محافظة البصرة.. بين "صلعة" برنادشو ولحيته
مدون دجلة ...
محافظة البصرة.. بين "صلعة" برنادشو ولحيته
هذا هو الشهر الأخير من عام "الاعمار والقضاء على الفساد الاداري"، والحال بقي كما هو في محافظة البصرة صاحبة أغنى موارد وافقر تنمية! فعلى الرغم من زيادة التخصيصات المالية لمحافظة البصرة في ميزانية الدولة للعام 2008 فان هذه التخصيصات لم تحدث تنمية طموحة، فالتركة كبيرة والاهمال مزمن والحروب والحصار الدولي وما تلاهما من نهب وتخريب للقطاع العام جعل اعادة البنية التحتية للمحافظة وتأهيل وتطوير ميناء العراق ومطار البصرة والطرق والجسور وتأهيل مصانع القطاع العام وبالاخص البتروكيمياويات والصلب والحديد وغيرها واستصلاح الاراضي الزراعية والقضاء على التصحر الذي انتقل الى مركز المدينة ومناطقها الزراعية كالفاو وأبو الخصيب وتوفير مستلزمات اعادة الزراعة وتأهيل مشاريع الري والخدمات من إعادة صيانة وتوسيع الطرق والجسور ومشاريع الماء والمجاري والصحة والتعليم يتطلب تخصيصات اكبر بكثير مما سجل لهذه المحافظة، كما ان المنح الدولية ما زالت ضئيلة جدا.
المطلوب اعادة النظر في التخصيصات المالية وتنشيط العمل من قبل الوزارات المعنية باعادة تأهيل مصانع القطاع العام والموانئ والزراعة وغيرها بالمقابل يتطلب من مجلس محافظة البصرة التحرك داخليا وخارجيا لجذب الاستثمارات خاصة في المشاريع الانتاجية...
ولكن يبدو أن عدداً كبيراً من مسؤولي المحافظة ومجلسها وقادة الاحزاب والكيانات السياسية فيها قد استلذوا بهذا الوضع خصوصا ان الانتخابات المحلية على الابواب وانهم يئسوا من احتمال انتخابهم مرة اخرى من قبل أهل البصرة المغلوبين على أمريهم..
موارد كبيرة وتنمية فقيرة.. هذا هو حال البصرة، الذي يشبه حال المفكر الساخر برناردشو، إذ تقول حكايته: ان سيدة طلبت منه ذات يوم أن يشرح لها معنى مصطلح الرأسمالية بلغة سهلة, فما كان منه إلا أن قال لها: الرأسمالية مثل رأسي ولحيتي، وفرة في الانتاج, وأشار إلي ذقنه, وسوء في التوزيع, وأشار الي رأسه الصلعاء. كان هذا أسرع وأطرف تعريف للرأسمالية. ولكنه دفع برنارد شو لكي يكتب كتابا كاملا عن الموضوع.
في كتابه ذاك يصف شو الرأسمالية كعربة يحوي خزانها كمية لاتنفد من الوقود. وهذه العربة تنطلق إلي الأمام بأقصي قوتها, ولكنها تفتقد شيئين هامين هما: المقود والمكابح. ولذا فهي تصطدم بجميع المنحنيات والحواجز التي تعترضها, ولهذا نراها تغير مسارها, دون أن تتوقف أبدا.
موارد البصرة تناولتها استراتيجية تنمية محافظة البصرة للاعوام 2007 – 2009 والتي تحددت أهدافها بـ:
1 – استكمال وتطوير البنى التحتية.
2 – السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
3 – تحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية والصحية.
4 ـ القضاء على الفساد الاداري واشاعة قيم النزاهة والشفافية.
5 – تأمين السكن الكريم للجميع والقضاء على البطالبة
6 – تطوير برامج حماية البيئة.
7 – اشاعة ثقافة القانون والتأكيد على الشفافية
أما المهام المطلوب تحقيقها في مجال التنمية الاقتصادية هي:
1 – التحول الى اقتصاد السوق او استخدام النظرية الاقتصادية المناسبة للواقع العراقي والبصري خاصة...
2 دعم القطاع الخاص كونه قوة مؤثرة في التنمية الاقتصادية.
3 – خصخصة المشاريع الصناعية التي ليست لها جدوى اقتصادية لان استمرارها وبقاءها سيشكل عبئا على الدولة.
4 – دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الدعم المالي والاستشاري.
5 – تعديل سياسات منح القروض والتسهيلات المصرفية، وان لا تكون القروض على اساس الضمانات العينية فقط.
6 – سن سياسات اقتصادية ومالية وضريبية ملائمة من بينها الاعفاء التام او الجزئي للمشاريع الصغيرة من ضريبة الدخل لفترة مناسبة للسماح بتكوين رؤوس الاموال.
7 – التشجيع على تأسيس المؤسسات التي تقدم الدعم الاستشاري والمعلوماتي والمالي.
8 – التأكيد على ان يكون دور غرف التجارة والصناعة لدعم المشاريع التنموية وتطوير الصناعات المحلية.
9 – العمل على تشجيع التصدير وتحرير التجارة الخارجية.
10 – تفعيل دور الرقابة النوعية للمنتجات المستوردة.
وهناك أهداف اخرى في مجالات الاستثمار الاجنبي، والتأمين والأسواق الحرة فضلاً عن تشجيع الاستثمار للشركات الوطنية والمحلية.
أما آليات التنمية فقد حددها المنتدى الذي عقد في البصرة أواخر العام الماضي وحضره كبار المسؤولين العراقيين إذ أعلن عن اطلاق ثلاث آليات لدفع اقتصاد البصرة الى الامام، أولها تشكيل (هيئة تنمية البصرة) وهي مؤسسة استشارية بالتعاون مع رجال أعمال عراقيين وبريطانيين مهمتها التنسيق بين القطاع الخاص والسلطات الرسمية في البصرة لتفعيل خطة التنمية الاقتصادية في المحافظة وتضم هذه الهيئة مفوضين من جميع مفاصل القوة التي تؤثر في اقتصاد المحافظة، فبالاضافة الى مفوض من المملكة المتحدة هناك مفوض عن مجلس المحافظة وآخرين عن الحكومة المركزية في بغداد ورجال الاعمال في المحافظة ومستثمرون اقليميون..
كما تم الاعلان عن تأسيس (مؤسسة تشجيع الاستثمار في البصرة) بموجب قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2007، لتنتمي الى هيئة استثمار وطنية وتوجه الاستثمار في البصرة!!
استثمارات اخرى اعلنت عنها هذه الاستراتيجية "التي بقيت حبراً على ورق" منها الاستثمار النفطي واستثمار مادة الغاز الطبيعي وانشاء مصاف حديثة وانشاء محطات كهربائية لضمان استقرارية الانتاج النفطي وزيادة عدد محطات التعبئة للغاز والمنتجات النفطية وتعزيز اسطول السيارات الحوضية الناقلة للنفط وتأهيل واعمال المستودعات النفطية!! والشيء نفسه يتعلق بقطاع النقل والموانيء.
موارد البصرة كثيرة، وهي لا تعد ولا تحصى.. ولكن.. وآه من لكن.. فهذه الموارد حالها حال لحية برناردشو الكثيفة، فهي "أي الموارد" يتحكم بها قلة من مسؤولي البصرة في المحافظة و"الدكاكين" الحزبية.. أما الغالبية المسحوقة من أهالي المدينة، فحالهم حال صلعة السيد برناردشو، لا يملكون من هذه الموارد شيئاً، بل حتى برميل النفط الذي تتبجح وزارة النفط بتوزيعه على المواطنين، تبلغ قيمته حوالي 45 الف دينار عراقي، يقوم العديد من المواطنين الذين يقعون تحت مستوى "خط الفقر" ببيعه لسببين:
أولهما عدم امتلاكهم لقيمته، وأما السبب الثاني لحاجتهم الماسة لبيعه في السوق السوداء وبالتالي يمكنهم الحصول على مبلغ من المال يسدون به رمق أطفالهم لعدة أيام..
ألم يحن الوقت بانصاف البصريين وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم؟؟
هذا ما نتمناه ونحن مقبلون على عام جديد، جعله الله آمنا على العراق وأهله..
الصور لنهر العشار في الستينات من القرن الماضي وأواخر عام 2008 !!