في اعياد ميلاد المسيح:أطفال العراق يوقدون الشموع وعودة بابا نويل وهو يحمل الهدايا لهم
ب أ: أوقد مئات الأطفال العراقيين في مدرسة ببغداد أمس، الشموع وتبادلوا الهدايا إيذانا ببدء الاحتفالات بأعياد الميلاد والعام الجديد، في تقليد سنوي اعتادته هذه المدرسة منذ العام ١٩٦٣.
وحمل بابا نويل الهدايا؛ وهو يتجول في الصفوف الدراسية بمدرسة (الابتكار) الأساسية في بغداد؛ التي تضم طلبة في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة من المسلمين والمسيحيين، في ظل أجواء من البهجة والأفراح، وترديد الأناشيد والأغاني.
ولا يمكن تمييز الطلاب والطالبات؛ وهم يرددون أناشيد وأغاني الميلاد، وعودة بابا نويل وهو يحمل الهدايا ليضفي أجواء من البهجة والأفراح، بين الطلبة في عام دراسي جديد، إذ ارتدى الجميع الملابس الزاهية، وحملوا بأيديهم البالونات ودمى بابا نويل، وألعابا أخرى، وتجمعوا حول شجرة لأعياد الميلاد، وهم يرددون أغانيهم.
وأعلنت الحكومة العراقية اليوم عطلة رسمية في أرجاء البلاد، بمناسبة أعياد الميلاد.
وقالت الراهبة أسماء نايف (31 عاما)؛ مديرة مدرسة (الابتكار) الأساسية في بغداد «أردنا أن نحتفل؛ اليوم ليلة الاحتفال بمولد المسيح، ونعيد ذكرى الولادة وخلق أجواء من الفرح عند الأطفال، وكفانا معاناة، لنعمل على خلق البسمة والفرحة بدل العنف والأحزان، ونرسم أمامهم مستقبلا لأن الأطفال هم مستقبل العراق».
وأضافت أسماء «نشكر الله على تحسن الوضع الأمني هذا العام، وإننا نعمل على إبعاد الطلبة عن أجواء الطائفية والتحزبية السياسية، ونخلق بداخلهم الشعور الوطني والانتماء إلى الوطن».
وتأسست مدرسة الابتكار العام 1963، حيث كانت في بدايتها مدرسة مسيحية أهلية اسمها مدرسة ماريو حنا الحبيب؛ التابعة إلى راهبات الكلدان، وأصبحت حكومية بعد تأميم المدارس في العراق. وهي تضم الآن 2800 طالب، بينهم 150 طالبا وطالبة من المسيحيين، والباقي من المسلمين والطوائف الأخرى، يمارسون الدراسة بشكل اعتيادي، كما يدرسون مناهجهم الدينية كل حسب دينه، في أجواء من التعايش والحرية.
وقالت أسماء «أنا شخصيا لم أتهيأ كثيرا للاحتفال، بسبب فقدان أخي وخالي في انفجار وقع في مدينة الموصل، في الأول من الشهر الحالي، لكن هذا لا يمنع من إقامة الاحتفال في المدرسة، كتقليد سنوي لإضفاء الفرحة والبهجة عند الطلاب، لأن ما جرى ليس ذنبهم، ولأنه أكيد سيولد المسيح وأكيد ستأتي سنة جديدة، رغم كل الحزن والألم».
وتحدثت بحسرة وألم عن ظاهرة تهجير المسيحيين خلال الشهرين الماضيين، من قبل جماعات مسلحة في مدينة الموصل، لافتة إلى أن «تهجير المسيحيين في الموصل أثر في نفسي كثيرا، لكني أعتقد أنها سحابة عابرة، وأتمنى أن نعيش مثلما كنا في السابق، في تعايش أخوي بغض النظر عن الدين أو المذهب».
وتابعت «أتمنى أن يكون العام الجديد عاما للأمن والاستقرار، وتكون بغداد منبعا للسلام، وأن نقوم بأداء طقوسنا في هذه الليلة، ولاسيما قداس منتصف الليل، بعد أن حرمنا منه طوال السنوات الخمس الماضية، من جراء الوضع الأمني» المتردي.
وتشهد الأسواق العراقية حركة شراء نشطة بمناسبة أعياد الميلاد، إذ تعرض أنواعا فاخرة من الهدايا وأشجار أعياد الميلاد، وأنواعا مميزة من البالونات والأجراس، ومواد الإنارة الملونة الزاهية، ونماذج متنوعة من دمى بابا نويل.
وأضافت أسماء «تمت تهيئة الأجواء للاحتفال بأعياد الميلاد في الكنيسة، وفق الإمكانات المتاحة، وتهيئة المغارة التي ولد فيها المسيح حتى يشاهدها المحتفلون، وتهيئة شجرة الميلاد بلونها الأخضر المرصع بأنواع من الدمى ومواد الإنارة، والأمل موجود في الحياة».
واتخذت السلطات العراقية تدابير أمنية في محيط الأديرة والكنائس في بغداد والمحافظات، فيما ستؤجل عملية إقامة قداس منتصف الليل في الكنائس هذا العام أسوة بالأعوام الماضية، لتوفير مزيد من الأجواء الآمنة للمسيحيين لإحياء احتفالاتهم، وسيكون بإمكان المسيحيين أداء قداس منتصف الليل في اليوم التالي.
لكن هذا لا يمنع عددا من الكنائس في المناطق ذات الكثافة المسيحية، من أداء قداس منتصف الليل، بحضور عدد محدود من الأشخاص في الكنائس القريبة من منازلهم.
وأشارت أسماء إلى أنه «لا توجد أي مشاكل في المدرسة في دراسة الأديان، لأن الدين هو الأخلاق، وأن العائلات المؤمنة لا يمكن أن تغرس في نفوس الأطفال أفكارا سيئة، بل تغرس مبادئ الدين الصحيح ومبادئ الأخلاق، ولاسيما أننا بلد شرقي، وأهله يلتزمون بهذه الأمور».
وتابعت «أتعامل مع جميع المعلمات بروح الأخوة، وهناك عدد كبير من المعلمات المسلمات، إلى جانب المعلمات المسيحيات».
وأضافت «سأتبادل اليوم التهاني مع الأهل والأصدقاء وأتبادل الهدايا، لكن أجمل هدية تلقيتها كانت من إحدى الطالبات، وهي عبارة عن دمية بابا نويل، وأنا أعتز بها ووضعتها في غرفتي».
واختتمت الراهبة أسماء كلامها بأمل في أن يكون «العام المقبل عاما للأفراح والتعايش بين جميع العراقيين، وعاما للأمن والاستقرار» في عموم العراق.