حذاء في وجه جماعة "الإعتدال"
بندر اليامي - شبكة الملتقى
لا تلتفتوا كثيراً لتناسي الجمهور السعودي والكثير من نخبه للبعد الطائفي، في خضم "الاحتفاليتة" بالانجاز الذي حقق الصحفي العراقي "منتظر الزيدي" برجم الرئيس الاميركي جورج بوش بفردتي حذائه يوم الأحد الماضي. لا تلتفتوا للتصفيق الحار الذي رجّ الفضاء الاعلامي السعودي، لصالح شاب "شيعي" طالما كان الجامع المشترك الوحيد لهذا المشهد هو ازدرائه والتحقير منه ووصمه بأقذع الأوصاف.
لا تلتفتوا لذلك، ليس فقط لأن الصنبور الطائفي يفتح في السعودية بقرار ويقفل بقرار. ولكن هناك وسط إحتفالية السعوديين بلطم الرئيس الاميركي بالحذاء ما هو أهم.
فجأة اكتشف السعوديون أنهم كانوا مجرد "رهائن" في طائرة مخطوفة، وأن اصطفاف الحكومة السعودية في صفّ الاعتدال العربي ليس سوى "صورة" فلكلورية تماثل صورة الأمراء وهم يؤدون رقصة الحرب بسيوف مذهبة في عرضتهم النجدية. فالاعتدال الاميركي الذي حشرت فيه السعودية لم يكن فقط "حفلة نفاق" لتكوين جبهة عربية – اسرائيلية ترعى المصالح الاميركية، بل كان الإعتدال السعودي خالي المضمون، فهذا الجمهور الذي خرج عن ثقافة السلطة وأبتهج في الصحف ومواقع الانترنت والمنتديات بسيل هائل من التعليقات والشعر والكلمات والمقالات التي دبجت للاحتفال بما حقق منتظر الزيدي.. كشف إلى أي حد كانت ثقافة الاعتدال على النمط السعودي "رخوة" وغير ذات معنى.
فالجمهور ومعه الشعراء والادباء وبعضهم اعضاء في مجلس الشورى المعين، "أحمد بن عثمان التويجري – مثالا" وبعضهم صحفيون حكوميون كرئيس تحرير جريدة الوطن (جمال خاشوقجي).. ومذيعون.. واساتذة جامعة.. عبروا بابتهاج عن "كرههم" للسياسة الاميركية، و"بغضهم" للتصرفات التي تقوم بها العسكرتارية الاميركية، وعلناً أظهروا "الشماتة" على ما فعل برئيس الدولة الأعظم في العالم.
فماذا بقي من ثقافة الاعتدال سوى تلك القشة التي لازالوا يتسترون بها. الناس هناك في السعودية، أظهروا علناً وعبر الصحف أنهم لا يحبون السياسة الأميركية، ويحملون إحباطاً كبيراً تجاه الإدارة الأميركية الحالية، ولم تنفع كل محاولات التسويق الحكومية التي كانت السلطة تمارسها لتجميل الارتهان في المحور الأميركي، وتمويل وتغطية المغامرات الأميركية – الإسرائيلية ضد الفلسطينيين واللبنانيين. فالحادث الذي وضع الحذاء في وجه الرئيس الأميركي وضع السياسة الأميركية الحالية في المنطقة برمتها في مرمى الأحذية ووضع معها القوى المعتدلة التي مهدت الطريق لاحتلال العراق وارسلت فرق الارهاب لتعزيز التقسيم الطائفي، وغطت حرب تموز 2006 وقتل السكان المدنيين وتجويع ومحاصرة سكان غزة في فلسطين.
كان همّ القوى المعتدلة تكوين جبهة لمساندة النفوذ الأميركي واستيعاب اسرائيل في المنطقة بعد هزيمتها في لبنان، ودعم الدور الأميركي في الصراع مع ايران.. واغراق المنطقة في الصراعات الطائفية حتى يسهل محاصرة قوى الممانعة في ايران وسوريا والحركات الحليفة لهما. لكن الاستراتيجيين السعوديين الذين غذوا التطرف الاصولي وكونوا جماعات مرتبطة بالاستخبارات مهمتها اشعال الفتن الطائفية، كما كونوا فرقا أخرى تدافع عن المشروع الاميركي، تفاجأوا أن الشعب في غالبه من جميع الفئات أبدى ارتياحاً محفوفاً "بالشماتة" للتعبير المهين الذي لقيه الرئيس بوش حليف السعوديين وحبيب النفط والذي كان منتشياً قبل شهور في رقصته مع أمرائهم. وكأن الزمن لم يتغيرّ ومحاولات التسويق للمشروع الأميركي لم تفلح، فلا زال التعبير العفوي في السعودية شبيهاً إلى حدٍ كبير بما يعبر عنه المواطنون العرب في فلسطين ولبنان والأردن والعراق وتونس والمغرب والجزائر.. فالجميع لا يحبون الجبهة الأميركية ولا تحظى السياسة الخارجية للمحافظين الجدد اصدقاء السعوديين وحلفاء بندر بن سلطان بأي شعبية بينهم.. فلمن يعزف هؤلاء ألحانهم إذن؟
