تقرير: أفكار عراقية لدستور عراقي
تقرير: أفكار عراقية لدستور عراقي
منظمة عراق الغد
اقرأ التقرير بنسق بي دي اف
ملخص تنفيذي:
يمر العراق اليوم بمرحلة تحول تاريخي نحو تحقيق الديمقراطية التي ينشدها شعبه, ويمثل الاتفاق على دستور جديد احد أهم الخطوات في هذا الطريق. التقرير الذي بين يديكم هو خطوة متواضعة في مسيرة مهمة وطويلة تهدف إلى إشراك المواطن العراقي البسيط في النقاشات الدستورية, حيث يمثل خلاصة جلسات نقاش عديدة ضمت عراقيين شباب في بغداد والرمادي والنجف والناصرية ولندن.
سيمكن للعراق أن يحقق درجة عالية من الاستقرار السياسي في ضل نظام فدرالي توزع فيه كثير من السلطات بعيدا عن قبضة الحكومة المركزية. وفي الوقت الذي تكاد فيه جميع القوى السياسية العراقية ان تجمع على اختيار النظام الفدرالي نموذجا للعراق كوسيلة لضمان احترام حقوق الأقليات, يرى التقرير بان الفدرالية تحقق للعراق ما هو اكبر واهم من ذلك عن طريق الوقوف حجر عثرة أمام أي نزوة دكتاتورية مستقبلية.
يمثل التقسيم الحالي للمحافظات العراقية نقطة بداية لا باس بها من اجل رسم حدود الأقاليم الفدرالية بدلا من محاولة تقطيع أوصال المحافظات القائمة حاليا, الأمر الذي قد يخلق مشاكل عديدة: (يرجى ملاحظة الخارطة المرفقة)
· بغداد: نتيجة كثلتها السكانية الكبيرة ولأهميتها السياسية, فإنها تستحق أن تشكل إقليما فدراليا قائما بحد ذاته.
· كركوك: حيث تمثل نقطة نزاع سياسي نتيجة أهميتها الاقتصادية الناجمة من احتوائها على مخزون نفطي كبير وكذلك نتيجة الخليط العراقي الذي يقطنها.
· النجف: من اجل إعطاء سكانها الحرية في ممارسة حياتهم اليومية و تقاليدهم الدينية بالشكل الذي قد لا يكون بالضرورة ملائما لمناطق أخرى من البلد.
· البصرة: لتميزها عن باقي محافظات جنوب العراق بوجود نسبة سكانية سنية كبيرة يمكن ان يختفي صوتها في حال كون البصرة جزءا من فدرالية اكبر في جنوب العراق.
· وربما الموصل (محافظة نينوى): لاحتمال بروزها كنقطة نزاع سياسي, ولكنه من الجدير بالاعتبار إمكانية دمج أجزاء منها مع أقاليم فدرالية مجاورة.
منطقيا, يمكن دمج المحافظات المتبقية لتكوين أقاليم فدرالية وفق الشكل التالي:
· دهوك واربيل والسليمانية تكون إقليم كردستان العراق حيث تمتلك تلك المنطقة حكومة قائمة بذاتها منذ سنين عديدة
· المحافظات ذات الكثافة السكانية القليلة في وسط العراق: الانبار (الرمادي) وصلاح الدين (سامراء) وديالى (بعقوبة)
· الفرات الأوسط: بابل (الحلة) وكربلاء والقادسية (الديوانية)
· القلب العشائري لجنوب العراق في محافظتي المثنى (السماوة) وذي قار (الناصرية)
· محافظات شرق الجنوب, واسط (الكوت) و ميسان (العمارة)
أما بخصوص تقسيم السلطات بين الحكومات المحلية والحكومة الفدرالية, فيجب أن تراعي العملية إعطاء الأقاليم نفوذا كافيا يمكنها من ممارسة سلطاتها بالشكل الذي يخدم مصالح السكان ويلبي طموحاتهم ويحقق لهم تميزهم العرقي أو الديني أو الاجتماعي, ولكن في نفس الوقت يتم المحافظة على الوحدة الحقيقية للبلد وعدم تحويلها إلى وحدة شكلية. إن عملية تقسيم سلطات مناسبة لبلد كالعراق ستعني أن عددا لا بأس به من المجالات ستكون السيطرة عليها مشتركة بين المركز والأقاليم, وهذه المجالات تشمل البيئة والصحة والبث الإذاعي والتلفزيوني وقوانين العمل.
يتوقع ان يشكل موضوع التربية والتعليم مسالة حساسة في ضل التجاذب بين الحاجة إلى بناء الشخصية الوطنية وبين رغبة الأقاليم في التركيز على الهوية المحلية التي غيبت طويلا. احد الحلول المطروحة في هذا المجال هو أن تكون الحكومة الفدرالية مسئولة عن تحديد المناهج والامتحانات في السنوات المنتهية (السادس الابتدائي والثالث المتوسط والسادس الإعدادي) بينما تترك الحرية للحكومات المحلية في تحديد المناهج والامتحانات في السنوات الأخرى.
من الطبيعي أن يكون للبلد قانون فدرالي, ولكن من المهم أن تمنح الأقاليم صلاحية إصدار قوانينها الخاصة التي تراعي خصوصياتها المحلية. احد الأمثلة في هذا المجال تتعلق بالشكل الذي تعالج فيه مسالة الخمر الذي يتوقع أن تختار النجف منع تداوله تماما بينما قد يكون لإقليم كردستان رأي آخر في هذا المجال.
بالإضافة إلى جعل السلطات الأساسية بيد الحكومة الفدرالية, ينبغي أن تبقى بعض السلطات الأخرى بيدها أيضا من اجل ضمان وحدة واستقرار البلد وهو يسير في طريق النمو الاقتصادي والعمراني المرجو له. هذه السلطات تتضمن الاتصالات والخدمات البريدية والصناعة النفطية -التي يتوقع أن تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني لفترة لا تقل عن عقد من الزمان-.
يحتاج العراق إلى نظام سياسي يحمل في داخله اكبر قدر ممكن من المراقبة المتبادلة اللازمة لضمان عدم عودة العراق إلى الدكتاتورية, لذلك يقترح التقرير الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بالإضافة إلى إيجاد برلمان مكون من مجلسين متساويي القوة. ينبغي أن تكون جميع المناصب التمثيلية في الحكومة الفدرالية منتخبة بشكل مباشر الأمر الذي يمنحها الشرعية بالإضافة إلى الشعور بالمسؤولية والمحاسبة أمام الناخبين. يتم انتخاب المجلس الأول للبرلمان بطريقة التمثيل النسبي في انتخابات عامة لكافة أنحاء البلد من اجل منع "ضياع الأصوات" ومن اجل تعزيز الوحدة الوطنية والتركيز على البرامج الانتخابية بدلا من الشعبية الشخصية. يقوم المجلس الثاني بوضيفة تمثيل الخصوصيات الإقليمية وينبغي أن يكون فيه لكل إقليم عدد متساو من الممثلين.
يمكن القول إن أهم الجوانب التي تحتاج إلى أن تنفذ بشكل ناجح في العراق الجديد يتعلق بالتطبيق الصارم لنظام يحفظ حقوق الأفراد. فبالإضافة إلى اعترافه بحقوق المواطنين استنادا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, على الدستور أن يحدد آلية لضمان الالتزام بتلك الحقوق. حيث ينبغي تشكيل هيئة برلمانية للتحقق من الالتزام بمقررات حقوق الإنسان تأخذ على عاتقها مهمة مراجعة كافة التشريعات و أساليب تطبيقها والتأكد من عدم مساسها بالحقوق الواردة في الدستور. بالإضافة إلى ذلك, ينبغي تأسيس لجنة تنظر مباشرة في شكاوى الأفراد المتعلقة بمزاعم انتهاك حقوق الإنسان.
يقترح التقرير أيضا السماح بالعمل السياسي للأحزاب والحركات الدينية التي تعلن التزامها بالتحرك ضمن الإطار القانوني للديمقراطية, ويحذر التقرير من العلمنة القسرية لمجتمع يشكل الدين جزءا أساسيا من نسيجه الاجتماعي والفكري الأمر الذي سيكون من شأنه إبعاد قطاعات كبيرة من المجتمع عن العملية الديمقراطية مما قد يدفع بهم لاتخاذ وسائل عنيفة للتعبير عن آرائهم. حيث يشير التقرير إلى إن العلمنة القسرية ستؤدي إلى نتائج معاكسة لما يرجى منها متمثلة بزيادة التأييد للقوى المتطرفة والدفع بجزء كبير من النقاش السياسي إلى أجواء ظلامية غير صحية بعيدة عن المجتمع المدني ومؤسساته.
اعد هذا التقرير من قبل منظمة عراق الغد www.iprospect.org.uk
http://iprospect.org.uk/Summary.gif