ما يسمى بالمقاومة- العوجة قلبها... وخمس عائلات تشكل قيادتها
أشار تقرير أمريكي إلى أن اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين أدى إلى اكتشاف معلومات استخباراتية غنية عن المقاومة العراقية التي تشكل مدينة العوجة العراقية (حيث ولد صدام) قلبها النابض. ويقول التقرير الذي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أمس إن مصادر عسكرية أمريكية تقول إن القبض على صدام كشف عن خمس عوائل عراقية تعتبر صمام المقاومة العراقية، وأن الأمريكيين فوجئوا باكتشاف أن المناصب العليا والمتوسطة في المقاومة العراقية شغلت بأعضاء العائلة وأقاربهم من عدد من القرى المحيطة بتكريت، حيث تم انتقاء قيادات المقاومة العليا من هذه العائلات وهم بدورهم ينظمون شبكة المقاومة بإصدار تعليماتهم عبر وسطاء من أقاربهم إلى خلايا فردية. ويقول التقرير إن الكولونيل ستيف روسل أشار إلى أنه تم عزل القيادات العليا عن بقية الشبكة في أواخر أكتوبر عندما طوقت مدينة العوجة مما وجه ضربة موجعة للمقاومة العراقية.
ويقول التقرير إن الولايات المتحدة كانت تقول إن المقاومة العراقية كانت مزيجا من الموالين لصدام حسين ومن ميليشيات إسلامية ومقاتلين أجانب، لكن نوعية العمليات وتركيبتها كانت دائما موضع جدل وتشكك وتقول القيادات الأمريكية إن الصورة التفصيلية التي لديها الآن عن المقاومة والتي جمعت عن طريق التحقيقات والهجمات على جيوب المقاومة العراقية المشتبهة في منطقة تكريت، أشارت باستمرار إلى تلك العائلات الخمس وأقاربهم مما ساعد إلى التوصل إلى الدائرة الداخلية للمقاومة ويمثل أحد أقطاب هذه الدائرة الداخلية أحد الضباط الكبار الذي يحظى بثقة الرئيس العراقي، والذي ربما يكون الشخصية التي كشفت عن مخبأ صدام وقاد القوات الأمريكية إلى اعتقاله، وتقول المصادر العسكرية الأمريكية إنه كان واحداً من خمسة إخوة في الدائرة المقربة من صدام حسين، وقد أصبح الذراع الأولى لصدام بعد أن اعتقلت القوات الأمريكية سكرتيره الخاص حميد محمد التكريتي في شهر يونيو الماضي، حيث وزعت مهام التكريتي على الدائرة المحيطة بالرئيس السابق، وخصوصا بين هذا الضابط الكبير وإخوته وقد أدت هذه الشخصية المقربة دور الوسيط بين صدام حسين وبين شبكة المقاومة العراقية الموسعة.
وطبقا للمعلومات الاستخباراتية الأمريكية فإن الموالين لصدام الذين كانوا يستطيعون لقاءه لم يتجاوزوا الأربعين ومن ضمنهم سائقوه وطباخوه، وكانوا يتفادون لفت انتباه القوات الأمريكية بإبقاء أنفسهم بعيدا عن الهجمات الموجهة إلى القوات الأمريكية والمتحالفة معها ونادرا ما كانوا يحملون السلاح أو كميات كبيرة من المال أثناء سفرهم، وكانوا يتسللون إلى أماكن اللقاءات السرية في المزارع البعيدة والكهوف، ويعتمدون على عائلاتهم وأقاربهم. ثم تأتي بعد الطبقة القيادية الطبقة المتوسطة التي تتولى عملية تنسيق الهجمات المحددة وتمويلها بالمال والسلاح، أما المنفذون فيأتون في أسفل الهرم وهؤلاء يقومون بعمليات الكمائن للقوات الأمريكية وتحضير القنابل وإطلاق القذائف المدفعية لقاء مبالغ مالية تتراوح بين 250 إلى 1000 دولار تبعا لأهمية العملية ويعطون مكافآت إضافية في حالة إلحاق ضحايا في صفوف القوات المحتلة.
ويقول التقرير إن أول معلومة عن الدائرة الداخلية حصل عليها الأمريكيون في يوليو بعد اعتقال عدنان عبدالله عبدالمسلط - أحد حراس الرئيس السابق المهمين - والذي اعتقل أثناء شن عدد من الاقتحامات في أواخر يوليو ويقول روسل إن تلك الاقتحامات أثمرت عن العثور على معلومات إضافية مثل الصور الفوتوجرافية التي يظهر فيها صدام مع أشخاص مختلفين بعضهم لم يعط أي اهتمام في الماضي من قبل القوات الأمريكية, بينما كانت أسماء عدد من الدائرة الداخلية معروفة لهم. ويقول التقرير إنه تم وضع رسم تفصيلي ملون بتلك الدائرة المحيطة بصدام وعائلاتها, تتوسطها صورة صدام ويحيط بها أسماء أكثر من 250 من الناشطين المحيطين به من الطبقة القيادية التي تليها مباشرة, وخطوط تمثل روابطهم العائلية وكذلك العملية, بعد ذلك تم إضفاء الألوان لتسهيل عملية تتبع الروابط لكل عائلة أما الأشخاص الذين تم اعتقالهم أو قتلهم فكتبت أسماؤهم بالأحمر.
ويقول التقرير إن عائلتين من هذه العوائل قد همش معظم أفرادها حيث إن عدداً من رجالهما قد قتلوا أو اعتقلوا بينما فر البعض الآخر إلى خارج البلاد, وأن عدداً قليلاً من هذه العوائل ما زال ناشطاً وهم محط أنظار القوات الأمريكية التي تسعى للقبض عليهم. ويقول روسل إن تطويق مدينة العوجة في 30 أكتوبر الماضي كان ضربة قاصمة للمقاومة العراقية حيث هذه كانت المدينة تمثل أساس المقاومة العراقية من الناحية القيادية. وقد اعتمد قادة المقاومة الرسائل الشفهية في اتصالهم شبكة المقاومة خوفاً من استخدام وسائل اتصالات يمكن اعتراضها والتنصت عليها, وأنهم يعتمدون على الشباب المنحدرين من تلك العوائل الخمس في توصيل رسائلهم الشفهية لكن القوات الأمريكية الآن تراقب أي شخص يغادر المدينة, لكن المسؤولين العسكريين يعترفون بأن قادة المقاومة ما يزالون يعملون من أماكن آمنة أخرى في المنطقة وخصوصاً أبو عجيل والقادسية والدوار ووسط مدينة تكريت حيث تملك الدائرة العائلية الداخلية منازل ومزارع.
وتقول القيادات الأمريكية إنها تعرفت أكثر على تمويل المقاومة حيث اكتشفوا أن قادة المقاومة استخدموا الأعمال التجارية القانونية لتحويل الأموال إلى الخلايا الداخلية, وأنه بينما تملك هذه العوائل الخمس ثروات مالية كبيرة فإنها أيضاً عمدت إلى إنشاء منافذ أخرى في أنحاء البلاد لاستخدامها لإمداد المقاومة والعمليات المحلية, حيث اكتشفت القوات الأمريكية أن الموالين لصدام شركات وخصوصاً أعمال الإنشاء والمحلات التجارية لتحريك الأموال وإيصالها للمقاومة, وأن الاقتحامات التي شنتها القوات الأمريكية قد أثمرت عن اكتشاف ملايين الدولارات, ويعتقد المسؤولون العسكريون الأمريكيون أن المقاومة العراقية تعاني من شح في الموارد المالية لتمويل عملياتها.