العداء الفارسي للعرب بين الحقيقة والوهم .. قراءة في كتاب مدافع آيات الله
الجزء الأول :
صنعة لا نرغب فيها : أن نكون محامين لغيرنا , ومطلبنا البحث عن الحقيقة , ونحن المحسودين في العراق , مقامنا بين الحقيقة والشبح , الوطنية والعمالة وبين الانتماء العربي والصفوي , وإذا ما حاول أي إنسان – عربي غير عراقي – البحث في هذا الموضوع الذي تتناقله ألسنة الجهالة في الطعن بالعراق أصالة ونسبا ودينا , لسوف يجد نفسه لأول مرة عريانا من كل الأفكار الوهمية التي لقنته له مدرسته السوءية أو مجتمعه الطاعن في الجهل تارة والغارق في بحر من الأحقاد تارة أخرى , ليجد نفسه بين مفترق طرق , لا يملك أي دليل ملموس لخيوط حقيقة وهمية أطروحاتها المتمثلة في قول – عرب مصر وغيرها من البلادات – إن أغلبية الشعب العراقي صفويون يتآمرون ضد الأمة العربية والإسلام , هذه الدعوة الحولية أو الرسالة التي تقرأ فقط في بعض المناسبات التي تمر بالعراق واليومية بالنسبة لدول الجوار وأقاصيها هي لغة قديمة والآن لغة شارع الحديث السياسي والإسلامي والجماهيري المجاور الحجري المتمرض , ولسوف لن تجد تلك الأطراف لغة الصحوة لإصابتها المزمنة بداء لا شفاء له " دكتاتورية الجهل " , وإذا ما شفيت من أمراضها سوف تجد نفسها في طور متأخر من عالمها , وقد يكون انتقالها هذا من الحالة السلبية إلى الايجابية في وقت سلبي لا ينفع في غاية الأمر بلوغ حقيقة هذه الأمة المتناخرة والمجندة حد الحزام مع الظلم كأنها في حالة عقم دائم تجاه إنجاب الصالحين .
إن الشعوب العالمية جاءت متجاورة مع بعضها كما ساق إليها قدرها بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان , ولو كانت بإرادة تدخل الجهد البشري في صناعة التوزيع الجغرافي لما نشأت هذه الصورة الطبيعية الرائعة على سطح الأرض المتناغمة مع بعضها ذات ألوان جاذبه , من هنا كان الواجب يتحتم في بناء علاقات حسن جوار لأجل بناء الأوطان والعيش بسلام وامن , وان عقد الاتفاقيات التي تهتم بالصلح والتعاون المشترك والتفاهم , هذا دليل على وعي وتقدم الأمم وتحررها من عقل الغابة والعصور الصخرية الأولى من ضياء فجر التاريخ البشري الأول , وإنها تفكر بعقل وتحزم بحكمة وأخيرا باعتبار ذلك احد المسلمات الممدوحة في العقائد السماوية والإنسانية .
إننا أبناء اليوم , أبناء العراق الحديث ما بعد التغيير , وجدنا إيران الفارسية تجاورنا من الشرق وتركيا من الشمال ومن الغرب حتى الجنوب ديار العرب , وليس لنا قدرة سحرية في تغيير هذا الشكل الجغرافي - الذي ورثناه أب عن جد – ومتى ما وجد هذا الحل وان كان بمساعدة شياطين الجن والإنس لاستعنا بذلك, وما تقاعس احدنا في تغيير جغرافية الوطن ومحل إقامته , لعل هذا الحل يرضى دول الجوار من حيث ابتعادنا عن الصفويين أو لعلنا نبحث عن دول جوار تحط رحالها عند الحدود الغربية حتى الجنوبية لها خلق رفيع وعقيدة تلتزم بها شعوبها وتحترم الجوار قبل كل شيء .
ولكي لا يختلط الحابل بالنابل , ويضيع الموضوع في متاهات عقيمة السرد لا تلد سوى أمرا مرفوضا , فقد وضعت مجموعة أنفسهم في قالب التمرد والاحتجاج وآخرين بين العقم والوقوف على التل اسلم , علما بان ما في العقيم حميد أحيانا وخبيث في أخرى والعياذ بالله , إذا ما كان هنا تشخيصا يعتمد على المعايير التي يقبلها القوميون الذين لا يريدون مسألة " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكنه ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وما دامت الأعمال واضحة - وكذب من ادعى إن له علما يكشف له ما تحمله القلوب سوى الله وأنبيائه وأصفيائه الذين أطلعهم على بعض غيبه - , هكذا نريد أن نتحقق وننبه إلى بعض الأعمال التي تلغي الوهم وتثبت الحقيقة , هنا نريد أن نثبت الحقيقة من بطون الكتب التي كتبوها بأقلامهم ذات الماء الأسود , كتب الرادين علينا بالعمالة , الرادين علينا بالسب والشتم في أي محفل من محافل الأرض يذكر فيها كلمة " عراقي " وبما إن الكتب كثيرة لكثرة المتحدثين منهم في جادة لهو الحديث من القيل والقال ولم يتركوا من الوقت للآخرين في البحث والتمحيص سوى حل الكلمات المتقاطعة باعتبار إن الأمر المبثوث فيه يمثل نهاية الحقيقة .
من منا لا يعرف الكاتب المصري محمد حسين هيكل صاحب الكلمة والنفس الطويل في الكتابة حتى ملئت كتبه أحضان المكتبات , وقد طاف بقاع المعمورة القريب منها والبعيد , ترويجا لبضاعته وطلبا في إتقان حرفته , حتى زمجر مع المطبلين وسها مع الساهين , والله مطلع على ما تضمر القلوب .
" مدافع آية الله " كتاب يحكي قصة إيران الفارسية والثورة من الألف إلى الياء , جاءت صياغة مفرداته بين التشديد مرة والتعرية والتضعيف تسعا , بين أن يكون باحث فاقد يبحث عن الحقيقة وباحث جاهل حاقد يشوه وينجس الحقيقة , أراد إن يقايس الأحداث بالموازين التي يراها صائبة وحسب النظرية التي تعلمها في بيئته وأتقنها منذ صباه , إن الخروج على الحاكم لا يجوز شرعا وان كان ظالما وضالا متجاوزا حدود الله , أمراً يتطلب الاعتدال عنه ولا يحق لأي من الرعية أن يفكر فيه ولو طرفة عين , إتباع الحاكم مسألة تتمركز عليها الشريعة كما يراها ويرون , فيما إذا قامت ثورة في العالم يظنوها إنها الأخيرة , ولعل الظن هذا لقليل في موقعه ما دام هناك أماني كبيرة , أن تكون الأحداث المتخصصة في الانتقام من الأنظمة الكاسدة والظالمة تتوقف , باعتبار ذلك مفسدة في الأرض تتوقف الحياة عندها ولن يثمر الشجر بعد إذ ,إنه لا يريد أن يسمع بكلمة التحرر تلك الدابة التي تأكل عرش الدكتاتورية وعصاباتها " كان ظني إن الثورة السوفيتية هي آخر ثورة استطاعت فيها الجماهير غير المسلحة أن تواجه جيش السلطة وأن تنتصر عليه , وحتى الجيش الذي واجهه الشيوعيون في روسيا القيصرية كان جيشا مهزوما وضائعا , فقد تسعة أعشار سلاحه أمام الألمان قبل أن يفقد العشر الباقي منه أمام الثوار " , هكذا يرتب كلماته في مقدمة كتابه , بين تحجيم الأحداث وتفريغها من الانتصار الكبير للشعوب فوق كل خلاف ضد الحكومات الظالمة , وهكذا يدون ظنونه السيئة بالشعوب , تجاه مسألة السلاح والدماء هي السبيل الوحيد في نجاح الثورة مما يساعده هذا الاعتقاد في رقع عقيدة احترام الظلمة الذين إذا خرجوا من محل سكناهم بعملية قيصرية , حينها تبقى الأم – الوطن – تنزف دما , صورة لا يريد أن يشاهدها الكثير ويحتجبون عنها في ظل سيادة الخليفة أو الخرافة المتمثلة في جلالة الملك .