واشنطن تتحفظ عن تعديل مسودة الاتفاق الأمني مع بغداد...
بغداد الحياة - 29/10/08//
شهد الخلاف بين واشنطن وبغداد في شأن الاتفاق الأمني تطوراً بارزاً امس، إذ بعد ساعات من إعلان الحكومة العراقية اقرار تعديلات على مسودة الاتفاق اعرب البيت الابيض عن تحفظات شديدة حيال تعديل الاتفاق المثير للجدل. وقال المتحدث باسم البيت الابيض غوردن جوندرو في بيان مقتضب ان واشنطن «لم تتسلم اي تعديلات من العراقيين. ونعتقد ان الاتفاق جيد، وبالتالي سيكون من الصعب اجراء اية تغيير فيه».
وكانت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان أعلنت ان الحكومة العراقية أقرت في جلستها أمس «تعديلات طفيفة» على مسودة الاتفاق. واوضحت الوزيرة في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» انه «تم البحث في كل بنود مسودة الاتفاق الامني في جلسة اليوم (أمس) واجرينا تعديلات طفيفة، وبعض التغييرات البسيطة كذلك». لكنها رفضت الكشف عنها. واضافت ان «التغييرات تتعلق بنقاط في الاتفاق تشكل تناقضاً او انتهاكاً للدستور والمالكي مكلف الآن بتقديم النص الجديد الى الجانب الاميركي».
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ ان «مجلس الوزراء اقر التعديلات الضرورية والجوهرية على مسودة الاتفاق (...) حسب الآراء والتوجهات الاساسية للكتل السياسية». واضاف «تم تفويض رئيس مجلس الوزراء عرض هذه التعديلات على الجانب الاميركي».
يُذكر ان المسودة تنص على انسحاب القوات الأميركية من المدن بحلول منتصف العام المقبل وسحب كل القوات من العراق في نهاية 2011. ويعتبر كل من العراق والولايات المتحدة انه من المهم انجاز اتفاق حول وضع القوات الأجنبية قبل انتهاء تفويض الامم المتحدة لهذه القوات في 31 كانون الاول (ديسمبر) 2008.
لكن اقرار الاتفاق تعثر حتى الآن بسبب خلافات بين بغداد وواشنطن في شأن مسائل عدة أهمها حصانة الجنود الأميركيين والانسحاب الكامل من العراق.
وقد تُعقد الغارة الاميركية على سورية الأحد الماضي احتمالات ابرام الاتفاق بصورة أكبر، خصوصاً مع تصاعد الخشية لدى دول الجوار من ان أي اتفاق أمني بين بغداد وواشنطن سيسمح للقوات الأميركية باستخدام الاراضي العراقية منطلقاً للقيام بعمليات عسكرية داخل هذه الدول.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع عن كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» عباس البياتي إن توقيت الغارة الأميركية على الأراضي السورية «غير موفق، وسيؤثر سلباً في المفاوضات الخاصة بالاتفاق الأمني مع واشنطن».
هامش المفاوضات يتقلص بسرعة....
أعلنت الحكومة العراقية أنها تريد إلغاء أي مادة في الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة تنص على امكان تمديد بقاء القوات الاميركية في العراق، بعد نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2011، فيما حذرت واشنطن بغداد من ان هامش المفاوضات «يتقلص بسرعة»، مجددة «عدم المساومة على بعض المبادئ الاساسية».
وتكثفت أمس الاتصالات المتعلقة بالاتفاق الأمني بين البلدين، إذ بحث رئيس «المجلس الاسلامي الاعلى» عبدالعزيز الحكيم مع رئيس الوزراء نوري المالكي في ما وصلت إليه المواقف من الاتفاق، فيما عقد رئيس الجمهورية جلال طالباني لقاء مع السفير الأميركي رايان كروكر شدد خلاله على «الانعكاسات الايجابية للاتفاق على ضمان الأمن والاستقرار في العراق»، وقال إن الجانبين أكدا «ضرورة تكثيف الجهود وتنشيط الاتصالات من اجل الإسراع في توقيعه».
وبعد إعلان الرئيس جورج بوش الأربعاء استعداد واشنطن لدرس بعض «التعديلات الطفيفة» التي تطالب بها بغداد، محذراً من أن «أي تغييرات قد تؤدي الى تقويضه»، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو أمس انه «من الصعب على العراق تبني الاتفاق. ولو كان ذلك سهلا لتم قبل الآن»، مشيرة الى الخلفيات التي تتحكم بمواقف الاطراف وتنوع مصالحهم، ولافتة الى ان «جزءاً كبيراً (من النقاش) يجري في الشارع العراقي». وأضافت: «ما زلنا نأمل ولدينا الثقة بإمكان التوصل الى اتفاق، لكن هناك بعض المبادئ الاساسية التي لا نساوم عليها».
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت وود صرح بأن «لدينا اتفاقاً جيداً»، محذراً من ان «هامش المناقشات والمفاوضات يضيق بسرعة».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النائب من «حزب الدعوة» علي الاديب ان الحكومة طلبت اجراء 5 تعديلات على مسودة الاتفاق أبرزها «إلغاء إمكان تمديد بقاء القوات الاميركية»، وأنها تطالب بأن «يكون انسحاب القوات من المدن بحسب التواريخ المحددة مع عدم ذكر اي فقرة تشير الى إمكان تمديد هذه التواريخ».
وتنص المسودة على انسحاب القوات الاميركية في «تاريخ لا يتعدى 31 كانون الاول (ديسمبر) 2011»، والانسحاب من «المدن والقرى والقصبات في تاريخ لا يتعدى 30 حزيران (يونيو) 2009». إلا انها تلحظ «السماح لكل من الطرفين ان يطلب من الطرف الآخر اما تقليص الفترة المحددة او تمديدها، ويخضع قبول مثل هذا التقليص او التمديد وتوقيت كليهما لموافقة الطرفين».
وتابع الاديب، الذي يعد قريباً من المالكي، ان بغداد تطالب ايضا بتعديل احدى مواد الولاية القضائية لأن «المســـودة تـؤكد ان السلطات الاميركية هي المرجع الذي يحدد ما اذا كان الجنود الاميركيون الذين يرتكبون مخالفات او جرائم يقومون بمهمة ام لا»، موضحاً ان «بغداد تشدد على ان تكون اللجنة المشتركة هي الجهة التي تحدد ذلك».
وفي ما يتعلق بـ «البريد»، قال الأديب ان «الحكومة تطالب بإخضاع كل المواد الداخلة الى العراق والخارجة منه للتفتيش والرقابة».
وأكد الأديب ان «الجانب الاميركي وعد بدراسة هذه التعديلات»، مشيراً الى «عدم وجود موعد محدد لتسلم الرد».