باقر الصدر منا سلاما .. ساهموا في احياء ذكرى الشهيد الصدر ..
ساهموا في احياء ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر واخته الشهيدة بنت الهدى
عظمة الشهيد الصدر في شخصيته .. وقداسته تتجلى في سلوكه وسيرته، شخصية قل نظيرها في التاريخ ... وسلوك أنبل وسيرة غدت المثال والمحتذى .. فهو رحمه الله .. منذ أنفاسه الاولى ، ومنذ بدايات حياته عاش لله ومن أجل القيم ... وكل لحظة من لحظات حياته مجبولة بعشق الهي لا حدود له، منذ نعومة أظفاره ، ومنذ أن رأت عيناه النور ، وهو يرنو نحو محبوبه الأوحد ... يروض نفسه بالتقوى ليأتي آمناً يوم الخوف الأكبر .. كبُر الخالق في نفسه ، فصغر ما دونه في عينه ...
زاهد استهزئ بالدنيا ، فهي لا تساوي عنده عفطة عنز ... خاشع ترتعد أطرافه في محراب العبادة ... يتجافى جنباه عن المضاجع ، وتفيض عيناه بالدمع ولهاً وخشية واشتياقا ... صادق ليس في قوله خطل ولا في عمله فتور ...
يقول رحمه الله : (... ما هي هذه الحياة؟ لعلها ايام فقط. لعلها اشهر فقط. لعلها سنوات. لماذا نعمل دائماً ونحرص دائماً على اساس انها حياة طويلة؟ لعلنا لا ندافع الا عن عشرة ايام، الا عن شـهر، الا
عن شهرين. لا ندري عن ماذا ندافع. لا ندري اننا نحتمل هذا القدر من الخطايا، هذا القدر من الآثام، هذا القدر من التقصـير امام الله سـبحانه وتعالـى وأمام ديننا. نتحمله في سبيل الدفاع عن ماذا؟ عن عشرة ايام؟ عن شهر؟ عن اشهر؟ هذه بضاعة رخيصة نسأل الله سبحانه وتعالى ان يطهر قلوبنا وينقي ارواحنا، ويجعل الله اكثر همنا، ويملأها حباً له، وخشية منه، وتصديقاً به، وعملا بكتابه) .
السطور التالية تتحدث عن قبسات من سيرته المباركة رحمه الله :
ولادته ونشأته :
ولد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر في مدينة الكاظمية المقدسة في28/ 2/1935 م ، وكان والده العلامة المرحوم السيد حيدر الصدر من علماء الاسلام البارزين. وكان جده لأبيه وهو السيد اسماعيل الصدر; زعيماً للطائفة، ومربياً للفقهاء، وأحد المراجع العِظام في العراق.
أما والدته فهي بنت المرحوم آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين، وهو من أعاظم علماء الشيعة ومفاخرها. فقد السيد الشهيد والده وعمره أربع سنوات ، وقد تولى الإشراف عليه بعد فقدان والديه أخيه السيد إسماعيل الصدر. ومنذ أوائل صباه كانت علائم النبوغ والذكاء بادية عليه من خلال حركاته وسكناته.
سيرته وأخلاقه :
لقد كانت لشهيدنا الغالي روح ملكوتية قد تمخضت يقيناً وكمالاً، وتجلت طهراً وصفاء، لا يشوبها شئ من السوء يعيب طهارتها، ولا يمازجها نزر من الريب ينقص حظها من يقينها ورسوخها في عالم الحقيقة، ولا عجب فهي حفيد الكمال، وسلالة الطهر وعترة اليقين، قد ترادف النسب والسبب على تنقيتها، وتناهض الأصل والعمل على الارتفاع بها إلى بحبوحة الحق أسوة لمن أرادوا الله، وقدوة لمن عشقوا الذرى والمجد. إن العقول الكبيرة كثيرة، والأفهام المشهورة موفورة، أما النفوس التي تقاد بزمان العقول، والقلوب التي تملك
أعنتها الأفهام، والسلوك الذي يصنع على عين اللب وبيده، فتلك نوادر قلت، وشوارد قد استعصى طلبها، وأعيت على سعي الطالبين.
إن شهيدنا الغالي قد استحوذ على القلوب، وكان له موضع الإعظام قبل النفوس لعمله قبل علمه، ولتقواه قبل فهمه، ولنزاهته وقداسته قبل عبقريته وإحاطته، لذلك عشقه من لا يعرفون العبقريات ليقدروا أهلها بقدرها، وشغفت به حباً من لا يدركون العقول النافذة والأفكار المبدعة ليعظموا أصحابها، ويدينوا بالإكبار لذويها، ويخفضوا لهم جناح الذل طاعة وانقياداً. ان أبرز صفات السيد الشهيد التي يمكن ايجازها هنا هي :
1 ـ حبه وعاطفته: ان من سمات شخصية المرجع الشهيد تلك العاطفة الحارة، والأحاسيس الصادقة، والشعور الأبوي تجاه كل أبناء الأمة، تراه يلتقيك بوجه طليق، تعلوه ابتسامة تشعرك بحب كبير وحنان عظيم، حتى يحسب الزائر أن السيد لا يحب غيره، وإن تحدث معه أصغى إليه باهتمام كبير ورعاية كاملة، وكان سماحته يقول: (إذا كنا لا نسع الناس بأموالنا فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا؟) .
2 ـ زهده: لم يكن الشهيد الصدر زاهداً في حطام الدنيا، لأنه كان لا يملك شيئاً منها، أو لأنه فقد أسباب الرفاهية في حياته، فصار الزهد خياره القهري، بل زهد في الدنيا وهي مقبلة عليه، وزهد في الرفاه وهو في قبضة يمينه. وكأنه يقول (يا دنيا غري غيري) ، فقد كان زاهداً في ملبسه ومأكله لم يلبس عباءة لا يزيد سعرها عن خمسة دنانير (آنذاك)، في الوقت الذي كانت تصله أرقى أنواع الملابس والأقمشة ممن يحبونه ويودونه، لكنه كان يأمر بتوزيعها على طلابه.
3 ـ عبادته:أما عبادته رضوان الله تعالى عليه، فقد كان له من آبائه الأكرمين سجية العشق الإلهي، وخصيصة الهيـام بالبـاري ، فكان معشـوقه دائم
الحضـور في قلبه، واصب الشخوص أمام عينيه، لا يفتر عن ذكره مسبحاً له أو تالياً لكتابه، أو هادياً إليه منيباً لأحكامه. فمن الجوانب الرائعـة في حياة الشهيد الصدر ( رحمه الله ) هو الجانب العبادي، ولا يستغرب إذا قلنا: إنه كان يهتم في هذا الجانب بالكيف دون الكم، فكان يقتصر على الواجبات والمهم من المستحبات. وكانت السمة التي تميّز تلك العبادات هي الانقطاع الكامل لله سبحانه وتعالى، والإخلاص والخشوع التامين، فقد كان لا يصلي ولا يدعو ولا يمارس أمثال هذه العبادات، إلا إذا حصل له توجه وانقطاع كاملين.
4 ـ صبره وتسامحه:كان السيد الصدر أسوة في الصبر والتحمل والعفو عند المقدرة فقد كان يتلقى ما يوجه إليه بصبر تنوء منه الجبال، وكان يصفح عمن أساء إليه بروح محمديّة .
دراسته وأساتذته:
كانت علائم النبوغ بادية على وجهه منذ طفولته، فقد تعلم القراءة والكتابة وتلقى جانباً من الدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية، وهو صغير السن وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية دون أستاذ. ودرس المنطق وهو في سن 11 من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق . وبدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد اسماعيل الصدر في بداية 12 من عمره ، ثم هاجر السيد الشهيد من الكاظمية المقدسة إلى النجف الاشرف عام 1365 هـ لإكمال دراسته، وتتلمذ عند شخصيتين بارزتين من أهل العلم والفضيلة وهما: آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين ، وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.
تدريسه:
بدأ السيد الصدر في إلقاء دروسه ولم يتجاوز عمره 25 عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الاولى في علم الأصول بتاريخ 12 / جمادي الآخرة / 1378 هـ وأنهاها بتار يخ 12 / ربيع الأول / 1391، وشـرع
بتدريس الدروة الثانية في 20 رجب من نفس السنة، كما بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى في سنة 1381هـ .
وخلال هذه المدة استطاع السيد الشهيد أن يربي طلاباً امتازوا ـ حقاً ـ عن الآخرين من حيث العلم والأخلاق والثقافة العامة، لأن تربية السيد الصدر لهم ليس منحصرة في الفقه والأصول، بل أنّه يلقي عليهم في أيام العطل والمناسبات الأخرى محاضراته في الأخلاق، وتحليل التأريخ، والفلسفة، والتفسير لذا أصبح طلابه معجبين بعلمه وأخلاقه، وكماله إلى مستوىً منقطع النظير، ولهذا حينما يجلس السيد بين طلابه يسود بينهم جو مليء بالصفاء والمعنوية.
مؤلفاته:
لقد كتب الشهيد السعيد للأمة الإسلامية في كل حقول المعرفة الدينية والفكرية، مراعياً مختلف قطاعات الأمة ، فكتب لها في نظرية المعرفة وتفسير الكون ووجود الله تعالى بأسلوب المقارنة مع المدارس المضادة كالمدرسة الماركسية والمنطقية الوضعية، وكتب لها عن المهدي على أساس الحقائق العلمية والعقلية في إطار المسيرة العامة للبشرية؛ مجيباً على كل الأسئلة المطروحة في شخص المهدي، في كتاب بحث حول المهدي.وكتب لها في الرسالة والرسول مثبتاً بالأدلة القاطعة ربانية الإسلام ونبوة محمد بن عبدالله (ص) في كتاب المرسل والرسول والرسالة.
كما كتب الشهيد السعيد في العبادة الإسلامية، وأوضح بأن العبادة ضمن إطار الحاجات الثابتة التي يواجهها الإنسان في جميع العصور على أساس حاجته للارتباط بالمطلق مع الإشارة إلى الدور الاجتماعي في العبادة ذاتها في كتاب نظرة عامة في العبادات الإسـلامية،هذا ولم يكن السـيد الشهيد يكتب للترف أو للمجد الشخصي، وإنما للأمة الإسلامية بهدف التحرك الفكري والسياسي والاجتماعي والجهادي، ومن أجل تحقيق الحكم الإلهي العادل، ولذا تميزت كتاباته بالروح الحركية، وعلى هذا قال الشهيد السعيد في مقدمة كتاب فلسفتنا : (وكان لابدّ للإسلام أن يقول كلمته في معترك هذا الصراع المريرـ الصراع الفكري
على أرض الإسلام ـ ليتاح للأمة أن تعلن كلمة الله وتنادي بها وتدعو إليها كما فعلت في فجر تأريخها العظيم، وليس هذا الكتاب إلا جزء من تلك الكلمة..)، ولكي يجابه الإنسان المسلم أعداءه بالمنطق الذي تفرضه المرحلة التي يعيشها، ولكي يطرح الإسلام بمنطق يتناسب وروح العصر؛ جاءت كتابات الشهيد السعيد ثرية بالحيوية وتجديدية بمعنى الكلمة، فأسلوبها يتمتع بالسبك اللغوي المتين ومنهجيتها حديثة عصرية. ومن هذه الكتب :
1 ـ فدك في التاريخ ، 2 ـ دروس في علم الأصول 3 ـ فلسفتنا ، 4ـ اقتصادنا ، 5 ـ الاسس المنطقية للاستقراء ، 6ـ بحث حول المهدي ، 7ـ بحث حول الولاية ، 8 ـ نظرة عامة في العبادات ، 9ـ رسالة في علم المنطق ، 10ـ غاية الفكر في علم الأصول ، 11ـ المدرسة الإسلامية ، 12ـ المعالم الجديدة للأصول ، 13ـ البنك اللاربوي في الإسلام ، 14ـ بحوث في شرح العروة الوثقى ، 15ـ موجز أحكام الحج ، 16ـ الفتاوى الواضحة ، 17 ـ تعليقة على الرسالة العملية للسيد محسن الحكيم ،18ـ المدرسة القرآنية ، 19ـ الإسلام يقود الحياة: وقد صدر منه ست حلقات في سنة 1979 هي: أ ـ لمحة تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في ايران، ب ـ صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي. ج ـ خطوط تفصيلية عن اقتصاد المجتمع الإسلامي. د ـ خلافة الانسان وشهادة الأنبياء. هـ ـ منابع القدرة في الدولة الإسلامية. و ـ الأسس العامة للبنك في المجتمع الإسلامي . 20 ـ المرسل ، الرسول ، الرسالة .
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث شاهدا على من قتلوه..