الإستعداد و التجهيز للعرس
rri
الإستعداد و التجهيز للعرس :tuschel:
من يدري ربما يأتي وكيل شاب آخر أكثر ثراء و يطلب يد الخطيبة أو قد تجد أسرة الشاب عروسا أغنى أو أجمل لابنه . أحيانا كانت أسرة الشاب تفسخ الخطوبة بسبب تردد شائعات في القرية عن تصرف غير لائق للفتاة .. وأيا كان السبب فإن الأسرة التي تفسخ الخطوبة يجب أن تعوض الأسرة الأخرى عن أية نفقاتها لعقد الخطوبة .. عموما كان الريفيون ينظرون بعين الشك إلى الأسرة التي تتراجع عن الزواج ويعتبرون فسخ الخطوبة إهانة لا سيما إذا كان سببه ماديا بحتا أو إذا كانت عائلة الشاب تصغي إلى الشائعات الخبيثة و الأقوال اللاذعة دون أن تتأكد من صحتها ...
في الفترة المتبقية حتى عقد الزواج كان لأسرتي الفتاة و الشاب نصيبهما من العمل و المساهمة في إعداد حفل العرس .. قبل كل شيء كان من واجب أسرة الفتاة إعداد المهر الموعود بكماله وإن كان ناقصا تحرص على إكماله بأسرع وقت .. كما كان من واجبها تحضير وليمة الزفاف ولكنها كانت تتقاسم بعض تكاليفها مع أسرة الشاب . فكان والد الفتاة يقدم اللحم و الدقيق و المشروب بينما كانت والدة الشاب و قريباتها يساهمن في تحضير ببضع الأطباق .. وكان على الشاب استئجار العازفين ودفع أجورهم لهم بينما كانت أسرته تقتني الهدايا التي ينبغي تقديمها للعروس في يوم العرس .. وكانت أسرة العروس من جهتها تشتري الهدايا التي تقدم للإشبين و زوجته وكذلك لوالدي العريس و الأقارب المقربين ..
كان اختيار الأشبين أول خطوة تقوم بها الأسرتان بعد عقد الخطوبة .. في الغالب كانت أسرة الشاب تختار الإشبين من بين الأقارب أو الأصدقاء المقربين وكان أب الشاب في العماد أول من وقع عليه الاختيار.. وفي حال اعتذاره كان أحد الأقارب يحل محله .. و الجدير ذكره أن السبب الرئيسي في اعتذار الإشبين يتمثل في كون زوجته حاملا فحسب العرف الاجتماعي يحظر على النساء الحوامل القيام بمهام الإشبينة في مراسم الزواج . وأيا كان الشخص الذي تختاره الأسرة إشبينا إلا أنه يجب أن يكون متزوجا إذ أن لزوجته أيضا التي تسمى إشبينة دورها في حفل الزواج .. و الحقيقة أن مهمة الأشبين و زوجته لا تقتصر على حضور قداس الزواج في الكنيسة و حمل شمعتي الزفاف وإنما لكل واحد منهما واجبات عديدة أخرى .. باختصار فإن الأشبين يساهم بالمال في تغطية بعض النفقات المتعلقة بتنظيم حفل الزواج و يشرف على وليمة الزفاف ولا سيما على جمع الهدايا والعطايا من الضيوف أثناءها . أما الإشبينة فتصنع شمعتي الزفاف وتزينهما و تجهز سرير الزوجية و ترافق العروس من منزل والديها إلى بيت العريس ..
على الشاب و الفتاة أيضا اختيار أفراد موكبي العروس و العريس من بين أقاربهم و أصدقائهم . هناك مواكب من الفتيان و مواكب أخرى من الفتيات .. ولكن الشاب كان يختار أولا المنادين ومهمتهم التجول في القرية لتوجيه الدعوة لحضور الزفاف إلى سكانها القرية باسم العريس و عروسه . أثناء تجوالهم في القرية ك يحملون عصا مزينة بمناشف مطرزة ..ولهم كذلك دور في مراسم الزواج لاحقا ..
ولكن أهم شخصية في موكب العروس و العريس هو الخطيب الذي كان الشاب يختاره من بين أحد أصدقائهم البليغين . والخطيب هو في الحقيقة نظير وكيل الشاب أثناء مراسم طلب اليد و الخطوبة . وكثيرا ما كان الوكيل يتولى أيضا دور الخطيب في حفل الزفاف و كان يخاطب العروس و العريس بعد عقد الزواج في الكنيسة و يتقدم لهما بالتهاني باسم الجميع . وأثناء وليمة الزفاف كان يلقي قصائد و يثري العروس و العريس وأسرتيهما و الإشبين و زوجته و وكان يقص الحكايات الهزلية و يضحك الحاضرين بطرفه و مزاحه ..
أما موكب الفتيات فتتكون من مساعدات العريس و مساعدات العروس .ومساعدات العريس تقمن بتطريز المناشف التي تزين عصا المنادين كما أسلفت .. أما مساعدات العروس فمهامها أكثر و أصعب حيث عليهن تطريز المناشف التي توزع أثناء مراسم الزواج على أقارب العريسين و بعض أصدقائهما ..كما عليهن الحضور إلى منزل العروس يوم الزفاف لمساعدتها على تضفير شعرها و تزيينه و وضع التاج على رأسها . ولدى خروج العروس من البيت للذهاب إلى الكنيسة يغنين لها ما يسمى بأغنية الوداع .. و في موكب العرس تشكل مساعدات العروس عنصرا ملفتا جدا لما يتميزن به من أناقة فإن أزياءهن فاخرة و مطرزة يخترنها من أجمل ما في حوزتهن من ثياب عيد ..
يستغرق العرس التقليدي في الأرياف يومين ثلاثة وتقام أثناءه عدة ولائم أهمها الوليمة الكبيرة التي تعقب قداس الزواج في الكنيسة والتي يحضرها عدد كبير جدا من الضيوف . ولتحضير مثل هذه الكميات الكبيرة من الطعام كانت والدتا الشاب و الفتاة تطلبان مساعدة نساء القرية . فكانتا تختاران من بين المسنات ثلاث نساء و تحضرانهما إلى بيتيهما في الأيام السابقة لحفل الزفاف و تكلفانهما بالطبخ و الخبز مقابل أجور .... وفي يوم الزفاف كانت المسنات يساعدن نساء العائلتين في مد الموائد و ترتيبها و تقديم الأطباق للضيوف ..
و على مدار السنين تبسطت مراسم طلب اليد و عقد الخطوبة و تخلت عن بعض الممارسات التي أشرت إليها في الحلقات السابقة إلا أن مراسم عقد الزواج لا تزال تحتفظ بالعديد من عناصرها التقليدية .
