بغداد اليوم تسهر حتى منتصف الليل وقبل شهور قلائل كان السهر حكرا على الجماعات المسلحة
تقرير...بغداد اليوم تسهر حتى منتصف الليل وقبل شهور قلائل كان السهر حكراً على الجماعات المسلحة والميليشيات
الاسبوعية...تستقبل بغداد دفعات متتالية من أبنائها المهاجرين والنازحين كانوا يعتقدون ان العودة حلم بعيد المنال, وبغداد اليوم بامكانها ان تسهر حتى منتصف الليل وقبل شهور قلائل كان السهر حكرا على الجماعات المسلحة والميليشيات.
وقد استعاد البغداديون جلسات ابو نواس وسهرات كورنيش الاعظمية وعادت ضحكات الاطفال تملأ متنزهات العاصمة, التي تشهد حملات للاعمار والبناء - وان بطيئة بسبب الفساد الاداري والمالي - يراد لها ان تمتص موجات البطالة المتزايدة.
لكن بغداد تعرف جيدا ان امنها لم يكتمل بعد وان الحاجة ملحة الى تكثيف العمل الامني لتلافي انتكاسة غير متوقعة والعمل السياسي وصولا الى دولة القانون.
ويتجلى التحسن الامني في صور عديدة يتناقلها الاهالي بشيء من الدهشة، فالاعظمية الى الشمال من بغداد التي كانت من معاقل تنظيم القاعدة , استعادت بريقها المعروف وفتحت ابوابها مرة اخرى.
ويقول ابو سيف احد عناصر صحوة الاعظمية لـ«الاسبوعية»: الحياة عادت الى طبيعتها بشكل شبه تام، واستطعنا مؤخرا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي اشتهرت به منطقتنا بعدما انقطعنا عنه لسنوات، وفتحت الاسواق وعاد بعض المهجرين الى منازلهم، واليوم يشهد كورنيش الاعظمية سهرات حتى ساعات متأخرة من الليل بعدما اغلق لاكثر من خمس سنوات، وننتظر اعادة افتتاح جسر الائمة الذي يربطنا بمنطقة الكاظمية كما نأمل رفع الحواجز الاسمنتية التي تعرقل حركة المواطنين ولم يعد لها مبرر.
لكن ابو سيف يعتقد ان الوقت لا يزال مبكراً لحل الصحوات، ويرى ان بعض المخاطر لا تزال تهدد الأمن وأبرزها مخاطر الأحزمة الناسفة «التي لم نجد لها الحل الشافي بعد».
أعراس
منطقة حي الجهاد التي تخلصت لتوها من سيطرة الميليشيات يتلمس المواطنون هناك التغير في الوضع الامني من خلال استعادة مظاهر افتقدوها وقد كانت محرمة، ومنها عودة العرس البغدادي القديم والزفة المصحوبة بالموسيقى الشعبية، بدلاً من العرس الاسلامي الذي كان يفرضه المسلحون.
ويقول سعيد شاكر وهو صاحب محل لتأجير مستلزمات الافراح في حي الجهاد: بعد اختفاء عناصر الميليشيات شهدت منطقتنا عددا من الاعراس والاحتفالات الغنائية التي افتقدناها منذ سنوات بعدما فرض المسلحون علينا سابقاً احكامهم وتعليماتهم ولم يجرؤ احد على مخالفتهم لكن ملاحقتهم من قبل الاجهزة الامنية أزالت سطوتهم ونفوذهم.
بدورها تشير صابرين الطالبة في جامعة بغداد إلى انها اجبرت خلال فترة العنف الطائفي على ارتداء الحجاب لأن عناصر ما يسمى «دولة العراق الاسلامية» في منطقة الغزالية شمالي بغداد، كانوا يفرضون الحجاب وغيرها من الاحكام، كالزام الرجال باطلاق ذقونهم وتحريم الذهاب الى الحلاق.
لكن صابرين عادت مؤخرا الى ارتداء ما اعتادت عليه مستغلة اختفاء المسلحين عن منطقتها وهي تقول: حتى داخل الجامعة تغيرت الاجواء حالياً فقد تراجع نفوذ الطلاب المرتبطين بالميليشيات الذين كانوا يشكلون مراكز قوى داخل الكليات ويضيقون الخناق علينا، ويتحكمون بأقدارنا بطرق شتى، اما الان فانهم يخشون أن يقال انهم من عناصر الميليشيات ويخشون ان يتم اعتقالهم.
وكان عاما 2006 و2007، والفترة التي اعقبت تفجيرات سامراء قد شهدت اقتتالاً طائفياً راح ضحيته الالاف وهاجرت عائلات الى خارج البلاد فيما نزحرت اخرى الى اماكن متفرقة، واصبحت الاحياء شبه مهجورة لكن بعض الاحياء التي اغلقت سابقاً عادت الآن واستقبلت ابناءها مثل حي السيدية وحي الدورة مثلاً.
عودة جماعية
ويقول الناطق المدني باسم خطة فرض القانون تحسين الشيخلي ان عدد العائلات العائدة منذ حزيران (يونيو) الفائت بلغ ثلاثة الاف عائلة، وقد نظمت الحكومة رحلات جوية منظمة لاعادة اللاجئين العراقيين من مصر وستنظم رحلات مشابهة للعراقيين المقيمين في الاردن.
ويؤكد الشيخلي لـ«الاسبوعية» ان حملة اعادة اللاجئين لا تقتصر على الرحلات الجوية، فهناك تسهيلات ورحلات اخرى للراغبين في العودة الى وطنهم بعدما سمعوا بتحسن الوضع الامني الذي وصل الى نسبة 85 بالمئة في بغداد.
ويتابع: كما ان الرقم الديواني الرقم 101، الذي بدأ تطبيقهُ والقاضي بإخلاء منازل المهجرين قسراً، سيساعد الى حد كبير في إعادة الحياة الى طبيعتها في أحياء بغداد بعدما تراجعت أعمال العنف الى مستويات متدنية.
ويضيف: من مؤشرات عودة الحياة الطبيعة بدء عمليات الاعمار والبناء حيث تم تخصيص ثلاثة مليارات دولار لمشاريع البنى التحتية تمتد الى ثلاث سنوات، وهناك 150 مليون دولار لكل من مدينتي الشعلة والصدر، بالإضافة الى المبالغ المخصصة لتنمية الأقاليم والتي ستستفيد منها العاصمة في تنفيذ مشاريع تنموية.