب أهلية وحتى دينية! إلا أن أداء الشيعة اللبنانيين، أعاد طرح السؤال الكبير بعد كل حادثة اقتتال مذهبي تشهده الساحة العراقية: من المستفيد من الصّـراع الطائفي الذي تُكتَـب فصولُه الدموية باسم الدين؟ سوى الاحتلال والسلطة الأمريكية الحاكمة في العراق.
سُـنّـة العراق اليوم أمامهم نموذج في المقاومة والقتال لا يستهدف إلا الاحتلال ويُـعيد رسم صورة للشيعة، بعيدا عن قراءات سُـنية متطرِّفة للتاريخ من خلال تكفير الشيعة وتقسيم المسلمين إلى فسطاطين: شيعة علي وسنـّة معاوية، وتحميل التاريخٍ أكثر مما هو عليه.
فك الارتباط
شيعة العراق لم يتغيّـبوا عن الإطار الشعبي العربي والإسلامي حول حزب الله، مثيرين مخاوف من فكّ عـرى ارتباطهم الوثيق بشرق أوسط واشنطن الجديد، وهذا هو ما أزعج أوساط المحافظين الجُـدد في الكونغرس الأمريكي، من تعليقات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول إسرائيل خلال خطابه في مجلس الشيوخ.
حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وقيادات شيعية مرموقة، أصدرت بيانات ندّدت بالهجوم الإسرائيلي على لبنان، ولكنها كانت بيانات خجُـولة لم ترْقَ إلى مستوى التضامن مع حزب الله، الذي تصنّـفه واشنطن في خانة التنظيمات "الإرهابية"، في خِـضَـمِّ التّـعاطف الشعبي، العربي والإسلامي، مع حزب الله وزعيمه، وسط حديث أخذ يظهر على السطح عن مخطط للانقلاب على المالكي، وأجواء توتّـر طائفي تشيعها قوات الاحتلال، وزعامات ترتبط بها من الجانبين.
حذّر آية الله علي السيستاني من عواقب وخيمة إذا استمرت الحرب على لبنان، ومقتدى الصدر أخفى "هوية" عضويته في حزب الله وأوعز إلى مقاتلي جيش المهدي بتنفيذ عمليات تستهدف الجيش البريطاني في البصرة كرسالة لها مَـغزى، طبيعة المشهد الذي سيكون عليه العراق إذا طال أمد الحرب في لبنان قائلا: "لا نُـريد مشاريع أمريكية في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى طرف تحالفه الوطيد مع حزب الله، دون أن يذكره بالاسم، إلى أن "الإرهاب الصهيوني لن يُـبعدنا عن المقاومة وعن العروبة وعن الإسلام والدِّين الحقيقي، وسنبقى يدا واحدة مع الشعب اللبناني من أجل إنهاء هذا الإرهاب".
إذن، مواجهة حزب الله مع إسرائيل ومن خلفها أمريكا، قد تدفع إلى بروز خارطة جديدة للقِـوى العراقية الرّافضة للاحتلال، والشيعة ليسوا بعيدين عنها، حتى وهم يُـصرّون على لسان السيد عبد العزيز الحكيم، أبرز زعمائهم، على فدرالية الوسط والجنوب، وعلى إعدام صدّام حسين.
وقد نشر قبل أيام في ذكرى اغتيال الحكيم، أنه كان يخطِّـط لاستخدام وسائل أخرى غير سلمية، إذا لم تُـفلح المقاومة السلمية في طرد المحتلين.
لكن، يجب أن نعرف أن المحاصصة الطائفية في العراق، تختلف عنها في لبنان. فالشيعة في لبنان كلهم، حتى العلمانيون، يقفون خلف "حزب الله" وحركة "أمل"، وتحالفهم مع عموم المسيحيين يخدمهم ويُحسـّن صورتهم، بينما تعصف بشيعة العراق الصّـراعات الحزبية الذين ينضوون تحت عدد غير محدّد من عَـباءات المرجعيات الدينية الكربلائية والنجفية، وحتى القمية أو الطهرانية، بل واللبنانية، ولا توحِّـدهم قيادة كاريزمية، كما في مثال حسن نصر الله الذي لم تنحصر شعبيته في حدود شيعة لبنان واللبنانيين.
وإذا كان حزب الله حرّر جنوب لبنان وصدّ العدوان على البلاد وطرد العدو، ما عزّز من ورقته في معادلة الطوائف اللبنانية، فإن شيعة العراق تورطوا – طوعا أم كرها – في مشروع الاقتتال الطائفي، ولو بالانجرار إليه.
حزب البعث وحزب الله
قبل الهجوم الإسرائيلي على لبنان، دأب ما تبقّـى من حزب البعث العراقي، الذي يكِـن عداءً تقليديا لحزب الله بسبب علاقته الوطيدة مع إيران، والاتهامات له بالتدخل في الشأن العراقي، على شن حملة إعلامية على حزب الله وزعيمه نصر الله، إلا أن أطرافا عدّة من البعثيين العراقيين، غيّـرت مواقفها من حزب الله في ضوء ما يُظهره من صُـمود وغِـيرة في مقاومة العمليات الهجومية الإسرائيلية.
وفجأة، وجد هؤلاء أنفسهم وجها لوجه أمام حقيقة الصّـراع الذي كانوا يخفُـونه طِـوال سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق، لأن الصِّـراع الرئيسي، ليس مع إيران، بل مع أمريكا، وأن العدو الرئيسي، ليس إيران، بل أمريكا.
وأخيرا، فإن ما يجري في لبنان، يُـعيد ترتيب المواقع للبعثيين ولتنظيم القاعدة، الذين يروِّجون لفِـكرة أن العراق ركيزة أساسية في الصّـراع مع إسرائيل، وأن مصير القضية الفلسطينية يتقرّر على أرض العراق، كما يردِّد البعثيون، وإقامة إمارة إسلامية في العراق يعجّـل في تحرير فلسطين، على حد ما قاله أيمن الظواهري، الذي أحرجه كثيرا موقف حزب الله الشيعي من إسرائيل ومن أمريكا.
نجاح محمد علي - دبي
http://www.swissinfo.org/ara/search/...st&sid=6941655
دخان النووي الإيراني.. من لبنان!
وهذا أيضا مقال نشر بعد المقال السابق .زأرجو الاطلاع عليه قبل الخوض في نقاش عن حزب الله ودوره في العراق...
..........
.........
دخان النووي الإيراني.. من لبنان!
15آب/أغسطس2006
لم يمنع الدخّـان المُـنبعث من الحرب الإسرائيلية التي شنّـت على لبنان، القوى الرئيسية في العالم من متابعة البرنامج النووي الإيراني، واستصدار القرار رقم 1696 من اجتماع نظم على عجل لمجلس الأمن.
فقد استغلت الدبلوماسية هدير المعارك في لبنان، لتمرر، في صفقة شاركت بها الصين وروسيا، القرار المذكور، غير عابئة بالإحتجاجات الإيرانية.
ظاهر الصورة كان هو الخشية من أن ينحرف التعامل مع البرنامج النووي الإيراني بتأثير حرب لبنان عن المسار المرسوم له، ليختفي أو يوضع على الرفّ، إلا أن الحقيقية كانت غير ذلك تماما.
فالدبلوماسية انطلقت هذه المرة من حرب لبنان، رغم كل ما قيل عن صلتها المباشرة بإيران، على الأقل في الحديث آنذاك عن "سرّ" تزامن عملية حزب الله بخطف الجنديين الإسرائيليين، مع فشل محادثات النووي بين إيران والاتحاد الأوروبي.
القرار 1696 صدر في مجمله ضد إيران ولم تسمح الصواريخ الإسرائيلية التي تساقطت فوق المدن والقرى الشيعية اللبنانية (التي تُـعتبر حاضنة قوية لحزب الله المدعوم من إيران) بالإستماع إلى أصوات الإيرانيين المُـعترضة والمتذرّعة بسلمية البرنامج النووي، لكنها لم تحجب رُؤية مُقترح الحوافز الذي قدمته الدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) لإيران من أجل تذكيرها بأن باب التفاوض معها ما عاد ممكنا إلا تحت ظلال الحرب في شرق أوسط جديد كان يُـراد للبنان الصغير أن يحدّد ملامحه.
يمكن القول أن قرار مجلس الأمن جاء في صيغة رسالة تحذير مشفوعة بإمكانية استخدام القوة لكي لا تفهم الجمهورية الإسلامية بطريقة خاطئة أن رهانها على الزمن وعلى إطالة أمد مفاوضاتها مع الأوروبيين، ومع روسيا أيضا، بشأن مقترحها حول تخصيب اليورانيوم فوق أراضيها، لا يخدمها، وأن صبر "المجتمع الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، علامة على الضعف والتردد.
ولذلك، حصل الإجماع في مجلس الأمن، وتم إبلاغ إيران بالقرار رقم 1696، فيما يشاهد مسؤولوها الفضائيات وهي تتسابق على بث صور الموت والدّمار الذي يحصد أنصار إيران والمتعاطفين معها في لبنان، ولينسج لدى عقول هؤلاء المسؤولين أفكارا أخرى حول ما يمكن أن تكون عليه الجمهورية الإسلامية، إذا ما رفضوا الامتثال إلى قرار مجلس الأمن، لأن الشّـوك الذي ترافق دائما مع "الحوافز"، ليس ناعما دائما، والولايات المتحدة تريد أن تؤكد لإيران أنها تستخدم معها مروحة من الإجراءات المختلفة، التي تُـبقي في الذّاكرة صُـوَر التّـغيير الذي جرى في أفغانستان والعراق، وأخيرا وليس آخرا في لبنان عبر قرار مجلس الأمن 1701، الذي انتصر لإسرائيل، وأراد تعويض فشلها العسكري الكبير مع رجال حزب الله.
لقد سعت الولايات المتحدة من خلال حرب لبنان العسكرية والدبلوماسية، احتواء النفوذ الإيراني في لبنان، باعتبار حزب الله من أهم ركائزه، وتحديد إطار هذا النفوذ الإقليمي في العراق أيضا من خلال تذكير الزعماء الشيعة هناك بسياسة العصا كأولوية أمريكية، سعيا لتقليم أظافر إيران ودفعها إلى التخلّي عن طُـموحاتها النووية، وتحجيم قُـدرتها على الردّ إذا تعرضت لهجوم عسكري.
وفي مخطط إضعاف احتواء إيران، سعت واشنطن أيضا من خلال الحرب التي أمَـرت بها إسرائيل في لبنان، إلى فكّ ارتباط سوريا بإيران، وأرسلت عدة إيحاءات أن الانفجار في لبنان قابل للتمدّد، حتى مع الاعتراف أنه لم يكن بسبب خطف الجنديين الإسرائيليين، ولم تكن إيران تقف وراءه بقدر ما أصبحت هي ضحيته، وأنها الهدف التالي بعد حزب الله، وأن المخطّط الذي أوعزت واشنطن إلى إسرائيل تنفيذه، كان يرمي إلى القضاء على حزب الله أو على ترسانته من الأسلحة، خُـصوصا الصاروخية، كواحد من أهم أذرع الممانعة الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، للاندماج بشكل كامل مع "المجتمع الدولي" بالعولمة الأمريكية، التي عبّـرت عنها بوضوح وزيرة الخارجية كونداليزا رايس عندما تحدثت عن "الشرق الأوسط الجديد".
دبلوماسية الحرب
وحتى بعد أن فشلت الحرب في تحقيق أهدافها، وجاء دور الدبلوماسية لتُـظهر واشنطن من خلال جولاتها المكُـوكية التي خُـتمت بقرار مجلس الأمن رقم 1701، عزمها على إيصال رسالة قوية جدا إلى إيران، مفادها أن الدول الست التي قدّمت لها رُزمة الحوافز، لن تتحمل أن تنضم الجمهورية الإسلامية إلى النادي النووي، إلا بشروط لا تملكها الآن، أهمّـها أن تتخلى إيران نهائيا عن فكرة "الإسلام المحمدي"، التي أطلقها الإمام الخميني الراحل، مقابل ما كان يُـسميه بالإسلام الأمريكيٍ، والتي أعاد أحمدي نجاد صياغتها وفق تداعيات الحالة اللبنانية بمعادلة "الإسلام المحمدي" مقابل "الإسلام الأموي"، وهو يرى طبيعة الاصطفافات مع أو ضد حزب الله.
"الإسلام المحمدي" من وجهة نظر الإمام الخميني ومن بقي على نهجه، يعني أن تسعى إيران إلى الحصول على كل مقوّمات الدولة العصرية ولا تتنازل عن أهدافها كثورة إسلامية تنادي بتحرير فلسطين وتَـعبيء العالم نحو فكرة زوال إسرائيل، ولو بعد حين. ولهذا، وجد احمدي نجاد الحل السهل لوقف الحرب على لبنان، وهو يقترح على القمة الإسلامية الطارئة زوال إسرائيل، ذلك الهدف الغائي الذي يبقى في الوجدان الإيراني، وإن كان مجرد حلم بعيد المنال.
قرار سياسي!
قرار مجلس الأمن حول إيران لم يكن على الإطلاق فنيا، أي أنه لم يصدُر بحسابات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لم تذكر حتى الآن أن برنامج إيران النووي يتّـجه لصنع قنبلة نووية، مع ملاحظة أن جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم المثيرة لـ "شكوك" الغرب، تجري تحت رقابة مفتشي الوكالة.
إذن يمكن القول أن مجلس الأمن الدولي استغل - وبقوة - أصداء الحالة اللبنانية، ليصدر بعد فترة طويلة من التعاطي الأوروبي شبه المرن مع إيران، أول قرار مُـلزم يُطالب إيران بوقف تخصيب اليورانيوم قبل نهاية شهر أغسطس، وإلا واجهت احتمال فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليها.
وتطالب الوثيقة، التي تم إدخال تعديلات على نصّـها الأصلي، بسبب اعتراض كل من روسيا والصين، طهران بوقف كافة الأنشطة المرتبطة بتخصيب اليورانيوم وإعادة تحويله، بما في ذلك ما يتعلق بالأبحاث والتحقيقات.
وفي حال عدم امتثال إيران لتلك المطالب بحلول 31 أغسطس، فإن المجلس سيدرُس كيفية اتّـخاذ التدابير المناسبة بمقتضى المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشير إلى إمكانية فرض عقوبات اقتصادية.
ويأتي القرار بعد اتفاق 12 يوليو القاضي بإحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن، بسبب عدم تقديمها لردّ على عرض الحوافز الدولية مقابل تخلّـيها عن برنامج تخصيب اليورانيوم، ولم يستمع لنداءات إيران أنها مستعدة للرد على العرض بحلول يوم 22 من نفس الشهر، الأمر الذي يثير تساؤلات عن سرّ هذه العجلة، وكأن مجلس الأمن الذي تُـهيمن عليه الولايات المتحدة، كان يتوقّـع نتائج أخرى غير التي تمت معينتها على الساحة اللبنانية.
ف المجلس هو الدفاع عن السلم العالمي، لكنهم يتجاهلون في قرارهم حول لبنان أي ذكر أو إشارة الى المجصحيح أن القرار لا يتطرق إلى موضوع العقوبات، ولكنه يرسل إشارة إلى إيران، أن هذه هي فرصتها الأخيرة لتتحوّل إلى دولة مدنية، حتى مع بقائها "جمهورية إسلامية"، إذا أصبحت مثل باكستان "الإسلامية"، تتخلى عن أصوليتها، ويمكنها حينذاك، ليس فقط الحصول على برنامج نووي وفق مواصفات العولمة الأمريكية، بل قد يُتاح لها أن تعيد بعض مجدها السابق "كشرطي" يساهم في تدعيم أمن المنطقة واستقرارها (خصوصا إذا ما تم استحضار أن المشروع النووي الإيراني في بداياته كان مدعوما بشكل مباشر من واشنطن في عهد الشاه المخلوع) أو أن عليها أن تتوقع ما هو أسوأ مما جرى على لبنان، على قاعدة تبدو مترسّخة في العقل السياسي الأمريكي تفيد بأن "الحرب هي الشكل الأكثر تحضرا للدبلوماسية"!
القفز رأسيا
جاء قرار مجلس الأمن رقم 1696 فيما كانت ايران تنهي آخر مراحل دراسة رزمة الحوافر التي قدمتها لها دول 5+1 في السادس من يونيو الماضي. وهنا لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
1- القرار يضغط باتجاه أن توافق ايران على رزمة الحوافز ربما في الموعد الذي حددته ايران وهو الثاني والعشرين من الشهر الجاري، لكن في ظل حراب القرار ومن وراء دخان الحرب في لبنان.
2- واذا رفضت ايران ما تسميه بالشروط غير القانونية فان القرار الذي لم يتحدث عن عقوبات، سيزيد من أجواء التوتر في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الغرب، وسيوجد جوا من عدم الاستقرار لدى الرأي العام، وبذلك يٌلقي القرار بالكرة في الملعب الايراني.
3- القرار 1696 يعكس أن روسيا والصين منحتا الولايات المتحدة ورقة مهمة، فقبل يوم من صدوره قال سرجي لافروف وزير خارجية روسيا إن بلاده سترفض أي تهديد أو تحديد موعد زمني لايران، وسترفض العقوبات عليها، وكذلك كان موقف الصين، إلا أن الاجماع على القرار يُشير الى أن صفقة ما تمت تحت الطاولة بين الدول الكبرى، وعلى ايران - تبعا لذلك - أن تٌقرن أي قرار تتخذه، بهذه الصفقة السرية.
4 – القرار جاء لتعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أضعفه مجلس الأمن بنقله النقاش حول البرنامج النووي الايراني الى رواقه السياسي في الوقت الذي أقر فيه مديرها محمد البرادعي بأن البرنامج الايراني لا ينطوي على أهداف عسكرية.
المثير في الأمر، هو أن أعضاء مجلس الأمن يعتبرون برنامج ايران السلمي تهديدا للسلام والأمن العالميين، ويؤكدون أن هدازر الوحشية التي ارتكبتها اسرائيل بحق الأبرياء اللبنانيين.
ومهما يكن من أمر، فان المؤكد - بعد أن تنجلي غبرة حرب لبنان - هو تلازم مساري القرارين 1696 و1701 من واقع يقول إن القفز رأسيا في الوحل اللبناني، يعزز من فرص ايران في مقاومة الضغوط عليها. وبقدر ماينجح "الدوليون" في تطبيق الممكن من القرار 1701 في لبنان، سيفعلون ذلك في ايران أيضا..
نجاح محمد علي - دبي
http://www.swissinfo.org/ara/search/...st&sid=6969450