معكم معكم من خلف الزجاج الواقي
معكم معكم من خلف الزجاج الواقي
عُدت بذاكرتي الى أوائل السبعينيات من القرن الماضي وأنا اُتابع جولات بعض السياسيين في حملاتهم الانتخابية حيث كان حزب البعث حديث عهد بالسلطة ولم يمسك بكل الشارع العراقي ولم يكن مسيطرا على كل مرافق الحياة وكانت التعليمات لاعضاء الحزب تقضي بسفر أعضائه الى المحافظة التي يتواجد فيها اي عضو للقيادة القطرية او وزير او عضو مجلس قيادة الثورة انذاك ،وحينما شكا عزت الدوري من قلة أنصار البعث في احد محافظات العراق قبل سفره اليها قال له ((السيد النائب)) أنذاك لاتخف وفعلا تفاجا عزت الدوري بجماهير لم يكن يتوقعها وانتفخت اوداجه وبدأ صوته يعلو شيئا فشيئا مع ان بنيته وصوته لم يسعفاه كثيرا ولكن المفاجأة أنسته حجمه.
واليوم تحاول بعض الاحزاب والكتل أن تحذو حذو حزب البعث في تجميع الجماهير لكي تظهر إعلاميا قوة استقطابها وشعبيتها والتاثير على بقية الجماهير في انفعالات العقل الجمعي .
وهذا ماكان في تجمع العاشر من محرم حيث اتجهت المواكب باتجاه الاحياء الفقيرة وبالتحديد احياء المتجاوزين من خلال الوعود بتمليك الاراضي المشغولة في حال حضورهم هذا التجمع حيث يحضر السيد الذي ببركته تنتقل ملكية هذه الاراضي اليهم .
وهكذا الحال في الزيارات الى المناطق الجنوبية في محافظة ميسان وغيرها حيث أُشيع بين الناس في الاحياء الفقيرة في المحافظة بتوفير وظائف وتوزيع تبرعات من قبل السيد فتتهافت الجماهير طمعا في الحصول على مايسد رمقها او يطفئ بعضا من حاجتها.
ولا يهمني إن كان هؤلاء السياسيون يعلمون بهذه الاجراءات أو لايعلمون ولكني أبحث عن الخطاب المتوازن ومصداقيته وان يكون فعلا ((تنافس الاصدقاء)) كما أشار عمار الحكيم في تصريحاته قبل فترة الى بعض وكالات الانباء العالمية.
ولكنني ارى السيد الصغير الذي برز بعد التغيير بديلا عن والده بصحبة عمه حيث لايحبذ السيد عبدالعزيز الخطاب الجماهيري واللقاءات الجماهيرية وهو تمرس على الجلوس في الغرف المغلقة ولاعمال اخرى طيلة الفترة التي قضاها في ايران ،وربما زاد المرض الذي ابتلي به من الاعباء بحيث تجبره على عدم المشاركة الواسعة في الفعاليات الميدانية وكانت لوفاة أخيه السبب الاكبر في التواجد على الساحة الاعلامية وتعينيه كرئيس للمجلس الاعلى ،وبعد اشتداد المرض واختفاءاته المفاجئة اضحى الدور الاول لعمار الحكيم لكي يكون القائد الضرورة للمجلس ،وها هو يمارس كل الادوار التي هي من مهام الرئيس.
ومع شعور المجلس الاعلى بسحب البساط من تحت أقدامه وتغير اتجاه الشارع العراقي الى غير قائمته التجأ الى الاسلوب السلبي في حملته الانتخابية وركز في ذلك على قائمة ائتلاف دولة القانون من خلال خطابات عمار الحكيم الذي يعتبرونه الوجه الاول والمحدث الاول وهو القائد بعد أبيه في حال حدوث أمر ما ((لاسامح الله)) وهكذا رأينا عمارا يهاجم ايحاءا مرة من خلال الدفاع عن الشعائر الحسينية مع أن عمه السيد محمد باقر الحكيم (رحمه الله) كان له رأي واضح في تطهير الشعائر الحسينية و((أفتى )) بحرمة التطبير ولكن عمارا خالف عمه للضرورة الانتخابية وهو الذي يتغنى بمآثره وأرائه ويحاول أن يستنسخ جميع أفعاله وحركاته
ومرة نرى السيد الصغير يركز على توفير الخدمات ويطالب الحكومة بكذا وكذا وهو يعلم قبل غيره أن الحكومات المحلية في بغداد والنجف والسماوة وبابل هي من أتباع المجلس الاعلى ولا تأتمر الا بأوامر السيد وهي التي اخفقت في توفير الخدمات ولكنها نجحت في توفير العمولات وتمرير الصفقات حتى اتخمت الخزائن بمليارات الدنانير وملايين الدولارات ما المصاريف التي رصدت للحملات الانتخابية الا دليلا بسيطا وينبغي لنا أن نتساءل ((من أين لك هذا؟))
ويمكن لادنى متتبع أن يقوم بجولة بسيطة في منطقة الكرادة للاطلاع على المكاتب والشركات الوسيطة التي تشترط نسبا معينة تضاف على المبلغ المرصود للمقاولة او يحاول أن يستثمر اموالا في هذه الوزارة او تلك ليرى اقرباء وكوادر السيد والسيد نائب الرئيس في طريقه يعرضون قوتهم في تمرير أو ايقاف أي مقاولة يريدون .
وعودا على خطابات السيد عمار في جولاته في المحافظات الذي بدأ يخلط بين صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الوزراء متغافلا او ناسيا اوربما تفاجأ بالحشود الجماهيرية فبدأ بالخلط والتجاوز ليحذر مرة من الديكتاتورية او المركزية ويطالب بصلاحيات اوسع للحكومات المحلية التي أثبتت فشلها خلال الخمس العجاف .
وادعو السيد عمار ومن يقف خلفه الى مراجعة الخطابات قبل تحفيظها له ونصحه بعدم رفع صوته أكثر من المعتاد حيث ان بنيته وجسمه لايسعفانه في مثل هذه الامور والجماهير تستطيع التمييز بين ماهو شعار وبين ماهو عمل وأصبحت تميز بين المتحدث الذي يكون بمستوى شعاره وان يكون فعلا معكم معكم في حلهم وترحالهم ومعاناتهم وبين من يقول ويرفع صوته معكم معكم وهو واقف خلف الزجاج المضاد للرصاص!!!!!
عبدالامير علي الهماشي