(سقط القناع عن القناع):الوهّابيةالسعودية تحسم تفاهم"حزب الله"و"سلف"لبنان لصالح الفتنة
http://www.aljazeera.net/mritems/ima...32816_1_34.jpg
"الوهّابية" تحسم: "الفتنة..أوّلاً"!
كارل كوسا - 20/08/2008م -
"لا": قالها الظلاميّون برعبٍ مدوٍّ.
لم يحتملوا أن يُعلِن نهار صافٍ، بدأت تباشيره تلوح في أفق الوطن، المُنهك من اللون الأحمر القاني المستورد من الخارج، لم يحتملوا أن يُعلن هذا النهار علامات الخلاص الأولى، فقرّروا الانقلاب على الوفاق مجدّداً.
فمن شبّ على التكفير، مِن المستحيل أن يجد في غيره، على أعتاب شيبِه، ملاذاً "آمِناً" ووسيلة "سوبّر فعّالة" لإلغاء الآخَر، وإن كان هذا الآخَر شقيقاً في الوطن وأخاً في الإسلام.
يبدو أن "كلمة السرّ" الوهّابية حسمت، أمس، القضية: "الصراع المذهبي مستمرّ، والفتنة..أوّلاً"!.
فقبل أن تحتفي وثيقة التفاهم المُبرمة، أوّل أمس، بين "حزب الله" وقوىً سلفيّة بيومها الثاني، أبت "خفافيش الليل" إلاّ أن تُجهض جنيناً، كان سيشكّل، في حال تمت ولادته بيسر، مقبرةً لمشاريع الفتنة، التي أثبت إبطال مفعول التفاهم، أمس، أنّها ما زالت ذخيرة فئات إنعزالية و"أوكسيجينها" الأساس والأوحد.
وممّا لا شكّ فيه، بعد هذا الإجهاض القسري والمفروض أنّ التفاهم الوطني أمر مرفوض، لا بل ومنبوذ، لأنّه إذا ساد لأنهى نفوذ الفتنويّين الذين يحصّنون مملكاتهم الورقية بالتكفير والتحريض وبثّ الافتراءات المختلقة تاريخياً جملة وتفصيلاً.
جُمِّد "التفاهم" أو وُئِد؟ لم يعد مهمّاً تحديد المصطلح، بعدما تبيّن جلياً للعيان مَن يريد بناء دولة ومَن يخشى هذه الفكرة، فيمتثل للسلطان الوهّابي، مهندس "سيادة وحرّية واستقلال" لبنان الجديد، ليُبدّي الفتنة على الحوار!
"لا"، فجّرها الحاقدون عبوةً ناسفة، عن بعد، وقد ضُبط "الريموت كونترول" بالجرم المشهود، واعترف بعد التحقيقات بأنّ لا حول ولا قرار له إلاّ بالرضوخ. فـ"الريموت كونترول" مأجور وأداة لا تقوى على التفوّه سوى بـ "نعم" و"حاضر"، وإلاّ فـ"الريموت" المُفجِّر عينه مُهدَّد بـ "قلب السحر على الساحر".
لم يرق "الوطاويط" الارتياح الشعبي الذي خلّفه التفاهم الأخير في نفوس السواد الأعظم من أبناء الوطن. فانهالوا متوتّرين بسكاكين الشرذمة على أمل، كاد يوقف شلالات الدم ويقف سداً منيعاً أمام فتاوى التحريض "المبارك".
فبنود وثيقة التفاهم جاءت وطنية، مئة في المئة، ولم تمنح الغلبة لفريق دون آخر، كما أنّها لم تخرق دهاليز السياسية السوداء.
فهي وباختصار، لم تنصّ سوى على حُرمة الاقتتال الإسلامي- الإسلامي، إضافة إلى منع التحريض والشحن المذهبي من كلا الطرفين، ونبذ منطق التكفير أيّاً كان مصدره ومطلقه.
فمن يمتعض من تلك النقاط ويخافها، لا يكون ساعياً على أرض الواقع فعلياً إلاّ إلى تطبيق عكسها عبر التمديد اللا متناهي لسلطة: التكفير وإراقة الدماء الواحدة والتحريض المذهبي!
نُسِف "التفاهم"، حتّى بدا وكأنّ السلفيين منقسمون في ما بينهم بين وطنيين ومعتدلين وبين تكفيريين ومتطرّفين. فهل انتصرت السلفيات المسيحية والإسلامية على حساب العيش الواحد والتشارك ومنطق العقلانية؟ فمن غير المعقول أن تتوحّد بندقيات "السلفيات" المسيحية والإسلامية المتناقضة في ما بينها إلى درجة التكفير عبثاً إن لم يكن هناك مشروع وهدف يجمع مصالحهما السياسية.
وفي الحين الذي تتسابق فيه السلفيتان المذكورتان إلى الاستعانة بالخطابات الدينية التحريضية التي من شأنها شحن نفوس مناصريها عبر جرعات مكثّفة من العواطف الطائفية والمذهبية التي لا تمتّ إلى أيّ دين سماوي، وأكبر دليل على ذلك أنّهما يتجاهلان قتلة المسيح (ع) وقتلة المسلمين من صهاينة وأميركيين ويتجنّبان قتالهما، ويذهبان بفتنهما المتتالية إلى الداخل خدمةً لأعداء الوطن والأمّة، شاؤوا أن يعترفوا بذلك أم أبوا.
وأد التفاهم تمديد لسياسة الدماء المسفوكة، حتماً ليس بين الأعداء، والفتن المحبوكة في غرف سوداء تخشى التمديد لخطّ المقاومة ويرعبها بتّ استراتيجية دفاعية تخرجهم ممّا يسمّونه "حياداً إيجابياً"، ليس في الحقيقة سوى "تواطؤاً مفضوحاً"! فبين خيارَي الوطن والعدو لا حياد البتّة، سلبياً كان أو إيجابياً أو رمادياً.
من يُعرقل قيام الدولة وبلوغ الوطن؟..ومن ترعبه التفاهمات الوطنية ووأد الفتن؟ أسئلة لم تعد تتوسّل إجابات بعد يوم أمس.
ووحده صوت الشاعر العربي الكبير محمود درويش (رحمة الله عليه)، أمسى يدوّي من عليائه، ليطغى على صوت الفتنة والخداع بقوله: "سقط القناع عن القناع" فـ "يا أيّها المارّون بين الكلمات العابرة، إحملوا أسماءكم وانصرفوا،... كنِّسوا أوهامكم في حفرة مهجورة..وانصرفوا".