المالكي: ثلاثة مصادر للقوة
المالكي: ثلاثة مصادر للقوة
علي السعدي
"اغضب المالكي اصدقاءه، واغاظ اعداءه، ومع ذلك يستمر في اتخاذ قراراته، فعلى من يعتمد في ذلك؟" هذا ما تساءلت عنه مصادر امريكية في ايحاء
مقصود الى دعم دولة مجاورة وهي محاولة للطعن بمصداقية الرجل وتوجهاته الوطنية.
ليس في قوة المالكي من اسرار، فهي ببساطة تنهل من منابع داخلية شديدة الوضوح، يمكن اجمالها بعوامل ثلاثة:
1- صحة التقدير وجرأة القرار، لقد اتخذ الرجل سلسلة من القرارات في ظروف كانت تبدو ظاهريا في غاية الخطورة، لكنها في الواقع ملائمة تماما، ذلك ما يحتاج تبيانه نظرة دقيقة وتقدير سليم، وهو ما حصل فعلا .
ابتدأ اول القرارات بالتوقيع على اعدام (صادم) بشكل علني، وقد نجح التوقيت كما القرار، ثم توالت الافعال الصائبة، مواجهة الامريكان لانتزاع الصلاحيات، الوقوف بوجه من حاول خرق الدستوربمطالب فئوية او قومية، ثم خوض مواجهة عسكرية مع قوى كان مجرد (الدق) فيها يهدد بنسف العملية السياسية، فكانت سلسلة من المعارك الناجحة في الجنوب كما في الشمال، ثم الصمود بمواجه ضغوط قادمة من كل اتجاه، لم يتراجع الرجل في موقف، ولم يخسر معركة، وهذا ما الهب المخيال الشعبي، فأدخل المالكي بصورة البطل الشعبي الذي يواجه الاعداء منفردا وببسالة،وتلك صورة افتقدها العراقيون طويلا، وقد داعبت مشاعرهم وكبرياءهم الجريح، الى درجة يمكن الجزم بأن الرجل لو طرح النفير العام، لوجد الملايين يلبون نداءه، ويبدو ان ذلك ما يخشاه الاصدقاء والخصوم على حدّ سواء، متسترين بمقولة (عودة الدكتاتورية) .
2: كاريزما القيادة : يمتلك الرجل ميزتين قلما اجتمعتا في (زعيم) عراقي او عربي، سرعة الفعل وندرة القول، ذلك لأن الرجل قطع شوطا في محاربة الارهاب وتثبيت الامن، قبل ان يعقد سلسلة من اللقاءات يشرح فيها مافعل، وبالتالي قلب الصورة النمطية التي كنا نسمع فيها ولا نرى، حيث مازال الكثير من (زعاماتنا) يمارسون سياساتهم وفق مبدأ (لسان مهذار و وعود كاذبة).
تلك الصورة من الفعل ثبتت بدورها اقدام الرجل وجعلت خصومة يخشون ماسوف يفعله لأنه سيقدم عليه حتما، لذا تقوم قائمتهم كلما اشار الى نقطة ما .
يضاف الى كل ذلك، بساطة المظهر وبداهة السلوك / فالمالكي يبدو (ابن ملحاء) كما يطلق العراقيون تحببا على اولئك الرجال الصلبين الذين ينتسبون الى الارض العراقية ويشكلون خصبها وملحها معا، فهو يتصرف بتلقائية لكن بصواب ويتحدث بمقدار لكن بذكاء، ذلك مابدأ يرتسم في اذهان الناس عن رجل اسمه نوري المالكي .
3: ارباك الخصوم واحراج الاصدقاء: أنت قوي حين لايكون لديك اسرار تخشى انكشافها أو تركب اخطاء تريد سترها، تلك قاعدة ذهبية في السياسة كما في الحياة، وكما يقول المثل الشعبي (امشي عدل، يحتار بيك عدوك)، لذا يتمسك المالكي في تطبيق الدستوروتثبيت القانون، وهو ما يجعل الاخرين ممن يريدون انتقائية في الدستور (وعجنه) ليلائم مصالحهم، يرتبكون حينا ويفقدون صوابهم احيانا اخرى، حيث تظهر صورتهم مشوشة مهزوزة أمام صورة واضحة المعالم، اذ ان مطالبهم المعقدة وغير المفهومة، تقابلها مواقف المالكي الواضحة والواثقة طبقا للدستور، لذا فان اي من تلك القوى، لن يستطيع مناظرة المالكي – تلفزيونيا مثلا – قبل ان يغامر بفقد آخر اوراق التوت لديه، اي ان يضع نفسه في موقف محرج .
تلك هي بإختصار مصادر القوة لدى المالكي، وهي مصادر ليس بالامكان تحصيلها بسهولة، لكنها ايضا ثابتة بما يكفي للمراهنة عليها واستلهامها .