ضوء على الانتخابات الهندية الاخيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أخشى ان يتسائل البعض عن سبب نشر الموضوع في الشبكة , فالموضوع لا علاقة له بالعراق من بعيد أو قريب , ولكن رأيت في الموضوع ابعاد اخرى , وهي الأطلاع على تجارب الشعوب الاخرى , فهي مادة جاهزة تنفعنا في حياتنا , دون المرور بالتجربة .
.................................................. .................................
trt
الانتخابات الهندية
تقييم البروفيسور حيدر جاقماق رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة غازي التركية
توجد العديد من الميزات التي تفصل الانتخابات التي جرت في الهند عن مثيلاتها الاخرى. فالميزة الاولى هي كونها تستغرق شهرا واحدا، والميزة الثانية كونها تُعد أكبر انتخابات ديمقراطية في العالم بسبب كون الهند ثاني أكبر دولة ديمقراطية في العالم. هذا وإذا انتقلت الصين ذات يوم الى الديمقراطية وبدأت باجراء الانتخابات الحرة، فانه من الممكن أن تفقد الهند ميزتها هذه آنذاك. جرت الانتخابات البرلمانية في الهند بين السادس عشر من ابريل/نيسان والثالث عشر من مايو/ايار ۲۰۰۹. ونالت الى جانب حزب المؤتمر الموجود في السلطة أحزاب الائتلاف الاخرى التي تتحرك معه والمتشكلة من الأحزاب الديمقراطية – العلمانية والتحالف اليساري على الأغلبية مجددا في البرلمان. تمكنت هذه الأحزاب من الفوز بـ ۲٦۲ مقعد في المجلس الوطني المتكون من ٥٤۳ مقعد. هذا وسيواصل رئيس الوزراء مان موهان سينغ مهامه. كما يوجد بين الفائزين في هذه الانتخابات كل من صونيا غاندي عقيلة نجل انديرا غاندي الى جانب نجليه أيضا.
تأتي الهند في المرتبة الثانية بعد الصين من ناحية عدد سكانها البالغ مليار و۱۷۰ مليون نسمة. هذا وقد استخدم ٦۰% من الناخبين البالغ عددهم ۷۱٤ مليون شخصا صوتهم في ۳٥ ولاية. وقام حوالي مليوني من موظفي الأمن باداء المهام لحماية ۱۲٤ ألف صندوق للانتخابات.
لا يوجد نموذج آخر في العالم مثل الهند من ناحية بنية السكان والبنية الاجتماعية. ولاتمتلك أي دولة أخرى في أراضيها بنية اجتماعية وثقافية معقدة من هذا القبيل. ان الأديان والمذاهب والأعراق والمجموعات والطوائف واللغات المختلفة تؤدي الى مواجهة الادارة الهندية لصعوبة كبيرة في ادارة البلاد. فعلى سبيل المثال توجد في الهند ثلاثة آلاف طائفة ترتبط بها ۲٥ ألف طائفة فرعية اخرى. اللغة الهندية والانجليزية هما اللغتان الرسميتان في الهند. ولكن توجد في ۳٥ ولاية ۱۸ لغة رسمية اخرى. كما ان البنية الدينية أيضا هي الاخرى غنية في البلاد، إلا ان القسم الأكبر من الشعب أي حوالي ٥ر۷۹% منه يتشكل من الهندوس. وتأتي الهند بعد كل من أندونيسا وباكستان كثالث أكبر دولة اسلامية حيث يبلغ عدد المسلمين فيها ۱٥۰ مليون نسمة ويشكل هذا العدد ۷ر۱۳% من عدد سكان البلاد. وأما المسيحيون فيشكلون ٥ر۲% من السكان ويبلغ عددهم ۲٥ مليون نسمة. وبالنسبة للسيخ فانهم يشكلون ۱ر۲% من السكان ويبلغ عددهم ۱۸ مليون نسمة. وبالاضافة الى ذلك توجد أعداد كثيرة اخرى من المجموعات الدينية والمذهبية المختلفة ولكن عدد سكانهم أقل بالمقارنة مع المجموعات الرئيسية. ويرد بين هؤلاء البوذيون واليهود والبارسيس.
ان وجود عدد كبير من المجموعات الدينية والقومية المتطرفة يؤدي الى زعزعة السلام في الهند. تمتلك الهند بنية لأضعف دولة في العالم من ناحية تكوينة شعبها المعدوم. هذا وان سوء التوازن في الدخل والفقر والفساد يُعد امرا مألوفا ف ي الهند. هذا وتُعتبر عمليات الفساد للساسة والبيروقراطيين على الأخص من أهم المشاكل التي تواجهها البلاد. يؤمن أكثر من ٥۰% من الشعب أي اكثر من ٦۲۰ مليون نسمة معيشته اليومية بدولار ونصف الدولار. ان الهنود هم بأنفسهم الذين يدركون كيف سيحققون النجاح في هذه البلاد التي تواجه أكبر المشاكل في العالم وأكثرها تعقيدا، ولاسيما انه لا توجد دولة اخرى في العالم تمتلك هذه التجربة.
